نساء شريرات …زوجات في مزبلة التاريخ ….
مرور تاريخي سريع للحالات التي تتحول فيها المرأة من مخلوق وديع لطيف إلى ثعبان شرير يلدغ من أجل المال والسلطة أو الحب والمتعة أو من أجل التسلية فقط :
أولاً : النكدية : الزوجة النكدية التي تحيل حياة زوجها لجحيم هي تساهم في أن يصبح زوجها من أهل الجنة بصبره عليها و حنانه بها .. اشهر النساء قبحا في النكد والتنكيد والايذاء والخيانة الأدبية وليست الجسدية .. والأغرب أن ازواجهن من صناع الحضارة:
1- امرأة النبي نوح
يذكر القرطبي أن زوجة نوح تدعى ” والغة ” وهي أول من أطلق على زوجها لقب ” المجنون ” الذي ذكره القرآن والتوراة ولم تكتفي بأن أصبحت تناديه في مسكنهم بهذا الاسم بل نشرته عند جميع قبيلتها والقبائل المجاورة، كانت تنظر إليه دائماً باستحقار بسبب دعوته الجديدة وسألته ذات مساء : يانوح متى ينصرك ربك هذا ؟ فقال عليه السلام : إذا فار التنور . فرنت ضحكتها بتهكم وخرجت لنادي قومها وقالت : ألم أقل لكم أنه مجنون !! ,, وجعلت لنفسها وظيفة سيئة بأن وشت بكل من أتبع زوجها وأخذت ترصد كل داخل وخارج على نوح وذهبت إلى قومها بكل المعلومات ليقوموا بصده وأعادته وأن لم يستجب بتعذيبه وقتله ,, وقامت برد أبنها ” ريام – كنعان – ” عن الحق بركب الدعوة وقامت بنصحه واستجاب لها وطالما سمع جٌمل التهكم والاستهزاء كلما مرت عليه وهو يبني السفينة، وعندما فار التنور وصعد نوح والثمانون الناجون وأنواع من الحيوانات والنباتات وزوجته وابنه جرفهما الطوفان وأغرقهما مع بقيه القوم.
2- امرأة لوط
أي قدر هذا الذي تحمله المرأة التعيسة زوجة النبي لوط، لعنت في كل الكتب السماوية وكانت ضرب مثل للمرأة السوء، كانت جاسوسة على زوجها ، تأكل من طعامه ويصرف لها الأموال وتنام تحت سقف بيته، وكل ما رأت عنده ضيوف أو عابري سبيل ذهبت تسعى كأفعى تخبر قومها حتى يأتوا ويمارسوا اللواط معهم، وقد ولد هذا النوع من الجنس في أرضهم وكانت مورفة مخضرة ذات بساتين وفواكه وكثر العابرون الذي يتوقفون ليقطفوا من ثمارهم التي تزيد ولا تنقص فاجتمعوا وقالوا يجب أن نضع حداً لهم هكذا سوف يحل علينا الفقر وأشار أحدهم بأن يفعلوا معهم شيئاً كريها حتى لايعودوا وأقترح مثل هذا الفعل , وبعد مدة أعجبهم مايقومون به وزين لهم الشيطان اللواط وأنتشر بينهم وأخذوا يبحثون عن أناس جدد يفعلوه معهم ، وهنا جاء دور زوجة النبي التي لم يكن ينبغي لها ذلك وقد حذرها لوط من فعلها ولم تنتهي ونصحها ولم تستمع فحق عليها العذاب وأن تكون من الغابرين !
كهف سيدنا لوط .. عندما أمره الله عز وجل بالخروج من سادوم دون أن يلتفت التجئ هو وبناته إلى هذا الكهف بالقرب من البحر الميت .
3 – زوجة الفيلسوف سقراط
كانت سليطة اللسان سيئة ، قوية جبارة .. جعلت زوجها يهرب من البيت قبل الفجر ليعود بعد مغيب الشمس .. قال يوماً يصف حياته معها : أنا مدين لهذه المرأة لولها ماتعلمت أن الحكمة في الصمت وأن السعادة في النوم .. الرجل مخلوق مسكين يقف محتاراً بين أن يتزوج أو أن يبقى عازباً وفي كلا الحالتين هو نادم !
كان صوتها يصل إلى مكان جلوسه مع تلاميذه وهي تشتمه وتهينه، وفي إحدى المرات كانت تناديه وهو مأخوذ بحديثه مع التلاميذ وفجأة انهمر
الماء على رأسه بعد أن سكبت الجردل عليه ومسحه عن وجهه وأكمل يخاطب الحاضرين : بعد كل هذه الرعود لابد أن نتوقع هطول المطر !
4- ماري تود لنكولن
بالنسبة للنكولن نفسه لم يكن اغتياله هو المأساة بل زوجته هي المأساة !!
السيدة الأولى في أمريكا كانت مكروهة من الشعب كله ولم تكن هي تبالي بذلك لأنها مشغولة باستمرار بالسخرية من زوجها فكتفاه متهدلتان ومشيته تنقصها الرشاقة وإذناه كبيرتان وأنفه كارثة . فهو معوج وغير متناسق وشفته السفلى مدلاة ويداه وساقاه كهيئة القرد، ولم تكن تصفه بينها وبينه فقط بل أمام زواره وضيوفه وأصدقاءه
قال السناتور البرت يرفريدج ذات مره : لقد كنا نسمع صوتها وهي تهينه ونحن نقف في الطريق ولا نسمع صوته !
ذكرت مسز جاكوب آرلي التي كانا يسكنان في جزء من منزلها : لقد كنا نتناول الفطور وذكر لنكولن أمرا تافها لم يعجبها فقذفته بكوب القهوة الساخن ,لكن لينكولن لم ينطق
استعاض عن حيث اخذ يتجنبها وأختار عملاً خارج المدينة وعند عودته ينام في غرفة مؤجرة ولم يكن ابرهام جبانا بل كان يدخل مصارعات شبابية ويهزمهم جميعاً ولكنه لم يكن يستطيع مواجهه تنغيص زوجته لحياته
رجل أمريكا القوي محرر العبيد أمريكا لا تنساه ابدا …..
أما زوجته عاقبها الشعب الأمريكي ولم يعطف عليها ولا يريد أن يذكرها !!
ثانياً : ديكتاتورية مملكة النساء : هؤلاء حكماً بالنار والدم ومن أجل المال والسلطة خانوا شعبهم تحولن الى فراعنة في عصرهن بل تفوقوا على الفرعون والنمرود :
5– بريتانيكو ” أم نيرون ”
أعيت خيانات النساء القصير كلوديوس فذهب يبحث عن من تمنحه الحب والوفاء و وجدها أرملة مكسورة ضعيفة لديها ولد ، تزوجها وبعد أمد أقنعته بزواج ابنها نيرون من وحيدته ووليه عهده ابنته اوكتافيا تم الزواج ولم يتبقى على تولي الابنة الحكم سوى موت القيصر ولم يكن الأمر صعباً على بريتانيكو فقد قتلت القيصر بدم بارد وأعلنت ابنها ذو السبعة عشر ربيعا قيصرا جديدا مضطهدة زوجته
لكن نيرون أكثر فسادا من أمه وأسس له تيارا خاصا به هو تيار الخلاعة والسكر وكانت هي تشجعه على مزيد من العربدة حتى تتفرغ لوحدها بالحكم وهكذا اخذ نيرون يجمع حوله الجواري بكل إشكالهن حتى وقع نظره على بيبا المتزوجة من قائد عسكري وعندما راودها تمنعت مبديه خوفها من زوجها وزوجته اوكتافيا ومن أمه ..فهم نيرون المطلوب فعاد لقصره وأمر بقتل زوجها والتفت الى زوجته وطعنها بخنجره حتى الموت ثم اتجه لوالدته المبتسمة وغرز الخنجر في قلبها وهي مذهولة
………..بعد حين ضرب بوبيا حتى الموت وأمر بإحراق روما واخذ ينظر إلى ألسنه ألهب من شرفه قصره فوق الربوة.
6– كاترين إمبراطورة روسيا القيصرية
تزوجت كاترين ببيتر الثالث واكتشفت أنه عقيم واتخذت من أحد حراسها طريقا للإنجاب فحملت منه صبيا وحملت من حارسها الآخر بصبي ثاني وثار شك الإمبراطور فواجهها بأنهم ليسوا أبناءه وبضبط نفس شديد وهدوء امتصت غضبه واعدة إياه بشرح كل شيء له كي ينقذ الإمبراطورية بعد العشاء. أعدت كل شيء وأمرت الحراس والخدم بمغادرة القصر إلا الحارس الذي أنجبت منه والذي اشترك معها في جريمة القتل وتقطيع اللإمبراطور.
وضعت ساقا على أخرى وهي ترى بيتر يتلوى نازفاً من أنفه وفمه حتى الموت وكان أنينه يرافق ضحكاتها الرنانة حتى أزهقت روحه،
وفي الصباح أمرت أحد حراسها بدفنه وعندما انتهى قتلته وأمرت آخر بدفن الحارس ثم قتلت الآخر وأصابتها الهستيريا حتى قتلت مائه حارس أخرإلى أن هدأت !!
7- الكونتيسه اليزابيث باثوري
من أراد أن يرى النسخة الأنثوية من داركولا فليقرأ سيرة كونتيسة الدم اليزابيث باثوري، تلك الأميرة المجرية لم تكتفي بشرب دماء 600 من فتيات الشعب بل ذهبت تبحث عن دم أزرق ملكي يقيها الشيخوخة فقتلت 25 من فتيات الأسرة المالكة !
ولدت في القرن السادس عشر بوجه جميل وقوام حسن ، وحين قامت ثورة المزارعين رأت بأم عينها اغتصاب وقتل أختيها فيما نجت هي من المجزرة،
تزوجت من الكونت فرنسيس ناداستي وهو من علمها أساليب التعذيب قبل القتل في دروس حيه بأن جعلها تقطع أوصال ثم رؤوس الأسرى الأتراك ، وكان يلاحظ استمتاعها وابتكارها لأساليب جديدة ،
عندما أبتعد عنها زوجها لظروف العمل وجدت في نفسها شهوة للفتيات ، فأخذت تلهو مع الخادمات الصغيرات وبعد أن تمارس معهن الجنس تقوم بتعذيبهن وتمزيق لحمهن وفي النهاية ذبحهن وكان يساعدها في التعذيب والتقاط الفتيات من الريف خادمها الأعرج وسيدة سوداوية شريرة أسمها آنا دارفوليا وكانت الكونتيسه تتمتع بتجويع الفتيات أسبوعاً كاملاً ثم غرز الدبابيس في الشفتين وتحت الأظافر وحرق مناطقهن الخاصة وبعدها قتلهن والاستحمام في حمام من دمائهن !!
8- الملكة ماري تيودور:
إذا وقفت أمام المرآة في الظلام ، وقلت : إسم ماري تيودور عدة مرات ، سيظهر لك وجهها المشوه ، وإن لم تسارع بإضاءة النور والهرب، ستحاول أن تشوه وجهك أو تسحبك من خلال المرآة ، هذا لأن الأسطورة تقول أن من شدة دموية الملكة الحمراء وبشاعتها فهي منذ مائه عام لم تستلقي مع جسدها بل هي تطوف العالم تثير الرعب كما كانت تفعل من قبل !
هي ماري الأولى ” تيودور ” لقبت بماري الدموية لأنها أحرقت 300 فرد من شعبها بتهمة الهرطقة، وأخمدت كل الفتن بطريقة وحشية ولم ينجو أحد من مقصلتها ،
وبعد أن أستقر حكمها طاردت معتنقي الطوائف غير الكاثوليك وقامت بتعذيبهم ثم قتلهم ، ويروي التاريخ أنها كانت تجمع بعد كل حين ثلة من الفلاحين وتقوم بشنقهم شخصياً …وكلما ماكانوا بريئين من أي تهمة فهذا يجعلها أكثر سعادة لأن صراخهم حينها وملاح تعاستهم تبدو جليه واضحة ,
يقال أنها كانت تقتل ” العذارى ” لتستحم بدمائهن بين الفينة والأخرى ، وحتى مرور كل هذه القرون مازالت أوروبا خاصة والعالم أجمع يروي جرائمها وينشر الأساطير حولها ،
ومن أراد أن يستحضر روحها عليه إشعال مجموعة من الشموع وترديد أسمها حتى تأتي وان لم تحضر يقول بصوت عالي :” Bloody Mary .. I Killed Your Baby”
9- كريستين السويد :
كانت امرأة جميلة للغاية وكانت ثقافتها العامة وسرعة بديهتها تزيد جمالها، وقدتقدم للزواج منها الكثير من الأمراء لكنها كانت ترفض ذلك بشدة بحجة أن زواجها سيشغلها عن مصالح شعبها، إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك تماماً..! فقد كانت هذه الملكة تهوى الفتيات الجميلات وتمارس معهن الحب، وبعد أن تمل منهن كانت تأمر بقتلهن حتى لا ينفضح أمرها.. كانت “كريستين” لاترحم أحداً وكانت عندما تشك في أي شخص ممن حولها تأمر بقتله مباشرة دون محاكمة، وكانت عملية القتل فيها الكثير من العذاب، حيث كانت تأمر المتهم بلبس درع مغروس فيها قطع حديدية صغيرة بحيث تكون هذه القطع تجاه جسده من الداخل، ثم تأمر الحراس بالضغط على الدرع حتى يخرج الدم من جسده وفمه وأذنيه ثم تسير على الجثة ذهاباً وإياباً وتنصرف.
