نظرية ظهور العلم 13 – فتح باب الاجتهاد وغلق باب الاجتهاد


نظرية ظهور العلم 13 – 

فتح باب الاجتهاد وغلق باب الاجتهاد

فتح باب الاجتهاد وغلق باب الاجتهاد

ما أن انتهى عتبة بن غزوان, بهذا الشكل, من إقامة أسوار البصرة حتى دخلها وسكنها يونس بن حبيب, ويحيى بن يعمر, وأبو عمرو بن العلاء, والحسن البصري, وابن سيرين, وغيرهم كثير.  حقيقة الأمر, تفيض كتب التراث الثقافي العربي بأسماء المئات من العلماء, والفقهاء, والقراء, والنحويين, واللغويين.  وهي أسماء يعرفها, ويجلها, كل من يعرف الثقافة العربية القديمة حيث إنها أسماء من صنعوا الثقافة العربية القديمة.  وهي أيضا أسماء فارسية.

حقيقة الأمر, يبدو الأمر وكأن الجيوش العربية قد دخلت أرض فارس يوم الثلاثاء بعد الظهر ونطق أهل فارس بالعربية يوم الثلاثاء بعد العصر, ودخلوا جميعهم دين الله يوم الثلاثاء بعد المغرب.  يختلف الأمر, بهذا الشكل, عما حدث في الحالة المصرية حيث لم يكن هناك سوى مسجد واحد فقط في مصر لمدة قرن كامل – هو مسجد عمرو بن العاص –  ولم يتحدث أهل المدن في الوجه البحري بالعربية إلا في بدايات القرن الخامس الهجري على حين احتاج صعيد مصر إلى ألف عام حتى يتحدث الصعايدة بالعربية (راجع خطط المقريزي الذي يخبرنا بأن هذا هو ما كان يحدث على زمانه في القرن العاشر الهجري). 

تحول الفرس إذن من الحديث بالفارسية إلى الحديث بالعربية في أقل من مائة وخمسين عاما.  يظهر هذا بوضوح عندما بدأت فارس في أواخر القرن الثاني الهجري في الكتابة باللغة العربية في كل مكان من فارس تقريبا بدليل تلك الأبحاث العلمية المكتوبة باللغة العربية والصادرة من كل مكان في فارس تقريبا.   حقيقة الأمر, أسقطت فارس الأبجدية الفارسية عام 150 هجرية وبدأت في استعمال الأبجدية العربية في كتابة الفارسية ذاتها, وهو الأمر الذي ما زال مستمرًا إلى الآن.  يظهر ذلك, كذلك, في أن 40 في المائة من مفردات اللغة الفارسية التي يتحدثها إخواننا من الفرس إلى يوم الله هذا هي مفردات عربية.    ساعد على ذلك, بدون أدنى شك, ذلك القرار الذي اتخذه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 80 من الهجرة بتحويل لغة الدولة من الفارسية, واليونانية, والقبطية إلى العربية.  يجب الانتباه, على أية حال, إلى أن ذلك القرار لم يكن له كبير أثر في الحالة المصرية.  مرة أخرى, وعلى العكس مما حدث في فارس تماما, لم تبدأ مدن الوجه البحري في مصر في الحديث باللغة العربية إلا مع قدوم الدولة الفاطمية في القرن الخامس من الهجرة.  أي لم تبدأ مصر في الحديث باللغة العربية إلا بعد أن كان قد انتهى الحديث في الثقافة العربية.   بمعنى,

بمعنى أننا نفهم الآن:

1.     أن اللغة العربية, بداية من القرن الثالث الهجري, لم تكن لغة أهلنا في نجد والحجاز وحسب, وإنما كانت لغة إخواننا في فارس كذلك, و

2.    أن اللغة العربية في القرن الثالث, والرابع, وبدايات الخامس كانت لغة أهلنا في نجد, والحجاز, وفارس فقط.

نحن الآن نفهم كذلك لماذا اقتصر الإنتاج العلمي باللغة العربية في القرن الثالث والرابع وبدايات الخامس على فارس فقط.   لم يكن أحد يتحدث العربية في القرن الثالث, أو الرابع, أو بدايات الخامس سوى نجد, والحجاز, وفارس.  ولم يكن قد سبق لنجد أو الحجاز أن صدر عنهما سطر واحد في العلم, ودعك من كتاب هذه.  يظهر هذا بوضوح كامل في دراسة محمد خليفة عن المخطوطات العربية في القرون الخمسة الأولى من الهجرة. 

