اليهودية ديانة قومية ام تبشيرية
تحت عنوان اليهودية ديانة قومية ام تبشيرية
كتب الدكتور الحسين بو مديع 2016
تأسس الخطاب الصهيوني على مفاهيم دينية استلها من أسيقتها في الأسفار التوراتية روادُ الحركة الصهيونية ومؤسسوها ليوظفوها – برغم إلحادهم الذي لا يخفونه – في إقناع الرأي العام اليهودي والغربي بـ«عدالة» المطالب الصهيونية، وأبرز تلك المفاهيم: مفهوما «أرض الميعاد» و«الشعب المختار»، فهما اللحمة والسدى للفكرة الصهيونية؛ لهذا قال «ناثان فانستوك» في كتابه «الصهيونية ضد إسرائيل»: «جرب أن تحذف مفاهيم (الشعب المختار) و(الأرض الموعودة) [من الخطاب الصهيوني] فسرعان ما ينهار أساس الصهيونية»[1].
فالمتتبع لتصريحات الصهاينة سيلحظ أنهم لا يملون من ترديد الادعاء بأن «أرض الميعاد»، وهي فلسطين وما حولها هي أرض «أجدادهم»، «التي يزعمون أن الله الذي لا يؤمنون به منحهم إياها»[2]، حين وعد كلًّا من إبراهيم وإسحاق ويعقوب – كما يقول سفر التكوين – بقوله: «لَكَ وَلِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ»[3].
ولكي يمهدوا الطريق لترويج الادعاء بأن الوعود والنبوءات التوراتية المتعلقة بالأرض الفلسطينية تنطبق على يهود العصر الحالي، وأن هجرة اليهود إلى فلسطين، وإقامة الكيان الصهيوني تحقيق لتلك النبوءات كان لا بد من التركيز على مفهوم «الشعب المختار» للترويج لأسطورة «الشعب اليهودي»، التي تُوهِم بأن اليهود أينما كانوا جماعة بشرية تتشعب من سلالة عرقية واحدة، وهي سلالة إسرائيل، وأنهم جميعًا من ذرية الذين تم «إجلاؤهم» من فلسطين، لأنه بدون ذلك سينهار بنيانهم الذي بنوه على الوعود التوراتية، التي تعطي الأرض لنسل إسرائيل: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ»، وهذا ما يفسر الحضور الكثيف لمصطلح «الشعب اليهودي» في الخطاب الصهيوني.
ومن أجل تمرير فكرة وحدة اليهود عرقيًّا، التي يوحي بها مفهوم «الشعب المختار»، وأسطورة «الشعب اليهودي»، والتي تنسفها تلقائيًّا حقيقة تبشير اليهود بدينهم؛ كان لا بد من تأميم الديانة اليهودية وادعاء أنها لم تكن ديانة تبشيرية، وأنها ظلت ديانة قومية ترفض استقبال أي وافد من خارج السلالة الإسرائيلية، فعملت الصهيونية على الترويج لهذه الفكرة حتى غدت قناعة راسخة لدى الكثير، وأصبحنا نسمع غير واحد من الأكاديميين يردد مع الصهيونية دون تبين أن اليهودية ديانة قومية منغلقة، فشاع الاعتقاد بأن الانتماء الديني لليهودية يعني بالضرورة الانتماء العرقي لبني إسرائيل.
وكان الوصول بالناس إلى هذه النتيجة أمرًا ضروريًّا للصهيونية، حتى تقنع الرأي العام بأن الوعود التوراتية التي تعطي «أرض الميعاد» لنسل إسرائيل (يعقوب) صك إلهي بتمليك كل يهود العالم أرض فلسطين.
فهل اليهودية ديانة قومية حقًّا؟ أم أنها ديانة تبشيرية ككل الأديان؟ ما مستند القول بأنها ديانة قومية؟ وما الدليل على أن اليهود مارسوا التبشير بدينهم؟ وما دلالة كون اليهودية ديانة تبشيرية؟
أولًا: معنى «الديانة القومية» و«الديانة التبشيرية»:
الديانة القومية:
الأصل في معنى «القوم»: الجماعة من الرجال والنساء، وقَوْمُ كل رجل شِيعته وعشيرته[4]، وربما سميت عشيرة الرجل بالقوم، لأن قوام عيشه لا يكون إلا بالانضمام إليها. ونسبة الديانة إلى القوم في عبارة «الديانة القومية» يقصد بها وصفها باختصاص قوم بها دون سواهم، فالديانة القومية يراد بها: الديانة التي تخص جماعة عرقية ولا تقبل دخول أحد من بقية الأعراق فيها، فهي ديانة منغلقة غير منفتحة على غير أهلها الأصليين. ويقابلها عكسيًّا:
الديانة التبشيرية:
والتبشير: في أصل وضعه اللغوي: «الإخبار بما يظهر أثره على البشرة، وهي ظاهر الجلد؛ لتغيرها بأول خبر يرد عليك»[5]، ثم غلب استعماله في الإخبار بما يسر.
وقد ذاع مفهوم «التبشير» لدى المسيحيين، ويقصدون به نشر بشارة الإنجيل في العالم، وهو الترجمة الحرفية للفظ «الكرازة» ذي الأصل اليوناني المأخوذ من الفعل «كيريزو» kerysso أي: يعلن وينادي جهارًا. وتعني الكرازة: «المناداة برسالة الإنجيل في غير العالم المسيحي؛ أي تبليغ رسالة المسيح لغير المسيحيين»[6]. وهو المصطلح الذي يعبر به كاتبو الأناجيل لدى الحديث عن التبشير برسالة الإنجيل؛ كما في هذين النصين: «وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ»[7]، «يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا بِالإنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ»[8].