10- ايفابيرون الارجنيتن :
عندما كان يذكر اسم “إيفا بيرون” أمام الشعب الأرجنتيني كان الجميع ينحني احتراماً وإجلالاً لهذه السيدة العظيمة.
فقدكان جميع أفراد الشعب يحبونها لأنها كانت تساعدهم جميعاً خاصة الفقراء منهم ولهذا أطلق عليها الشعب الأرجنتيني عدة ألقاب منها (القديسة إيفا) و (الملاك الصغير إيفا) وعندما كانت تخرج إلى الشوارع كان الشعب الأرجنتيني يخرج عن بكرة أبيه ليرى معبودته، ولقد وصل الأمر أن يضع الكثير من البسطاء صورة “إيفا بيرون” في بيوتهم وتقديسها.
و”إيفا بيرون” هي ابنة غيرشرعية لإحدى الأسر الأرجنتينية الفقيرة وقد بقيت عند الأسرة التي تبنتهاحتى بلغ عمرها 15 عاماً ثم ذهبت إلى العاصمة بيونس أيرس لتجد عملاً لها،وقد حاولت في البداية أن تعمل في التمثيل مستغلة جمالها الصارخ، إلا أنهااتجهت إلى الإذاعة، وفي أحد الأيام قام الكولونيل “خوان بيرون” بزيارةللإذاعة وعندما رآها حبها وتزوجها، وحين أصبحت “إيفا” زوجة للرئيس استغلت كل سلطاتها ونفوذها لجمع الأموال وتوزيعها على الفقراء وعلى أبناءالشوارع، وبقيت صورتها الجميلة محفورة في ذاكرة الشعب الأرجنتيني حتى ماتت وعمرها لا يتجاوز الـ33 عاماً، وعندما ماتت خرج في تشييعها أكثر من مليوني أرجنتيني، وظل الشعب يبكيها سبعة أيام.
المفاجأة.. بعد الانقلاب الذي وقع في الأرجنتين ضد زوجها “خوان بيرون” والذي قاده الكولونيل”لوناردي”، تم فتح أبواب القصر الباروني أمام الجماهير فكانت المفاجأةعظيمة والصدمة أعظم فقد كانت “إيفا” تمتلك 15 سيارة سباق من أغلى السياراتفي العالم بالإضافة إلى 250 سيارة من أفخر ماركات السيارات الأمريكيةوالألمانية والبريطانية.
أما المبالغ النقدية التي كانت في حسابها في بنك الأرجنتين الوطني فقد وصلت إلى عشرة ملايين دولار في حين وصلتحساباتها في بنوك سويسرا أكثر من 100 مليون دولار.
وخزائن قصرهافقد كانت مملوءة بالأحجار الكريمة والمجوهرات النادرة وكانت ملابسها منأشهر دور الأزياء في العالم وأحذيتها كانت مصنوعة خصيصاً لها من جلدالحيوان (المنك) الذي يعد فراؤه وجلده من أغلى أنواع الفراء والجلود في العالم كما أن صيده ممنوع لأنه مهدد بالانقراض.
استغلت “إيفابيرون” فقر شعبها لتطلب قروضاً من البنك الدولي ومن صندوق النقد الدوليولكن بدلاً من أن تذهب هذه الأموال إلى المشروعات العامة ذهبت إلى حساباتها الخاصة ومتعتها الخاصة.
ثالثاً : الفقر حب الشهوة والمال والفساد في المجتمع … جعل صناعة كائنات الموت هذه تتحرك كآلات وحشية للقتل :
11- ريا وسكينة
لم يخطر ببال محافظ الأسكندرية أن ريا وسكينة هن السفاحات صاحبات الجرائم المتسلسلة في مصر والتي أحرجت الشرطة كثيراً ولم يستطيعوا فك لغزها .. ومع توالي أكتشاف الجثث وكثرت بلاغات الأختفاء اليومية كشف بخور ريا “المستخبي “، فقد شك المخبر أحمد البرقي بكمية البخور الهائلة التي تحرقها ريا وعندما سألها أرتبكت ثم أعترفت له أنها تؤجر غرفتها كماخور وعندما تعود لها تجد بها رائحة لا تطاق ولاحظ أن هناك قطع من الخشب قد ركبت كسرير وخزانة للملابس وعند نزعها من قبل الشرطة وجدوا أن هناك بلاط جديد وضع وهنا كان على ريا أن تعترف بدل أن تظهر كل الجثث التي دفنتها في غرفة نومها لكنها أستمرت ممثله دور ربة المنزل البريئة حتى تم حفر الأرض وأخراج كل الجثث التي كانت تنام فوقها كل ليلة , , كانت قصة ريا وسكينة ولازالت يقشعر لها الأبدان فقد نزحن من الصعيد للأسكندرية ومع زوج ريا ” عبد العال ” الذي وجد خاتمه في قبر أحدى الضحايا دون أن يدري أنه سقط منه، كونوا فرقة خطف وسرقة وقتل، ذاع صيتها وأرتعب منها الشعب المصري كله !
12- انركيتا مارتي -الساحرة مصاصة دماء برشلونة :
انركيتا مارتي ريبولس, اسم ربما لم يسمع به الكثيرون لأشهر قاتلة أطفال في التاريخ الحديث , امرأة كاتلونية تجردت من كل عاطفة و رحمة و تحولت الى مخلوق بشع يقتات على بقايا الأطفال و أشلائهم , ليس لمرض عقلي او عقدة نفسية كما هو الحال بالنسبة لبقية المجرمين , لكن من اجل المال , فالأطفال هم جزء من مهنتها و شحومهم و دمائهم هي أهم عنصر في صنعتها , فهي ساحرة شريرة تحتفظ بمجموعة من الكتب و المخطوطات السحرية القديمة و تستعملها لصنع وصفاتها الدموية , انركيتا لم تكن أول و لا اخر الساحرات , فهناك الكثيرات منهن , بعضهن يعشن في أحيائنا و ربما مررن بنا دون ان نشك بهن للحظة , عجائز طيبات وديعات في النهار و شريرات قاسيات يتجولن في الليل في المقابر للعبث بجثث الموتى او القيام بأمور لا أخلاقية و شاذة من اجل إرضاء الجن و الشياطين , الله وحده يعلم كم من الأطفال تم اختطافهم بواسطة هكذا عجائز؟ يخدعوهم بقطعة حلوى ثم لا يسمع عنهم احد بعد ذلك و لا يعلم ماذا جرى و حل بهم , أطفال مساكين لم تتخيل عقولهم البريئة هكذا إجرام و قسوة.
في نهاية القرن التاسع عشر , في احد شوارع برشلونة القذرة , خطت شابة جميلة اول خطواتها داخل المدينة الكبيرة , لا احد يعلم على وجه الدقة من أين أتت و لكنها كانت واحدة من القرويات اللواتي يقدمن الى المدينة كل يوم باحثات عن حياة جديدة و فرصة عمل تساعدهن في التخلص من فقرهن المدقع و المزمن , لكن هذه الأماني و الأحلام سرعان ما تتبخر و تضيع في زحام المدينة , و غالبا ما ينتهي بهن المطاف الى مواخير العهر و بيوت الدعارة ليبعن أجسادهن بأبخس الأثمان , أحيانا من اجل مبيت ليلة او من اجل كسرة خبز , هذه القصة تكررت منذ القدم و لازالت تحدث كل يوم في اغلب المدن الكبرى حول العالم , و انركيتا لم تكن استثناءا من هذه القاعدة , في البداية عملت كخادمة في بيوت احد الأثرياء لكنها تركت هذه المهنة بعد فترة قصيرة و امتهنت الدعارة فغدت واحدة من عواهر برشلونة الجميلات , لكنها تميزت عن الأخريات في انها وضعت لنفسها هدفا , ربما كان لا أخلاقيا و سافلا , لكنه على كل حال كان حافزا لها للوصول الى غايتها التي تجردت في سبيلها من أي مشاعر إنسانية , لقد كانت ذكية و فهمت منذ البداية ما هي البضاعة الرائجة في مهنتها , فبعض الأغنياء مستعدين لدفع مبالغ كبيرة من اجل تحقيق نزواتهم الشاذة , و هؤلاء المرضى النفسيين , الموجودين في كل زمان و مكان , يبحثون عن الأطفال لتفريغ نزعاتهم السادية و رغباتهم الجنسية المنحرفة , و قد بدئت انركيتا بتوفير هؤلاء الأطفال لهم , لم يكن أحدا يعلم من أين تأتي بهم و لم يكن مصدرهم مهما بالنسبة للأغنياء الذين اخذوا يدفعون لانركيتا بسخاء لقاء خدماتها , في عام 1909 داهمت الشرطة شقة انركيتا لتكتشف داخلها مجموعة من الأطفال من الجنسين تتراوح أعمارهم بين الخامسة و الخامسة عشر , لكن رغم إلقاء القبض عليها متلبسة الا ان انركيتا لم تحاكم و سرعان ما أطلق سراحها بواسطة مال و نفوذ زبائنها الأغنياء.
لا احد يعلم متى بدئت انركيتا بقتل الأطفال و متى بدء اهتمامها بالسحر و الوصفات السحرية , لكن الأكيد هو ان شغفها الكبير بالمال هو الذي دفعها الى هذا المسلك , فمنذ زمن بعيد , كان هناك اعتقاد قديم بان دماء الأطفال و شحومهم لها خواص طبية و سحرية , من الدم كان السحرة يحضرون إكسير الحب بعد ان يمزجوه بمواد أخرى مذكورة لديهم في وصفات سحرية قديمة , و من الشحم كان يحضر زيت يدهن به الجلد فيعيد له شبابه و نظارته , و في القرن التاسع عشر كان هناك الكثير من الناس لازالوا يؤمنون بهذه الخرافات , فكانت بعض أغنى و أجمل نساء برشلونة يستعملن هذه المستحضرات , و رغم ان اغلبهن يعلمن ما هي المواد التي تصنع منها , إلا ان ذلك لم يكن له أي أهمية , فأطفال الفقراء في نظرهن اقل مرتبة حتى من الحيوانات.
في النهار كانت انركيتا تتنكر في ملابس رثة و قذرة أشبه بملابس المتسولين ثم تتوجه الى أكثر أحياء المدينة فقرا و فاقة , كانت تبحث عن ضحاياها قرب الكنائس و الجمعيات الخيرية حيث يتجمع الأطفال الفقراء من اجل الحصول على كسرة خبز , و كانت تراقب الأطفال الذين يلعبون في الشارع بعيدا عن أنظار أهلهم , كان صيدها المفضل هو الأطفال المشردين و اليتامى الذين لا يسأل عنهم احد و الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة و اثنا عشر عاما , عادة تقوم بخداعهم بقطعة حلوى او وعد بوجبة شهية و أحيانا عنوة إذا كانوا صغار في الثلاثة او الرابعة من العمر , ثم تحملهم معها الى إحدى شققها الكثيرة المبثوثة في أنحاء المدينة.
اما في الليل فكانت انركيتا تتحول الى دوقة او ماركيزة , فترتدي افخر الثياب و المجوهرات و تذهب بواسطة عربة فاخرة الى دار الأوبرا و المنتديات الاجتماعية الراقية , هناك كانت تتواصل مع زبائنها من الطبقة العليا , تتعرف الى الأغنياء من
وجهاء و أعيان المدينة و توفر لهم ما تتطلبه نزواتهم الشاذة , تتقرب الى النساء الجميلات الباحثات عن كسب قلوب الرجال فتقدم لهن اكاسير و تعاويذ سحرية مصنوعة من دماء و أشلاء الأطفال , اما الراغبات ببشرة ناعمة فكانت تمدهن بمستحضراتها التجميلية المصنوعة من شحوم الأطفال , و بالمقابل كان هؤلاء الزبائن الأثرياء يقدمون لانكريتا المال الوفير و الحماية.اخر ضحايا انركيتا كانت طفلة في الخامسة من عمرها اسمها تريزيتا غيوتر , اختطفتها عام 1912 بينما كانت تلعب أمام منزلها في إحدى الضواحي الفقيرة ثم نقلتها الى إحدى شققها لتحبسها مع طفلة أخرى , و فيما بدء والدا تريزيتا يجولان بيأس في أحياء المدينة و مراكز الشرطة بحثا عن ابنتهم الصغيرة , كانت الطفلة المسكينة قد بدئت تعي ما ينتظرها من مصير اسود , فقد أخبرتها الطفلة المسجونة معها عن طفل صغير كان يلعب معها في الشقة لكن في احد الأيام اصطحبته انركيتا الى المطبخ و مددته على الطاولة الخشبية ثم ذبحته بالسكين و قطعت جسده و ملئت عدة قناني من دمه ثم قامت بإلقاء أشلائه في قدر كبير يغلي لاستخلاص الشحم و لتحضير خلطاتها السحرية , كانت الطفلتان تعلمان بأنهما ستلاقيان المصير ذاته بالتأكيد لولا تدخل القدر الذي شاء ان يضع نهاية أخرى لحياة هاتين الطفلتين , فبعد سبعة عشر يوما على اختطاف تريزيتا لاحظت احدى الجارات , عن طريق الصدفة , طفلة تحدق نحو الشارع بحزن من خلال الزجاج القذر لنافذة شقة انركيتا , كانت المرأة تعرف أطفال الحي جميعهم و لم تكن قد رأت هذه الطفلة من قبل , كما انها كانت تشبه الأوصاف التي عممتها الشرطة عن الطفلة المخطوفة , لذلك قامت المرأة باستدعاء الشرطة.
