كيف سيقرأ جيل اليوم قصة “الغدير”؟

كيف سيقرأ جيل اليوم قصة “الغدير”؟


………
يحتفل الشيعة والسنة بعيد الغدير، تلك الحادثة التي وقعت في مكان يدعى غدير خم (في السنة العاشرة للهجرة) والتي وثقت فيها كتب السنة وقوف النبي محمد في صف علي ودعاءه الشهير “اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه”.
لكن كيف سيقرأ شاب ولد في القرن الحادي والعشرين حادثة الغدير؟
في البداية سيشاهد علي بن ابي طالب والصحابة وهم عائدون من اليمن بقوافل الغنائم والمنهوبات.. وسيتذكر أن اليمنيين الذين دخلوا الإسلام طوعا حاولوا التمرد بعد أن ارهقتهم حكومة المدينة بالجبايات والضرائب، ذلك التمرد الذي تم اخماده بالقوة وإدخال اليمنيين إلى حظيرة الإسلام 
سيعود الشاب لتفاصيل قافلة المنهوبات وسيقرأ في كتب التراث مشهد علي بن بي طالب وهو يخرج من مخدع إحدى السبايا اليمنيات والماء يقطر من رأسه بعد أن اغتسل من الجنابة. 
في هذا المشهد لن يفكر الشاب في علي بل في الفتاة الضحية. هل كانت زوجة لرجل قتله الفاتحون لأنه قاومهم وأسروها بعد ذلك؟ ام كانت صبية عذراء وجدت نفسها ضحية اغتصاب من قبل رجل لا تعرفه لكنه يقول أنه مبعوث من الله لإدخال الناس دين الرحمة والحرية؟ هل كانت تلك الفتاة حرة سعيدة في سهول اليمن الخضراء ثم وجدت نفسها فجأة “سبية”؟ والسبية هو اللفظ الذي نستخدمه نحن المسلمين حتى اليوم لوصف ضحايا الاستعباد الجنسي من النساء (هكذا سيحدث نفسه ذلك الشاب المسلم ابن القرن الحادي والعشرين وهو يقرأ حادثة الغدير).
سيرفض هذه الصورة المشوهة لعلي كما تقدمها كتب التراث، وسيتمسك بصورة علي كما درسها في المدرسة ..ذلك الشخص المسالم الزاهد الشجاع…لكن الصرح الكبير قد هوى وتهشم!
سيرتاح الشاب قليلا من دوار التاريخ وأزمات الضمير، لكنه سيقرأ مجددا ان الصحابة غضبوا من علي لانه قسم الغنائم حسب مزاجه دون أن يستشيرهم… سيتذكر فجأة مشاهد الخلاف على تقسيم المنهوبات في أفلام هوليود وهي تنتهي بزخات الرصاص.
سيتصاعد الخلاف بين الصحابة وعلي حول اقتسام المنهوبات (تسميها كتب التراث الغنائم)، وسيتجهون إلى النبي الأمي ليحل المشكلة، وسيتوقعون أن يعاقب الرسول عليا بسبب تصرفه الفردي.
لكن المفاجات لا تتوقف عن السقوط على دماغ الشاب ابن القرن الحادي والعشرين. فها هو يقرأ في كتب التراث ان النبي المبعوث من الله هداية للعالمين سيتحيز لابن عمه وزوج ابنته وسيجعله معيارا للحق ومقياسا لرضوان الله «من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه»!
ستزدحم التساؤلات والصرخات في عقل الشاب، وسيقرأ في كتب التراث أيضا أن الله من فوق السماوات السبع أيد هذا التحيز العائلي واصطفى قريشا من بين كل القبائل ثم اصطفى بني هاشم من قريش ثم اصطفى محمدا وعليا وأولاده من بين جميع الخلق.
لن يفهم الشاب شيئا.. سيهذي قليلا وسيتخيل مشهدا لتحية السلام النازية وهي تصعد من الغدير وترتفع لتغطي السماء بلون أسود.
سيرفض الشاب كل هذه المرويات وسيقول إن الرسول أرحم وأطهر من ان يفعل ما ذكروه.
سيبحث عن الإسلام الحقيقي في التفاسير وكتب الحديث المعتمدة الصحيحة وسيجد نفس القصص ونفس الذراع السوداء تخنقه وتحجب عالمه بصراخ كئيب.
ربما بعد يوم أو بعد اسبوع سيكون للشاب رأي آخر حول كل ما حدث… رأي يحرره من قيود الخرافة التي سفكت دماء الأبرياء واهانت كبرياءهم 14 قرنا.
سيخرج إلى الشارع ليجد من حوله يحتفلون بالغدير تحت حماية الدبابة والرشاش والمصحف المرفوع على السيف.. وسيدرك أن الزمن تأخر كثيرا ..هؤلاء القوم صاروا خارج الإنسانية والتاريخ.