والديانة التبشيرية هي التي تنفتح على كل الأعراق، ولا تمانع دخول كل راض باتخاذها دينًا في كنفها أيًّا كان جنسه ولونه ووطنه، بل تحث المقتنع بها على دعوة غيره لاعتناقها. وهو شأن الإسلام والمسيحية.
أما اليهودية فقد شاع أنها ديانة قومية منغلقة لا ترحب بغير الإسرائيليين أتباعًا، وأن اليهود ظلوا عبر تاريخهم محافظين على نقائهم العرقي، ولم يكونوا يبشرون غيرهم بدينهم، وهو ادعاء أشاعته الصهيونية ومؤسساتها الإعلامية والبحثية للغرض المتقدم.
وقد كان كل رصيد هذا الرأي لإثبات نفسه تزييف تاريخ الجماعات اليهودية بادعاء أن جميع أعضائها أينما كانوا منحدرون من سلالة المنفيين من يهودا في أعقاب الاجتياحين الآشوري والبابلي، ثم الاضطهاد الروماني، وعزو التواجد المكثف لليهود في أنحاء العالم دائمًا إلى النفي والتشتت والهجرة والنمو الديموغرافي الطبيعي، واستخدام بعض النصوص التناخية الصارمة في إيجاب الحفاظ على نقاوة «النسل المقدس» للشعب المختار، وتوظيف البحث «العلمي» في مجال الدراسات الأنثروبولوجية لترسيخ الوهم بوحدة اليهود عرقيًّا.
وهذه الدراسة تتطلع إلى بيان خطأ هذا الرأي، وإثبات أن الديانة اليهودية شأنها شأن غيرها من الديانات في التبشير بمعتقداتها بين كل الشعوب.
ثانيًا: أدلة تبشيرية الديانة اليهودية:
الديانة اليهودية – على خلاف ما هو رائج – كغيرها من الديانات لا تمانع دخول غير أتباعها الأصليين (الإسرائيليون) إليها، يقول الحاخام حاييم ناحوم (حاخام اليهود في مصر): «اليهودية دين يمكن أن يؤمن بها الفرنسي، والإيطالي، والمصري، وأي إنسان؛ فهي ليست قومية، وإنما هي دين، والدين لله والولاء للوطن»[9].
ولم يكن اليهود – مثلهم مثل غيرهم – يخفون رغبتهم في استقطاب غيرهم إلى دينهم؛ فقد مارسوا التبشير في مختلف مراحل تاريخهم؛ وهذا ما سجلته أسفارهم، ونصت عليه المصادر المسيحية والإسلامية، وأكده المؤرخون والعلماء الأنثروبولوجيون منهم ومن غيرهم، ويمكن الاستدلال لهذه الفرضية من ثلاث نواح:
الدليل الديني:
يستند الاستدلال الديني على تبشيرية اليهودية إلى نصوص دينية في الكتاب «المقدس» بعهديه، وفي التلمود، والقرآن؛ تدل بوضوح على أن رسالة موسى لم تكن خاصة بسلالة بني إسرائيل، وأن اليهود مارسوا التبشير بنشاط إلى دينهم:
أ- ففي العهد القديم نجد قصصًا لبعض من آمن باليهودية من غير بني إسرائيل رغبة أو رهبة، فحينما كان يهود بني إسرائيل أسرى بأرض بابل كان أن عظُم شأنهم في عهد ملك فارس أحشورش – كما يحكي سفر أستير – حتى أشركوا في الملك، بسبب زواج الملك من المرأة اليهودية «أستير» وافتتانه بجمالها، مما مكنها من التأثير في قراراته، وهي ابنة عم مردخاي أحد خدام البلاط الملكي الذي أصبح محل الوزير الأول لدى أحشورش (هامان بن همداتا الأتاجي) بعد أن أعدم بتدبير من مردخاي وأستير، وبلغ من قوة نفوذهم أن أطلق الملك أيديهم لينتقموا من كل من اضطهدهم؛ فـ«كَانَ لِلْيَهُودِ نُـورٌ وَفَرَحٌ..، وَصَارَ كَثيرٌ مِنْ شُعُوب تِلْكَ الأَرْضِ يَهُودًا؛ لأَنَّ خَوْفَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ»[10].
ويحكي سفر دانيال من أمر ملك بابل (داريوس بن أحشورش الميدي) أنه شهر إيمانه، تأثرًا بمعجزات النبي دانيال، إذ ألقي مع الأسود في جُبها، فلم يمسسه منها سوء، ووجَّه هذا الأمر إلى رعاياه: «مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ [أي ليرتعدوا وليخافوا] قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيالَ، لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ، وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى، هُوَ يُنَجِّي وَيُنْقِذُ وَيَعْمَلُ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ، هُوَ الَّذِي نَجَّى دَانِيالَ مِنْ يَدِ الأُسُود»[11].
فهذا الأمر الملكي وإن كان لا يحمل طابع الإلزام باتباع دانيال، لا بد أن يحدث أثره في الناس، ويوجههم إلى الإعجاب به واتباع دينه.
و«في كتابات أشعيا الثاني، وسفر روث، وسفر يونان، وسفر يهوديت الخارجي نصادف مرارًا دعوات مباشرة وغير مباشرة تسعى إلى اجتذاب الأغيار إلى اليهودية، بل وإقناع العالم قاطبة بقبول (شريعة موسى)»[12].
