اعادة نشر 2010 : مسمار جحا
مسمار جحا
كتبهاأحمد مبارك بشير ، في 3 سبتمبر 2010 الساعة: 06:03 ص
على الأبواب : ((( 1 )))
مسمار جحا
نعم أنني أقتبس عنواني من مسرحية أستاذي الأديب الكبير علي أحمد باكثير ، وهو يتحدث كيف يبحث المحتل عن عذر للتدخل والوجود في بيتك ، وبين أهلك ، اليوم القصة تتكرر والمسمار هو .. تعالوا تعرفوا عليه معي :
يمر بذاكرتنا حدث عظيم ، غيّر كما يقال منحى التاريخ ، وجعل له منحنيات عدة ، وتاريخ جديد ، هكذا يقال ، حدث هز العالم ، وأرعب أركان الدول ، الحادي عشر من سبتمبر ، أليس هذا ما يقال ؟ أو أنه الحقيقة الجلية والوحيدة من نوعها . ولكن هل هذه هي نقطة البداية ، أم أنها في الحقيقة هي النهاية ، فأي جريمة أو حدث ما ، نراه نحن بمنظورنا العادي أنه البداية لما تلاه ، وفي الواقع البحثي ، ومن أجل الحقيقة ، وفي سبيل البحث العلمي نرى بوضوح أنها كانت النهاية لتخطيط ، وتدبير طويل ، اجتمع فيه الفقير والغني ؛ القوي والضعيف ؛ القريب والبعيد ، كانت النهاية لفكر دبر وخطط ، وكان التنفيذ هو النهاية .
لو عدنا للوراء ، مع معركة الأفغان ضد الروس ، نجد في تلك المرحلة وقد كنا حضوراً وبقوة ، نسمع تلك الفتوى والدعم الحكومي الواسع لمساندة المجاهدين ، بل دعم مواقفهم ، والصرف عليهم ، لأننا أمة واحدة علينا أن نتكاتف ، وكانت كذبة صغيرة ، فالأم الكبرى تريد وبحرص شديد دفع أولائك الباذلين أرواحهم لتلك المعركة ، ولتلك المعركة بالذات ، وكان من أمرها ما كان ، ورأينا من المقاتلين شراسة وبذلاً ، وكانوا رجال الله في أرض الله ، وبحق لا ننقصهم حقوقهم ، وعلى رأسهم في ذلك الحين القائد الفذ عبد الله عزام ، وانتهت المعركة ، وانتصر الأبطال ، وهدأ عبد الله عزام ، وبدأ في التنسيق مع المجاهدين الأفغان لترتيب الوضع الداخلي للدولة ، لإقامة حكم رشيد ، وربط الدولة الجديدة بعلاقات حميدة مع مثيلاتها في الدول الإسلامية ، بل ورفاقها من الدول الغربية ، كان هذا الفكر الانهزامي الرجعي كما رآه زعيم جديد برز في الساحة ، ليس هو المطلوب ، وليس ما ينبغي أن تكون عليه القيادة ، لجماعة الأفغان العرب ، جاء من مصر طبيب عيون ، من عائلة فاضلة ، ولكن بفكر غريب ، تربى عليه ، وكانت لفكره في مصر قصة .
