زوجات الرسول عليه السلام الفاضلات

زوجات الرسول عليه السلام الفاضلات

أيها الإخوة والأخوات الكرماء

أما بعد السلام والتهنئة بالسنة الشمسية الجديدة التي دنت لتضيف على أعمارنا ساعات أخر.

لاحظت أن بعض الإخوة الكرام في الفيس بوك وعلى المنابر يتحدثون عن زوجات رسول الله وينقلون للآخرين ما كتبه سلفنا دون انتباه ودون مراعاة لأهمية الرسول ورسالته العظمى فيتصور الغرباء بأن رسولنا كان رجلا شهوانيا، والعياذ بالله.

فأرجو منكم وأنتم مسلمون أن لا تنشروا كل ما كتبه سلفنا حول زوجات الرسول عليه السلام. إنهن أمهاتنا ونحن نحبهن جميعا. بالله عليكم هل رأيتم إنسانا شريفا ينشر بين الناس أن زوجته حائض، أو امرأة شريفة تتحدث عن حيضها وعن أن زوجها يباشرها في الحيض أو لا يباشرها! صحيح أن بعضا أحمقا من سلفنا كتب ذلك ولكن علينا نحن أن نكون مؤدبين ونرمي بهذه الأحاديث والقصص الخرافية عرض الحائط. وهل شخصية رسول الله عليه السلام مشابهة لأصحاب الشهوات. إنه عليه السلام لم يكن منهم ولقد تزوج مع امرأة فاضلة أكبر منه سنا في عز شبابه وعاش معها حتى ماتت. رضي الله تعالى عن أمنا خديجة. ثم أمره الله بالزواج المتعدد إرضاء وإكراما للطوائف العربية ولهدف رسالي آخر طبعا.

قال تعالى في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل ِلأزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29). هل هذا الإنسان العظيم يبحث عن المتعة وهل زوجاته الفاضلات كذلك؟ أليس ما تتحدثون عنه هي زينة الحياة الدنيا وأمهاتنا محرومات منها. قال تعالى في سورة آل عمران: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14).

وقال سبحانه في الأحزاب أيضا: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34). إنهن عالمات فاضلات مأمورات بأن يتعلمن من رسول الله آيات الله والحكمة ليقمن بدور المبلغ العالم للنساء. والرجس أحبتي تعني توقف الحركة التطورية. فالرسول يريد أن يذهب عنهم الرجس وهو المعروف بينكم اليوم بالسلفية. الرجس لا تعني القذارة. هل هناك قذارة على زوجات الرسول حتى يذهبها الله عنهم؟

لاحظوا الخطاب الجمعي لهن فهل هناك توجهات جنسية أم هناك توجهات علمية لدى تلك النخبة الطيبة من النساء. لو كان الرسول أهل الشهوات لاختلى كل ليلة بإحداهن ليقضي معها شهواته. ولكن الأمر ليس كذلك بل كان فاتحا مدرسة في بيته للائي هن محارمه. والله تعالى يخاطبهن بأهل البيت لأن السيدة فاطمة معهن أيضا ولعل ابن عمه الإمام علي كان معهن أيضا فهما كلاهما من أهل البيت. لاحظوا هذه الآيات الكريمة التي دخلت عقر دار رسول الله عليه السلام وأفصحت عن علاقات الرسول مع زوجاته وبقية أهل بيته. لن تجدوا فيها أية إشارة إلى التمتع الجنسي.

فكروا قليلا في هاتين الآيتين الكريمتين في نفس سورة الأحزاب واتركوا التفاسير. فكروا بأنفسكم ولا تتبعوا سلفنا واكتفوا بالاستغفار للسلف فقط: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا (36). هل تعرفون معنى الحافظين فروجهم والحافظات. لعلكم تظنون بأنها الحفظ عن الحرام. لنقرأ آية أخرى عن السيدة مريم العذاراء في سورة التحريم: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12). لم يقل سبحانه عن امرأة فرعون أنها أحصنت فرجها. إنها أيضا كانت امرأة فاضلة في منتهى الإيمان والصدق وضرب الله بها مثلا لرسولنا وصحابته. إنها كانت متزوجة من فرعون ولا معنى لإحصان الفرج. ما هو الفرق بين مريم وبين بقية الأمهات؟ هناك بعض السر.

هل قضى الله تعالى ورسوله أمر التمتع للنبي مع أزواجه؟ أم هناك أمر آخر مرتبط بالتثقيف الديني الذي جاء به رسولنا من عند ربه؟

ثم يذكر سبحانه بعدها حكاية زواج الرسول مع السيدة زينب بنت جحش. لقد ظلم المفسرون رسولنا ولم يدركوا معنى الآيات. قال تعالى مبينا تلك الحكاية: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37) مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا (38). لو كان الرسول وادا للتمتع مع السيدة زينب فلا معنى للآية الأخيرة. ألا تعني الآية الكريمة بأن الرسول ما كان راغبا في ذلك الزواج ولكن الله تعالى فرض له. وهل سنة الله تعالى في الرسل السابقين أن يتزوجوا الثانية والثالثة؟ ليس بيدنا أي دليل على أن أيا من الرسل الكرام تزوج بامرأتين في آن واحد. لكن الله تعالى فرض على الرسل فروضا تناسب رسالاتهم وكان عليهم الطاعة وهكذا فرض على رسولنا فروضا تناسب رسالته وكان عليه الطاعة. الزواج المتعدد لإنسان متحضر عاش عدة عقود مع امرأة تكبره 15 سنة كما يقولون مكتفيا بها، هذا الزواج لمن يحب أن تكون له زوجة واحدة ليس ممتعا.

لا أريد أن أوضح ما أفهمه من أسباب تلك الزواجات الواجبة ولعلي أكتب عنها في فرصة أخرى حينما أرى زملائي مستعدين للاستماع إلى بعض الأسرار القرآنية لو بقيت حيا. ولكن باختصار فإن زواج الرسول المتعدد كان بأمر الله تعالى وليس رغبة منه عليه السلام والسنة التي تتحدث عنها السورة ليست سنة الزواج بل سنة الطاعة للقدوس العزيز عز شأنه دون مناقشة ودون حرج كما أظن والعلم عند مولانا عز اسمه.

تحياتي للجميع

أحمد المُهري

30/12/2019

#تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.