ب- ويحذر التلمود من خطر التهويد على جماعة إسرائيل في قول أحد الحاخامات التلموديين، وهو الحاخام «حليفو»: «المتهودون أخطر على إسرائيل من الجرب»[13]، ومع أن هذا النص يوحي بأن بعض الحاخامات كانوا يميلون إلى منع التبشير باليهودية حفاظًا على نقاوة السلالة الإسرائيلية فإنه دليل في الوقت ذاته على أن التهود حاصل في زمان «حليفو» بمستوى ينذر بما يراه خطر اجتياح المتهودين من «الأغيار» للجماعة الإسرائيلية. إضافة إلى أنه رأي شخصي «لا يعكس بأي شكل من الأشكال موقف التلمود تجاه التهويد والمتهودين، إذ يمكن أن تطرح في مقابله أقوال الحاخام أليعازار التي لا تقل جزمًا، والتي قيلت كما يبدو قبل ذلك، والتي جاء فيها: (لم ينف المقدس تبارك إسرائيل بين الأمم إلا لكي ينضم إليها متهودون)»[14].
ج- وكان مما أنكره المسيح – بحسب العهد الجديد – على اليهود أنهم ينشطون في دعوة الناس إلى دينهم، وهم غير متمسكين به، فإن دخل المدعو في الدين دخل فيه على طريقتهم فاستحق النار: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ[15] الْمُرَاؤُونَ؛ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا[16] وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ»[17]. فهذا – إن صح – صريح في أن اليهود يبشرون وبحماس بدينهم.
د- ويقص القرآن من أمر موسى أنه توجه بدعوته إلى فرعون، ودعاه إلى دينه، وقال: {هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى صلى الله عليه وسلم18 وَأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات: 18، 19]، وأنه بعد انتصاره الباهر في المغالبة التي جرت بينه وبين سحرة فرعون اقتنع السحرة بصدق نبوته وصحة دينه؛ فـ{قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَرُونَ وَمُوسَى} [طه: 70]؛ وما كان فرعون ولا سحرته من بني إسرائيل.
ومن حرص اليهود – مثل النصارى – على أن يتبع الناس ملتهم أن قال عنهم القرآن: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ٠٢١]، وادعاؤهم أن المهدي من اتبع دينهم: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} [البقرة: 135]؛ فكل هذا مما ينفي كون اليهودية ديانة قومية لا تبشيرية.
الدليل التاريخي:
ويستند إلى ما سجله الواقع التاريخي لليهود في كل أماكن تواجدهم من ممارسة التبشير بدينهم في أوساط الشعوب الأخرى، وهي حقيقة تاريخية أكدها غير واحد من العلماء والمؤرخين.
فقد عد المؤرخ والعالم البريطاني اليهودي «آرثر كيستلر» من الدلائل التاريخية الشاهدة «على حماس يهود العصور القديمة للتبشير بديانتهم: أن اعتنقها فلاشا الحبشة ذوو البشرة السوداء، ويهود كاي فنج الصينيون.. واليهود اليمنيون و.. الخزر؛ وفي بلاد أقرب من تلك وصل التبشير اليهودي ذروته في عصر الإمبراطورية الرومانية»[18].
وفي دائرة المعارف البريطانية: «لقد نشط اليهود إلى التبشير باليهودية بين مختلف الشعوب عندما رأوا الوثنية قوية النفوذ منتشرة في العالم، والكُتاب القدماء اليونان والرومان يشهدون بقوة النشاط التبشيري الذي قام به اليهود، وكيف تم نشر اليهودية في أواسط وغرب آسيا؛ أصل يهود العالم اليوم»[19].
ويحكي مارتن لوثر واقعة ذات مغزى فيما نحن بصدده حصلت معه شخصيًّا؛ ويتعلق الأمر فيها بنفر من اليهود أتوه وحاولوا تهويده؛ فقال: «قصدني ثلاثة من أحبار اليهود علماء في الناموس الموسوي، يحدوهم الأمل أن يجدوا فيَّ يهوديًّا جديدًا يضاف إلى قافلتهم»[20]، ويقول لأتباعه: «اعلم يا عزيزي المسيحي أنه ليس بعد الشيطان عدو أكثر سمًّا من اليهودي المحض، الذي يجهد أن يراك قد تهودت واتبعته»[21]، ومغزى ما حكاه وقاله لوثر أن اليهود كانوا يجتهدون في دعوة نصارى الغرب إلى اليهودية حتى في عز اليقظة المسيحية التي عرفتها أوربا في القرن السادس عشر إبان ما سمي الإصلاح الديني، حين ثار المحتجون (البروتستانت) على الكنيسة التقليدية.
ومن أدق من برهن على حصول التبشير باليهودية تاريخيًّا البروفسور شلومو ساند أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، في كتابه: «اختراع الشعب اليهودي»؛ منطلقًا من أن العقائد التوحيدية – خلافًا للعقائد الوثنية التي تقبل بتعدد الآلهة – تحث المؤمنين بها دومًا على نشر مبدأ الوحدانية بين الوثنيين، «ولم تكن الديانة اليهودية.. شاذة.. عن هذه القاعدة»[22]؛ ومن الإثباتات التي استند إليها:
أن وثائق من المدينة السومرية (نيبور) التي تعود إلى الحقبة الفارسية وتتضمن أسماء البابليين وجد فيها أن جزءًا كبيرًا مما تضمنته من أسماء الآباء أسماء بابلية اعتيادية، بينما أسماء أولادهم أسماء عبرية صرفة، ومثلها وثائق من ورق البردي اكتشفت في جزيرة إلفانتين تتضمن أسماء مصريين قدماء؛ وكانت فيها أسماء الآباء مصرية فيما أسماء الأبناء عبرية؛ ودلالة ذلك أن عملية تهويد تمت وسط هؤلاء حملتهم على تغيير ديانتهم الوثنية إلى اليهودية، لأن المهاجرين اليهود إلى بابل ومصر لم يكونوا يحملون أسماء بابلية أو مصرية مما يعني أن هؤلاء الآباء تهودوا واختاروا لأبنائهم أسماء تتفق مع هويتهم الجديدة[23].
