كورونا والإنسانية

كورونا والإنسانية

مرحبا…

قبل ان ابدأ انقل اليكم ابياتا من قصيدة معروفة بتائية بلفقيه، وهي للفقيه الشاعر عبد الرحمن بلفقيه المتوفي في تريم بحضرموت في العام 1760 م، هو جد الفنان الراحل ابوبكر بلفقيه، اثارتني هذه الابيات جدا في ظل هذه الظروف واظنها ستثيركم أيضا:

إذا المرءُ لم يصبرْ على مِرّةِ الدوا *** سيصبرُ مضطراًّ على طولِ علّةِ

ومن يكُ ذا صبرٍ على شربِ جرعةٍ *** سيحمدُ عقبى الصبرِ في كلِّ صحّةِ

ومن يرضَ بالعيش الدنيِّ فإنه *** سيغرقُ في كلِّ الأمورِ الدنيّةِ

اليوم والعالم كله في حرب عالمية كبرى فريدة من نوعها ضد (فيروس)، وقد نشرت عنه قبل 10 أيام في مقال (كورونا جائحة الصدمة وفيروس الهلع)،

وبلا استخفاف انه فيروس! ، يا للغرابة ، هذه الحرب اليوم في مواجهة كائن سريع الانتشار العابر للحدود بسبب تصرفات إنسانية عفوية، ليجعل الإنسانية بكل ما تمتلكه من قدرات علمية ومعرفية في (خبر كان) ، انه تحد ربما كان للإنسان وقد تمادى في ظلمه وترنح سكرانا من قوته ان يواجه التحدي، وكما تقول عنه المستشارة الألمانية ميركل في خطابها الأخير:  

(إنه يغير فكرتنا عن الحياة الطبيعية، والحياة المفتوحة والحياة الاجتماعية، يغير كل هذا بطريقة لم نعهدها من قبل!)

دعوني لا اصدق تلك المؤامرة، تلك التي تزعم ان هذه الموجة ناتجة عن شيء مصنع، تكنلوجيا فائقة القدرة، جعلت كل العالم عاجز عن مواجهة هذا الذي يبطش به، يعرقل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويستخف بأرقى الشعوب، لانهم امام تكنلوجيا لا يمتلكها الا صاحب المؤامرة… الا انه يمكن ان اصدق ان تلك حرب بيولوجية التاريخ يعطينا قصصا في تلك الحروب ربما من اشهرها حروب المغول التي بسبب استخدامهم لاسهم ملطخة من جثث مصابة بالطاعون نشروا (الموت الأسود) ليغرق العالم و أوروبا الوسطى بملايين الجثث ، ومكيدة بريطانيا في القضاء على الهنود الأصليين في أمريكا بنشر الجذام ، انها مؤامرة فيروسية ، الا انها خرجت من يد المتآمر ليموت شعبه  ويدمر بلده … في النتيجة انها حرب عالمية من نوع مختلف، ستصل الى (تحطيم الاقتصاد العالمي) بل تسحقه….

دعونا من تلك المؤامرة،

العالم اليوم في إطار مواجهة لم يسبق لها مثيل، الا قبل مئة عام وكان العالم حينها اقل تقدما علميا وتقنيا بل اقل تواصلا وكان منشغلا بحربه العالمية الأولى ضد نفسه …

الوضع الان مختلف…. ومواجهة مختلفة… انه الفيروس الذي يمتلك تقنية حربية في الانتشار والاستهداف، ان عدد المصابين شبه متصاعد، والمتعافين اقل من 20%، ،الوفيات تتسارع الى الصعود وتقارب 6% من المصابين، بل يتقدم في مواقع لم يتمكن احد من اختراقها من قبل، حتى الزعماء والقادة، ليسوا في مأمن …انه  لا يفرق بين احد مطلقا لا يعترف بالطبقية او المركزية … في المقابل أعاد توزنا طبيعيا وكأنه يحمي البيئة من (تغول الانسان عليها)..

سلاحنا في المواجهة النظافة الشخصية والانعزال المجتمعي ودعم النظام المناعي في الجسم،

لقد تحول كل سكان العالم الى جنود في مواجهته، تقودهم حكوماتهم. حكومة الصين كانت الأكثر قسوة في التعامل مع جنودها (شعبها) ، بلا هوادة بل وصل بها ان تغلق المساكن اغلاقا باللحام.. وبدا ان الصين تحكمت في الامر، وفجأة عادت الأرقام في الصعود من جديد فيها،

مؤلم تلك الوقاية،

الانعزال في البيت،

التباعد المجتمعي،

الحرص بلا هوادة على النظافة الشخصية وعدم لمس الوجه،

( إذا المرءُ لم يصبرْ على مِرّةِ الدوا)

انه مر جدا، وفي المقابل:

(سيصبرُ مضطراًّ على طولِ علّةِ)

فإيهما نختار، الوقاية ام العلة!

معركة معقدة، الا انه وفي ساحة المعركة على الجنود اتباع تعليمات القائد، لا وقت للجدال، لا وقت للتشاور، انها حياة وموت!

ما هو الامر المقلق والمخيف، هذه المعركة بحاجة الى ضخ الوقود والغذاء والدواء، والمال ،إنه الاقتصاد يتهاوى ،الكثير في هذه المعركة سيسحق ظلما، انهم الفقراء ، الاسر المنتجة ، العمالة اليومية ، المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ، وسيصل الامر للمشاريع المتوسطة ، لابد ان نبدأ التفكير في تنظيم حياتنا لتقديم العون لمن نستطيع والاقربين أولى … اننا الان في مركب واحد ، ما نستطيع ، ما نستطيع أيا كان! ، يمكن للأغنياء ترتيب الأوليات عن صدقاتهم لرمضان بترتيب جزء منها او نصفها الآن ،

وفي المقابل يجب على الحكومات ترتيب الامر ، بشكل جدي وليس تحويل تلك الأموال الى محرقة أخرى أيا كانت حتى اتون الحرب البينية..

ربما هذه الحكمة الرومانية مثيرة للاهتمام في هذه النقطة والتي قرأت انها كتبت في الطرود القادمة من الصين الى إيطاليا:

(نحن أمواج من نفس البحر، أوراق من نفس الشجرة، أزهار من نفس الحديقة)

نثق بأن الإنسانية قادرة على تجاوز هذه الازمة العالمية، او الحرب الكبرى في القرن الواحد والعشرين، اننا سنخرج من هذه المحنة وقد تعلمنا درسا أخلاقيا وفلسفيا، اننا مازلنا جهلة كل معارفنا عن الكون، مجرد قطرة في محيط شاسع ، وكمؤمنين نعلم يقينا ان قوة العلم ستكتمل بقوة الايمان وليس قوة الصلاة،…. قوة الايمان هي الداعمة الأكبر لنا، هي المعيار الذي يوجه بوصلة جهازنا المناعي ، وهي القوة الكاملة للتوكل التام بالله… والدعاء الصادق له تعالى ….

نتوكل على الله وبقوته سنعمل ونتخطى الحرب الكبرى.

ليس بالجهل ، ولا التضليل ، ولا الخرافات ، انه العلم الحقيقة القائم على المعرفة والبحث،

قوتنا بالله

ثقتنا بالله

ولا حول ولا قوة الا بالله تعالى نعم المولى ونعم النصير !

#اصلح_الله_بالكم

محبتي الدائمة

احمد مبارك بشير

25/3/2020

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.