حسين الوادعي

19/8/2019

تطوير_الفقه_الاسلامي

تعليق أحمد المُهري :

حينما يقرأ قارئ بسيط مثلي مقالة كاتب ألمعي مثل حسين الوادعي حول الغدير فإنه أو إني لا أشعر بأنني متمكن من فهم ما يقصده الكاتب. المشكلة أننا نؤمن بأن المعنى في بطن الشاعر وليس في بطن الكاتب الألمعي. لكن هذا ما حصل لي حينما أردت أن أفهم مقصود الأخ الوادعي.

بالطبع أنني أعتبر قصة الغدير فرية أحتملها عباسية زخر بها كتب التراث واتخذها بنو جلدتي فرصة كبيرة لتثبيت ولاية علي بن أبي طالب كما نريد. إنني لا أؤمن بأي حديث وبأي تاريخ عدا ما أقرؤه من كتاب الله تعالى الصحيح الصادق. كل الحكايات التي نقلها الأخ الوادعي والتي تنال من شرف إنسان عظيم مثل الإمام علي عليه السلام من مفتريات المؤرخين باعتقادي. لو صح بأنه عليه السلام قام بما قام به في اليمن أولو صح ما قاله المؤرخون المفترون حول حكاية سبي صفية وتزويجها جبرا للرسول عليه السلام فأنا حينئذ سأرفض الإسلام.

ما نسبوه إلى الرسول وإلى علي هو مما يأتي به المجرمون مثل التتر ومثل بني أمية وبني العباس والفاطميين وبني عثمان وأمثالهم من فتوحات بربرية وهجوم لا إنساني على الآمنين وسرقة أموالهم وقتل رجالهم وسبي نسائهم وأطفالهم باسم الفتوحات الإسلامية. وأما حكاية الغدير فهي من أسخف المفتريات التي افتروها على الرسول الأمين عليه السلام. ليس الرسول قيصرا ولا كسرى ولا ملكا حتى يعين لنفسه ولي عهد. وليس للرسول أي إذن موضح في كتاب ربه ليعين خليفة لنفسه. وليس الدين الإسلامي ناقصا حين وفاة رسول الإسلام حتى يوصي لعلي ليكمل دينه. إن رسولنا مثل بقية الرسل جاء بدين كامل لا نقص فيه ولذلك أخبر ربنا بأنه سبحانه في ذلك اليوم في نهايات عمره الشريف قد أكمل للمسلمين دينهم ورضي لهم الإسلام دينا.

ثم إنه سبحانه ختم برسولنا عليه السلام النبوة ومعناها كما ينقلون عن علي عليه السلام نفسه بأن الوحي انقطع بعد وفاة الرسول الأمين.