النتائج العلمية التي توصل إليها بعض الباحثين الأكاديميين في تاريخ الجماعات اليهودية؛ مثل الباحث «الإسرائيلي» (أوريئيل رابورت) في أطروحته للدكتوراه: «الدعاية الدينية اليهودية وحركة التهويد في فترة الهيكل الثاني» التي حاول فيها توجيه الأنظار إلى حركة التهويد الواسعة التي مارسها اليهود في هذه الفترة، وتوصل فيها إلى أن «تعاظم اليهودية في العالم القديم لا يمكن تفسيره – بسبب حجمه الهائل – بواسطة النمو السكاني الطبيعي عن طريق الهجرة من أرض الوطن، أو من خلال أي تفسير آخر لا يأخذ في الحسبان حركة الالتحاق بها من الخارج»[24]. ومثل ما أكده البروفسور «تيودور مومزن» في دراسة له اعتمادًا على باحثين متخصصين في التاريخ القديم من أن «اليهودية في العصر القديم لم تكن بتاتًا منغلقة أو منعزلة، على العكس فقد كان يملؤها الحماس للتهويد بدرجة لا تقل عن المسيحية والإسلام من بعدها»[25].
نصوص تاريخية تحكي حماس الحشمونيين في فرض اليهودية على جيرانهم؛ وقصص أخرى للتهويد القسري والطوعي في أوساط مختلف الطبقات المجتمعية للشعوب المجاورة وغيرها؛ منها ما اقتبسه من المؤرخ اليهودي يوسيفوس في كتابه «تاريخ اليهود» أن «يوحنان هوركنوس» استولى عام 125 قبل الميلاد على بلاد أدوم[26] «وتغلب على كل الأدوميين، لكنه سمح لهم بالبقاء في البلاد إذا ما تختنوا ورضوا بتطبيق تعاليم وأحكام اليهودية… ومنذ ذلك الوقت صار هؤلاء يهودًا»[27]. وقد سار ابن هوركنوس (يهودا أرسطو بولس) على خطى أبيه في سياسة التهويد القسري لغير اليهود، حيث «قام سنة 104 [ق.م] بضم منطقة الجليل إلى مملكة يهودا وفرض العقيدة اليهودية على اليطوريم الذين قطنوا وعمروا وقتئذ المنطقة الشمالية بأكملها»[28]. ومنها قصة تهود أمراء المملكة الحديبية القائمة شمال الهلال الخصيب على يد مبشرين وتجار يهود[29].
ومن نتائج التبشير باليهودية – إضافة إلى عوامل أخرى – أن اعتنقها أفراد كثيرون، وشعوب من أجناس مختلفة؛ ومن اليهود غير الإسرائيليين:
اليهود الأمازيغ:
انتشار اليهودية بين الأمازيغ في عهود ما قبل الإسلام موضوع أثار اهتمام بعض الباحثين الغربيين، فأفردوه بالتأليف؛ كما فعل الكاتب الإسباني «أبراهام لاريدو» إذ كتب مؤلفه: «يهود البربر في المغرب».
وتعود بداية التواجد اليهودي في المغرب – على ما رجحه الدكتور عبد الرحمن بشير في كتابه «اليهود في المغرب العربي» – إلى أعقاب الجلاء الأول لليهود (سنة 586 ق.م) على يد البابليين؛ فقد كان المغرب من البلاد التي توجهوا إليها بعد الجلاء، ثم توالت هجراتهم إليه بتوالي النكبات عليهم في أماكن تواجدهم، ولكن «برغم استمرار الهجرة ظل عدد اليهود قليلًا في الشمال الإفريقي، ولم يجدوا من سبيل إلى زيادة هذا العدد سوى استمالة البربر إلى عقيدتهم… فبدؤوا عملية تهويد واسعة النطاق بينهم»[30].
وتحت عنوان: «المتهودون من البربر»، أورد الباحث عبد الرحمن بشير في كتابه سالف الذكر أسماء القبائل التي انتشرت اليهودية فيها، نقلًا عن ابن خلدون[31]، وابن أبي زرع[32]؛ وهي:
– نفوسة، في جنوب غرب طرابلس بليبيا.
– جراوة، في جبال الأوراس بتونس، وتعود أصولها إلى قبيلة زناتة.
– مديونة، بنواحي تلمسان.
– برغواطة ببلاد تامسنا؛ وهي الشاوية اليوم.
– فندلاوة، بنواحي صفرو، قرب فاس.
– بهلولة بضواحي فاس.
– غياتة في نواحي تازة، قرب فاس.
– زواغة وبني يزغت، الذين قطنوا منطقة فاس قبل تأسيسها[33].
– كما عمل اليهود على «تهويد بعض قبائل البتر»[34]؛ وهم بنو مادغيس الأبتر، وهم قبائل كثيرة منتشرة في أقطار المغرب، وأكبرها قبيلة نفوسة بجنوب غرب طرابلس[35].
