المؤمنة كاترين 33- الفرق بين الوصايا والحكم والمواعظ القرآنية

المؤمنة كاترين

المقطع الثالث والثلاثون

الفرق بين الوصايا والحكم والمواعظ القرآنية – 3

وفي صباح اليوم التالي اتصلت كاترين بماري وطلبت منه أن تأتي لتتعشى معها في البيت لأنها تريد أن تستشيرها في موضوع. وافقت ماري وأقبلت إلى بيت كاترين في الساعة المحددة.

كاترين:

هل فكرتي في الشقة التي ترتضينها لنفسك يا ماري؟

ماري:

كلا، فهل لديك اقتراح عزيزتي؟

كاترين:

نعم، تعلم بأنني وعلوي سوف ننتقل إلى شقة واحدة ولم نتخذ قرارا بعد. فكرت بأن أقوم بتعديل شقة علوي لأنها أكبر من شقتي والعمل على تزيينها بما يتناسب مع حياتنا الجديدة وأنت تستأجرين هذه الشقة من المالك. لقد صرفت عليها مبلغا من المال واستفدت منها لمدة طويلة طبعا فلماذا تخسرين على تجهيز الشقة؟ ضعي المال في جيبك وهذه شقة جاهزة وأنا حسبي الفرحة التي سوف تغمرني بأن أرى شقتي تحت خدمة عزيزتي ماري.

ماري:

اقتراح رائع وسوف أقوم في هذه الشقة باستضافتكم للجلسات لأنها قريبة من بيت العم محمود ويمكنه أن يصلنا بسهولة. ولكن بيدي مبلغ غير قليل من المال فلماذا لا أعوضك بعض مصروفاتك ولعله يساعدك اليوم في تجهيز شقة علوي فستصرفين عليها مبلغا من المال بالطبع؟

كاترين:

وما هي الهدية التي قدمتها لماري وهي ساعدتني في كل شيء وسوف تساعدني في الفرح وسوف تستضيف بعض الجلسات في شقتها؟ قبولك لاقتراحي ممتاز وأنا أشكرك عليه لأنني فكرت بأنني عاجزة عن استعادة ما صرفته على الشقة وأنا أحبها فعلا. فلو تسكنيها أنت فسوف أراك وأراها معا وهذا بالنسبة لي شيء جميل. أما المال فأنا وعلوي نملك ما يكفينا لعمل ديكور بديع لبيت علوي وقد برمجنا لذلك. فلو لم تسكني في هذه الشقة فأنا خسرانة ولو أتيتِ إليها فأنا سأبقى فرحانة سنتين إضافيتين. هيا بنا للعشاء واتركي مسألة التعويض المالي.

شعرت ماري بالمزيد من المنة من ربها وبالمزيد من الحب تجاه كاترين. رأت بأن فلسفة كاترين معقولة ولو تخالفها فسوف تزعجها. ولذلك قالت:

ماري:

أوافق مع كل ما قلتيه يا كاترين لأنني سوف أزعجك لو خالفتك. ولكن اعتبريني مصدرا ماليا لك يملك عدة آلاف من الدنانير المعطلة. إياك أن تقترضي للشقة وأنا موجودة.

تعانق الفتاتان المؤمنتان وبعد العشاء أجبرت كاترين ماري لتبقى عندها بالبيت لأنها ستزداد سرورا بأن تضيفها للفطور غدا.

وفي الموعد المحدد عادت ماري من العمل واجتمع الجميع في شقة كاترين للاستماع إلى بيانات العم محمود التمار حول الوصايا القرآنية وكذلك الحكم والمواعظ.

محمود:

انتبهنا إلى ثلاث وصايا قرآنية في مسائل مختلفة واليوم سوف نتحدث عن الوصايا العامة في القرآن.

4.