في 12 فبراير عام 1912 فتحت انركيتا باب شقتها لتفاجئ برجلا شرطة يسألانها عن وجود طفلة غريبة في بيتها , بدت انركيتا مضطربة و مترددة في الإجابة فازدادت شكوك الرجلين بحدوث أمر مريب مما حدا بهما الى دخول الشقة , خلف الباب شاهدا الفتاتين المخطوفتين و عندما سألا انركيتا عنهما أجابت بتلعثم بأن إحداهما ابنتها و الأخرى فتاة وجدتها ضائعة في الشارع فأشفقت عليها و جلبتها الى شقتها , بدا الجواب غير مقنع كما ان نظرات الخوف التي علت محيا الطفلتين و كذلك ملابسهن و أجسامهن القذرة جعلت الشرطيان يرتابان أكثر فقررا تفتيش الشقة , و سرعان ما بدئت تتكشف في زوايا البيت و أركانه , أشياء مرعبة لم يكونا يتخيلان رؤيتها في أسوء كوابيسهما , في المطبخ وجدا كيسا فيه ثياب طفل ممزقة و مغطاة بالدماء و في إحدى الغرف اكتشفوا بقايا بشرية , شعر و أجزاء من الجلد , قناني من الدم , أسنان و عظام لطفل , الغرف الأخرى كانت تعبق برائحة الموت و الجدران و الأرضية مغطاة بالدم , بعد رؤية هذه المناظر الرهيبة سارع الشرطيان الى اعتقال انركيتا و نقلها مع الأطفال الى مركز الشرطة , و سرعان ما بدئت تتكشف خبايا واحدة من أشهر القضايا الإجرامية في تاريخ برشلونة و اسبانيا لتنشر موجة من الخوف و الهلع بين السكان , و أخذت الجرائد تكتب في صفحات كاملة عن انركيتا و جرائمها مطلقين عليها لقب مصاصة دماء برشلونة ” la vampira de Barcelona ” و هو لقب تستحقه بجدارة , و أخذت التقارير و الشائعات حولها تعم اسبانيا حتى طغت على أخبار القلاقل السياسية و الأمنية التي كانت تعصف بالبلاد آنذاك.
عثرت الشرطة على أشياء مروعة , جثث و بقايا بشرية في كل مكان , ملابس أطفال مغطاة بالدماء , مخطوطات سحرية قديمة مكتوبة بلغات و رموز غير مفهومة , قدور كبيرة كانت تستعمل لغلي الأطفال , و ربما كان اهم و اخطر الأشياء التي تم العثور عليها هو سجل يحتوي على أسماء و عناوين زبائن انركيتا الأغنياء , كانت بينهم أسماء كبيرة و مشهورة كان الإفصاح عنها سيؤدي الى فضيحة مدوية في البلد , الا ان هذه الأسماء لم تنشر أبدا فقد اختفى السجل فجأة و محت آثاره يد خفية متنفذة , و نفس الشيء حدث مع انركيتا حيث لم تحاكم و لم تنشر اعترافاتها بشكل كامل و ادعت الشرطة بأنها حاولت الانتحار مرتين في سجنها ثم وجدت ميتة بعد حوالي السنة على اعتقالها و ادعت إدارة السجن بأنها قتلت على يد السجينات الأخريات و تم دفنها بسرعة في قبر حقير في إحدى مقابر برشلونة و دفن معها الى الأبد سر الأشخاص المتنفذين الذين كانت تتعامل معهم.
من القاتل هنا ؟؟؟!
على الرغم من بشاعة جرائمها , الا ان الكثيرون اليوم يعتبرون انركيتا مجرد أداة و ان القاتل الحقيقي هو أولئك الأشخاص الأغنياء الذين تجردوا من كل شعور إنساني من اجل تحقيق مأربهم و نزواتهم الدنيئة , و هؤلاء هم أيضا من رتبوا لمقتل انركيتا في السجن لكي لا يفتضح أمرهم , و أمثال هؤلاء موجودون في كل عصر و زمان , فاليوم تعتبر تجارة جنس الأطفال و القاصرين من الجرائم المنتشرة في العالم , خصوصا في الدول الفقيرة , حيث لم تعد هناك حاجة لخطف الأطفال اذ ان ذويهم الفقراء غالبا ما يبيعوهم مجبرين مقابل مبالغ زهيدة ليتم استغلالهم جنسيا او يتم قتلهم من اجل الحصول على أعضاء .
13-ايميا داير….مربية مزرعة الاطفال:
التخلص من الاطفال غير الشرعيين لا يستغرق سوى ..الادعاء بأن تبحث عن اسرة تبحث عن اطفال … في مقابل 10 جنيهات تحصل على مربية ..لكن مربية من نوع مختلف ..لن ترهقق ولن تربي طفلك ..بل ستذهب به الى الجنة فوراً..هذه باختصار قصة قاتلة الاطفال
أسمها الحقيقي هو ايميليا داير (Amelia Dyer )، ولدت عام 1838 في بلدة صغيرة بالقرب من مدينة بريستول الانجليزية، كانت الأصغر من بين خمسة أشقاء، وعلى العكس من معظم المجرمات والقاتلات المحترفات، فان ايميليا لم تعاني من الفقر والتفكك الأسري في طفولتها، بل ولدت في عائلة ميسورة الحال، حيث كان والدها يمتلك مصنعا للأحذية، وقد حضت بتعليم جيد في صغرها وعرف عنها ولعها بالأدب والشعر، لكن الشيء الوحيد الذي نغص طفولتها وترك أثرا كبيرا في نفسها هو مرض أمها بالتيفوس الذي أفقدها صوابها قبل أن يقضي عليها تماما عام 1848.
ايميليا غادرت منزل العائلة بعد موت والدها عام 1861 أثر خلاف نشب بينها وبين أشقاءها حول الميراث، وسرعان ما تزوجت برجل يكبرها بثلاثين عاما، ثم بدأت العمل في مجال التمريض، وهي مهنة كانت تحظى بالاحترام في ذلك الزمان لكنها لم تكن تدر الكثير من المال، إلا أن ايميليا وجدت الوسيلة لكسب المزيد بعد تعرفها على سيدة تدعى ايلين دان، وهي صاحبة مزرعة أطفال جنت ثروة صغيرة عن طريق توفير المأوى للنساء الحوامل خارج أطار الزواج، وكذلك عن طريق رعاية وتربية الأطفال غير الشرعيين الذين كانوا يولدون في منزلها، أو يرسلون أليها لكي تتبناهم.
ايلين التي هاجرت إلى الولايات المتحدة فيما بعد هربا من ملاحقة الشرطة، لم تعلم ايميليا كيفية إدارة المزرعة والاعتناء بالأطفال فقط، وإنما علمتها كيف تتخلص منهم أيضا!. ولم يمض وقت طويل حتى تفوقت ايميليا على معلمتها في دناءة النفس وخبث المسلك، فافتتحت مزرعة أطفال خاصة بها في منزلها، ولم تأل جهدا أو وسيلة للتخلص السريع من الأطفال تحت رعايتها، فكانوا يتساقطون واحدا بعد الآخر.
نقطة الضعف الوحيدة في نشاط ايميليا الإجرامي انحصرت في حاجتها إلى شهادة وفاة قانونية للطفل الميت حتى تستطيع دفنه من دون جلب الشبهات لعملها المربح، ولهذا الغرض كان عليها عرض جثة الطفل على طبيب متمرس ليؤكد بأن الوفاة حدثت لأسباب طبيعية، وطبعا أغلب أطباء ذلك الزمان ما كانوا يكلفون أنفسهم عناء التحري عن سبب الوفاة الحقيقي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بطفل غير شرعي نبذه أهله، فكانوا يعزون الوفاة ببساطة للمرض وسوء التغذية نتيجة فقدان حليب الأم.
لكن حدث في عام 1878 أن ارتاب احد الأطباء في سبب موت طفل من مزرعة ايميليا وتقدم بشكوى أدت إلى إلقاء القبض على ايميليا وتقديمها للمحاكمة، لكنها لسوء الحظ لم تحاكم بتهمة القتل وإنما بتهمة الإهمال، وهكذا حصلت على حكم مخفف بالأشغال الشاقة لمدة ستة أشهر فقط، وبالرغم من كونها عقوبة مخففة جدا قياسا بعقوبات ذلك الزمان، إلا إنها تركت أثرا مدمرا في نفس ايميليا، حتى أنها قضت ردحا من الزمن في مستشفى للأمراض العقلية. وبعد تلك التجربة المريرة قررت ايميليا أن لا تلجأ إلى الأطباء مرة أخرى، وبدأت تتخلص من جثث الأطفال بطريقتها الخاصة، غالبا عن طريق رميهم في النهر القريب من منزلها. لكن ايميليا تعرضت للمشاكل مجددا بسبب عودة بعض الأمهات ومطالبتهن برؤية أطفالهن، فراحت تتبع سياسة جديدة قائمة على استعمال الأسماء المستعارة وتبديل محل سكناها من حين لآخر بحيث يصعب على الشرطة وعلى أمهات الأطفال تتبعها وملاحقتها. وهكذا ظهرت إلى الوجود شخصية السيدة هاردنك التي أوقعت ايفيلينا في شرك حبائلها، إلى جانب أسماء وشخصيات أخرى استعملتها ايميليا عبر السنين للتمويه عن حقيقة شخصيتها.
في الثلاثين من آذار / مارس 1896 عثر ربان أحد قوارب الشحن التي تمخر عباب التايمز على حقيبة صغيرة كانت طافية فوق مياه النهر بالقرب من بلدة ريدنج الانجليزية، داخل الحقيبة كانت هناك رزمة ورقية تحتوي على جثة متحللة لطفلة رضيعة. الربان أخطر الشرطة حول الحقيبة، وبدأت في الحال تحقيقات مكثفة للوصول إلى رأس خيط يمكن أن يقود إلى كشف لغز الرضيعة الميتة، وبتفحص الأدلة، لاحظ المحققون وجود كتابة دقيقة جدا على حاشية الرزمة الورقية التي كانت داخل الحقيبة، وباستخدام العدسات المكبرة أستطاع المحققون قراءة تلك الكتابة التي تضمنت أسم امرأة تدعى “السيدة سميث” إلى جانب عنوان منزل في ريدنج، وقد قادهم ذلك العنوان إلى منزل ايميليا داير مباشرة، لكن الشرطة لم تطرق الباب على الفور وإنما راحت تراقب المنزل لعدة أيام، فالمحققون كانوا يرتابون في طبيعة عمل ايميليا منذ فترة طويلة، لكنهم لم يكونوا يملكون دليلا قويا يقودهم إلى إدانتها في حال إلقاء القبض عليها، لذا قرروا نصب كمين محكم لها، فأرسلوا لها خطابا مزيفا من امرأة وهمية تزعم بأنها أم عازبة تبحث عمن يتبنى ابنتها الرضيعة مقابل مبلغ مجزي من المال، وبالطبع ما كانت ايميليا لتفوت صيدا سهلا ومغريا كهذا، لذا سارعت إلى الرد برسالة تعرض خدماتها على تلك الأم الوهمية، وقد ذيلت تلك الرسالة بأسم السيدة سميث، وكان ذلك كافيا لإثبات الجرم عليها في قضية الطفلة الرضيعة التي عثر عليها في مياه التايمز.
الشرطة قامت بمداهمة منزل ايميليا داير، في الداخل كانت هناك رائحة تحلل بشرية تزكم الأنوف، لكنهم لم يعثروا على أية جثة، وبدلا عن ذلك عثروا على الكثير من الأدلة التي تدين ايميليا، كالخطابات التي تبادلتها مع الأمهات المخدوعات، وملابس الأطفال المغدورين، والأشرطة اللاصقة التي استعملت في قتلهم، والإعلانات التي كانت تعمد إلى نشرها في الجرائد من حين لآخر للإيقاع بضحاياها، إضافة إلى وصولات استلام الأطفال.
الشرطة فتشت أيضا مياه نهر التايمز في محيط البقعة التي عثرت فيها على جثمان الطفلة الرضيعة، وسرعان ما انتشل الغواصون ستة جثث أخرى لأطفال، من ضمنها دوريس ابنة ايفيلينا، وجميعهم كانوا مقتولين بنفس الطريقة، أي بالشريط اللاصق حول أعناقهم، وهي الطريقة التي أصبحت علامة فارقة ومميزة لجرائم ايميليا، حتى أنها أخبرت الشرطة لاحقا في اعترافاتها بأن : “الشريط اللاصق هو العلامة التي يمكنك من خلالها معرفة فيما أذا كانت الجثة تعود لي أم لا”.