فهؤلاء كلهم من أصول أمازيغية عريقة؛ تم تهويدهم من قبل المهاجرين اليهود.
اليهود العرب:
تحت عنوان «أديان العرب»، ذكر اليعقوبي أن العرب كانوا على بعض دين إبراهيم، حتى أدخل عليهم عمرو بن لحي الملة الوثنية، فاستقروا زمنًا على «هاتين الشريعتين.. ثم دخل قوم من العرب في دين اليهود، وفارقوا هذا الدين، ودخل آخرون في النصرانية، وتزندق منهم قوم..، فأما من تهود منهم فاليمن بأسرها..، وتهود قوم من الأوس والخزرج بعد خروجهم من اليمن، لمجاورتهم يهود خيبر وقريظة والنضير، وتهود قوم من بني الحارث بن كعب، وقوم من غسان، وقوم من جذام»[36].
وكان من نساء الأوس والخزرج ممن ابتلين بموت الأولاد مَنْ «تجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده»[37]؛ وكانوا يجلون اليهود لفضلهم عليهم في العلم.
وقد اعترف الدكتور إسرائيل ولفنسون – مع حرصه على ادعاء الأصول الإسرائيلية لكل اليهود العرب بـ«أن الأغلبية المطلقة التي كونت أنصار هذا الدين الجديد [يقصد اليهودية] في اليمن كانت من سكان البلاد الأصليين»[38].
يهود الفلاشا:
يمكن أن يضاف إلى اليهود غير الإسرائيليين «يهود الفلاشا»، وهم يهود الحبشة (إثيوبيا)؛ على رأي من يرى أنهم «ليسوا يهودًا أصليين، وإنما هم إثيوبيون من قبيلة (أجاو)، تهودوا في زمن غير معروف»[39]، وكان تهَوُّدُهم إما «عن طريق يهود الجزيرة العربية، أو يهود مصر»[40]. وقد جزم بهذا الرأي المؤرخ البريطاني اليهودي «آرثر كيستلر» في كلامه السابق إيراده، وفيه أن من الأجناس الغريبة المتهودة: فلاشا الحبشة[41].
وهو الرأي الذي تؤيده نتائج الدراسات الأنثروبولوجية؛ لما بين «الفلاشا» و«بني إسرائيل» من الفوارق الجسمية الكثيرة، فاليهودي الفلاشي يتميز بلونه شديد السواد، وشعره المجعد، وأنفه الأفطس الواسع المنخرين، وجبهته العريضة، وكلها سمات مغايرة لصفات العرق السامي المعروفة، لهذا «يرجع بعض علماء الأجناس البشرية أصولهم إلى أنهم من أبناء حام بن نوح»[42].
ولا يرِدُ على هذا الدليل المستند إلى اختلاف صفات الفلاشا عن الصفات البيولوجية للإسرائيليين ادعاءُ أن الفلاشا اكتسبوا هذه السمات الإفريقية بفعل التأثيرات البيئية للبلاد التي طال مقامهم فيها؛ لأن التغيرات التي تطرأ على الناس بفعل التأثيرات البيئية لا تصل – كما هو مشاهد – إلى درجة تغير اللون من البياض إلى السواد أو العكس، بله تغير ملامح الوجه، وشكل الأنف والرأس، وطبيعة الشعر؛ وإلا فلماذا لم يبيض سود أمريكا، ولم يسود بيض جنوب إفريقيا، ولم تتغير ملامحهم وشعرهم بفعل التأثير البيئي مع طول المقام؟!
يهود الخزر:
تواردت أقوال «معظم الباحثين الذين تناولوا تاريخ الخزر.. على أن الخزر شعب تركي عاش في أواسط آسيا»[43] ببلاد القوقاز على ضفاف نهر الفولجا.
وقد كانت مملكة الخزر تمثل في زمانها القوة الثالثة في العالم بعد الدولة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية، وأنَفَةً من التبعية السياسية والدينية لأي من الدولتين، وبتأثير من النشاطات التبشيرية للتجار اليهود الذين يردون المملكة «اعتنق ملك الخزر [الخاقان بولان] وحاشيته والطبقة العسكرية الحاكمة الديانة اليهودية»[44] سنة 740م على الأرجح، فأصبحت الديانة اليهودية منذ ذلك الحين ديانة رسمية لدولة وشعب الخزر.
الدليل الأنثروبولوجي:
«الأنثروبولوجيا»: عبارة منحوتة من الكلمتين اليونانيتين: anthropos وتعني: الإنسان، وlogos وتعني: العلم؛ وعليه فالمعنى الحرفي للأنثروبولوجيا هو علم الإنسان؛ ويعَرَّف بأنه علم دراسة الإنسان من حيث هو كائنٌ طبيعي واجتماعي وثقافي، أو هو «علم دراسة الإنسان طبيعيًّا واجتماعيًّا وحضاريًّا»[45]، ولعلم الأنثروبولوجيا فروع كثيرة؛ منها:
– الأنثروبولوجيا الثقافية، وتدرس الشعوب في قيمها وتقاليدها وأديانها ولغاتها.
– الأنثروبولوجيا الاجتماعية؛ وتعنى بدراسة أنواع وأصول الشعوب والجماعات البشرية وأنماط عيشها.
– الأنثروبولوجيا البيولوجية أو الطبيعية، وتهتم بدراسة الإنسان من الناحية الفيزيائية كما بدراسة أصله، وتمايزه في سلالات مختلفة، وعن الأنثروبولوجيا البيولوجية تفرع علم الأجناس البشرية الذي يعنى بدراسة السلالات والأعراق، وأمارات وعوامل نقائها أو اختلاطها.
