جائحة الصدمة وفيروس الهلع

جائحة الصدمة وفيروس الهلع

مرحبا

ربما ابدأ حديثي هل شعر العالم اليوم بالصدمة والهلع الذي حدث في دول الحروب العربي، الا ان الوقت لا يتسع لهذا الحديث، وليس الحديث مناسبا أيضا للنظر مع أصحاب نظرية المؤامرة ان العالم بأكمله يساق من (شرذمة قليلون)، ولا اريد أيضا ان اتحدث عن نظرية الحرب البيولوجية. وحتى اعلان (داعش) وقف عملياتها بسبب فيروس كورونا المستجد الذي نشرته CNN، ليس حديثي أيضا ..فقط من الجيد ان الجماعة الداعشية استوعبت الموقفة …

عموما سادتي سأنتقل معكم في هذا المقال حول عدة نقاط اود الحديث عنها لزيادة الوعي بيننا والمشاركة بالمعرفة، كلها حول حدث الساعة الأبرز فيروس كورونا المستجد.  

الفيروس التاجي coronavirus:

بدو كالهالة او التاج ولذا يطلق عليه اسم كورونا او التاجي ،  وهي مجموعة كبيرة من الفيروسات التي تصيب الثدييات والطيور، وتصيب الجهاز التنفسي تحديدا، الا ان هناك طفرة ما حدثت فيها ساهمت في انتقالها من الحيوانات الى الانسان، غالبا ما كانت تأتي الطفرة من المتعاملين في أسواق بيع الحيوانات، لماذا وكيف؟ يحتاج الامر الى دراسة وبحث للوصول الى سر تلك الطفرة، .. وحسب ويكبيديا:

(اكتُشِفت فيروسات كورونا في الستينيات من القرن العشرين وأول الفيروسات المكتشفة كانت فيروس التهاب القصبات المعدي في الدجاج وفيروسان من جوف الأنف لمرضى بشر مصابين بالزكام سُميا فيروس كورونا البشري 229E وفيروس كورونا البشري OC43. منذ ذلك الحين تم تحديد عناصر أخرى من هذه العائلة بما في ذلك: فيروس كورونا سارس سنة 2003، فيروس كورونا البشري NL63 سنة 2004، فيروس كورونا البشري HKU1 سنة 2005، فيروس كورونا ميرس سنة 2012، وفيروس كورونا الجديد 2019-nCoV، ومعظم هذه الفيروسات لها دور في إحداث عدوى جهاز تنفسي خطيرة.)

كما يلاحظ ان القرن الواحد والعشرين من مطلعه بدأت تنتقل فيروسات الكورونا بنسخ متعددة ابتداء من سارس (متلازمة تنفسية حادة وخيمة) 2003 والذي بدأ أيضا في الصين انتقل من نوع من القطط الصينية، وميرس 2012 الذي انتقل من الجمال ولذا عرف باسم (كورونا الشرق الأوسط او متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) والذي اغلب الحالات كانت في الخليج وشمال افريقيا، وعرف حينها باسم كورونا المستجد 2012، وأخيرا ولا يبدو آخرا كورونا المستجد 2019 coronavirus disease   والذي يشك في انتقاله من الخفاش او آكل النمل. وجميع العدوى م الفيروس تأتي من رذاذ المصاب.

الفيروس:

الفيروسات كائن متناهي الصغر جدا ليس بحي ولا ميت يمكن اعتبارهم (الموتى الاحياء “زومبي”) ، بالتالي لا يمكنه التكاثر إلا داخل خلايا كائن حي آخر، ولذا يمكن للفيروس إصابة البكتريا والنباتات أيضا لأنها كائن حي، بالتالي ما يقضي على الكائنات الحية لا يقضي عليها ، والفيروسات كما لها صورة سلبية فلها صور إيجابية ابرزها انها أسهمت وتسهم في عملية التطور للكائنات الحية وزيادة قدراتها في الحياة، وحسب ويكبيديا :

(تصيب الفيروسات جميع أنواع الكائنات الحية، من الحيوانات والنباتات اٍلى البكتيريا والعتائق. على الرغم من أن هناك الملايين من الأنواع المختلفة، لم يتم وصف إلا حوالي 5.000 من الفيروسات بالتفصيل، وذلك منذ الاٍكتشاف الأولي لفيروس تبرقش التبغ من قبل مارتينوس بيجيرينك عام 1898. الفيروسات موجودة تقريبا في كل النظم الإيكولوجية على الأرض، وتعتبر هذه الهياكل الدقيقة (الفيروسات) الكيان البيولوجي الأكثر وفرة في الطبيعة)

العدوى:

ارجو ان يكون واضحا اذن لماذا تهاجم الفيروسات الكائنات الحية؟، صحيح !، من اجل الاستمرار في التكاثر والبقاء، ومن هنا يبرز لنا تخصص الفيروسات في التوجه الى نوعية الخلايا او الكائنات، و الفيروسات بحاجة الى وسيلة انتقال، وهنا وسيلة انتقال العدوى للفيروسات التاجية وفيروسات الجهاز التنفسي بشكل هي رذاذ المصاب ، هناك فيروسات أخرى تنتقل عبر الدم ابرزها فيروس نقص المناعة HIV ، لنعد للفيروسات التاجية رذاذ المصاب ، بالتالي ليس اللمس هو وسيلة النقل ولا الهواء ،إلا ان المصاب إذا عطس بشكل مباشر على شخص سليم يسهم في اصابته ، او تلقائيا نسهم نحن في ذلك بملامسة أيدينا لوجوهنا خاصة منافذ (العيون او الانف او الفم) ،نكرر لا يمكن القضاء على الفيروسات انما يتم إزالة نواقلها عبر النظافة الشخصية والتعقيم حتى المضادات الخاصة بالفيروسات هي تثبطها وتدعم  تدعم الجهاز المناعي للجسم للقضاء عليها ،

 نعم..

 هي هذه مناعة الجسم ذاته هي القادرة على القضاء على أي فيروس، والتطعيم في الصغر لبعض الامراض يسهم في زيادة قدرة الجسم على التعامل مع العديد من الامراض لأنها تزيد فهم جهاز مناعة الجسم لأنواع الفيروسات.

باختصار العدوى سريعة في الامراض التي تنتشر عبر رذاذ المصاب لأننا وبكل بساطة نلتقطها عبر ملامستنا للأسطح التي تمر بنا طوال اليوم ولذا تبرز أهمية النظافة الشخصية، هذا أولا، ثانيا الاشكال في الفيروس كورونا المستجد 2019 انه مستجد أي لم يتعامل معه الناس من قبل كما حصل مع اخويه السارس والمارس، التعامل مع فيروس جديد، صحيح ان الأشخاص الذين يصابوا يكتسبوا مناعة ضد هذه الفيروسات هذا جيد الا ان الأشخاص الذين يعانوا من ضعف مناعتهم او لديهم مشاكل في الجهاز التنفسي قد يمثلوا الضحايا الأبرز لهذا الفيروس.

لماذا الهلع العالمي؟:

العالم تعامل مع فيروس انفلونزا h1n1 بشكل مرعب في الحرب العالمية بين العامين 1917-1918 فيما عرف بجائحة فيروس الانفلونزا الاسبانية او الفرنسية، والتي تجاوزت ضحاياه الـ 50 مليون انسان حسب كل المصادر المعروفة ومنها منظمة الصحة العالمية.. هذه الصورة المرعبة مازال العالم ينظر اليها كلما جاء فيروس مستجد ينتقل عبر الرذاذ، ففيروس HIV المسبب للإيدز وهو أخطر الا انه لا ينتقل الا عبر الدم كما ذكرنا سابقا أي عبر نقل دم من المصاب الى السليم او عبر الممارسة الجنسية….. هذا الجائحة المرعبة التي انتشرت حول العالم في ظل عدم وجود كل وسائل المواصلات الحالية فما بالنا اليوم في ظل تطور نوعي لكل في وسائل المواصلات وسهولة الانتقال، والجانب الآخر الخوف من المريض صفر وهو اول مريض أصيب بالمرض بمن التقى ومع من، وأين انتقل هؤلاء الذين التقاهم.. ووو. هذا أولا.

ثانيا: الوضع الاقتصادي: ليس الخوف من خطورة المرض بل من سرعة انتشاره وزيادة اعداد المصابين، هذا يعني الحاجة للمزيد من مراكز الرعاية والحجر الصحية، وستزداد الحاجة الى الاطقم الطبية، التكاليف ترتفع على الحكومات فمن سيدفعها؟، يؤدي هذا تلقائيا الى تجميد اغلب الأنشطة الاقتصادية او تعطلها بشكل كبير.. هذا الهلع يعطي مؤشرات سوداء على الوضع الاقتصادي المنهك أساسا، ويبرز مخاوف أخرى تحلق في الأفق حول حرب الثروة والقوة التي قد تندلع من اجلها.