ايميليا اعترفت بجرائمها بالتفصيل، لكنها أنكرت أن تكون ابنتها بولي شريكة معها في تنفيذ تلك الجرائم، وشعرت براحة كبيرة حين علمت بإسقاط التهم عن أبنتها وزوجها لاحقا وإطلاق سراحهما، بالرغم من أن بولي شهدت ضدها خلال محاكمتها.
وخلال المحاكمة حاولت ايميليا الدفاع عن نفسها بإدعاء الجنون، فهي فعلا دخلت مصحة الأمراض العقلية مرتين في السابق، لكن المحكمة رفضت ذلك الادعاء واعتبرت دخولها المصحة مجرد طريقة لجئت إليها للفرار حين كان أمرها يوشك على الافتضاح بسبب عودة بعض الأمهات ومطالبتهن بأطفالهن.
المحلفون لم يستغرقوا سوى أربعة دقائق ونصف لإدانة ايميليا داير بالتهم الموجهة إليها، وفي العاشر من حزيران / يونيو 1896 اقتيدت ايميليا إلى المشنقة، تم سؤالها للمرة الأخيرة وهي تقف على منصة الإعدام فيما إذا كان لديها شيء لتقوله لهذا العالم قبل رحيلها عنه، فهزت رأسها بالنفي وأجابت : “ليس لدي شيء لأقوله”، فتقدم إليها الجلاد وطوق عنقها بالحبل بعدما كان تطويق الرقاب عملها الذي أتقنته لسنوات طويلة، وساد صمت رهيب لم يقطعه سوى صوت سقوطها المدوي عن المنصة، هوت بالحبل ثم تخبطت واختنقت لعدة دقائق .. لم تتمكن حتى من الصراخ .. احتست أخيرا من نفس الكأس المرة التي سقتها لمئات الأطفال الأبرياء، وتجرعت مثلهم طعم الموت البطيء والصامت قبل أن تغادر روحها البليدة إلى الجحيم مباشرة.
ونظرا لبشاعة وفظاعة جرائم ايميليا داير فقد أصدر البرلمان البريطاني قانونا يشدد الرقابة على مزارع الأطفال، لكن بالرغم من ذلك استمرت الجرائم بحق الأطفال، واستمرت الصحف تحمل بين الحين والآخر نبأ القبض على بعض النساء ممن هن على شاكلة ايميليا داير، ففي عام 1898 تم العثور على رزمة داخل أحد القطارات وفي داخلها كانت هناك طفلة رضيعة عمرها ثلاثة أسابيع في حالة يرثى لها، كانت مبللة وباردة، لكنها لا تزال على قيد الحياة، وقد توصل المحققون لاحقا إلى أنها ابنة غير شرعية لأرملة تدعى جين هيل، هذه الأرملة كانت قد سلمت طفلتها الرضيعة إلى امرأة تدعى السيدة ستيوارت لكي تتبناها مقابل مبلغ 12 جنيه، لكن على ما يبدو فأن السيدة ستيوارت تركت الطفلة في القطار وفرت بالمبلغ، ويقال بأن السيدة ستيوارت تلك لم تكن في الحقيقة سوى بولي ابنة اميليا داير.
14- سفاحات الماخور الاختين (دليفينا وماريا) :
دلفينا و ماريا غونزالز (Delfina and María de Jesús González ) شقيقتان عاشتا في مدينة كوانجيتو الواقعة على مسافة 200 ميل إلى الشمال من مكسيكوستي العاصمة , كانتا قوادتين تديران بيت دعارة و ناديا ليليا أطلقتا عليه اسم “ماخور الجحيم” , و هو اسم على مسمى حقا إذ حولته الشقيقتان إلى جحيم حقيقي. وقد شملت نشاطات الشقيقتان غونزالز , إضافة إلى الدعارة , المخدرات و كان لديهن أيضا ارتباطات مع رؤوس الجريمة المنظمة في المكسيك.
الشقيقتان بدئن عملهن في مجال تجارة الجنس منذ أربعينيات القرن المنصرم حين كانتا غانيتان شابتان تديران شققا صغيرة لاستضافة الباحثين عن المتعة الجنسية , و قد القي القبض عليهن عدة مرات خلال فترة عملهن الطويلة بسبب استغلالهن للأطفال و المراهقين في مجال عملهن , كما عرف عنهن قسوتهن و تجردهن من أي رأفة أو رحمة في تعاملهن مع الفتيات العاملات في ماخورهن الجهنمي , إذ طالما عمدن إلى توبيخ و ضرب الفتيات المسكينات وقمن أحيانا باحتجاز بعضهن قسرا وإجبارهن على العمل بدون مقابل.
منذ بداية عملهن في مجال الدعارة اتبعت الشقيقتان أسلوبا ذكيا مكنهن من الاستمرار في ممارسة جرائمهن السادية بحق الآخرين لفترة طويلة من الزمن. كان أول عمل تقومان به عند فتح شقة أو ماخور جديد هو محاول التعرف على الشخصيات النافذة و المهمة في المنطقة المحيطة بمكان عملهن الجديد , وهؤلاء الشخصيات كانوا في العادة من رجال الشرطة الفاسدين و كذلك من رؤساء عصابات المخدرات و الجريمة المنظمة , كانتا تبدأن بالتودد إلى تلك الشخصيات عن طريق تقديم خدماتهن الجنسية مجانا و في المقابل كان هؤلاء الأشخاص النافذين يقومون بتقديم الحماية لهن من الشرطة و من رجال العصابات الآخرين.
كان لدى الشقيقتان وسائلهن الدنيئة في الإيقاع بضحاياهن , كانتا تدفعان المال لبعض الرجال و الشبان و النساء مقابل الحصول على فتيات جديدات , وكان هؤلاء لديهم أساليبهم الخاصة في خداع الفتيات الفقيرات و المشردات , فتارة يستدرجوهن بحجة تشغيلهن في وظائف محترمة وبأجور مغرية و حينا يخدعونهن بذريعة الإحسان إليهن وبحجة مساعدتهن , كما أن الدنيا لم تخلوا من شبان و رجال أنذال كانوا يقومون ببيع حبيباتهم و عشيقاتهم و حتى بناتهم مقابل القليل من المال و المخدرات. و ما أن يقبض البائع المال و تستلم الشقيقتان الفتاة حتى تتبخر جميع الأحلام الوردية و الأكاذيب العسلية و تكتشف الفتاة المسكينة حجم الرعب و المستقبل القاتم الذي ينتظرها في “ماخور الجحيم” , كان يطلب منها أن تتعلم فنون مهنة الدعارة و أن تقوم بإرضاء الزبائن الذين كانوا يدفعون بسخاء من اجل الوجوه و الأجساد الجديدة , و لم يكن لدى الفتاة خيار سوى الموافقة , أما إذا رفضت فكانت تتعرض للضرب العنيف ثم تسجن في غرفة صغيرة و يمنع الطعام عنها و يتم اغتصابها مرارا من قبل زبانية الماخور حتى ترضخ أخيرا , حينها تبدأ الشقيقتان بتعليمها طرق إغواء الزبائن و إرضائهم و كيفية ارتداء الملابس المغرية و وضع الماكياج الملائم و طريقة التحدث إلى الرجال و جذبهم , و ما أن تتقن الفتاة فنون المهنة حتى تأخذ مكانها داخل النادي الليلي و تبدأ بإغواء و إغراء الزبائن و در الأموال إلى جيب الشقيقتان غونزالز.
في الغالب كانت الفتاة تعمل بدون مقابل , و كان يجري تذكيرها باستمرار بعدم التكلم مع الزبائن أو مع زميلاتها في النادي الليلي حول ظروف عملها و حياتها داخل الماخور , كانت الفتاة التي تخالف هذه التعليمات الصارمة تتعرض للضرب و التعنيف , كما كان يتم تحذير الفتيات من محاولة الهرب , كانت الشقيقتان تخبران الفتيات بأن سطوتهما و نفوذهما ستطالان من تحاول الهرب أينما ذهبت و سيتم أيضا إيذاء أفراد عائلتها.
كانت الشقيقتان تبتكران طرقا مخيفة في كيفية معاقبة الفتيات المخالفات للأوامر , إحدى هذه الطرق هي استغلال بقية فتيات الماخور في إنزال العقوبة حيث كان يتم جمعهن خارج الماخور ثم تأمرهن الشقيقتان بتعرية الفتاة المخالفة وضربها ضربا مبرحا بالعصي أو رجمها بالحجارة و ذلك لكي تكون عبرة للأخريات فلا تجرؤ إحداهن مستقبلا على مخالفة الأوامر لأنها تعلم جيدا طبيعة العقوبة القاسية التي تنتظرها.
كانت الفتاة تستمر بالعمل في ماخور الجحيم مادامت بصحة جيدة و تتمتع بمظهر جذاب , أما إذا مرضت إحداهن أو حملت سفاحا أو تقدمت في السن فذوى جمالها , فأن ذلك كان يعني غالبا نهاية حياتها , إذ كانت تجبر على أعمال السخرة الشاقة و تتعرض للضرب و التوبيخ بصورة مستمرة و تعطى القليل من الطعام أو يمنع عنها تماما , و غالبا ما كانت تفارق الحياة خلال مدة قصيرة , أما بسبب الجوع و المرض أو بسبب الضرب المبرح والرجم بالحجارة الذي تتعرض له من زميلاتها الأخريات , وعندما تفارق الفتاة الحياة , كانت الشقيقتان تأمران فتيات الماخور بحفر قبر لها و دفنها في الحديقة المحيطة بالمبنى , كانت الغاية من ذلك هو جعلهن شريكات في الجريمة فلا تجرؤ إحداهن على الهرب و إبلاغ الشرطة , و من اجل إدخال المزيد من الرعب و الهلع إلى قلوبهن كانت الشقيقتان تأمران الفتيات أحيانا بنبش القبر بعد ثلاثة أو أربعة أشهر على الدفن و استخراج جثة الفتاة التي تكون حينها متفسخة و متعفنة ثم إحراقها لتختفي معها آثار الجريمة تماما.
لسنوات طويلة ارتكبت الشقيقتان غونزالز أبشع الجرائم من دون أن تطالهن يد العدالة , لكن دوام الحال من المحال , و تشاء الأقدار أن تكون الصدفة وحدها هي التي قادت الشقيقتان إلى نهايتهما , ففي عام 1964 اقتحمت الشرطة شقت دعارة في مدينة كوانجيتو واكتشفت داخلها مجموعة من الفتيات القاصرات المحتجزات قسرا فألقت الشرطة القبض على صاحبة الشقة و هي قوادة معروفة اسمها جوزيفينا , و قد اعترفت أثناء التحقيق معها بأن الفتيات اللواتي عثرت الشرطة عليهن في شقتها هن مختطفات و أنها كانت تنوي بيعهن إلى الشقيقات غونزالز مثلما سبق لها أن باعت العشرات مثلهن طوال السنوات المنصرمة.
بعد الحصول على اعترافات جوزيفينا قامت الشرطة بمداهمة و تفتيش ماخور الجحيم فحرروا عشرات الفتيات المحتجزات قسرا و الرازحات تحت ظروف لا إنسانية , وأثناء التفتيش عثرت الشرطة على بقايا جثة بشرية بالقرب من مبنى الماخور مما جعلهم يشكون بوجود المزيد من الجثث , وبالفعل تمكن رجال الشرطة بعد قيامهم بالحفر في الحديقة المحيطة بمبنى الماخور من العثور على إحدى و تسعون جثة إضافة إلى بقايا بعض الأجنة البشرية , و الغريب ان الجثث لم تكن جميعها لنساء بل كانت هناك احد عشر جثة لرجال و قد تبين لاحقا أثناء التحقيق مع الشقيقتان بأنهما كانتا تقومان بقتل و سلب بعض الزبائن من الرجال ممن كانوا يحملون معهم مبالغا كبيرة من المال أثناء تواجدهم في الماخور.
مع استمرار التحقيقات بدأت تتكشف بالتدريج الجرائم المريعة التي اقترفتها الشقيقتان وأخذت الصحافة تتناولها بإسهاب مما سبب صدمة كبيرة للرأي العام المكسيكي , و سرعان ما تم تقديم الشقيقتان للمحاكمة بتهمة الاختطاف و القتل العمد في ثمان و عشرين فقرة قتل عمد , و هو عدد الجثث التي استطاع محققو الشرطة التعرف على أصحابها من بين العدد الكلي للجثث , و لأن عقوبة الإعدام ملغاة من القانون المكسيكي , لذلك حصلت الشقيقتان على الحد الأقصى من العقوبة المسموح بها و هي السجن لأربعين عاما.
دلفيا غونزالز ماتت خلف القضبان في زنزانتها عام 1968 عن عمر يناهز السادسة و الخمسين , أما شقيقتها ماريا فقد أطلق سراحها بعد أن أكملت جزء كبيرا من عقوبتها و توارت عن الأنظار منذ ذلك الحين.