وهذا الفرع الأخير من فروع علم الأنثروبولوجيا هو الذي يعنينا في هذه الدراسة؛ إذ بإجراء قواعد علم الأجناس البشرية على الجماعات اليهودية في العالم تبين للعلماء أنها جماعات عرقية شديدة التنوع، وأن أصول اليهود المعاصرين لا ترجع في أغلبها إلى السلالة الإسرائيلية.
ومبنى هذا الدليل: أن الجماعات اليهودية شديدة التنوع عرقيًّا؛ ما يعني أن شعوبًا أخرى غير شعب إسرائيل قد اعتنقت اليهودية، وليس لذلك إلا تفسير واحد؛ وهو أن اليهود كانوا يبشرون بدينهم، ويجتهدون في تهويد من يتصل بهم من الشعوب.
وإثبات التنوع العرقي لدى اليهود هو الذي تكفلت به الدراسات الأنثروبولوجية؛ فقد «أظهرت نتائج أبحاث علم الأجناس البشرية [كما يقول الدكتور رافائيل باتال] أنه – خلافًا للرأي الشائع – ليس هناك جنس يهودي؛ حيث تدل قياسات الأجسام البشرية التي أجريت على مجموعات من اليهود أنهم يختلفون بعضهم عن بعض اختلافًا بينًا في كل الخصائص الجسدية المهمة: القامة – الوزن – لون البشرة – الدليل الرأسي – الدليل الوجهي – فصائل الدم.. إلخ، والواقع أن هذا هو الرأي الذي يسلم به علماء الأجناس والمؤرخون»[46].
ويقول الدكتور جوان كوماسن: «إن نقاوة السلالة اليهودية ما هي إلا أوهام»[47].
ويؤكد الحقيقة نفسها جمس باركس في قوله: «لا يمكن القول بأن تاريخ اليهود هو تاريخ عنصر من العناصر البشرية؛ وذلك أن اليهود لم يكونوا من أصل نقي منذ بدء تاريخهم.. ومن الخطأ الاعتقاد بأنهم لم يقبلوا متهودين من عقائد وأجناس أخرى»[48].
ويقرر أستاذ علم الأجناس بجامعة جنيف «أوجين بيتار» أن «اليهود عبارة عن طائفة دينية اجتماعية، انضم إليهم في جميع العصور أشخاص من أجناس شتى، جاؤوا من جميع الآفاق؛ فمنهم الفلاشا سكان الحبشة، ومنهم الألمان ذوو السحنة الجرمانية، ومنهم التامل السود في الهند، والخزر من الجنس التركي، ومن المستحيل أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر الأشقر.. والعيون الصافية اللون الذين نلقاهم في أوربا الوسطى يمتون بصلة القرابة – قرابة الدم – إلى أولئك الإسرائيليين الذين كانوا يعيشون بجانب نهر الأردن»[49].
وأوضح العالم المصري الدكتور محمد عوض محمد خطأ من يتوهم انحدار «اليهود جميعًا من سلالة إسرائيل (يعقوب) [بأنهم] قلما يقفون لحظة واحدة لكي يدركوا أن هذا الوهم لو كان صحيحًا لكان اليهود جميعًا في أنحاء العالم متشابهين في السحنة والمنظر والتقاطيع، ولو نظرنا إلى اليهود في مختلف أقطار العالم اليوم، لوجدنا بينهم الشقر ذوي العيون الزرقاء والشعر الأصفر، ورأينا بينهم السمر ذوي الشعر المجعد..، ورأينا بينهم الطوال القامة والقصار، وذوي الرؤوس الطويلة والعريضة، ويوشك ألا يكون هناك اختلافات بين السلالات البشرية أكبر مما تجده بين الجماعات اليهودية في مختلِف القارات؛ وليس مما يقبله العقل أن تكون هذه الطوائف كلها من سلالة جنسية واحدة»[50].
ونظرًا لأن اختلاف اليهود في بعض الصفات الجسمية؛ كشكل الشعر ولونه، ولون البشرة، والقامة، والأنف، وسحنة الوجه.. قد ينازَع في دلالته على تنوعهم العرقي؛ لتأثر هذه الصفات نسبيًّا بالعوامل البيئية، وأنماط العيش؛ قرر الدكتور جمال حمدان في كتابه الشهير «اليهود أنثروبولوجيًّا» الاعتماد في الاستدلال على تنوع اليهود عرقيًّا على «الصفات الجنسية التي تعد محور الدراسات الأنثروبولوجية جميعًا [و] ترتبط مباشرة بالوراثة ولا تكاد تتأثر بالبيئة، ويمكن أن تكون مؤشرًا وثيقًا على الأصول الأولى، ومقياسًا ومحكًا للنقاوة أو الخلط؛ إنها لا شك شكل الرأس»[51]؛ فذكر أولًا أن «الإجماع بين الأنثروبولوجيين كامل على أن يهود عصر التوراة في فلسطين هم مجموعة سامية من سلالة البحر المتوسط، بصفاتها التي نعرف ونرى اليوم؛ من سمرة في الشعر، وتوسط في القامة، وطول إلى توسط في الرأس»[52].
وبعد إيراده إحصاءات تفصيلية حول شكل الرأس لدى المجموعات اليهودية في العالم، أجمل النتيجة في قوله: «من هذا المسح السريع نصل إذن إلى أن اليهود يقعون من حيث شكل الرأس في مجموعتين: عراض رؤوس، وطوال رؤوس.. تزيد مجموعة عراض الرؤوس على 80 إلى90 % على الأقل من كل يهود العالم، والأقلية الضئيلة الباقية هي طوال الرؤوس»[53].
