شو شينغ من جبال الصين

إخواني وأخواتي المكرمين
في منتصف الليلة الماضية لاحظت بأن أخي الفاضل لقمان الداماد كتب في واحة الحوار القرآني ردا على الذين يظنون بأن القرآن الكريم بنفسه حديث نبوي منقول لنا عن طريق الرواة؛ معاذ الله. قال لهم بأننا نؤمن بالقرآن وبأنه هو نور مضيء لا يحتاج إلى نبحث عن الذين نقلوه لنا.
كتبت قصة لصيني أسلم حينما بحث عن كتاب سماوي لا يتعلق بالبشر. وعلق الأخ الداماد عليه بالموافقة. أنقل لكم الحكاية لعلها تفيدكم أيضا.
أحمد المُهري
9/12/2020
اسمي شي شو شينغ من جبال الصين. ولدت في الجبل ولا أدري شيئا عن الدين. ثم اشتقت لأن أنزل إلى المدينة لأرى كيف يفكر الناس. رأيتهم يتحدثون عن البوذية ولكنهم يقبلون وجود قوة خارجية مسيطرة على كل شيء في الوجود. سألت عن اسمه وأظن بأنهم يقصدون نفس الله تعالى الذي آمنت به بعد حين. ثم سألتهم عن كتاب أو شخص وكيل لذلك القوي الذي لا نراه ودعنا نسميه الله تعالى فيما بعد. قالوا بان هناك كتب كثيرة في بيجنك أو ما تسمونه بكين. تلك الكتب تنقل كلام الله للبشر. سألت هل هناك كتاب أنزله الله تعالى؟ سألت الكثير حتى رأيت شخصا يقول لي هناك الكتاب المقدس. اطلعت عليه فرأيت أسماء المؤلفين موجودة في بداية الكتاب. قلت لهم هذا كتاب كتبه البشر وأسماؤهم موجودة. بحثت وبحثوا معي حتى وصلنا إلى مسجد المسلمين سألتهم عن كتابهم السماوي. اطلعت عليه فلم أر اسم المؤلف وإنما يدعي الكتاب بانه تنزيل رب العالمين.
سألت الكثيرين هل لديكم كتاب آخر يدعي بأنه تنزيل رب العالمين لأسمع جواب النفي من الجمع. جبت كل المدن الأسيوية الكبرى ثم انتقلت إلى أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وروسيا وأمريكا وسألتهم عن كاتب القرآن وعن كتاب آخر يقول بأنه تنزيل رب العالمين.
قلت في نفسي أنت تبحث عن كتاب لرب العالمين الذي خلق العالمين ولا يمكن أن يترك العقلاء الذين منحهم العقل هملا بلا كتاب يعودون إليه ليصلحوا به أمورهم ويعبدوا به ربهم في غياب رسل السماء. جبت كل الكرة الأرضية فلم تجد كتابا يدعي بأنه تنزيل رب العالمين غير القرآن الكريم فهو إذن كتاب الله تعالى.
أسلمت مستيقنا بأنه كتاب الله تعالى.
وبعد ذلك قمت بدراسة القرآن الكريم ساعيا أن أجد فيه التناقض. لاحظت بأن الله تعالى يقول في سورة النساء: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82). تصفحت كل القرآن لأجد أي تناقض أو اختلاف فيه فلم أجد. هناك ازداد يقيني بأنه كتاب الله تعالى.
سعيت أن افسره وأبينه لنفسي ولغيري فرأيته كتابا مليئا بالمسائل المتكاملة. قرأت كتاب ستيفن هوكنز الملحد ليقول بأنه مطمئن بأن الكون مغلق ولو كان مفتوحا غير متناه لرأينا السماء فوقنا قبة مستنيرة لأن ذلك يعني بأنك لن ترى نقطة لا تتواجد فيها نجمة. وبما أن السماء ليست كذلك فالكون مقفول. لكنه لم يتمكن من توضيح المحيط الكوني.
قرأت القرآن باحثا عنه فرأيته يقول في سورة ق: أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6). ويؤكد نفس المسالة في سورة الملك: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4). قلت سبحان الله، يؤكد القرآن بأن الكون مقفول ولكن أين هذا القفل؟
أمعنت كثيرا في القرآن الكريم لأجد الجواب. رأيت هذه الآيات العجيبة في بداية سورة المرسلات: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13).
ربطت بين تلك الآيات مع هذه الآية من سورة هود: وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7).
العرش هو كل الكون طبعا لأن الله تعالى يشير إلى الكون بالسماوات والأرض. وقال سبحانه في آية الكرسي: …وسع كرسيه السماوات والأرض…. فكان عرشه على الماء يعني أن مادة الكون كان طافحة على الماء أو على أي سائل آخر ولعله ماء جزما. فالانفجار حصل في بحر من الكيماويات كما يقول الفيزيائيون أو في بحر من المياه. والانفجار حقيقة لا يمكن إنكارها لدى الجميع والقرآن يؤيد الانفجار.
لنعود الآن إلى آيات سورة المرسلات:
وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا (1) بعد الانفجار الكوني وتشكل البحر المسجور ارتفعت الغازات الكبيرة بداية إلى أعالي الكون لتشكل القبة السماوية المحيطة بالكون.
فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) ثم عصفت البحر المسجر لتنتثر الكواكب على شكل سدم غازية.
فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) تشكلت القطع الغازية والصلبة على شكل كواكب فيما بعد.
فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) هناك بدأت الاستعدادات لاستقبال الرسالات السماوية.
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وبعد ذلك بدأ العد العكسي بالنجوم لتموت وتنطمس وتحترق كل وقودها.
وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ (9) ثم تلاشت القبة السماوية.
وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) ونسفت كل الألواح الأرضية التي تشكل جبالا قوية تحت أراضي الكون وقليلا منها فوقها.
وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13). جاء دور الرسل ليحضروا يوم القيامة مع أقوامهم نماذج لبقية الناس ليصير الفصل بين الناس ممكنا بكل قسط ودقة.
واصلت القراءة لأجد بأن هناك مسائل كونية متوسطة مذكورة أكثرها في القرآن. فهل هذا القرآن يدل على نفسه أم نحتاج إلى الشيخ الكليني ليؤكد لنا صحة القرآن. وهنا احيي أخي لقمان الذي استمر مصرا على عدم حاجة القرآن لتأييد بشري فهو بنفسه يدل على نفسه وهو نور يضيء لمن كان له عينان.
تحياتي للجميع
أحمد المُهري
8/12/2020
احسنت سيدنا العزيز على هذا الشرح وهذه القصة المعبرة والرائعة.
الله عز وجل كثيرا ما يستعمل القصص والامثال لإيصال المعلومة وها هي .اتمنى تكون الفكرة اصبحت اكثر وضوحا مع هذه القصة والتي تبين الواقع القراني.
اي انسان يتمعن في القران يتيقن بأن هذا الكتاب مصدره سماوي ولا يحتاج الى سند وتواتر ورواية و… لإثبات سماويته.
لكن هجرنا للقران جعلنا لا نرى حتى هذه الصفة فيه.
الكتاب الذي يعجز ان يثبت صحته نفسه بنفسه فليس كتاب هداية ولا يمكننا الاعتماد عليه
لقمان الداماد
9/12/2020

#تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.