15- بيل جونيس : قاتلة من اجل المال :
في عام 1881 تحقق حلمها و وصلت الى امريكا لتعيش مع اختها التي كانت قد سبقتها بالهجرة و قد عملت في البداية كخادمة و كان همها الوحيد هو جمع المال و بأي طريقة كانت و قد وصفت اختها ولعها هذا قائلة : “بيل كانت مهووسة بجمع المال و الذي كان نقطة ضعفها الرئيسية”.
في عام 1884 تزوجت من مادز سورينسون في شيكاغو و قد قام الاثنان بأفتتاح متجر للحلويات الا انه كان مشروعا فاشلا و قد احترق المحل فجأة بعد عدة اشهر و ادعت بيل انه النار اشتعلت نتيجة انفجار مصباح نفطي و رغم انه لم يعثر ابدا على اي اثر لهذا المصباح المزعوم الا ان بيل استلمت قيمة التأمين على المحل كاملة و استخدمت المبلغ في شراء احد المنازل الذي سرعان ما احترق هو الاخر لتستلم مبلغ التأمين عليه هو ايضا و تشتري منزلا اخر.
رزق الزوجان بأربعة بنات توفى اثنين منهما بعد اصابتهما بصورة مفاجئة بالحمى و الاسهال و التقيؤ و هي علامات تشبه اعراض التسمم ، و قد استلمت بيل مبلغا كبيرا من شركات التأمين لأن الطفلتين كانتا مؤمن على حياتهما. في عام 1900 مات زوجها فجأة ، بعد يوم واحد فقط من سحب بوليصتي تأمين على حياته!! و رغم ان العديد من اقاربه اصروا على انه تعرض للتسمم الا ان طبيب العائلة سجل سبب الوفاة على انها حملة قلبية و استلمت بيل جونيس 8500 دولار من شركة التأمين و هذا المبلغ كان يعادل ثروة في ذلك الزمان قامت جونيس بواسطته بشراء مزرعة في منطقة لابورتي في ولاية انديانا و انتقلت للعيش فيها مع ابنتيها.
منزل بيل الجديد في المزرعة كان في السابق بيت دعارة و كان يحتوي على عدة اقسام ترفيهية و هناك تعرفت بيل على زوجها الثاني عام 1902 و الذي حملت لقبه فيما بعد ، كان بيتر جونيس مهاجرا نرويجيا قوي البنية يدير مزرعة لتربية الخنازير و يعمل قصابا ايضا و كان متزوج سابقا و له طفلتان ماتت احداهما فجأة و بعد اسبوع واحد فقط من زواجه من بيل. و في ديسمبر عام 1902 مات بيتر جونيس نتيجة لتعرضه لحادثة مروعة فحسب ادعاء بيل فأن آلة معدنية ضخمة سقطت على رأس زوجها عرضا من احد الرفوف فحطمت جمجمته و قتلته في الحال ، لم يصدق احد رواية بيل فزوجها بيتر كان رجلا قويا و كان يدير مزرعة ضخمة و لم يكن رجلا اخرق ليموت بهذه الطريقة و قد انتهت لجنة تحقيق الى ان الحادثة هي جريمة قتل و اتهمت بيل بتدبيرها و مما زاد الطين بلة هو ان جيني ابنة بيتر جونيس ذات الاربعة عشر ربيعا اخبرت احدى زميلاتها في المدرسة بحقيقة ما حدث لوالدها قائلة : “لقد قامت امي بقتل ابي ، لقد ضربته بالساطور على رأسه فمات في الحال ، ارجوا ان لا تخبري احدا بذلك”.
لكن فيما بعد ، انكرت جيني اقوالها امام المحققين و اصرت بيل على انها بريئة من حادثة مقتل زوجها و بسبب أنها كانت حامل بطفل من زوجها (ولد عام 1903 و سمته فيليب ) و لأنها تجيد التظاهر و التمثيل فقد استطاعت اقناع المحققين بأطلاق سراحها و أسقاط التهمة عنها ، اما بالنسبة لأبنة زوجها جيني التي كانت الشاهدة الوحيدة على جريمة قتل والدها فقد اختفت فجأة عام 1906 و قد اخبرت بيل الجيران بأنها ارسلتها الى احدى المدارس الخاصة في شيكاغو الا ان الحقيقة هي انها قتلت جيني و سيكتشف المحققون جثتها لاحقا في المزرعة.
في هذه الاثناء قامت بيل بأستأجار رجل اعزب اسمه راي لامفر ليساعدها في ادارة المزرعة كما و قامت بنشر الاعلان الاتي في جميع جرائد المدن الكبيرة :
“أرملة جميلة تملك مزرعة كبيرة في واحدة من افضل مناطق ريف لابورتي – انديانا ، ترغب بالتعرف على سيد محترم يكون مساوي لها في المقام و موافق على دمج ثروتيهما. لن تقبل اي رسالة مالم يكن المرسل مستعد للقيام بزيارة شخصية بعد الرد. هذا الاعلان للجادين فقط“
بعد هذا الاعلان بدء الرجال يتوافدون من كل حدب و صوب نحو مزرعة بيل جونيس ، كان اغلبهم طامعا بثروة الارملة الجميلة و هم يظنون انهم وقعوا على صيد سهل و غنيمة مباحة و لكن لم يدر بخلدهم بأنهم هم من اصبحوا صيدا و غنيمة و انهم لن يغادروا هذه المزرعة ثانية و هم احياء ، كان جميعهم من ميسوري الحال و اغلبهم جلب معه كل ثروته على شكل نقد او شيكات ، كانوا جميعا يختفون بعد اقل من اسبوع على تواجدهم في المزرعة و لم يرهم احد بعد ذلك ، لم ينج منهم سوى شخص واحد اسمه جورج اندرسون ، الذي لم يجلب كل ثروته معه الى المزرعة و لم تعجبه بيل كثيرا فهي لم تكن بالجمال الذي توقعه كما انه ادرك بأنها امرأة قاسية و حين فاتحته بأمر المال اخبرها ان عليه العودة الى المدينة ليجلب بقية ماله ، و في تلك الليلة و بينما كان اندرسون نائما استيقظ على صوت في الغرفة و فتح عينه ليرى بيل تقف فوق رأسه و هي ممسكة بشمعة ، كانت هناك نظرة غريبة و مرعبة في عينيها جعلته يصرخ هلعا فتركته و خرجت من الغرفة على عجل اما هو فقد انتفض من سريره و هو يرتجف رعبا و لبس ملابسه و هرب من المنزل و لم يره احد في لابورتي مرة اخرى.
مع ازدياد عدد الرجال المختفين في المزرعة بدءت الشكوك تحوم حول بيل جونيس و بدء الكثير من اقارب الضحايا بالبحث عنهم و كانت بيل تخبرهم بأنهم غادروا مزرعتها و انها لا تعلم شيء عنهم ، في هذه الاثناء واجهت بيل مشكلة جديدة حيث كان راي لامفر مساعدها في المزرعة يهيم بها حبا و عشقا و بدأت الغيرة تأكل قلبه مع توافد المزيد و المزيد من الرجال و الخاطبين و اخذ يتصرف بتهور و نزق مما اجبر بيل على فصله من عمله ثم قامت بأخبار الشريف بأنه قام بتهديدها ، الا ان لامفر أخذ يهددها بكشف ما يعرفه من اسرارها ، و بينما بدأت الامور تزداد سوءا بالنسبة لها فقد بدأت بيلي على ما يبدو بالاعداد لأمر ما حيث قامت بالذهاب الى محاميها في البلدة و اخبرته بأنها تخشى على حياتها بسبب تهديدات لامفر و قامت بوضع وصية تذهب ثروتها بموجبها الى اطفالها الثلاثة كما قامت بسد جميع حساباتها في البنوك و سحب جميع موجوداتها.
في 28 ابرل عام 1908 استيقظ عامل المزرعة الذي ينام في الطابق الثاني للمنزل على رائحة دخان خانقة و عندما فتح باب غرفته رأى النيران تلتهم المنزل ففر هاربا من النافذة و هرع الى البلدة لطلب النجدة ، و في الصباح كان منزل بيل جونيس قد تحول الى كومة رماد وجدوا في داخله اربع جثث محترقة ممدة واحدة جنب الاخرى ، الاولى كانت لسيدة و لكنها كانت بدون رأس بالأضافة الى ثلاث جثث اخرى كانت تعود لأطفال.
بالنسبة للسيدة مقطوعة الرأس فلم يتمكن المحققون من التعرف عليها فيما اذا كانت تعود الى بيل جونيس رغم ان الجيران شهدوا بأنها لا يمكن ان تكون لبيل فهي اقصر قامة و اصغر حجما و لكن طبيب الاسنان الخاص ببيل قال ان الجثة تعود لها لأن المحققين وجدوا الى جانبها اثنان من الاسنان الكاذبة التي كان قد صنعها لها ، في الحقيقة سيدوم هذا الجدل حول جثة المرأة المقطوعة الرأس لمئة سنة اخرى ، لكن بالنسبة الى جثث الاطفال فقد تم التعرف عليها بسرعة حيث كانوا اطفال بيل الثلاثة ، البنتين و الطفل الصغير .
بدء المحققون بالتفتيش و الحفر في ارجاء المزرعة و بدأت الجثث تظهر الواحدة تلوا الاخرى ، كانت هناك عشرات الجثث ، في حضيرة الخنازير و في ارجاء مختلفة من المزرعة ، لقد وجد المحققون بقايا 40 جثة لرجال و اطفال دفنوا في قبور ضيقة و صغيرة.
قام المحققون بالقبض على راي لامفر و اتهم بقتل بيل جونيس و اطفالها الثلاثة و رغم تبرئته من جريمة القتل و لكن المحكمة اتهمته بجرائم اخرى و حكم عليه بالسجن لمدة عشرين عاما لم يقض منها سوى اقل من سنة اذ سرعان ما اصابه المرض و مات في السجن في عام 1909.
في عام 1910 ، تقدم احد القساوسة الى المحكمة ليشهد بما اخبره به راي لامفر بينما كان يحتضر في السجن ، في اعترافاته تلك كشف لامفر جميع جرائم بيل كما اقسم على انها مازالت حية ترزق ، لامفر و قبل موته بوقت قصير اخبر القس و سجين اخر معه في الزنزانة بأنه لم يقتل اي شخص و لكنه ساعد بيل في دفن جثث العديد من ضحاياها ، فعندما كان يحضر احد الخطاب الى المزرعة كانت بيل تقوم بتوفير سكن مريح له و تقوم بمحاولة اغراءه و تقديم وجبات طعام شهية و متنوعة له ، ثم تقوم بتخديره بواسطة فنجان قهوة و بعدها تقوم بتحطيم رأسه بواسطة الساطور ، احيانا كانت تنتظر حتى ينام الضيف ثم تقوم بدخول غرفته خلسة و هي ممسكة بشمعة و تقوم بتخديره بواسطة الكلوروفورم ، و لكونها امرأة ضخمة و قوية فقد كانت تقوم بحمل ضحيتها من سريره كالأطفال و تنزل به الى الطابق الأسفل لتضعه على الطاولة و تقوم بتقطيعه ، لقد كانت خبيرة بتقطيع و تشريح الجثث حيث تعلمت ذلك من زوجها الثاني الذي كان قصابا ، احينا كانت تقوم بدفن البقايا في حضيرة الخنازير و في اجزاء اخرى من المزرعة و احيانا كانت تقدم البقايا الى الخنازير الجائعة لتلتهمها.
بالنسبة للمرأة المقطوعة الرأس التي اكتشفت تحت ركام المنزل المحترق فقد اخبرهم لامفر بأنها تعود في الحقيقة الى امرأة استقدمتها بيل من شيكاغو بحجة توظيفها كمدبرة للمنزل ثم قامت بتخديرها في نفس اليوم الذي وصلت به و قطعت رأسها و قامت بوضعه في كيس ربطته بحجر ثقيل و رمته في بقعة عميقة من البحيرة ثم قامت بسحب الجثة و مددتها في الطابق الاسفل للمنزل و بعد ذلك قامت بتخدير اطفالها الثلاثة و قتلتهم خنقا ثم مددت اجسادهم الصغيرة الى جانب جثة المرأة مقطوعة الرأس.
بعد ذلك قامت بيل بتعرية جثة المرأة المقطوعة الرأس و البستها بعض من ثيابها ثم قامت بخلع اثنان من اسنانها الكاذبة و رمتهم جنب الجثة لكي يظن الجميع بأنها جثتها ، ثم اشعلت النار في المنزل و غادرته على وجه السرعة ، و اعترف لامفر بأنه ساعدها في تنفيذ خطتها و انهما اتفقا على الفرار معا الا انها خدعته و لم تأت الى الطريق الذي واعدته عنده ليهربا معا و هربت لوحدها عن طريق المزارع و اختفت في الغابة المحيطة بالبلدة.
لامفر اخبر القس بأن بيل جونيس هي امرأة غنية ، لقد قامت بقتل 42 رجلا او اكثر حضروا الى مزرعتها و قد جلب كل منهم مبلغا من المال يتراوح بين 1000 و 32000 دولار ، لذلك فقد قدر بأنها جمعت ما يقارب الـ 250000 دولار و هو ما يعادل ثروة كبيرة جدا في ذلك الزمان.