وحيث إن يهود عصر التوراة كانوا ككل الساميين طوال الرؤوس بإجماع الأنثروبولوجيين «فإذا ما وجدنا رؤوسًا غير ذلك بين يهود اليوم؛ فليس ثمة إلا تفسير واحد ووحيد لا سبيل إلى الشك فيه، وهو اختلاط الدم [اليهودي] بعناصر غريبة»[54].
خاتمة
إن من الحقائق التي قررتها نصوص الوحي، وأثبتتها وقائع التاريخ، وأكدتها التجربة أن الإنسان ميال إلى أن يشاركه غيره فيما يؤمن به من المعتقدات وما يتبناه من الأفكار والتصورات، ولا يطمئن إلى الغير ويرتاح إليه ويرضى عنه حتى يشاركه بصدق مذهبه وملته؛ إن قول الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120] وإن تعلق فيه الحكم المذكور بأهل ملتين معينتين، يصح أن يجرد ويعمم، ويجعل قانونًا عامًّا وقاعدة كلية تنطبق على كل حامل عقيدة أو رأي؛ فيقال: لن يرضى عنك كل ذي مذهب وملة حتى تتبع مذهبه وملته.
ولو لم يذكر اليهود في الآية لما جاز أن يكونوا استثناء من القاعدة التي تقررها.
وقد شهدت كتبهم المقدسة والكتب المقدسة عند غيرهم باندراجهم في هذه القاعدة، وأنهم مارسوا مثل غيرهم الدعوة إلى دينهم، وسجل التاريخُ وقائعَ التهويد الواسع الذي أقدموا عليه وسط الشعوب الأخرى، وأثبتت الدراسات الأنثروبولوجية التي أجريت على جماعاتهم في هذا العصر ما يتميزون به من التنوع العرقي الشديد بما لا يدع مجالًا للشك في أن الديانة اليهودية لم تكن يومًا ما حكرًا على بني إسرائيل؛ مما يثبت خطأ الزعم بأن اليهودية ديانة قومية منغلقة لا تسمح بالتبشير بها خارج أبناء إسرائيل.
عن:: مجلة البيان العدد 344 ربـيـع الثاني 1437هـ، يـنـايــر 2016م.
[1] روجي جارودي، «فلسطين أرض الرسالات السماوية»، ترجمة قصي أتاسي، ومشيل واكيم، ط. دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق (1991م)، ص: 154.
[2] روجي جارودي، «محاكمة الصهيونية» ترجمة عادل المعلم، ط. دار الشروق، القاهرة، الطبعة 4، (1422هـ/2002م)، ص: 28.
[3] سفر التكوين: 17/8، و 26/3، و35/12.
[4] لسان العرب، مادة: «قوم».
[5] أبو عبد الله القرطبي، «الجامع لأحكام القرآن»، تحقيق هشام سمير البخاري، ط. دار عالم الكتب، الرياض، طبعة: (1423هـ/ 2003م): 1/239.
[6] فرلين د. فيربروج، «القاموس الموسوعي للعهد الجديد»، ترجمة وتعريب محمد حسن غنيم وآخرين، ط. مكتبة دار الكلمة، القاهرة، الطبعة 1، (2007م) ص: 356-358، بتصرف.
[7] إنجيل متى: 24/14.
[8] إنجيل مرقس: 13/10.
[9] وجيه أبو ذكرى، «حاخام اليهود»، مجلة آخر ساعة المصرية، عدد: 14/4/1965م، عن محمد أحمد محمود حسن «اليهودية التبشيرية في الكتب المقدسة»، ط. مكتبة النهضة المصرية، نشر مؤسسة الأهرام للنشر والتوزيع، القاهرة (1998م). ص: 54.
[10] سفر أستير: 8/15-17.
[11] سفر دانيال: 6/26-28
[12] شلومو ساند، «اختراع الشعب اليهودي»، ترجمة سعيد عياش، ط. مكتبة الأهلية، عمان- الأردن، والمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، رام الله، (2011)، ص: 202.
[13] نفسه، ص: 201.
[14] نفسه، ص: 227.
[15] «الكتبة» و«الفريسيون» لقبان لطائفة من طوائف اليهود؛ فـ«الفريسيون»: اسمهم العام، و«الكتبة»: لقب لرؤسائهم المستأثرين بعلم الشريعة، المكلفين بكتابتها وتفسيرها وتعليمها، وتتسم هذه الطائفة بالرياء وادعاء الصلاح والانفراد باستحقاق النجاة والفوز في الآخرة، يتمسكون برسوم الشريعة ويضيعون حدودها، وهم خلفاء «الحسيديين» أي المتظاهرين بالطهر والتقوى، قوي نفوذهم بمساندة السلطان؛ فسيطروا على الحياة الدينية لليهود، وكان لهم دور مهم في التآمر على صلب عيسى، يقولون بالقدَر ويؤمنون – عكس الصدوقيين – بالبعث والجزاء والملائكة والجن والشيطان، ويعتمدون الشريعة الشفوية إلى جانب التوراة المكتوبة. «قاموس الكتاب المقدس» حرفا (ف) و(كـ)، و«دائرة المعارف الكتابية» حرفا (ف) و(كـ)، وعبد المجيد همو، «الفرق والمذاهب اليهودية»، ط. دار الأوائل، الطبعة الثالثة، دمشق (1425هـ/2004م)، ص:54 و73، ومحمد العلامي، «الحركات الدينية والاجتماعية في فلسطين من القرن 2 ق.م إلى: القرن 1 م»، مجلة جامعة الخليل للبحوث، المجلد 2، العدد 2، (2006م)، ص: 3-4.