مصر الكنانة ، الجميلة الناعسة ، ترقد في صمت إعداداً للحرب ، وقائدهم في تلك المرحلة السيد أنور السادات ، لديه حرب داخلية مع أفكار شيوعية عمالية ، تحلم بالاشتراكية، وتراه شخصاً متسلقاً لا يستحق مقامه في رأس السلطة ، فدبرت المخابرات المصرية أمراً بليل ، لكي نقضي على هؤلاء الشلة ، أعيدوا النظر إلى مفكرة قديمة ، إنهم الإخوان ، ودعوهم يحاربون في جبهتنا ضد هؤلاء الحمقى ، ولكن لم يستجب الإخوان ، وبعد تفكير وجدوا صغار القوم ، شباب يحلمون بالغد وبنهضة الأمة النائمة ، وبدولة إسلامية ، حلم بها الخوارج في عهد الخليفة الكريم –رضي الله عنه – علي بن أبي طالب ، ومنهم برزت جماعة منشقة عن الإخوان ، بل جماعات عدة ، على رأس كل جماعة أمير ، ويدير اللعبة كما يظنون ظن السوء ، المخابرات المصرية ، ولكن السحر انقلب على الساحر ، أوجدوهم ، ولكنهم لم يستطيعوا أن ينهوا اللعبة ، فكان من أشهر تلك الجماعات : التكفير والهجرة ، وبرزت بعد ذلك وبقوة جماعة الجهاد الإسلامي ، ولم يدعوا مفكراً ولا عالماً ولا أديباً ، ولا حتى من قال بخلاف رأيهم ولو بالخطأ ، صاروا جميعهم ، بلا ملة ، وجميعهم ، يستحقون القتل ، فكلهم ،بزعمهم كفاراً ، لبئس ما كانوا يصنعون . ودبروا المكيدة وقتلوا زعيم الأمة ذلك الوقت – أنور السادات – كما يقال، ولكن حتى اليوم مازالت الحقائق غامضة حول موته . ولما يئس أولئك من العمل وضدهم الدولة ,والناس ، وتخلصاً منهم فتحت الدولة لهم الأبواب ، للهجرة ، وللجهاد في أفغانستان ، وكان لهم ما أرادوا ، وهناك بدأ التحالف الكبير .
شاب نبيه ، من عائلة في قمة الثراء ، وفي قمة المجد ، كل هذا لم يعم ِ عينيه ، ولم يزل ينمو في فكره ، أمر ، هو يبحث عن فرصة لمساعدة هؤلاء الناس ، كيف يجعل من دولة المسلمين قوية مهابة ، ذات سطوة ، ولها كلمة ، ترعرع الفكر ونمى ، وهاجر مع الشباب الذين دعمتهم المملكة ، للجهاد هناك في أفغانستان ، وبذل الروح ، والمال ، وبلا حساب ، وعاد بعد الهجرة الأولى كما عاد غيره إلى بلدانهم ، ولكنهم قوبلوا بجفاء من دولهم ، ومنعوا ، وعزلوا ، فكبر في نفوسهم الأمر ، وغيرهم استسلم للأمر ، وبدأ حياته من جديد ، ولكن الآخرين فشلوا ، فصاروا خبط عشواء يبحثون عن هدف لحياتهم ، وكان هو منهم ، رغم الثراء الذي هو فيه ، رأى أن من واجبه فعل شيء لهم ، طلب من حكومته مساعدته في تكوين جيش للدفاع عن الحقوق في الدول التي زاد فيه ظلم الظالمين ، فقوبل بالرفض والهجر والتوبيخ ، فغادر عائداً إلى البلاد الوحيدة التي ستقبله ، مر قبلها بالسودان ، ليبني ويعمر المصانع ، ويبني في الوقت نفسه الجيش الإسلامي الذي يحلم به ، فلما شعر بالخيانة منهم ، غادرهم وعاد لقومه الذين سيحتضنونه ، ويلبون رغبته ، وعاد من جديد لمؤسسته الحقيقية ، إنها القاعدة مركز استقبال الوافدين ، من كل أنحاء العالم الإسلامي ، ليجدوا عملاً لهم ، ومكاناً يقبلهم ، و هدفاً يسعون لتحقيقه ، وكان هو في انتظاره ، لتلتقي الأفكار ، ويرى رجل مصر في رجل المملكة ، طريقه للوصول إلى الهدف ، دولة إسلامية واضحة المعالم كما يزعم .
وهناك في أفغانستان أصدقاء الأمس أعداء اليوم ، لقد دخل بينهم الطمع ، والبحث عن السلطة والمجد ، ولعبت مخابرات عدة لعبتها ، فلما رأت أن دور هؤلاء انتهى ، عملت على تحريك جماعة جديدة ، لتضرب كلا الطرفين بسلاح من نوع جديد ، يحمل أفكاراً يعشقها طبيب مصر ، ويتبناها مليونير السعودية ، وكأن الساحة عدت ، وتم تجهيزهم بالأسلحة ، من جهزهم ؟ ، أنت تعرف الجواب ، مخابرات من طرف خفي تلعب لعبتها الخفية ، وتتفق مع مخابرات دول عدة ، وتجار الموت لن يتعبهم ، البحث ، فالذخائر في المخازن ، خذوا ، اشتروا ! ، ولتلعبوا ، ولتمرحوا ، ولم يفهم أحد ما ، أي أحد كان ، أن اللعبة بدأت ، وعليها ، فلتجعل الصغار يمرحون . وليمرح الطالبان .