ما سبق يدفع بالدول للبحث عن كل الحلول الممكنة لمنع الانزلاق نحو هاوية الانهيار الاقتصادي الكبير، ربما بعض التدخل في ضبط تلك العملية من بعض الدول التي ابرزت حرب أسعار النفط بين المملكة وروسيا، واحدة من المحاولات للإسهام في الحد من انهيار اقتصادي غير واضح المعالم، من اين يبدأ؟

إلى متى تنتشر العدوى؟

كانت المحاولات الأولى من الحكومات هي الاحتواء والسيطرة ، الا ان الانتشار السريع في الدول ، وخاصة مع خروج الفيروس عن الاحتواء انتقل التفكير في التعامل معه بشكل آخر ، الشكل الآخر هو توعية ودعم الناس على الممارسات السليمة والحفاظ على النظافة الشخصية ، إبقاء ممارسات الاحتواء والحجر قائمة ، في ذات الوقت القبول بالأسوأ ، وهذه القاعدة مبنية على معادلة إحصائية ما يعرف بالنمو الاسي ومن خلالها يمكن ان نصل الى ان اكثر من 60 مليون سيصاب في اقل من 80 يوما في ظل احتمال ان لا متغير آخر سوى الإصابة ، الا انه فعليا ليس هذا ما يحدث هناك متغيرات أخرى وهذا ما يبرز في قاعدة في السيطرة على الامراض تعرف بـ ( مناعة القطيع او مناعة الجماعة Herd immunity ) وهي حسب ويكبيديا:

(المناعة التي تحدث عندما يوفّر تطعيم يعطى لجزء كبير من السكان (أو القطيع) قدرا من الحماية للأفراد الذين لا يتمتعون بالمناعة. تقترح نظرية مناعة القطيع أنه في حالة الأمراض المعدية التي تنتقل من فرد لفرد فإنه من المحتمل إعاقة سلاسل من العدوى عندما تتمتع أعداد كبيرة من السكان بالمناعة ضد الأمراض. كلما كبرت نسبة السكان الذين يمتلكون المناعة؛ كلما قلت احتمالية أن يتصل فرد سريع التأثر بالمرض مع فرد معدٍ.)

يمكن ان نفهم ذلك اسرع ان كل الحالات التي استقبلتها المستشفيات والمراكز الصحية في ووهان في الصين تم علاجها وحالات الوفيات لم تتعدى 2% منها تقريبا، دليل ان أجهزة المناعة في الجسم تمكنت بشكل كبير من دحر الغزاة وطردهم وهناك حالات من اعمار تجاوزوا السبعين سنة ، أي ان العمر ليس مؤشرا على الموت بل قدرة الجسم على المقاومة هذا جانب، الجانب المشرق الآخر ان الصين اعتمدت  المضاد للفيروسات (Favipiravir) تطوره شركة Toyama Chemical اليابانية والذي أظهر نتائج إيجابية في علاج المصابين بفيروس كورونا.

الجانب الإنساني:

كعضو اسفير أوضح ان أسفير يقوم على منهجية قائمة (الميثاق الإنساني ، ومبادئ الحماية الإنسانية و المعيار الإنساني الأساسي)  ومن هنا هناك ثلاثة عوامل أساسية في التعامل مع هكذا وضع:

  1. ان ينظر للإنسان كانسان، وليس حالة مصابة – مبدأ كرامة الانسان. ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الاسراء.
    1. تعزيز سلامة وكرامة وسلامة الناس وكرامتهم وحقوقهم وتجنيبهم التعرض للأذى .
    1. ضمان تلقي الناس للمساعدة في كل الأحوال .
  2. 2.     المشاركة المجتمعية.
    1. المشاركة في التوعية بالنظافة الشخصية وغسل اليدين.
    1. المشاركة في محاربة الاشاعات والمعلومات المغلوطة.
  3. 3.     لا ينبغي ان يمنعنا او يلهينا التركيز على منع انتشار الفيروس التاجي أن يجعلنا ننسى الاحتياجات الأخرى للأشخاص المتضررين ، ولا الاحتياجات الطبية بعيدة المدى للسكان جميعا.

يمكنكم الحصول على معايير اسفير والاستجابة لفيروس كورونا من هنا باللغة العربية:

https://spherestandards.org/wp-content/uploads/Coronavirus-guidance-2020-AR.pdf

في الأخير، سعيت ان اشارككم هذا الحديث في ظل هذه الجائحة والتي قد تكون مفيدة للجميع ، ما ينبغي ان نذكر بعضنا به، هو:

  •  ان نلجأ الى الله تعالى أولا،
  • ندعم اجسامنا بما يسهم في تعزيز مناعته بكل الأغذية الطبيعية التي تدعم مناعة الجسم.
  • ممارسة النظافة الشخصية كعادة والتوعية بها،
  • تجنب الاشاعات والمعلومات المغلوطة والاسهام في نشرها،
  • تقنين حياتنا بشكل طبيعي والحد من الخوف والهلع فهو القاتل الحقيقي لنا وليس الفيروس،
  • القضاء على الممارسات الضالة من التمييز او الشعوبية والتعايش كبشر مع بضعنا البعض.

#اصلح_الله_بالكم

محبتي الدائمة

احمد مبارك بشير

14/3/2020

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.