قال سبحانه في سورة النساء: وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131). هذه الوصية عامة يأمرنا ربنا فيها بالتقوى. يأمرنا كمؤمنين برسالات السماء الكاملة التي أنزلت ضمن كتب سماوية. تلك الكتب لا تتضمن صحف إبراهيم عليه السلام لأنها صحف خاصة بإبراهيم وليست عامة لكل المؤمنين. ولعل هناك صحف أخرى غير التوراة لموسى عليه السلام. هذه الوصية أيضا تمثل تعليمات سماوية ولا تنطوي على أي عقاب دنيوي بل يكتفي القدوس عز اسمه بأن يذكرنا بأن له ما في السماوات وما في الأرض فهو الغني الذي لا يهمه مخالفتنا لوصاياه. إذن نحن الذين نخسر لو لم نقم بالعمل بالوصية. والتقوى كما تعلمون مسألة قلبية لا يمكن تحديدها بعمل خارجي مثل الصلاة والحج أو اجتناب الزنا وأكل اللحوم غير المحللة شرعا. فهو سبحانه بهذه الوصية يريد أن يُدخل في قلوبنا الخوف من عدالته لئلا ننساه سبحانه. وأنتم على علم بأن التقوى من الله تعالى مسألة عقلية في حد ذاتها. إن العاقل الذي يفكر في الكون وفي سبب مجيئه إلى هذه الحياة المؤقتة سوف يشعر في قلبه الخوف من العظيم الذي خلق هذا الكون البديع وفضل الإنسان من بين الكائنات الفيزيائية على غيرها من الكائنات المرئية بالعين. بالطبع هذه الوصية بهذا الشكل لا تعني بأن من لا يعمل بوصايا الله تعالى فسوف لا يُسأل عنه يوم الحساب. لكن من الخير أن يعمل الإنسان بوصايا ربه ليكون سعيدا والسعداء مكانهم الجنة ومن لا يعمل فهو شقي والأشقياء مكانهم النار.

وهناك وصية بشأن إقامة الدين بصورة عامة لنتحد مع الذين مضوا من الرسل وأتباعهم ابتداء من الرسول نوح عليه السلام حتى ظهور الإسلام. قال تعالى في سورة الشورى: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13). هذه الوصية أيضا لا تتحدث عن جزئيات التشريع السماوي ولكنها تسعى لتعرِّفنا على عدم التفريق بين ما قاله الديان جل جلاله لنوح ومن بعدها حتى ظهور رسولنا. هذه وصية تبين لنا كيف يختار الله تعالى من عبيده من يفيده وصية ربه بالدين ولا يمكن أن نعرف منها جزئيات التشريع. فهي وصية وليس أمرا خاصا بعمل ما. هي وصية مشتركة بين كل المؤمنين أوصاهم بها ربهم ليقيموا الدين كما أنزله طيلة فترات التطور الإنساني وينزله عليهم طيلة فترة تنزيل القرآن الكريم.

5.

وصايا سماوية بشأن الوالدين. الوالدان محترمان في شريعة السماء ومحترمان في النظام الإنساني العام بدون تفريق بين الأديان والأفكار. فكل إنسان عاقل منصف يشعر بأنه كان طفلا صغيرا قام أبواه بتربيته والإحسان إليه فعليه بأن يرد الإحسان إليهما كما على أولاده أن يردوا الإحسان إليه. فهي سنة بشرية عامة نابعة من فطرة الإنسان احتمالا. ولكن لماذا يوصي الله تعالى الجميع بالإحسان إلى الوالدين.

ألف:

إنه سبحانه أوصى المسيح بأن يبر بوالدته. قال تعالى في سورة مريم: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32). بالنسبة للمسيح بالذات فهو باعتباره جنسا بشريا خاصا خارج النطاق العام. فنحن مخلوقون بنفوسنا من نفس الطاقة أو النور الذي جاء به الروح القدس إلى رحم أبوي آدم وزوجه. هناك روح سماوي أودع في تلك الخلية وهو ينتقل بين الآباء لخلق النفوس لهم. لكن المسيح كان بلا أب فأرسل الله تعالى له نورا روحيا خاصا ليخلق له النفس. فهو في واقعه ليس من جنس أمه ولا من جنسنا من حيث النفس. ولذلك فهو بحاجة إلى وصية ربه ليمعن في احترام أمه والبر بها لأن المشاعر النفسية التي عنده ليست منطبقة تماما مع المشاعر النفسية التي عند والدته.

لكن هناك آيات أخرى توصي الجميع بالبر بالوالدين.