نحن نفهم الآن أيضا لما أغلقت أبواب الاجتهاد في القرن الخامس الهجري.  دعني أتحدث عن نفسي.  لم أفهم على الإطلاق طيلة الجزء الأكبر من حياتي لما أغلقت أبواب الاجتهاد, ومن أصدر الأوامر بإغلاق باب الاجتهاد, وما الذي دفعه إلى ذلك, ولما أطاعته أمة محمد.  حقيقة الأمر, كانت الفكرة باستمرار تؤرقني, ولم أفتح كتابا من الكتب الصادرة عن الثقافة العربية القديمة, أو الكتب التي جعلت الثقافة العربية القديمة موضوع دراستها, إلا وهذه الفكرة في رأسي.  لما أغلقت أبواب الاجتهاد في القرن الخامس الهجري؟  ومن أغلقها؟ وأين؟ ومتى بالضبط؟ ومن كانت لديه هذه السلطة “الجبارة” التي جعلت أمة محمد الناطقة بالعربية يطيعونه من جنوب فرنسا غربًا إلى حدود الصين شرقًا؟  من له هذا السلطان؟ 

نحن الآن نفهم. دخل الفرس الثقافة العربية مع دخول الجيوش الإمبراطورية العربية أراضي فارس, وخرج الفرس من الثقافة العربية بخروج الجيوش الإمبراطورية العربية من أراضي فارس.  هذه هي القصة. 

يلقي المقال التالي المنقول عن ويكيبيديا أضواء ساطعة على الحضارة الفارسية وعلى الدور المذهل الذي قامت به في تقدم المعرفة البشرية في كافة قطاعات العلم (وهو موضوعنا).  يحتاج الأمر إلى التذكير بأن مقال الويكيبيديا يساند الفكرة الأساسية التي يتحدث عنها هذا الجزء من البحث.  أي فكرة أن الإنتاج العلمي باللغة العربية كان إنتاجا ثقافيا فارسيا باللغة العربية ولم يكن في يوم من الأيام إنتاجاً ثقافيا عربيا.  صدر الإنتاج العلمي في كافة قطاعات العلم بداية من أواخر القرن الثاني الهجري واستمر قويا إلى بدايات القرن الخامس الهجري حين بدأ الفرس من الخروج من الثقافة العربية بعد خروج الجيوش الإمبراطورية العربية من الأراضي الفارسية.  دخلنا فدخلوا, خرجنا فخرجوا.  لم يكن أحد يتحدث العربية في القرون الأولى من الهجرة (إلى أوائل القرن الخامس الهجري) سوى العرب في جزيرة العرب, والعجم في بلاد العجم.  لم يحدث أن أنتج العرب في جزيرة العرب من قبل – ولا من بعد – علما ولا فنا.  لم يكن هناك سوى الفرس وخلفهم ألف عام من الأعوام الإمبراطورية.   لم تكن مصر خلال فترة إنتاج العلم قد تحدثت بالعربية بعد, ولا الشام, ولا العراق.  وعندما استعربت مصر, والشام, والعراق ونطقت بالعربية كانت فارس قد خرجت وخرج معها علمها.  لم يكن في إمكان مصر, ولا الشام, ولا العراق إنتاج علم كعلم فارس.  يحتاج ظهور العلم إلى جيوش إمبراطورية تحميه.  لم يكن هناك في مصر, ولا في الشام, ولا العراق, جيوش إمبراطورية مصرية أو شامية أو عراقية وإنما كانت هناك دوما جيوش إمبراطورية يونانية, أو رومانية, أو فارسية, أو تركية, أو فرنسية, أو أسبانية, أو إيطالية, أو بريطانية, وأخيرًا, أمريكية.  المستعمرات لا تنتج علما.

نحن الآن نفهم.  فتح الفرس أبواب الاجتهاد عند دخولهم الثقافة العربية وأغلقوها خلفهم عند خروجهم من الثقافة العربية.  لم يسمع الناس مناديا ينادي بأن حي على الاجترار, ولم يكن هناك سلطان له كل هذا السلطان حتى يفرض الاجترار على كل هؤلاء المجتهدين من الناطقين باللغة العربية.  لم تكن هناك أي حاجة لأن يحرك أحد يده حتى بإشارة لغلق أبواب الاجتهاد.  خرج الفرس من الثقافة العربية وقاموا, بكل ذوق, بإغلاق الباب خلفهم.

تلقي السطور التالية, المأخوذة حرفيا من النص الإنجليزي في موسوعة ويكيبيديا, بعض الضوء على حجم “المكوِّن الفارسي” في الحضارة الإسلامية. 

الخلافة العباسية والحكومات الإيرانية شبه المستقلة

تألف الجيش العباسي من الخوراسانيين أساسًا تحت قيادة قائد إيراني هو أبو مسلم الخوراساني.  احتوى الجيش العباسي على عناصر إيرانية, كما احتوى على عناصر عربية, وبذا تمتع العباسيون بتأييد العرب والعجم.  أنهى العباسيون الحكم الأموي عام 750 ميلادية.