على الرغم من ان شهادة لامفر هذه موثقة الا ان الكثيرون يطعنون بها خاصة لكونه جزءا من اللغز فهو المشتبه به الرئيسي في قتل بيل جونيس و اطفالها الثلاثة.
لعقود طويلة كانت هناك الكثير من التقارير عن مشاهدة بيل ، الكثير من الاصدقاء و المعارف اقسموا بأنهم رأوها في شيكاغو و نيويورك و لوس انجلوس و سان فرانسسكو ، حتى عام 1931 كانت هناك تقارير تقول بأنها تعيش في مسيسيبي كأمرأة غنية جدا و لديها الكثير من الاملاك ، لقد استلمت الشرطة و لمدة عشرين عاما تقريرين يوميا على الاقل من اناس يدعون انهم شاهدوا بيل جونيس الا ان اي من هذه المشاهدات لم يتم التثبت منه و بقى اللغز بدون حل.
بالنسبة للسكان في بلدة لابورتي و الذين عرفوا بيلي لسنوات فهم منقسمين في الرأي حول جثة المرأة مقطوعة الرأس ، البعض يظن انها تعود لبيلي و ان لامفر قد قام بقتلها حقا و انه هو المجرم الحقيقي الذي قام بأختلاق القصص حول بيل للتنصل من جرائمه و اخرون يظنون بأن الجثة لا تعود لها و انها خدعة قامت هي بها للفرار و التغطية على جرائمها.
في عام 1931 القي القبض في لوس انجلس على امرأة تدعى “ايستر كارلسون” متهمة بتسميم و قتل احد الرجال من اجل المال و قد زعم شخصين ممن يعرفون بيلي بأنها هي ، الا انه لم يتم التأكد من هذه المزاعم و قد ماتت المرأة في نفس السنة بينما كانت تنتظر محاكمتها.
في عام 2007 قام فريق بحث امريكي من جامعة انديانابوليس بفتح قبر السيدة مقطوعة الرأس التي وجدت في البيت المحترق لعمل تحليل DNA للتأكد من انها بيل جونيس و في حال ثبت العكس فسيقوم الفريق بفتح قبر ايستر كارلسون لأجراء الفحص عليها و بأنتظار النتائج التي يتوقع اعلانها في الاشهر القادمة.
يبقى ان نذكر انه على الرغم من اختلاف المحققين و الباحثين حول شهادة راي لامفر الا ان اغلبهم يتفقون على ان بيل جونيس كانت مجرمة محترفة شديدة القسوة و انها بالفعل قامت بالعديد من الجرائم قبل شرائها المزرعة و بعدها ، بل ان الكثيرون يعتقدون بأن اول جرائمها كانت في النرويج حتى قبل هجرتها الى الولايات المتحدة ، و ربما يكون لامفر شريكا لها في جرائمها و لكن يبقى اللغز قائما ، هل ماتت بيل جونيس في المزرعة و هل جثة المرأة مقطوعة الرأس تعود لها؟
هذه القصة نشرت لأول مرة بالعربية في موقع مملكة الخوف بتاريخ 22 /08 /2008
رابعاً : عشق المتعة تؤدي الى الخيانة والخيانة تستقر لتصبح جريمة والجرم يتحول لجنون : عندما لا نعاقب المجرم الاول يتوالد المجرمون تباعاً :
16- كريستين وليا بايين : جنون الاب يخلق عائلة مجنونة :
في بيت فقير متواضع في مدينة لومان الفرنسية ولدت كل من كرستين (1905) و ليا (1911) , كانت طفولتهن عبارة عن بؤس متواصل ترك في نفوسهن و ذاكرتهن أثرا سيئا لا يمحى , كان والدهما مدمنا على الكحول و دائم الشجار مع أمهما التي طالبت بالطلاق و حصلت عليه بعد أن اكتشفت بان زوجها السكير كانت يعتدي جنسيا على ابنتها الكبرى ايميليا ذات التسعة أعوام.
بعد الطلاق أخذت الأم بناتها الثلاث معها فبدء بذلك فصل جديد من المعاناة بسبب الفقر و الجوع. كان الاغتصاب قد ترك جرحا عميقا في نفس الابنة الكبرى ايميليا لذلك اعتزلت الحياة و أصبحت راهبة في احد الأديرة , أما كرستين و ليا فقد قضيتا معظم طفولتهن لدى الأقارب أو في الملاجئ الخيرية بسبب عدم تمكن والدتهما من إطعامهما و رعايتهما. وبسبب فقرهما المدقع اشتغلت الشقيقتان , في سن مبكرة , كخادمتين في بيوت الأثرياء في مدينة لومان , كان عملهما شاقا يمتد من الصباح و حتى المساء لذلك لم تحظيا بصداقات وعلاقات مع الآخرين , و أدى انعزالهما هذا إلى تقوقعهما على بعض فانحصرت علاقتهما مع الناس على مجال العمل فقط.
كانت كرستين الأكثر ذكاء وتتمتع بشخصية قوية تتسم أحيانا بالتحدي و العنف , في حين ان ليا كانت قليلة الذكاء و هادئة الطباع استحوذت شقيقتها على شخصيتها تماما فأصبحت تطيعها طاعة عمياء , ولا يفوتنا ان نذكر ان الوراثة كان لها اثر كبير في شخصية الفتاتين , فلدى عائلة بابين سجل حافل بالجنون و الاضطرابات العقلية , اذ كان جدهم الأكبر مجنونا و مصابا بالصرع و العديد من أقاربهم قضوا نحبهم في مصحات عقلية , و كان والدهم السكير مختلا أيضا و قد انتهى به المطاف إلى مستشفى المجانين. و يبدو أن كل هذه الأمور السيئة , أي البؤس و الفقر و العزلة و الجنون , قد اجتمعت لترسم شخصية الشقيقتان بابين اللائي كانتا تبدوان هادئتين و متزنتين في نظر الكثيرين ممن عرفوهما , لكن في الحقيقة كان هناك بركان من الغضب تغذيه العقد النفسية يغلي داخل الشابتين و يبدو انه انفجر و أطلق حممه الحارقة ليلة اقتراف الجريمة في منزل مسيو لانسلن.
في عام 1926 اشتغلت الشقيقتان كخادمتان لدى مسيو لانسلن و زوجته , كانت وظيفة ثابتة تتضمن المبيت و الطعام , إلا أن عمل الخادمات لم يكن سهلا و مترفا في تلك الأيام , فقد كان عبارة عن سلسلة لا تنتهي من الواجبات الشاقة تستمر من الصباح و حتى أخر المساء , أحيانا لأكثر من أربعة عشر ساعة يوميا , و لم تكونا تحصلان إلا على إجازة لنصف نهار فقط خلال الأسبوع. كانت ظروفا قاسية وجد البعض فيها مبررا للجريمة التي اقترفت لاحقا , لا بل أن بعض نقابات العمال آنذاك اتخذت من هذه الجريمة ذريعة للمطالبة بتقليل ساعات العمل , فيما رأى فيها الاشتراكيون صورة تجسد بجلاء الصراع طبقي!.
في ليلة الجريمة , 2 شباط / فبراير عام 1933 , حدث شجار لفظي بين كرستين والسيدة لانسلن , فجأة فقدت كرستين صوابها و أصيبت بنوبة عنف هستيرية هوت خلالها على رأس السيدة لانسلن بكرة حديدية , من النوع الذي يوضع على السلالم , و تابعت ضربها حتى بعد أن سقطت أرضا , وحين هرعت ابنة السيدة لانسلن لمساعدة أمها تعرضت هي الأخرى إلى ضربة قوية على وجهها أسقطتها أرضا بلا حراك , و فيما كانت كرستين تهوي على رؤوس المرأتين بالكرة الحديدية نزلت أختها ليا من غرفتها وهي تحمل بيدها مطرقة حديدية أخذت تضرب بها وجه الابنة , كان واضحا بأن الشقيقتان دخلتا في نوبة جنون و فقدتا السيطرة على أعصابهما تماما , ثم أقدمت كرستين على الفعل الأبشع في الجريمة كلها , إذ أولجت إصبع يدها إلى داخل محجر عين السيدة لانسلن , التي كانت لاتزال على قيد الحياة , فاقتلعت عينها ثم مدت إصبعها إلى العين الأخرى و اقتلعتها أيضا , كان منظرا بشعا بحق اختلط فيه الدم المتدفق بغزارة من وجوه الضحايا مع صرخاتهم المتألمة و ضحكات الشقيقتان المجنونة , و لأن ليا كانت واقعة تحت تأثير شخصية أختها و كانت تحاول تقليدها في كل شيء , لذلك قامت هي الأخرى باقتلاع عين ابنة السيدة لانسلن , والتي من حسن حظها أنها كانت قد فارقت الحياة حينذاك , بعد ذلك توجهت ليا إلى المطبخ و أحضرت سكينا كبيرا أخذت تضرب به وجه الابنة فيما استمرت كرستين بضرب وجه السيدة لانسلن بالكرة الحديدية. كان التركيز على ضرب الوجه و تشويهه غير مفهوما و مبررا و اثار استغراب رجال الشرطة الذين لاحظوا ان جسدا السيدة لانسلن و ابنتها كانا بحالة سليمة فيما كان الوجه قد اختفت معالمه كليا.
أثناء فترة المحاكمة أصيبت كرستين بحالة هستيرية في زنزانتها في السجن , لقد وجدها الحراس و هي تحاول اقتلاع عينها بأصابع يديها , كان منظرا مخيفا تقشعر له الأبدان و ربما كانت لتنجح في اقتلاع عينها لولا تدخل حراس السجن الذين قاموا بربطها ثم نقلوها لاحقا إلى إحدى المصحات العقلية , وفي جلسة المحاكمة اللاحقة قالت كرستين أن النوبة التي اعترتها في الزنزانة كانت هي نفسها التي انتابتها فجأة في ليلة الجريمة , لقد شعرت آنذاك برغبة غريبة لا تقاوم في اقتلاع عيني السيدة لانسلن!.
خلال المرافعات الطويلة للمحاكمة تبين للجميع بأن الشقيقتين مختلتين وغير طبيعيتين , كانتا تعانيان من أمراض نفسية خطيرة و تجمعهما علاقة جنسية شاذة , كانت كرستين في لقاءاتها القليلة و القصيرة مع ليا أثناء فترة الاعتقال التي سبقت المحاكمة تخاطبها بكلام الحب و الغرام و تتبادل القبل معها كأنهما عاشقان. و هذه العلاقة الغريبة التي جمعت بين الشقيقتين جعلت بعض المحققين يعتقدون بأن النوبة الهستيرية التي انتابت كرستين في ليلة الجريمة كان السبب الحقيقي ورائها هو إصرار السيدة لانسلن على الفصل بين نوبات عمل الشقيقتين بحيث لا يتاح لهما الاجتماع مع بعضهما إلا قليلا , فمن المحتمل جدا ان السيدة لانسلن كانت قد اكتشفت العلاقة الجنسية الشاذة التي تجمع بينهما كما أدركت التأثير السيئ لشخصية كرستين على أختها الخاضعة لها تماما.
انتهت محاكمة الشقيقتين بالحكم على كرستين بالإعدام بالمقصلة إلا أن الحكم خفف لاحقا إلى السجن المؤبد لأن الكثير من الناس اعتقدوا بأنها بحاجة إلى العلاج النفسي و ليس إلى الإعدام , أما ليا فقد حكم عليها بالسجن لعشرة سنوات مع الأشغال الشاقة , و هو حكم اجمع كل من تابع القضية على انه مبالغ فيه لأن ليا كانت امرأة بسيطة وقليلة الذكاء وخاضعة كليا لشخصية أختها التي تتحمل الوزر الأكبر من الجريمة.
كرستين أودعت مصحة عقلية و سرعان ما أخذت حالتها النفسية و الصحية تتدهور بسبب فصلها عن ليا و لم تلبث أن ماتت في عام 1938 بعد خمسة سنوات فقط على سجنها , اما ليا فقط أطلق سراحها من السجن بعد ثمان سنوات لحسن السير و السلوك , ثم توارت عن الأنظار و قامت بتغيير اسمها , و ويقال أنها ذهبت للعيش مع أمها و عملت كمنظفة في إحدى المؤسسات الحكومية.
17- جنفيف ..قتلت اطفالي وسأذهب معهم :
الشرطة البلجيكية قالت بأنها في ليلة 28 شباط / فبراير عام 2007 تلقت اتصالا من سيدة قالت بأنها ذبحت اطفالها الخمسة للتو وانها تنوي الانتحار. في الحال توجهت سيارات الشرطة الى مصدر الاتصال وهو منزل صغير في ضاحية مدينة ليفيل الواقعة الى الجنوب من العاصمة بروكسل. للوهلة الاولى بدا كل شيء عاديا وهادئا، لم تكن باب المنزل مقفلة لذلك دلف رجال الشرطة الى الداخل بسهولة، في الممر المؤدي الى الصالة الرئيسية شاهد الرجال اول المشاهد الصادمة، كانت الام جينفيف لرميت جالسة على الارض وسط بركة صغيرة من الدم وهي تسند رأسها وجسدها الى الجدار، كانت لاتزال على قيد الحياة فأسرعوا بنقلها الى المستشفى.
