مفهوم القرآن 3

واسمح لي أن أكرر جملتك مرة أخرى:

أما القرآن فيكون قرء لكل شيء، لذلك أسمى الله كتابه بالقرءان لأنه قرءان لكل شيء، فالقرء بهذا المفهوم هو ما تكفل الله به ليوم القيامة.  

كيف جمعت بين جملتين سببيتين بدون أي دليل وهما قرء لكل شيء لأنه قرآن لكل شيء؟

ثم دعنا ننتقل معاً إلى الجملة التالية لتلك وهي:

فأخبر الله رسوله أنه هو من تكفل بالجمع ليوم القيامة وتكفل بقرءانه أي إخراج ما به من علامات تُظْهِر وتُبِين اقتراب ذلك اليوم، فإذا قرءه الله فعلى رسوله وعلى كل إنسان أن يتبع قرآنه.     انتهى النقل

ما عرفت معنى القرآن الأخير الذي أمر الله تعالى نبيه أن يتبعه؟ هل هو يوم القيامة حيث يجمع فيه العلامات كما تفضلتم فكيف يتبع النبي الدنيوي تلك العلامات التي تظهر في يوم القيامة؟ أم أنك تقصد بأنه عليه السلام يتبعها يوم القيامة فيكون الأمر أمرا غير تشريعي إذ لا تشريع يوم القيامة ولا معنى ولا فائدة في الاتباع آنذاك؟

أم أنك تقصد بأنه سبحانه يجمع علامات يوم القيامة في القرآن فسوف أسألك ما معنى أن يأمر نبيه باتباع تلك العلامات في الدنيا؟ هل تلك العلامات تمثل تشريعات يتبعها النبي أو النبي وأصحابه أو والناس جميعا فوضح لنا رجاء تشريعية علامات القيامة حتى نتبعها. وعلِّمنا كيف نتبع تلك العلامات. وإن كنت مخطئا فأرجو أن تتفضل ببيان كلامك حتى أعيد النظر فيه.

دعنا نكمل المسيرة مع فضيلتكم. لقد أكملتم قولكم هكذا:

وقد ذكر القرآن الكريم بعض هذه العلامات، فعلى سبيل المثال لا الحصر قول الحق: (إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (24_ يونس).    انتهى النقل

ما الذي نتبعه من الآية التي ذكرتموها من سورة يونس؟ لقد ضرب الله تعالى مثلا لنتعلم منه أمرا ونأخذ منه العبرة لا لنتبعه.

لقد أسعدني كثيرا رغبتكم في التحقيق في بعض الآيات وهو عمل أكثر من جميل أكبركم عليه ولكني فعلا احترت في معرفة مقصودكم، وأعتقد أن الكثيرين ممن لم يدرسوا في المدارس الدينية من أمثالي سوف يحتارون مثلي فنحتاج إلى مزيد من البيان.

دعنا نطرح سؤالا آخر حول سورة القدر:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ    إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5).

ليس هناك أي ذكر قبل الآية الأولى للقرآن أو لأي شيء يمكن الإضمار إليه سوى البسملة. فهل أنزل الله البسملة في ليلة القدر، أو أنزل اللهُ اللهَ في ليلة القدر؟ معاذ الله. ودعنا نمعن بطريقة شيخنا الطنطاوي الكريم في السورة القرآنية. لو كان المضمر هو القرآن فما هو ارتباط ما يحصل في ليلة القدر بالقرآن؟ لو كان الاهتمام في السورة مصبوبا على القرآن فقد أشير إليه في البداية ثم تُرك كأن لم يكن واستمرت السورة في بيان بعض حوادث ليلة القدر. لو كان المشار إليه غير القرآن كما أظنه أنا، فما هو ذلك الشيء وأين نرى ذكره في السورة الكريمة؟ بالطبع لا فرق من هذه الحيثية بين الآيات الخمسة والآيات الأربعين فالقرآن يسمي أيا من كلتا المجموعتين بالسورة.

 وحتى نختصر الطريق فإني أقسم لك السورة الكريمة هكذا فلعلك تقتنع بأن المقصود هو القرآن فعلا. بالطبع لا مجال لتفسير السورة هنا ولكني أختصر بعض المسائل لإثبات معنى الآيات الثلاث فقط.

… 

يتبع 

أحمد المُهري

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.