ب:

قال تعالى في سورة الأحقاف: وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15). حديث الآية عن الإنسان بصورة عامة. لكنه سبحانه الذي أوصى الإنسان بوالديه فإن الموصى لا يشعر بأهمية وصية الله تعالى بالكمال والتمام إلا بعد بلوغ الأربعين من العمر. هناك يشعر بالوالدين ويشكر ربه على نعمه عليه وعلى والديه بأن وفقهما لفهم الحقيقة ولمساعدة ولدهما قبل سن الأربعين أو بعده. كما أنه يشعر بضرورة تقديم الحب والدعاء لذريته لأنه جزء من النظام الكوني الذي يسير وفق نظام سماوي معين فكل الأبناء محتاجون للآباء وكل الآباء كانوا أبناء محتاجين لآبائهم من قبل ومنتظرين أن يمن عليهم ربهم بالأبناء. فالوصية السماوية ضرورية للإنسان قبل أن يتوصل بنفسه لحقائق الحياة ويشعر شعورا كاملا بحقوق الوالدين وهو في سن الأربعين لا قبله. لعل هناك حالات نادرة يفهم فيها بعض البشر نعمة الله تعالى على نظام الأبوة والأمومة مع البنوة قبل سن الأربعين ولكن القرآن يتحدث عن العموميات هنا.

ج:

بالطبع أن كل إنسان مفكر يفكر في علاقات المخلوقات بالخالق سوف يشعر بأن هناك سرا آخر وراء اهتمام الله تعالى بالوالدين. فمما لا شك فيه بأن إكرام الوالدين لوحده لا يمكن أن يُدخل المرء في رضوان الله تعالى وفي جناته في الآخرة. إن الله تعالى يذكر لنا هذه الوصية لغرض آخر. ألا وهو الانتباه إلى حقيقة حقوق الله تعالى علينا وعلى والدينا في الحدود المتاحة لنا علميا وإيمانيا.

إن كلما نراه ونلمسه في هذه الحياة فهو في واقعه مقصود لنتعرف على الله تعالى. قال بعض الفلاسفة بأن الله تعالى خلق الإنسان ليُعرف وهو كلام قريب من الحقيقة بظني. إنه سبحانه خلق الإنسان ليُعرف ثم يُعبد عبادة اختيارية بنوع من المعرفة. إن من حق الله تعالى ومما يوافق شأنه العظيم أن يرى بعض خلقه باختيارهم يتعرفون عليه فيقعوا له ساجدين شاكرين. نحن نعرف من القرآن بأننا في الحياة الثانية سندخل الحياة بلا آباء. قال تعالى في سورة المؤمنون: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ (101). هو واقع فيزيائي أيضا. فما نراه من الأبوة والأمومة والبنوة حال خاص بالحياة الدنيا إذ أن علاقتنا بوالدينا علاقة جينية باعتبار أن جيناتنا الوراثية مركبة من كليهما ولكننا في الآخرة نكون قد تركنا أبداننا كاملة وانتقلنا إلى أبدان نباتية جديدة. هكذا سوف نعرف معنى الربوبية حينما ننظر إلى ما يفعله الأبوان فينا طيلة حياتنا وبعد أن نصير آباء وبعد أن يتكامل القوة الفكرية لدينا في سن الأربعين.

إن أبوانا يربياننا والله تعالى أيضا يربينا. لكننا نحتاج إلى أن نعرف حدود تربية الأبوين ونقارن بينها وبين الحكيم العليم الذي خلق السماوات والأرض وقام بمدهما بكل مستلزمات التطور والبقاء خلال بلايين السنين كمقدمة لظهور الإنسان. قال تعالى في سورة هود: وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7).

هو سبحانه الذي خلق الموت والحياة لنفس الغرض. قال تعالى في سورة الملك: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4).

فمرحلة الأبوة والبنوة في الحياة الدنيا مقصودة لنبدأ بالتفكر في العالم الكبير المحيط بنا وفي رب العالمين الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا. كان ممكنا أن يخلقنا الله تعالى بدون الارتباط بالآباء كما سوف يفعل في الحياة الثانية. ولذلك نبهنا في الآيات التالية إلى هذه المسألة المهمة.