وهكذا كان ، واستمرت الأحداث ، وبدأت اللعبة الكبيرة ، بدأت بالعبث مع الحوت الكبير ، و انفجارات كينيا ، كانت البداية ، كما يزعمون ، وبدأ البحث والمطالبة ، برأس التدبير ، أسامة بن لادن ، وبرز صيته ، وعظم شأنه ، رجل منا قال لأمريكا : لا!! ، ولكنه قالها بشدة وبصورة موجعة ، هكذا تبدو الأمور ، والساعات تتحرك ، والجميع يتفرج ، مسرحية كوميدية ساخرة ، وفي الخفاء يلعب الكبار ، ذيول المخابرات ، ترصد ، ترى ، تسمع ، تشعر ، وتعلم . والسياسة تقود كل ذلك .
رأوه ، سمعوه ، ولكن الأوامر لم تصدر للقضاء عليه، أو للقبض عليه ، فهو جزء من اللعبة ، لو انتهى ، فلن تكون هناك أي داع ِ لما سيكون بعد ذلك ، وهم يضحكون ، وبرز الرعب الجديد ، سموه إرهاباً ، طال الجميع ، الكبير والصغير ، المسكين ، والقوي ، الغني والفقير ، لم يترك أحداً ، قال طريقهم للخلاص من الظلم ، وكان طريقة لتوطيد الظلم ، بل نموه ، وتشعبه ، والخطة تمضي إلى هدف مرسوم .
وكانت اللطمة الثانية ، تفجيرات المدمرة كول ، وكان ماكان ، ويا سادة يا كرام ، ما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام ، وفي عشية يوم من الأيام ، والناس غارقون في التفكير والحديث المباح ، والحرام ، جاءت الصفعة الكبرى ، والضربة القاسمة ، كما قيل ، وصدقنا الكلام ، ومات من مات ، ومنا الآلف في خبر وكان ، ومنا الآلف في النيجر ،في أفغانستان ،في العراق ، في الصومال ، في كل مكان يموتون كل يوم ، والصمت سيد الموقف الآن .. وإلى حين .. وكما قيل ، لابد من تأديب الأوغاد ، وضربهم في عقر دارهم ، والغريب أنهم كانوا وبسهولة ، وبلا كل هذا الذي كان ، لهم كل القدرة ، ولهم المعرفة في القضاء على بن لادن ، وجماعته ، وحتى القبض على من يزعمون أنهم قادوا طائرات الموت، كل هذا علمناه وتأكدنا منه ، وكل يوم يأتي دليل تلو الدليل ، أن وراء هذه اللعبة مخابرات ، تعشق الوصول للهدف ، فلو مات بن لادن قبل الحادي عشر من سبتمبر ، فلما كل هذا الذي صار ، ولو مات بعد أحداث سبتمبر ، فكيف لقوات التحالف توسيع المعركة ، وغزو أفغانستان بالكامل ، ومن ثم غزو العراق ، ماهو التبرير ؟ ، بعد ذلك للتدخل في شئون الدول ، صغيرها وكبيرها ، حتى صار لحذاء ، كوندليزا رايس حجمه ، وسعره ، لضرب من يرفض الانصياع ، فالحجة هنا ، محاربة الإرهاب .
وتتكرر النكتة ، ونرى الوحش الكبير القاعدة ، وكأنه دولة لا حدود لسطوتها ، تغزو العالم بإرهابها ، ونحن نصدق ، فأين الأمن الذي تزعمه تلك الدول ، نرى أسلحة ، تفجيرات ، تحمل بصمة واحدة للجميع بوضوح ، مخابرات !!!!! ، نراه نسمعها ، ثم نكذب أنفسنا ، إنها القاعدة ، لن تستطيع أي جماعة اللعب بهذه القوة مالم تستند على قوى داخلية في أمن تلك الدول ، ترعاها ، وتسهل لها الطريق ، وتعد لها العدة ، والحقيقة واضحة جلية ، لقد عشنا كلنا في كذبة كبيرة .