في الطابق الثاني من المنزل دخل رجال الشرطة الى غرفة بدت اشبه بالمسلخ، كانت الدماء تغطي الارضية والجدران، وعلى احد الاسرة تمددت اربعة جثث لاطفال يتأبط كل منهم دمية، كان هناك جرح كبير نازف في عنق كل واحد منهم، الشرطة عثرت على جثة خامسة لفتاة مذبوحة وضعت في مغطس الحمام.
بعد قتل ياسمين نادت جينفيف على أطفالها واحدا بعد الأخر .. مريم (10 سنوات) .. منى (7 سنوات) .. مهدي (3 سنوات) .. ما ان يدخلوا الغرفة “المسلخ” حتى تعالجهم بضربة قوية ثم تقوم بذبحهم وتمددهم على السرير من دون ان تنسى وضع دمية تحت يد كل واحد منهم !. الضحية الاخيرة في تلك الليلة المنحوسة كانت نورا (12 عاما)، قتلتها امها مثل البقية لكنها كانت الوحيدة التي وضعت جثتها في الحمام.
بعد قتلها لجميع أطفالها نزلت جينفييف إلى الصالة، اتصلت بأحد الأصدقاء وتركت له رسالة صوتية قالت فيها : “قررت الذهاب بعيدا جدا برفقة اطفالي”.
أخيرا اتصلت بالشرطة، اخبرتهم بقتلها لأطفالها وبأنها تنوي اللحاق بهم انتحارا، وما ان اغلقت السماعة حتى طعنت نفسها .. نزفت كثيرا .. لكنها لم تمت!!.
اثناء محاكمتها تفادت جينفيف النظر الى زوجها الذي كان جالسا في الصف الامامي والدموع تملئ مقلتيه، وحين سألها القاضي عن سبب قتلها لأطفالها قالت بأنها كانت تعاني لسنوات من مشاكل نفسية بسبب وجود صديق بلجيكي للعائلة يدعى الدكتور ميشيل سكار، كان هذا الكهل يعيش معهم في المنزل ويقوم بتسديد اغلب فواتير العائلة.
جينفيف اخبرت القاضي بأن السيد سكار كان موجودا حتى خلال شهر عسلها : “كان ينام معنا في نفس الغرفة ولكي نمارس الجنس كان علينا الانتظار حتى ينام!! .. في كل ليلة يجلس معنا ليشاهد التلفاز ويأتي معنا في جميع الرحلات والعطلات .. نحن نعتمد عليه ماليا”.
جينفيف قالت بأن علاقة السيد سكار بزوجها هي بمثابة علاقة الأب بابنه، لكنها لم تعد تحتمل وجوده وقد حاولت إقناع زوجها بأبعاده لكن دون فائدة، ولأنها لا تحتمل الابتعاد عن أطفالها لذلك قررت أخذهم والذهاب بعيدا!!.
القاضي سأل جينفيف عن سبب وضعها لجثة ابنتها نورا في الحمام دونا عن بقية اطفالها، الام المجنونة اجابت بأن نورا كانت المفضلة والمدللة لدى الدكتور سكار لذلك وضعت جثتها في الحمام الذي كان يستخدمه لكي تعاقبه!.
جينفيف حصلت على الطلاق من زوجها في السجن، قالت بأنه لم يفهم ابدا معاناتها ومشاكلها قالت :
“اعطيته ولدا واخذته منه، لقد فقدت جميع اطفالي بسبب خطأي، لم يكونوا يستحقون الموت، سوف تعذبني ذكراهم الى اخر يوم في حياتي وهذه هي عقوبتي الحقيقية”.
في عام 2009 وبعد محاكمة قصيرة استمرت اسبوعين حكم على جينفيف لرميت بالسجن مدى الحياة وهي أقصى عقوبة في القانون البلجيكي. الطريف والعجيب في القضية هو ان المحكمة قررت ان يتحمل الزوج المفجوع نفقات محاكمة زوجته السابقة وقاتلة اطفاله والبالغة 97000 دولار!! وهو الامر الذي اثار سخط وغضب الجميع.
18- اندريا ياتز : قتلت أطفالها حتى لا يدخلوا النار :
عملية قتل اطفالها الخمسة، نوح (7 اعوام) جون (5 اعوام) بول (3 اعوام) لوقا (عامين) وماري (7 اشهر)، كانت سهلة نسبيا باستثناء نوح ذو الاعوام السبعة الذي يبدو انه ادرك نية امه فهرب طلبا للنجاة، اندريا طاردته لبعض الوقت قبل ان تتمكن من الامساك به ثم حملته عنوة الى المغطس بينما هو يبكي ويصرخ : “انا آسف .. انا آسف” .. الطفل المسكين ظن انه اقترف خطأ ما وان امه تريد معاقبته لهذا السبب.
جريمة اندريا ياتز هزت الرأي العام في الولايات المتحدة وحازت على اهتمام اعلامي كبير، ليس لبشاعتها فحسب، لكن ايضا لتضافر عدة عوامل اجتماعية وطبية ودينية ادت مجتمعة الى وقوع هذه الكارثة، فأندريا وزوجها روسيل كانا شديدا التدين وفي حفل زفافهما عام 1993 قالا للجميع بأنهما “سينجبان اطفالا بالقدر الذي تسمح به الطبيعة”.
لقد ارادا انجاب وتربية الكثير من الاطفال واعتقدا ان استعمال موانع الحمل من المحرمات التي تغضب الرب، ومن اجل التفرغ للعناية بالأطفال العديدين الذين كان في نية الزوجان انجابهم تركت اندريا عملها كأستاذة في الجامعة وكرست نفسها للمنزل كأي زوجة “متدينة” تؤمن ان رسالتها في الحياة هي ان تكون ربة بيت صالحة تحب زوجها وتسانده وتتفانى من اجل تربية اطفالها.
لكن بعد انجاب ثلاثة اطفال وحالة اجهاض لا ارادية واحدة بدأت خطة الزوجين تواجه المتاعب، بدأت اندريا تعاني من مشاكل نفسية عديدة. في عام 1999 اصيبت بانهيار عصبي وحاولت الانتحار مرتين وتم ادخالها الى المستشفى، الاطباء شخصوا مشكلتها على انها حالة نفسية تدعى “كآبة الانجاب” تصاب بها عادة النساء بعد الولادة. ولأن الامر متعلق بالولادة نصح الاطباء الزوجين بعدم انجاب المزيد من الاطفال، لكن بدلا من الالتزام بهذه النصيحة انجبت اندريا طفلين اخريين فازدادت حالتها سوءا وادخلت الى المستشفى مرة اخرى.
بالتدريج ونتيجة لمشاكلها النفسية، بدأت اندريا تعتقد بأن الشيطان تلبسها وان اطفالها لن يجدوا الخلاص ابدا وسيدخلون الجحيم بسببها. الصحافة الامريكية ركزت على اثر الجانب الديني في تفاقم مشكلات الزوجين، خصوصا علاقتهما القوية بمبشر مسيحي غريب الاطوار كان له دور كبير في زرع شعور الذنب والخطيئة لدى اندريا وفي كونها – كما تعتقد – ام غير صالحة ستؤدي بنفسها وأطفالها إلى الجحيم.
لقد عبرت اندريا عن معتقداتها بجلاء خلال التحقيق معها حيث قالت للمحققين : “أنها الخطايا السبع المميتة (في العقيدة الكاثوليكية)، اطفالي لم يكونوا صالحين، كانوا ينحرفون عن الطريق لأني شريرة. طريقة تربيتي لهم لم تكن لتسمح لهم بالحصول على الخلاص. كانوا سائرين للهلاك في نار الجحيم”.
في عام 2002 تمت محاكمة اندريا ياتز بتهمة قتل اطفالها الخمسة وقد توقع البعض ان يحكم عليها بالإعدام. المحاكمة استقطبت اهتماما اعلاميا كبيرا لبشاعة الجريمة وغرابتها، وقد حاول محامي الدفاع الحصول على حكم براءة لموكلته باعتبارها مجنونة وغير مدركة لما اقترفته من جرم. المحكمة استعانت بعدد من الاطباء النفسيين لتقييم حالة اندريا وتحديد مدى ادراكها لمفهوم الخطأ والصواب في اعمالها وقد اعتبر المحلفون في النهاية ان اندريا مذنبة لأنها وبرغم ما كانت تعانيه من مشاكل نفسية حادة اثناء اقتراف جريمتها الا انها كانت تدرك بأن ما تقوم به هو عمل خاطئ. القاضي اصدر حكما بالسجن المؤبد على اندريا مع عدم امكانية الحصول على اطلاق سراح مشروط الا بعد مرور 40 عاما.
محامي اندريا استأنف الحكم الصادر بحقها وفي عام 2006 نقضت المحكمة قرارها السابق واعتبرت اندريا غير مذنبة لعلة الجنون فأسقطت عنها جميع الاحكام السابقة وتم تحويلها الى احد المصحات العقلية في تكساس.
روسيل ياتز ساند زوجته ووقف الى جانبها اثناء المحاكمات وكان ينتظر خروجها من السجن لينجبا مزيدا من الاطفال!! الا ان اندريا طلبت الطلاق وحصلت عليه عام 2008 بعد ان تحسنت حالتها النفسية.
قصة اندريا تتحول الى فلم الرعب.. في العام نفسه ليصبح احد أفلام التوب تين !!
19- جين : المتعة في القتل هوس يجعل الطبيب جزار :
ربما لا تكون جين تابن هي أكثر القتلة المتسلسلين من حيث عدد الضحايا لأن الرجال هم المتفوقون في هذا المضمار بالطبع , لكن جين تفوقت على الكثير من بنات جنسها القاتلات و تميزت عنهن بشيء دفع العديد من الباحثين لدراسة حالتها , إذ إن المرأة عادة ما تقتل بهدف الحصول على المال و أحيانا بسبب الغيرة و الضغينة أو العشق و الحب و لكن نادرا ما تقتل المرأة بسبب الرغبة والمتعة الآنية كما هو الحال بالنسبة إلى جرائم جين تابن.
في عام 1885 بدئت جين العمل كممرضة متدربة في مستشفى كامبردج و هناك وجدت أخيرا المكان المناسب للتنفيس عن جنونها الوراثي من دون أن تثير الشكوك حولها إذ إن أحدا لم يكن ليتصور أن تتحول ملاك الرحمة التي تخفف الآم الناس إلى عزرائيل تواق لحصد الأرواح. في البداية أخذت جين تبدي اهتماما متزايدا في دراسة العقاقير المخدرة و ذلك لغرض الوصول إلى طريقها تمكنها من قتل الناس من دون أن يشعر بها احد , وبما أنها كانت تقضي معظم وقتها في المستشفى لذلك أخذت تتلاعب بالوصفات الطبية التي يكتبها الأطباء و بدئت تستخدم المرضى كفئران تجارب عن طريق حقنهم بمقادير متباينة من العقاقير المخدرة و المسكنة ثم تنتظر لبرهة لملاحظة التأثيرات التي تتركها هذه العقاقير على جهازهم العصبي. و قد قادت هذه التجارب المجنونة في النهاية إلى توصل جين لوصفتها السحرية القاتلة التي تتألف من جرعة زائدة من عقاري المورفين (Morphine ) و الاتروبين (Atropine ) حيث أنها لاحظت بالتجربة أن أعراض التسمم بالمورفين كانت تغطي على أعراض الاتروبين و العكس صحيح بحيث يصعب على الأطباء معرفة السبب الحقيقي للوفاة.
لا احد يعلم على وجه الدقة كيف كانت جين تختار ضحاياها و ما هي المواصفات التي كانت تبحث عنها فيهم و لكن الجميع متفقين على أن الرغبة الجنسية كانت تلعب دورا كبيرا في اغلب جرائمها , فبعد أن تختار ضحيتها و تحقنه بالعقار المميت كانت جين تجلس بجواره و تجد متعة لا توصف في مراقبته و هو يحتضر. وأحيانا كانت تصعد إلى سرير الضحية و تستلقي بجواره بحيث تشعر بأنفاسه الحارة المتسارعة تلهب صدرها كالسوط ثم كانت تحتضنه و تشده إلى جسدها بقوة حين تداهمه سكرة الموت , و يبدو أنها كانت تداعب ضحاياها المساكين جنسيا أثناء احتضارهم إذ أخبرت المحلفين أثناء محاكمتها بأنها كانت تحصل على متعة عارمة حين تداعب المريض المحتضر بشكل يجعله يفتح عينيه و يستعيد وعيه لبرهة قصيرة قبل أن تفارق الروح جسده , كانت نظرات الرعب و الصدمة تلك تمثل قمة النشوة الجنسية بالنسبة إلى جين.
في عام 1889 انتقلت جين للعمل كممرضة في مستشفى ماساتشوستس العمومي و هناك قتلت عددا آخر من ضحاياها لكنها سرعان ما فصلت من عملها فعادت للعمل في مستشفى كامريدج لتقتل بعض المرضى أيضا قبل أن تبدأ الشكوك تحوم حولها و يتم فصلها بسبب حقنها لعدد من المرضى بجرعات متهورة من الأفيون.