[16] قال المشرفون على طبع الكتاب «المقدس» في تعليقهم على هذا النص، 2/100، هامش: 9: «(الدخيل) من كان وثنيًّا فاهتدى إلى الدين اليهودي».
[17] إنجيل متى: 23/15.
[18] «القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم»، ترجمة: أحمد نجيب هاشم، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة ألف كتاب (1991م)، ص: 185.
[19] مادة (Judaism)، مجلد 13، ص: 165.
[20] مارتن لوثر، «اليهود وأكاذيبهم»، ترجمة محمود النجيري، ط. مكتبة النافذة، الجيزة، الطبعة 1، ص: 95.
[21] نفسه، ص: 99.
[22] اختراع الشعب اليهودي، ص: 202-203.
[23] نفسه، ص: 204.
[24] أوريئيل رابورت، «الدعاية الدينية اليهودية وحركة التهويد في فترة الهيكل الثاني»، ص: 151، عن: اختراع الشعب اليهودي، ص: 205.
[25] اختراع الشعب اليهودي، ص: 205.
[26] «أدوم»: ناحية بمنطقة جبل سعير في أرض كنعان جنوب فلسطين حاليًا، وهي بحسب الرواية التوراتية المنطقة التي يقطنها الأدوميون أبناء أدوم وهو عيسو بن إسحاق شقيق يعقوب عليه السلام.
[27] نفسه، ص: 209.
[28] نفسه، ص: 211.
[29] نفسه، ص: 218.
[30] عبد الرحمن بشير، «اليهود في المغرب العربي»، ط. مؤسسة عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الطبعة 1، مصر (2001)، ص: 59.
[31] تاريخ ابن خلدون: 4/12، و 6/107.
[32] الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، ص: 31.
[33] عبد الرحمن بشير، «اليهود في المغرب العربي»، ص: 62-67.
[34] عطا علي محمد رية، «اليهود في بلاد المغرب الأقصى في عهد المرينيين والوطاسيين»، ط. دار الكلمة، الطبعة 1، دمشق (1999م)، ص: 25.
[35] اعتمدت في التعريف بالقبائل الأمازيغية المذكورة – إضافة إلى المرجعين أعلاه اللذين عرفا ببعضها – على تاريخ ابن خلدون والاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، للناصري، وكتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للإدريسي.
[36] أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي، «كتاب التاريخ»، ط. ليدن، (1883م): 1/228.
[37] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في الأسير يكره على الإسلام، رقم (2682)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود، رقم (2682).
[38] «تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الإسلام»، ط. مطبعة الاعتماد، مصر (1345هـ/1927م)، ص: 35.
[39] محمد جلاء إدريس، «يهود الفلاشا: أصولهم ومعتقداتهم»، ط. مكتبة مدبولي، القاهرة (1993م)، ص: 33.
[40] صلاح عبد اللطيف، «الفلاشا: الخيانة والمحاكمة»، ط. مكتبة مدبولي، الطبعة 1، القاهرة (1986م)، ص: 21.
[41] «القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم»، ص: 185.
[42] صلاح عبد اللطيف، «الفلاشا: الخيانة والمحاكمة»، ص: 21.
أذاعت قناة الجزيرة في نشرة منتصف اليوم، ليوم الخميس 12 ديسمبر 2013م خبرًا يفيد أن فريقًا طبيًّا «إسرائيليًّا» رفض قبول تبرع «تامبو شَتَّا» – وهي امرأة «إسرائيلية» عضو في الكنيست من أصل إثيوبي- بالدم، بدعوى أن الدم الإثيوبي مغاير للدم اليهودي، مع أن المبرر الوحيد لوجود أي يهودي على أرض فلسطين هو دعوى انحداره من السلالة الإسرائيلية.
[43] محمد عبد الشافي، «مملكة الخزر اليهودية، وعلاقتها بالبزنطيين والمسلمين في العصور الوسطى»، ط. دار الوفاء، الإسكندرية (2002م)، ص: 37.
[44] كيستلر «القبيلة الثالثة عشرة»، ص: 23.
[45] الدكتور شاكر سليم «قاموس الأنثروبولوجيا»، نشر جامعة الكويت (1981م) ص: 56.
[46] آرثر كيستلر، «القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم»، ص: 180.
[47] خرافات عن الأجناس، ص: 54، عن: محمد أحمد محمود حسن، «اليهودية التبشيرية في الكتب المقدسة»، ص: 52.
[48] تاريخ الشعب اليهودي، ص: 7، عن: مهندس أحمد عبد الوهاب، «فلسطين بين الحقائق والأباطيل»، ط. مطبعة الاستقلال الكبرى، الطبعة 1 (1392هـ/1972م)، ص: 48.
[49] كامل سعفان، «اليهود من سراديب الجيتو إلى مقاصر الفاتيكان»، ط. دار الفضيلة (دون تاريخ)، ص: 271.
[50] الاستعمار والمذاهب الاستعمارية، ط. دار المعارف، الطبعة 3، (1957م)، ص: 138-139.
[51] اليهود أنثروبولوجيًّا، تقديم عبد الوهاب المسيري، سلسلة تصدر عن دار الهلال القاهرة، العدد (542)، فبراير 1996م، ص: 141-142.
[52] نفسه، ص: 123.
[53] نفسه، ص: 146.
[54] نفسه، ص: 142.