وهل ينتهي كل شيء هنا ، لا يا سادة ، (( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )) ، حقيقة واضحة ، مهما حاولوا ، ومهما صنعوا !!، الجميع يعلم بوضوح من هم المسلمون ، وماهو دينهم ؟ وألما يدعون ؟؟ ، حقيقة ، ولو طالعنا أول وثيقة دستورية إسلامية كتبت في عهد محمد –صلى الله عليه وآله وسلم – صحيفة أهل المدينة ، فنجد من نصوصها :
(( ..لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم ؛ إلا من أظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته ……….وإن ليهود الأوس مواليهم وأنفسهم على ما لأهل هذه الصحيفة مع البر الحسن من أهل هذه الصحيفة …. )) . إنها المواطنة …. هكذا تبنى الدول .
ويكفيني ويكفيكم قوله تعالى : (( ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) .
وفي الأخير أقول مقولة طاها حسين : ( نحن نريد أن نكون أحراراً في بلادنا ، أحراراً بالقياس إلى الأجنبي بحيث لا يستطيع أن يظلمنا أو يبغي علينا ، وأحراراً بالقياس إلى أنفسنا بحيث لا يستطيع بعضنا أن يظلم بعضاً أو يبغي على بعض ).
أبين …..الأرض المحترقة
أبين تقع في اتجاه الجنوب وهي تبعد عن عدن 160 كيلو متر ويبلغ عدد سكانها قرابة نصف مليون إنسان عاصمتها زنجبار وقد خضعت هذه المحافظة لحكم الاستعمار البريطاني كغيرها من المحافظات الجنوبية ومن أشهر مديرياتها زنجبار وجعار وتشتهر هذه المحافظة بالزراعة حيث يوجد فيها آلاف الهكتارات المزروعة بأنواع الفاكهة والنخيل كما تشتهر بثرواتها الحيوانية.
تقع محافظة أبين على الشريط الساحلي للبحر العربي الذي يمتد إلى أكثر من (300) كيلو متراً وتبعد عن العاصمة صنعاء مسافة 427 كيلو متراً وتتصل المحافظة بمحافظتي شبوة والبيضاء من الشمال، والبحر العربي من الجنوب، ومحافظة شبوة من الشرق ومحافظتي لحج وعدن من الغرب.
تبلغ مساحة محافظة أبين حوالي 16943 كم٢ تتوزع في عشر مديريات وتعتبر مديرية خنفر أكبر المديريات مساحة (4398كم2) واصغر المديريات محافظة رصد وتبلع مساحتها 198كم2
قال عنها القاضي مسعود :
(( اهلها اصح الناس مزاجاً واطيب النواحي تربة وماءً وهواءً وناسها فيهم الهمة وعفة النفوس ))
اليوم أبين تعاني معاناة مريرة ، وكأن هذه الأرض لم تعد تلك التي وصفتها سلفاً ، أهلها يهاجرون منها ليعيشوا في المدن الأقرب و خاصة عدن ، بحثاً عن المعيشة ، أهلها اليوم في عناد مع السلطة ، لا نعلم مجراها ومنهاها ، ولا نعلم بداية له ونهاية ، وفجأة في أوضاع متردية ، ولن أقول نطيحة وما أكل السبع لأن هذا معلوم سلفاً ، تبرز لنا ما يقال أنها القاعدة ، في هذا الوقت ، والآن ، لماذا؟
نعود للبداية مسمار جحا ؟ فمن يدير اللعبة . ومن يرغب أن تأتي القوات الأمريكية للتدخل ، بحجة أن الحكومة اليمنية فاشلة في إدارة أزماتها ، لتتدخل لأن هذا الأمر يخصها ، إنه الإرهاب ، إنها القاعدة التي تبحث عنها أمريكا لتحاربها في كل مكان ، وعليها بالتالي إعداد العدة للتجهيز لبناء قاعدة عسكرية لحماية المصالح الأمريكية ، و يا خوي مصالح … لابد يحموها … و لن ينتهي هذا الفلم حتى ننزع المسمار ، ونصيح بصوت واحد :
يا رب المسار انزع مسمارك
من دار الأحرار إذ ليست دارك
يارب المسمار أنزع مسمارك
ومن دار الأحرار إذ ليست دارك
وللحديث بقية ….