بعد فصلها من المستشفى قررت جين ان تعمل كممرضة خاصة و العجيب أن عملها الجديد سرعان ما ازدهر رغم بعض الأقاويل هنا و هناك حول سرقتها لبعض الحاجيات من منازل مرضاها و رغم موت عدد كبير منهم بصورة غامضة , و كانت أختها غير الشقيقة إليزابيث أو بالأحرى الابنة المدللة لمخدومتها السابقة السيدة آن تابن هي إحدى ضحاياها في تلك الفترة, و يبدو أن الغاية الرئيسية من قتلها لإليزابيث كان الانتقام من أمها و أيضا لأن جين كانت تغار من إليزابيث و تكن لها كراهية شديدة منذ طفولتها حيث كانت تعمل خادمة في منزلها.
في عام 1901 انتقلت جين للسكن في بيت ضابط عجوز يدعى الدين ديفز للعناية به بعد وفاة زوجته التي كانت جين قد قامت بقتلها بنفسها في السابق. و لم يمض وقت طويل على وجود جين في منزل آل ديفز حتى مات العجوز الدين ثم لحقت به وبشكل غامض ابنته الكبرى آني و تبعها بفترة قصيرة الابنة الثانية ماري , و هنا أخذت تتزايد شكوك بقية أفراد عائلة ديفز في سبب حوادث الموت المتوالية و الغير منطقية التي ألمت بهم , خصوصا إن هذه الحوادث لم تقع إلا بعد قدوم جين إلى المنزل. لذلك و بسبب شعورها بالخطر فقد قامت جين بالفرار من المنزل تحت جنح الظلام.
انتقلت جين إلى منزل أختها غير الشقيقة إليزابيث بحجة الاعتناء بزوجها و مساعدته على تجاوز محنة وفاة زوجته رغم أنها كانت هي التي قامت بقتلها! , و لأنها كانت كملاك الموت ينعق البوم و يحل الخراب أينما حطت رحالها لذلك لم يمض سوى أسبوع واحد على تواجدها في منزل زوج إليزابيث حتى ماتت أخته الصغرى بصورة مفاجئة و غامضة ثم تعرض هو نفسه لوعكة صحية بعد أن قامت جين بتسميمه بجرعة صغيرة و ذلك لكي تجد حجة لبقائها في المنزل بحجة الاعتناء به حتى يشفى لكنه بدء يرتاب بها بشدة. و لكي تبعد الشبهات عنها قامت جين بتسميم نفسها بجرعة صغيرة من العقار القاتل ولكن ذلك أدى إلى نتيجة عكسية حيث ازدادت شكوك زوج إليزابيث بها و أمرها بمغادرة منزله فورا.
في هذه الأثناء كانت عائلة ديفز قد تقدمت بشكوى إلى الشرطة طالبت فيها بتشريح جثة ماري ديفز التي كانت جين قد قتلتها و كانت قد دفنت حديثا. كانت العائلة ترتاب في أن ماري ماتت مسمومة و قد جاء تقرير الأطباء الذين شرحوا الجثة ليؤكد شكوكهم إذ اظهر بجلاء وجود كمية كبيرة من المورفين و الاتروبين في جسدها كانت هي السبب الرئيسي في وفاتها.
في عام 1901 القي القبض على جين تابن بتهمة قتل ماري ديفز , و خلال التحقيق معها اعترفت جين بارتكاب جرائم أخرى , و أثارت اعترافاتها المرعبة صدمة كبيرة في أوساط الرأي العام الأمريكي آنذاك إذ إن جرائمها وضعت النظام الصحي للبلاد بأكمله تحت المسائلة لعدم قدرة الأطباء على اكتشاف هذه الجرائم المتعددة رغم أن اغلبها وقعت داخل مستشفيات متخصصة و تكرر حدوثها لفترة طويلة.
في عام 1902 تم تقديم جين تابن للمحاكمة بتهمة قتل 11 شخصا و قد توقع الكثير من الناس أن يتم الحكم عليها بالإعدام لكن هيئة المحلفين فاجأت الجميع و اعتبرتها غير مذنبة و أوصت بإرسالها إلى مصح عقلي , و يبدو ان هيئة المحلفين قد اخذوا بنظر الاعتبار الظروف المأساوية التي أحاطت بطفولة جين و كذلك الجنون المتأصل في عائلتها فوالدها و أختها كانا كلاهما قد ادخلا إلى مصحات عقلية حيث قضيا ما تبقى من عمرهما هناك.
بعد فترة من المحاكمة نشرت صحيفة نيويورك جورنال تحقيقا صحفيا بقلم احد محرريها كشف فيه عن حديث أدلى به محامي جين تابن في جلسة خاصة قال خلاله بأن موكلته كانت قد أخبرته أثناء تحضيره للدفاع عنها بأن عدد ضحاياها الحقيقيين هو 31 شخصا و أنها خدعت هيئة المحلفين بادعائها الجنون على أمل أن تتمكن من الخروج من المصحة بعد فترة من الزمن لتواصل جرائمها , كما أخبرته بالحرف الواحد بأن طموحها الحقيقي هو : “قتل المزيد من الناس .. أكثر من أي قاتل أو قاتلة عاشا على الأرض…”.
لكن هذه التصريحات لم تنجح في إقناع القضاء بإعادة محاكمة جين تابن , بل بالعكس أكدت لهم بأن هذه المرأة مجنونة تماما بغض النظر عن عدد ضحاياها.
عاشت جين تابن في المصحة العقلية لسنوات طويلة ولم تخرج منها إلا جثة هامدة عام 1938 , لكن ذكراها المرعبة ظلت محفورة في أذهان الكثير من الناس و منهم أطباء و ممرضي المصحة التي قضت فيها و الذين ظلوا يتذكرون لسنوات طويلة كيف كانت جين تحاول إغوائهم مطالبة إياهم بحقن المرضى بجرعة زائدة من المورفين و هي تردف ضاحكة بنبرة شريرة : “سنحظى بقدر كبير من المتعة و نحن نشاهدهم يموتون!”.
خامساً : خيانة وطن من فتاة الوطن :
20- أمينة أو آني موشي بيراد :
ولدت أمينة داود المفتي لأسرة ثرية في عمان وكانت عائلتها مسلمة من الشركس , تميزت بالجمال ومحبه والديها لها وبدلالها وذكاءها وطموحها
الكبير ولم يكن يؤرق والديها إلا كرهها وتسفيهها للمجتمع الذي تعيش فيه ونبذها للعادات والتقاليد , أحبت شاباً فلسطينيا ورغم جمالها إلا إن طبائعها
الغريبة جعلته يكرهها ويبتعد عنها , صدمها الموقف فكادت أن تخفق في دراستها الثانوية لذا حزمت حقائبها ويممت نحو أو روبا لإكمال دراستها , وفي
جامعة فينا درست علم النفس الطبي وتعرفت على فتاة نمساوية شاذة أحبتها وحملتها على موجات الانحلال الذي كانت تبحث عنه .
عادت إلى عمان مرة أخرى وهي مازالت تفكر بذاك الشاب الفلسطيني
لعله يراها فيغير انطباعه عنها ولكنها وجدته متزوجاً ولديه أسره سعيدة ,
عادت إلى النمسا وعملت هناك وتعرفت على ” سارة بيراد ” اليهودية ووقعت في حب أخيها موشي الذي أبتاع لها شهادة دكتوره في علم النفس المرضي وعادت إلى الأردن واستأجرت مستشفى حكومي وبعد 6 أشهر تم أقفال
المستشفى لوجود تجاوزات وتشكيك في شهادتها ,نقمت على البلد وكل مافيه وعادت إلى أحضان موشي ولأجله اعتنقت اليهودية غيرت أسمها من أمينة إلى آني موشي وتزوجته وحضته على العودة إلى إسرائيل والعمل في الجيش وهكذا أصبحت هي وزوجها ضمن جنود الجيش اليهودي وأعطت اليهود كل ماتعرفه عن الأردن وعن أهلها وعن الشركس …
أدخلت دورات جاسوسية عالية المستوى ثم أرسلت لبيروت تجمع المعلومات حول المخيمات والفرقاء الفلسطينيون
في سبتمبر من عام 1975 تم اعتقال أمينة من قبل السلطات الفلسطينية بعدما انكشفت عمالتها وأنها كانت ترسل معلومات وتقارير غاية في الأهمية عن العمليات الفدائية وأسماء أفراد المخابرات الفلسطينية مع تفاصيل دقيقة عن تحركات وتواجد أهم شخصيات منظمة التحرير الفلسطينية وبعد اعترافها الكامل أُبقيت معتقلة لمدة خمس سنوات حيث تم مقايضتها بأسيرين فلسطينيين لدى الإسرائيليين.
عادت أمينة إلى إسرائيل وحاولت الاتصال بأهلها في الأردن ولكنهم رفضوا التحدث معها وأخبروها أنهم يعتبرونها ميتة.
لا يُعرف لحد الآن كيف أتمت حياتها.
في مطلع عام 1984 نشرت مجلة “بمحانية” العسكرية الاسرائيلية خبراً صغيراً يقول إن وزير الدفاع أصدر قراراً بصرف معاش دائم للمقدم آني موشيه بيراد التي تصدرت لوحة الشرف بمدخل بمنى الموساد، وهي لوحة تضم أسماء أمهر العملاء “ويطلق عليهم الأصدقاء” الذين أخلصوا لإسرائيل.
أما عن نهايتها فقد قيلت روايات عديدة في ذلك:
إحدى الروايات تؤكد بأنها حصلت على وثيقة سفر أميركية باسم جديد.وتعيش الآن بولاية تكساس حيث تمتلك مزرعة واسعة. وتزوجت من بحار إسباني ولم تنجب.
رواية ثانية : تزعم بأنها أجرت تعديلات بوجهها بمعرفة الموساد.وتعيش بجنوب أفريقيا منذ عام 1985 تحت اسم مزيف. وتعمل في الاستيراد والتصدير، وأنجبت ولداً من ضابط روماني أسمته موشيه.
ورواية ثالثة : تقول إنها انتحرت بحقنة هواء داخل حجرتها بقسم الأمراض العصبية بمستشفى تل هاشومير…
21 – هبة سليم :
لولا الكاتب صالح مرسي وبطلة فيلم الصعود إلى الهاوية مديحة كامل لم يكن الكثير ليسمع بهبة سليم فتاة الطبقة المخملية المصرية .. كرهت كل ماهومصري .. ومن صغرها شبت
مختلفة عن أقرانها ببغضها للعادات والتقاليد والحياة في القاهرة .. كانت تحلم بأوروبا والحرية رغم أنها كانت منحله منذ البدء، كان أمامها فرصة الزواج من الضابط فاروق فقي والحصول على أسرة ورجل يعشقها حتى النخاع لكنها كانت محلقة إلى البعيد . بعدها سافرت إلى باريس للدراسة وانحلت أكثر بأن صادقت فتاة يهودية هناك ومن هذه النقطة بدأ تجنيدها لتحطيم مصر في حربها مع إسرائيل واندفعت لخدمة الشعب اليهودي أكثر من اليهود أنفسهم و جلبت لهم كثير من المعلومات بعد أن جددت علاقتها بالمقدم فاروق المتيم والذي أصبح فيما بعد عشيق السرير والخادم المطيع ، وعلى ضوء المعلومات ضربت إسرائيل منصات الصواريخ وقتلت الكثير من الجنود المصريين في ذهول من الجيش المصري، بعد فترة اكتشفت المخابرات المصرية الأمر وتم القبض على فاروق واعترف بكل شيء وجعلوه يستمر بتزويد إسرائيل بالمعلومات المزيفة والتي مهدت لنصر أكتوبر وفكروا كيف يتم جلب هبة التي للتو عادت من إسرائيل مكرمة من رئيستها التي أحبتها جولدا مائير وكبار ضباط الجيش الصهيوني، أوفدت مصر ضابطين لأبوها الساكن في طرابلس وقالوا له أن هبة معرضة للخطر، ويجب أن يبرق لها بأنه مريض وتم الإبراق لها وأرسلت لأبيها تقول أن باريس أفضل للعلاج وطلبت منه القدوم وأرسل لها أنه في حالة خطرة ولا يرد سوى أن يودعها , وتم حجز غرفة
في مستشفى طرابلس وتم الاتفاق مع حكومة ليبيا وكما توقع الضابطين جاء اثنان خفية يسألون عن والد هبة وذهبوا عندما تأكدوا أنه موضوع في العناية المركزة وبعد يوم نزلت طائرة هبة في المطار وفوراً نقلت وسط ذهولها إلى القاهرة، وحين علمت جولدا مائير التمست العفو لها من الإعدام عند السادات الذي لم يرد على طلبها فما كان من كاسنجر إلا أن يزور القاهرة بشكل مفاجئ وحين طلب بصيغة مباشرة من السادات أن يسلمه هبة في بادرة شخصية لن ينساها له قال أنور فوراً : ياخبر أسود طب مش كنت تقول من زمان ، هبة أنعدمت النهار دة الصبح ..وطبعا كانت حية ترزق تلك اللحظة ولكن وزير الدفاع الموجود فهم الرسالة ونفذ حكم الإعدام خلال نصف ساعة في الجاسوسين