ماري:

اسمح لي يا عم قبل أن تواصل فلدي سؤال مهم في آيات سورة الملك. هل تعني تلك الآيات الكريمة بأن الله تعالى خلق هذا الكون المهيب بمجراته البليونية ونجوم مجراته البليونية لهذا العدد المحدود من البشر في كوكبنا الأرضي التي نعيش فيها؟

توم:

ولدي أنا سؤال أيضا يؤرقني كثيرا ولعله هو الذي جعلني أبتعد عن مساجد الله تعالى وأترك صلوات الجماعة. سمعت الكثير من الوعاظ يقولون بأن نبينا محمدا هو سيد الخلق وسيد الأنبياء والمرسلين. كيف يمكن لبشر في هذا الكوكب أن يكون سيدا لكل الخلق المهيب في هذا الكون العظيم المترامي الأطراف؟ وكيف يكون محمد سيد الأنبياء الذين ماتوا قبل أن يولد محمد؟

محمود:

بالطبع أن الله تعالى لم يخلق هذا الكون المهيب لهذا الإنسان الذي في هذا الكوكب. لم يقل الله تعالى ذلك في كتابه الكريم. ولكن سلفنا رحمهم الله تعالى لم يعرفوا شيئا عن الكواكب البليونية ولذلك ظنوا بأن خلق الكائنات العاقلة المكلفة محدود بمن في هذا الكوكب فاخترع بعض قليلي الإيمان منهم الأحاديث التي تناسب ذلك الشأن وتقبلها الجميع مع الأسف.

وهكذا الذين قالوا بأن محمدا عليه السلام هو سيد الأنبياء والمرسلين عليهم السلام. لم يقل الله تعالى ذلك ولا دليل في القرآن بفضل محمد عليهم.

وأما بالنسبة لسؤال ماري. قال تعالى في سورة نوح: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16). حينما أراد نوح أن يثبت سنة التطور في خلق الله تعالى استشهد بالسماوات السبع المتطابقة. بمعنى أن لكل سماء أرض مثلنا ولكل أرض شمس مضيء وقمر منير مثل شمسنا وقمرنا. هذا يعني بأن هذه النجوم شبيهة بنظامنا الشمسي ولكل منها أرض مسكونة تتحلى بضياء نجمه وبنور قمر مثل قمرنا. فهناك بشر في كل الكون.

كاترين:

يقولون بأن الأنبياء مثل نوح اشتكى على قومه فأنزل الله تعالى العذاب عليهم ومحمد لم يشتك على قومه فهو أفضل منهم.

محمود:

كان محمد عليه السلام أوفر الأنبياء حظا في قومه. فقد أسلم على يده الكثير من أهل مكة والمدينة وغيرها وكوَّن منهم جيشا عظيما نسبيا. فمن الظلم أن نقول بأن محمدا لم يشتك على قومه. والقرآن الكريم يذكر شكوى محمد على قومه في سورة الفرقان: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30). حتى لو كانت الشكوى يوم القيامة فإنه سوف يشتكي على قومه على كل حال.

وأما الذين يقارنون بين محمد ونوح فهم يظلمون أنفسهم فعلا. لقد عاش حبيبنا محمد 23 سنة فقط بين قومه معززا مكرما منتصرا. وعاش النبي العظيم نوح 950 سنة بين قومه وهم يستهزؤون به. فلا وجه للمقارنة بينهما. لقد صبر نوح ألف سنة إلا خمسين عاما ثم دعا عليهم. ولكن مشكلتنا نحن المسلمين بأننا بأي حال نريد أن نكبر نبينا على أنبياء غيرنا. تماما مثل الطفل الذي يظن بأنه أباه خير أب في الأرض.

ساترين:

أليس محمد عليه السلام هو القائل: ما أوذي نبي مثل ما أوذيت؟

محمود:

يقول البعض بأن الحديث الوارد هو: ما أوذي أحد ما أوذيت، أو: ما أوذي أحد ما أوذيت في الله. كما يروي البعض نفس الحديث الذي ذكرته ساترين. كل الكلام باطل فالذي يمكنه أن يقول ذلك هو الله تعالى وليس عبده الأمين عليه السلام. الذي رأى كل الأنبياء وعلم بما حصل لهم جميعا من أذى هو ربهم وليس محمد. فلا عبرة بأي كلام عن الأنبياء السابقين خارج نطاق القرآن الكريم. أمرنا الله تعالى بأن لا نفرق بين رسله. قال تعالى في سورة البقرة: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285). واسمحوا لي أن نكمل الوصايا.