قام العباسيون بمجرد الاستيلاء على السلطة من الأمويين بتحويل عاصمة الإمبراطورية من دمشق في الشرق الأدنى إلى العراق.  كان العراق متأثرًا بالثقافة والتاريخ الفارسي وكان نقل العاصمة  مطلبًا من مطالب الموالي الفرس.    تم بناء بغداد على ضفاف نهر دجلة في العام 762 من الميلاد كي تكون العاصمة الجديدة للإمبراطورية العباسية.

أنشأ العباسيون منصب “الوزير” وهو المنصب الذي كان يكافيء “نائب الخليفة” أو الرجل الثاني.  بمرور الوقت, لعب العديد من الخلفاء دورًا شكليًا على حين كانت السلطة الحقيقية في أيدي الوزير.  عكست الإدارة الجديدة هذه التطورات, مبينة أن الأسرة المالكة الجديدة تختلف في العديد من الأشياء عن الأسرة المالكة السابقة.

مع حلول القرن التاسع, على أية حال, بدأت قبضة العباسيين على السلطة في التراخي حيث بدأ عدد من القادة المحليين في الظهور في الأطراف المتباعدة للإمبراطورية متحديُا السلطة المركزية للإمبراطورية العباسية.    بدأت الإمبراطورية العباسية في ضم المماليك الأتراك إلى صفوف جنودها وذلك بداية من القرن التاسع.  لم يمضِ وقت طويل بعد ذلك حتى بدأت القوة الحقيقية للخلفاء العباسيين في الضعف إلى أن تحولوا إلى مجرد زعماء دينيين على حين أصبح المماليك الأتراك هم الحكام الحقيقيين.  

مع ضعف سلطة الخلفاء العباسيين, بدأت سلسلة من الأسر الحاكمة في الظهور في أجزاء عديدة من إيران, كان للبعض منها قوة وتأثير معتبرين.   من أهم تلك الأسر كان الطاهريون في خوراسان (820 – 872), والصفاريون في سيستان (867 – 1003,  دام حكمهم كملوك سيستان إلى عام 1537), والسمانيون (875 – 1005).  تمكن السمانيون مع الوقت إلى حكم منطقة تمتد من وسط إيران إلى باكستان.   مع حلول القرن العاشر, كان العباسيون قد فقدوا السيطرة وحلت محلهم الأسرة الفارسية الصاعدة المسماة بالبويهيين (934 – 1055).   حيث إن إدارة الإمبراطورية العباسية كانت في أيدي الفرس, على أية حال, عليه فقد استولى البويهيون بهدوء على مقاليد السلطة في بغداد.  قام السلاجقة (الأتراك) بهزيمة البويهيين في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي وحلوا محلهم في إدارة شؤون الإمبراطورية العباسية وإن استمروا في التظاهر بالولاء لخلفاء بني العباس.  استمر توازن القوى في بغداد على ما هو عليه – أي استمر خلفاء بني العباس في الحكم من الناحية الإسمية فقط – إلى أن جاء الغزو المغولي عام 1258 والذي دمّر بغداد وأنهى الخلافة العباسية.

حدث تحول كبير خلال فترة الخلافة العباسية حيث أصبح الموالي مواطنين في الإمبراطورية التي لم تعد إمبراطورية عربية وإنما أصبحت إمبراطورية إسلامية وفي حوالي عام 930 ميلادية صدر قرار بقصر العمل في إدارة الإمبراطورية على المسلمين.

العصر الذهبي في الحضارة الإسلامية, وحركة الشعوبية, وعمليه التحول إلى دولة فارسية

أخذت عملية التحول إلى الإسلام وقتا طويلا إلى أن تحولت أغلبية الفرس إلى دين الله.   يبين “منحنى التحول” الذي صاغه ريتشارد بوليات أن 10% فقط من الفرس هم الذين تحولوا إلى الإسلام خلال فترة الإمبراطورية الأموية “العربية”.   مع ظهور الإمبراطورية العباسية وخليط العرب والفرس من حكامها, ارتفعت نسبة المسلمين من الفرس.

مع الزيادة المطردة في سيطرة الفرس المسلمين على حكم فارس, زادت نسبة المسلمين من 40% في منتصف القرن التاسع الميلادي إلى حوالي 100% وذلك بنهاية القرن الحادي عشر.  يذهب سيد حسين نصر إلى أن تسارع التحول إلى الإسلام يعود إلى سيطرة العنصر الفارسي على الحكم.  على الرغم من تحول الفرس إلى دين “الفاتحين” إلا أنهم عملوا عبر القرون على حماية لغتهم وثقافتهم – وهي عملية شارك فيها العرب والترك. 

