فلافل أبو عدنان

فلافل أبو عدنان

أنا خليجي مبرطن. بمعنى أنني ولدت في الكويت وأحببت الخليج بالكامل لأني كنت أزورها كثيرا ثم صرت بريطانيا. والسبب هو أنني حينما كنت أزور أوروبا للتجارة كنت أفرح كثيرا في بريطانيا. إشارات المرور شبيهة بالكويت والمطاعم الهندية واللبنانية وغيرها متوفرة في لندن وهناك الكثير من العرب يعيشون في شارع إدجوير رود والشوارع المحيطة به. كان أحد أعمامنا وهو المرحوم سيد أحمد سيد عابد يسميه عرب رود.

لكنني حينما كنت مستقرا في وطني الأول اهتم بأن آكل الفطور من فلافل أبي عدنان. إنه أحسن فلافل أكلته في حياتي. ولعل السبب هو الإدمان اليومي عليه. وحينما تبرطنت أو برطنوني وبعد غيبة أكثر من أربعين عاما عن الكويت اشتهيت فلافل أبي عدنان. طلبت من زوجتي وهي كانت تزور أهلها بين الفينة والفينة في مسقط رأسي أن تأتيني بفلافل أبي عدنان وهي ست ساعات رحلة طائرة وسأفطر على الفلافل المحببة. اتصلت مع أخيها وأعطيته عنوان المأكل الصغير ليجهز لي عدة ساندويتشات ويرسلها مع أخته. ذهب الأخ العزيز قبل موعد السفر باحثا عن مكان بيع الفلافل فلم يجد. وبعد أن سأل الجيران قالوا له بأن أبا عدنان باع دكانه على أحد الكويتيين ولكنه لم يعلمه كيفية تجهيز الفلافل وترك المكان ولعله ترك الكويت.

المالك الجديد لم يتمكن من توفير الفلافل المطلوبة للزبائن فخسر وترك المحل. من هنا عرفت سر حكاية تفوق الإسرائيليين على الفلسطينيين وعرفت بأن فلافل أبي عدنان هو مفتاح حل القضية الفلسطينية.

ولنتعلم من القرآن السر في تهافت الشعوب العربية للتطبيع مع إسرائيل. عفوا أقصد الدول الخليجية ومصر بحكوماتها قبل شعوبها. تعلمون بأننا كبشر نهتم كثيرا بشهواتنا. والشهوة التي لا تفارقنا ليست هي شهوات النساء فلها طيف خاص من عمرنا؛ بل هي شهوة البطن التي تبدأ مع بداية حياتنا وتنتهي بموتنا.

وتعلمون بأن الذي يعمل ويعمل فإن الناس يتقبلون عمله مثل الذي يكذب ويكذب فإن الناس يتوقون لأكاذيبه. هذه هي فلسفة أكلات بني إسرائيل والآن نقرأ الآية القرآنية 61 من سورة البقرة: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ…... أرأيتم أن بني عمومتنا من أحفاد يعقوب عليه السلام ومنذ عشرات القرون كانوا يبحثون عن الفلافل والطعمية والكُشَري والفول والحمص والمسعفة أو المسقفة وغيرها من توابع البقولات المحموسة والمقلية والمغلية وغيرها من تشريفات الطبخ.

فبنو إسرائيل هم أبو الفلافل.

وأتذكر بأنني حينما هجروني إلى إيران حيث طبخات الأرز الرائعة كنت أشعر بان الغداء مضمون في طهران ولا سيما بأنني في العقد الذي عشت فيه طهرانيا زرت غالبية مطاعم طهران. ولكنني كنت أشعر بأن الفطور والعشاء ليست مثل فلافل أبي عدنان واللد والرملة وبقية مطاعم الكويت.

فكرت كثيرا في سر التطبيع مع إسرائيل فرأيت أن التطبيع هو مع الفلافل وليس مع بني إسرائيل. وبمجرد أن فتح لهم الباب فتحوا محل بيع الفلافل والحمص والفول في دبي الجميلة الرائعة. قلت في نفسي بغض النظر عن أنني مع القضية الفلسطينية فيا ليتني كنت باقيا في دبي فأستمتع بفلافل بني عمومتي الإسرائيليين اللذيذة. عشت ثلاث سنوات في دبي واستمتعت بها عدا حرماني من فلافل أبي عدنان.

هل تعلمون بأن أبي عدنان ليس يهوديا وليس إسرائيليا بل هو فلسطيني كان عليه أن يعلم بني جلدتي في الكويت كيفية تجهيز الفلافل؟ ذلك لأن ذلك التاجر الخسران ظن بأن المطلوب هو اسم أبي عدنان ولم يعرف بأن سر المطاعم في تجهيز الطبخ ثم تقديم المطبوخات وليس في الاسم. دع أبا عدنان أو أبا غسان أو أبا قحطان يفتحوا مطعما جديدا في لندن ولكنهم يأتوا بنفس فلافل أبي عدنان الذي كان نسخة طبق الأصل من فلافل بني إسرائيل؛ فسوف يرون أن الخليجيين لا يفارقون مطابخهم وسيكسبون الكثير من الزبائن حتى في بريطانيا أو في الصين أو في المكسيك.

والآن هل عرفتم السر في عدم نجاح القضية الفلسطينية التي مر عليها 72 عاما مضنية؟ لقد تعلم أبو عدنان وأمثاله الفلافل من أعدائه اليهود ولكنه بخل على بني جنسه في الكويت أن يعلمهم ما تعلمه من غيره. لكن ذلك الغير لم يبخل على عدوه الفلسطيني. وهل تعلمون بأن الكويتيين يقولون بأنهم سيكونون آخر دولة تتطبع مع إسرائيل؟ وهل رأيتم رئيس مجلس الأمة الكويتي المهندس مرزوق الغانم  كيف طرد مندوب إسرائيل في إحدى المؤتمرات الدولية وكيف رمى بصفقة قرن الرئيس ترامب في مزبلة التاريخ؟ أتمنى ألا يعلم أخونا النائب الكريم أي شيء عن قصتي أنا مع فلافل أبي عدنان ولا يعلم شيئا عن حكاية المواطن الكويتي الذي اشترى فلافل أبي عدنان وبخل عليه أبو عدنان أن يعلمه كيف يطبخ الفلافل.

فلي كلام مع أحبابي في الخليج العربي. لا تسرعوا لإشباع بطونكم من فلافل بني إسرائيل فإن بعض اليهود سيدخلون الجنة وسوف يعلمون أهل الجنة كيف يطبخون فلافل أبي عدنان أو بالأحرى فلا فل بني إسحاق وتأكلون الفلافل الشهية طيلة الأبدية. فاسعوا لدخول الجنة ولا تسعوا لإرضاء الصهاينة فإنهم لا يحبونكم كما يكرهون بني جلدتكم في فلسطين.

تحياتي لأحبابي في فلسطين وأرجو أن يغيروا بعض مناهجهم لعل الله تعالى أن يمن عليهم وعلينا بأن يخلصهم من الاحتلال الإسرائيلي. نتطلع إلى دولة فلسطين في المستقبل القريب وسيعلمونا كيف نطبخ فلافل أبي عدنان.

أحمد المُهري

30/11/2020 

#تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.