د:

قال تعالى في سورة لقمان: وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15). إنه لحق بأن لأبويكم عليكم حقا ولكن لا تنسوا بأن الله تعالى قدَّرهما لتتعرفوا على ربكم. فإذا تجاوز الأب أو الأم أو كلاهما عن حدود حقوقهما البسيطة وأرادا إقناع الأبناء بتفخيم حقوق الوالدين وهو شرك؛ فعلى الأولاد ألا يطيعوهما ويصاحبوهما في الدنيا معروفا فقط. الحق كل الحق لله تعالى والأبوان وسائل إلهية لهدف إلهي.

فما يقوله الكثير من الناصحين والوعاظ بأن الله تعالى قرن طاعته بطاعة الوالدين ليس صحيحا. إنه سبحانه أراد أن يؤكد الطاعة لله تعالى وينبهنا بأن حقوق الوالدين محدودة بالإحسان إليهما وليس بالطاعة. الطاعة لله تعالى وحده لا شريك له. قال تعالى في سورة العنكبوت: وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8). ولعلكم تعلمون بأن الموصى به ضعيف يحتاج إلى أن يوصي به الله تعالى حتى نراعي ضعفه. ولذلك أوصانا الله تعالى بأبوينا لنحسن إليهما لأنهما يتحركان باتجاه الضعف والعجز شيئا فشيئا.

6:

الأنعام الأربعة المعروفة وهن الإبل والبقر والغنم والمعز فهي مخلوقة لغذاء الإنسان. ولو ننظر إلى عامة أفراد البشر ونلاحظ طيلة التاريخ الإنساني يمكننا أن نعرف بأنها طعام طبيعي لنا. هذا الطعام الطبيعي لم يأت بالصدفة بل هناك طفرات تطورية كبيرة مقصودة من الله تعالى لخلقها بالصورة النهائية التي نراها ونستمتع بها اليوم. وقد أخبرنا الله تعالى بأن هذه الأنعام لنا وحرم علينا لحم الخنزير قائلا بأن سبب التحريم هو عدم تطور الخنزير بما يكفي لعدم إلحاق ضرر بنا. قال تعالى في سورة الأنعام: وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ (146). فالخنزير محرم لأنه رجس. والرجس في اللغة وبنظري القاصر مشابه للنجس. كلاهما تعنيان توقف الحركة التطورية. إلا أن النجس كلمة تُستعمل لنفس المعنى مع ملاحظة الآثار السلبية لتلك الحركة المتوقفة أو الناقصة. لكن الخنزير محرم من أصله فيجب الابتعاد عنه بدون ملاحظة الآثار. وسبب التحريم هو أن طعام الخنزير لا يتكامل تصنيعه داخل الحيوان لأن الخنزير يحول ما يأكله خلال أربع ساعات تقريبا وهو غير كاف للتبدل والتحول بما يتناسب مع البدن الإنساني. والله تعالى لم يحرم شيئا آخر من الخنزير غير لحمه كطعام إنساني. فالسبب الحقيقي هو توقف التطور في منتصف الطريق داخل الحيوان.

فالآية الأولى تنطوي على رفض وصية من الله تعالى. ذلك لأن الأنعام الأربعة المذكورة هنا فهي مما خلقها الله تعالى لعبيده أن يأكلوا منها. إنها مخصصة لأكل البشر فلا يجوز النذر فيها ولا يجوز تحريم أي منها ولا تأخير أي منها إذا احتاج أصحابها بل لعل أي بشر احتاج إليها.

المالك الحقيقي لهذه الأنعام هو الله تعالى الذي خلقها لعبيده. نحن ندفع قيمة التنازل عنها ولا يمكننا أن ندفع ثمنها الحقيقي إطلاقا. وحينما تشتريها فإن لك الأفضلية على التصرف بها وليس لأحد أي حق في اللعب بها أو أن يمنع البشر من التمتع بأكلها عند الضرورة. فلا معنى لأن تنذر الحيوان المملوك لله تعالى لشخص أو لحالة معينة أو لصنم أو تؤخر ذبحها والبشر محتاج لها بأي عذر. وبما أنها للإنسان بصورة طبيعية فإن الذي يمكنه أن يحرمها هو الله تعالى وحده. هذا التحريم لا يمكن أن يكون طبيعيا بل يمكن أن يتم بتوصية من الله تعالى. ولذلك يقول سبحانه فيهما: أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا؟ فهو استفهام إنكاري صريح ولذلك يعتبر سبحانه الذي يدعي ذلك الادعاء بأنه ظالم ومفتر على الله تعالى.