قامت العناصر غير العربية في الإمبراطورية الأموية – القرنين التاسع والعاشر من الميلاد – بخلق حركة سميت “الشعوبية”.  جاءت هذه الحركة كرد فعل على الامتيازات التي تمتع بها العنصر العربي.  شكل الفرس غالبية المنتمين إلى هذه الحركة وإن كانت هناك بعض إشارات تدل على مشاركة المصريين, والبربر, والأراميين كذلك.  كان الأساس الذي انطلقت منه هذه الحركة هو الأفكار التي جاء بها الإسلام والتي تنص على المساواة بين الأمم والشعوب.  عملت هذه الحركة أساسًا على الحفاظ  على الثقافة الفارسية, والهوية الفارسية, وإن كان, بطبيعة الحال, في سياق إسلامي.  يظهر الأثر الأكبر لهذه الحركة في بقاء اللغة الفارسية على ألسن الفرس إلى اليوم.

قاد ملوك الأسرة السامانية حركة إحياء الثقافة الفارسية وولد في عهدهم أول شاعر فارسي هام ظهر بعد مقدم الإسلام.  كان ذلك الشاعر هو روداكي.   قام ملوك الأسرة السامانية كذلك بإحياء العديد من الاحتفالات الفارسية القديمة.  قام ملوك الأسرة التي حكمت فارس بعدهم, الغزنويون, بلعب نفس الدور في إحياء اللغة الفارسية على الرغم من أصولهم التركية.   جاءت الشاهنامة – الملحمة الفارسية التاريخية – تتويجا لحركة الإحياء الفارسي.   يعكس هذا العمل الضخم تاريخ إيران القديم, وقيمها الثقافية القديمة, ودينها الزارادشتي القديم السابق للإسلام, وإحساسها بقوميتها الفارسية.

يقول برنارد لويس:

“حقًا أصبحت إيران دولة مسلمة, إلا أنها لم تصبح دولة عربية –  بقي الفرس فرسا.  وبعد فترة من الصمت ظهرت إيران كعنصر مستقل, مختلف, ومميز داخل الإسلام قام, في نهاية الأمر, بإضافة عنصر جديد حتى إلى الإسلام نفسه.  سواء من الناحية الثقافية, أو السياسية, بل حتى من الناحية الدينية ذاتها, كان الإسهام الإيراني في الحضارة الإسلامية الناشئة ذا أهمية كبرى.    يستطيع المرء أن يشاهد العمل الذي قام به الإيرانيون في كل حقل من حقول الإنتاج الثقافي, بما في ذلك الشعر العربي الذي قام فيه شعراء من أصول إيرانية بتأليف قصائدهم باللغة العربية مقدمين بذلك إسهامات كبرى في هذا المجال.

يمكن القول إن الإسلام الإيراني يمثل “الظهور الثاني للإسلام”.  إسلام جديد يشار إليه أحيانا باسم “إسلام العجم”.  كان هذا الإسلام الإيراني, وليس الإسلام الأصلي العربي, هو الإسلام الذي تم حمله إلى بلدان جديدة وشعوب جديدة:  إلى الترك, في آسيا الوسطى في البداية ثم في الشرق الأوسط في ذاك البلد المسى الآن باسم تركيا, وأيضًا إلى الهند.  حمل الأتراك العثمانيون شكلا من أشكال الحضارة الإيرانية إلى جدران فيينا.

أدى تحول إيران إلى الإسلام إلى تغيرات عميقة داخل البنية الثقافية, والعلمية, والسياسية للمجتمع الإيراني:  أصبح الأدب الفارسي, والفلسفة, والطب, والفن عناصر كبرى من مكونات الحضارة الإسلامية الناشئة.  ورثت إيران حضارة تمتد إلى آلاف السنين, واحتلت موقعًا على تقاطع الطرق الثقافية الكبرى, وهو ما أدى إلى ظهور إيران بالشكل الذي ظهرت عليه: زهرة العصر الذهبي للإسلام.   خلال تلك الفترة ساهم مئات العلماء في حقول التكنولوجيا, والعلم, والطب مؤثرين على العلم الأوربي في عصر النهضة.

تبين دراسة حياة أهم علماء كل المذاهب الإسلامية أنه إما أنهم كانوا فرسًا أو عاشوا في فارس, بما في ذلك أهم رجل الحديث عند السنة وعند الشيعة مثل صادق, والجيلاني, والإمام البخاري, والإمام مسلم, والنيسابوري, وأعظم أئمة الشيعة والسنة كالطوسي, والإمام الغزالي, والإمام فخر الدين الرازي, والزمخشري, فضلاً عن أعظم الأطباء, والفلكيين, والمناطقة, والرياضيين, والفلاسفة, والعلماء, كالفارابي, وابن سينا, ونصير الدين الطوسي, وأعظم شيوخ الصوفية, كالرومي, وعبد القادر الجيلاني.

كمال شاهين

#نظرية_ظهور_العلم

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.