الله معط ومانع …….الشاعر #محمود_سامي_البارودي
تدفعنا الايام الى تذكر الاحزان … ومع الهدوء والتفكير تجد اننا بحاجة لاعادة النظر …
ابيات مقتطعة من قصيدة الشاعر الكبير #محمودساميالبارودي
يَودُّ الفتى أن يَجمعَ الأرضَ كُلَّها | إليهِ ، ولمَّا يدرِ ما اللهُ صانِعُ |
فَقَدْ يَسْتَحِيلُ الْمَالُ حَتْفاً لِرَبِّهِ | وَتَأْتِي عَلَى أَعْقَابِهِنَّ المَطَامِعُ |
أَلا إِنَّمَا الأَيَّامُ تَجْرِي بِحُكْمِها | فَيُحْرَمُ ذُو كَدٍّ، وَيُرْزَقُ وَادِعُ |
فلا تقعدَن للدهر تنظر غِبَّهُ | على حَسرة ٍ ، فاللهُ مُعطٍ ومانعُ |
فلو أنَّ ما يُعطى الفتى قدرُ نفسهِ | لما باتَ رِئبالُ الشَّرى وهوَ جائعُ |
ودَع كًلَّ ذى عقلٍ يسيرُ بعقلهِ | يُنازِعُ من أهوائهِ ما ينازعُ |
فما النَّاسُ إلاَّ كالَّذى أنا عالمٌ | قَدِيماً، وَعِلْمُ الْمَرْءِ بِالشَّيءِ نَافِعُ |
ولستُ بِعلاَّمِ الغيوبِ ، وإنَّما | أَرَى بِلِحَاظِ الرَّأْيِ مَا هُوَ وَاقِعُ |
وَذَرْهُمْ يَخُوضُوا، إِنَّمَا هِيَ فِتْنَة ٌ | لَهُمْ بَيْنَهَا عَمَّا قَلِيلٍ مَصَارِعُ |
فَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ مَا هُوَ كَائِنٌ | لما نامَ سُمَّارٌ ، ولا هبَّ هاجِعُ |
وما هذِهِ الأجسامُ إلاَّ هياكلٌ | مُصوَّرة ٌ ، فيها النُّفوسُ ودائعُ |
فَأَيْنَ الْمُلُوكُ الأَقْدَمُونَ تَسَنَّمُوا | قِلاَل الْعُلاَ؟ فَالأرْضُ مِنْهُمْ بَلاقِعُ |
مَضَوْا، وَأَقَامَ الدَّهْرُ، وَانْتَابَ بَعْدَهُمْ | مُلُوكٌ، وَبَادُوا، وَاسْتَهَلَّتْ طَلاَئِعُ |
أَرَى كُلَّ حَيٍّ ذَاهِباً بِيَدِ الرَّدى | فهل أحدٌ ممَّن ترحَّلَ راجِعُ ؟ |
أنادى بِأعلى الصوتِ ، أسأل عنهمُ | فهل أنتَ يا دهرَ الأعاجيبِ سامِعُ ؟ |
فإن كنتَ لم تَسمع نِداءً ، ولم تُحرْ | جَوَاباً، فَأَيُّ الشَّيْءِ أَنْتَ أُنَازِعُ؟ |
خيالٌ لَعمرى ، ليسَ يُجدى طِلابهُ | وَمَأْسَفَة ٌ تُدْمَى عَلَيْهَا الأَصَابعُ |
فَمَنْ لِي وَرَوْعَاتُ الْمُنَى طَيْفُ حَالِمٍ | بِذِي خُلَّة ٍ تَزْكُو لَديْهِ الصَّنَائعُ؟ |
أشاطِرهُ ودِّى ، وأُفضى لِسمعهِ | بِسرِّى ، وأُمليهِ المُنى وهو رابِعُ |
لَعلِّى إذا صادفتُ فى القولِ راحة ً | نَضَحْتُ غَلِيلاً مَا رَوَتْهُ الْمَشَارِعُ |