ماري:

يا عم لاحظت مسألة غريبة في سورة البقرة وحينما يمنعنا الله تعالى من أكل لحم الخنزير فإنه يقول عز من قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173). فهو سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين مهتم بذكر النعم الحيوانية المتاحة وبأنّ التحريم محدود. وعلى أي حال فالمضطر يتناول مما يشاء من المحرمات دون أنْ يقصد العودة إليها إلى أنْ ترتفع الضرورة. لاحظت من لطائف هاتين الآيتين المباركتين أنه سبحانه يدعو الناس أنْ يشكروه حينما يأكلون الطيبات من الرزق ولكنه لا يطلب منهم الشكر حينما يضطرون لتناول المحرمات والممنوعات من النَّعم.

محمود:

أحسنت ماري ولنعم ما لاحظتيه في كتاب الله تعالى المليء بمثل هذه اللطائف. المهم أنْ يبحث المؤمن عن طيبات الأكل لتسنح له العبادة بثقة واطمئنان. والشكر هو مظهر من مظاهر العبادة في حقيقة معناه. ولو نظرنا إلى القرآن الكريم لوجدنا اهتماماً كبيراً ومتكرراً في آيات كثيرة مِنْ قِبَل الله تعالى بمسألة الأنعام، فهل هذا الاهتمام مِن جبار السماوات وخالق الكون كانَ اعتباطاً أم صدفة أم لإشباع رغباتنا في الأكل أم لشيءٍ أعظم مِنْ ذلك؟ ولو ينظر الإنسان إلى عظمة الأنعام والوقت الذي مرّ عليها منذ بداية خلقها لتصبح صالحة للطعام الإنساني بعد التطورات الكبيرة في كيانها كما نعرف من سورة الحج فسنشعر فعلا بالخضوع للعظيم الرحيم الذي بدأ بخلق الأنعام ملايين السنين قبل استكمال تطور الحيوان البشري لاستقبال الروح الإلهية لخلق النفس الإنسانية. نعرف ذلك بعد التدقيق في الحيثيات الفكرية والعقلية للإنسان بعيدا عن التطور الجسمي لدى الحيوان. فلا يمكن أن يوصينا الله تعالى بألا نستفيد مما خلقه هو لنا أو نؤجل التمتع به بسبب نذر أو اهتمام بغير إشباع البشر.

علوي:

هل هناك وصايا أخرى في القرآن الكريم؟

محمود:

نعم هناك مجموعة وصايا مختلفة مذكورة في كتاب الله تعالى وفي سورة الأنعام نفسه مشابهة للوصايا العشر المذكورة في التوراة الفعلية وكما أظن في سفري التثنية والخروج.

قال تعالى في سورة الأنعام:

قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. تشير الآية الكريمة بكل وضوح بأن يحسن الإنسان إلى والديه لضعفهما ولا يشركهما ولا يشرك غيرهما في علاقاته مع ربه.

وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ. ليس الرزق محدودا بما نملكه أو نبرمجه لمستقبلنا. فكل رزق مما نعلمه قد ينفد وكل فقر قد يتبدل إلى غنى ونعيم. ولذلك لا يجوز أن نُحرم أولادنا مما يسره لنا ربنا بفضله خوفا من يوم البؤس والندرة الاحتمالية. كلما يؤثر في نمو الأطفال لو توفر لدينا فعلينا تقديمه لهم ونوكل المستقبل إلى ربهم وربنا الذي تولى رزقنا ورزقهم.

وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. كل الفواحش محرمة وبأي صورة تمت. رأيت أحد الكتاب السوريين المعروفين نشر قبل فترة في موقعه الفكري بأن الزنا لا يصدق إلا إذا كان أمام الناس. قال ذلك استنادا إلى آيات سورة النور التي تحرم جلد الزاني والزانية إن لم يكن هناك أربعة شهود يشهدون بالواقعة. بالطبع أن الأخ الكريم حسن الظن ولكنه لم يتفطن إلى هذه الآية من سورة الأنعام بأن الله تعالى حرم ما ظهر وما بطن. آيات النور تتحدث عن العقاب وواضح من الآيات بأنه سبحانه لا يحب أن تظهر الفاحشة أمام المحاكم صونا للأعراض وللعوائل ولذلك يعاقب الذي يتهم أحدا دون تحقيق إن لم يأت بثلاثة شهداء مثله. ولعل الشاهد الواحد يكون صادقا ولكن ربه يحب أن يستر على عبيده ليفتح أمامهم أبواب التوبة. لكن ما فعلاه فاحشة يعاقبان عليها يوم القيامة ولو كان في الخفاء إلا إذا تابا ولم يعودا فلعله سبحانه أن يغفر لهما.

وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151). قتل النفس محرم بصورة عامة بغض النظر عن كون المقتول مسلما مؤمنا أو فاسقا أو كافرا. وأما الحق المذكور في الآية فإنه سبحانه وضحه في سورة الإسراء: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33). فمن حق أهل المقتول أن يقتلوا شخصا واحدا إن كان هو القاتل لقتيلهم ولا يحق لهم أن يقتلوا أكثر من ذلك.

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. يجب على الناس أن يرعوا اليتامى ويحموهم ويجوز لمن يساعدهم إن لم يكن قادرا على العمل بالمجان أن يأخذ من مال اليتيم بقدر الضرورة وحسب العرف. فإذا بلغ اليتيم أشده يقدم له أمواله بالكامل.

وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا. على كل من يتعامل بالتجارة أن يهتم بالكيل والميزان بقدر المستطاع. والقسط أكثر دقة من العدل ولكن الاستطاعة يعطي التاجر بعض الحرية في انتخاب طريق القسط. والعلم عند المولى.

وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى. ما يقوله الإنسان بالنسبة لغيره قد يكون مجحفا بحق أحد ولا سيما لو تحدث عن حقوق أقاربه. فعلى المتحدث ألا يتكلم عن حقوق أحد أو عن الخلاف بين الناس إلا بالعدل. إن مجرد الكلام قد يصل للقضاء ويؤثر في حقوق الناس والله تعالى يحترم حقوق البشر بالكامل.  

وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152). كل العهود واجبة الوفاء ولا سيما العهد الطبيعي مع الله تعالى.

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153). الوصايا السماوية محددة ولا يجوز تجاوزها ولا ترك بعضها. كما لا يجوز اتباع غير القرآن لمعرفة وصايا الله تعالى المذكورة في القرآن الكريم بكل تفصيل. فالله تعالى يوصي الناس باتباع وصاياه فذلك الواجب الذي يمثل صراطا مستقيما إلى رضوان ربنا. ومن واجبنا أن نتبع صراط الله تعالى وليس صراط غيره كائنا من كان. وأما الرسول عليه السلام فليس له صراط غير صراط الله تعالى وليس له تشريعات غير تشريعات القرآن الكريم.

كاترين:

وبالمناسبة أنقل لكم الوصايا العشر من التوراة التي بين يدينا مع بعض الاختلاف في الأسفار المختلفة منها:

1. أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا تكن لك آلهة أخرى أمامي.

2. لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك.

3. لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا.

4. اذكر يوم السبت لتقدسه ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك. وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك.

5. أكرم أباك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك.

6. لا تقتل.

7. لا تزن.

8. لا تسرق.

9. لا تشهد على قريبك شهادة زور.

10. لا تشته بيت قريبك ولا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك.

ماري:

فعلا هناك بون شاسع بين وصايا القرآن الكريم ووصايا الكتاب المقدس.

علوي:

هناك وصايا مشابهة لوصايا سورة الأنعام في سورة الإسراء وقد ذكرتم واحدة منها ولكنها لم تأت بوصف الوصية.

محمود:

سوف نتحدث عنها في الجلسة القادمة بإذن الرحمن.

توم:

ما هو العهد الطبيعي الذي أشرتم إليه؟

محمود:

الوقت ضيق اليوم. فأرجو أن تحتفظ بحقك في السؤال عنه بعد أن ننتهي من بيان الحكم والمواعظ.

انتهت الجلسة واتفقوا على جلسة أخرى يوم الجمعة القادم.

أحمد المُهري

6/10/2019

#تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.