والأمر الآخر بأن الرسول كان إنسانا متواضعا يجلس مع أصغر الناس ويأكل مع أفقر الناس ويواسي المسلمين وغير المسلمين بكل ما تمكن من المواساة. إن من أعيب المعايب أن يقول: من كنت مولاه. يعني ذلك بأن الرسول إنسان متكبر يعتبر نفسه مولى على الناس. لاحظوا بأنه سبحانه يقول في سورة محمد: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11). فالله تعالى هو المولى للمؤمنين وليس محمدا عليه السلام. كل الأنبياء بنص القرآن الكريم إخوان لأممهم وليسوا موالي عليهم (أخوهم نوح، أخوهم صالح، أخوهم هود…). ورسولنا معروف قرآنيا بأنه صاحب للناس وبأن من حوله أصحاب له. فلم يعترف القرآن بصلة المولوية بين الرسول وقومه. إنه صاحب للمؤمن وغير المؤمن. قال سبحانه في سورة التكوير: وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22). والخطاب للمشركين لأن المؤمنين لم يتهموا رسولهم بالجنون.

إنها مصيبة كبيرة بأن نرى سلفنا لا يتفطن لما يكتب لهذا الحد من الجهل بالقرآن الكريم. وإنها لمأساة أن نرى علماء المسلمين على طول القرون يؤمنون بالخرافات التي أدخلها الفاسقون في الإسلام ولا يفكرون في تبعات هذه الحكايات الباطلة التي تؤثر سلبيا على شبابنا المؤمن الطيب الذي يحب أن يعرف ويدرك الحقيقة قبل أن يؤمن بها. شبابنا الطيب الذي يرفض ما يدعيه المحدثون ويسعى لفهم كتابه السماوي الذي يخلو من أية إشارة إلى الغدير المزعوم.

أحمد المُهري

19/8/2019

تعليق احمد الكاتب :

كتب الأخ حسين الوادعي مقالا في مركز تطوير الفقه الاسلامي، يعزو فيه سبب دفاع النبي عن الامام علي يوم غدير خم، بقيام الامام بمجامعة احدى سبيات غنائم اليمن، ورد عليه  الأخ أحمد المهري بنفي الواقعة من اساسها وقال فيه: ” أنني أعتبر قصة الغدير فرية أحتملها عباسية زخر بها كتب التراث واتخذها بنو جلدتي فرصة كبيرة لتثبيت ولاية علي بن أبي طالب كما نريد. إنني لا أؤمن بأي حديث وبأي تاريخ عدا ما أقرؤه من كتاب الله تعالى الصحيح الصادق. كل الحكايات التي نقلها الأخ الوادعي والتي تنال من شرف إنسان عظيم مثل الإمام علي عليه السلام من مفتريات المؤرخين باعتقادي”.في الحقيقة لا يمكن التشكيك بواقعة الغدير، التي حدثت في أثناء عودة  النبي من حجة الوداع، ولا يمكن القول انها من اختلاق العباسيين، وذلك لأنهم كانوا يرفضون فكرة النص على الامام علي بالخلافة، ولم يكونوا ليؤيدوا حديث الغدير بالمعنى الذي ينقله الشيعة ولا سيما البويهيون والفاطميون، الذين كانوا يستغلون حديث الغدير لكلي يسحبوا بساط الشرعية الدستورية من تحت اقدام العباسيين. و لا يمكن التصديق ايضا بالرواية  التي أوردها الوادعي حول سبب الواقعة وهي قصة جماع الامام علي بالسبية  من أموال الغنائم اليمنية، وذلك لوجود رواية أخرى مضادة لها بأن من تصرف في الغنائم كان خالد بن الوليد الذي تركه الامام علي أمينا على الغنائم وذهب سريعا ليلتحق بالنبي في حجة الوداع، بناء على اسدعائه له، ولما رجع الى الغنائم رأى خالدا وبعض الصحابة قد  تصرفوا في الغنائم فنهرهم وزجرهم فاشتكوه للنبي فقال قولته الشهيرة: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه الله انصر  من نصره واخذل من خذله”. ولا يوجد في هذا النص اية اشارة الى الرواية الأولى التي تتهم الامام علي بالنوم مع السبية.وبغض النظر عن اختلاف الروايات حول اسباب حديث الغدير، فان المشكلة الكبرى التي دارت حول هذا الحديث بين المسلمين عبر التاريخ والى اليوم، ليس حول من هو المتهم وماذا فعل الامام علي مع الجارية، وانما حول مضمون حديث الغدير والمقصود منه؟ هل هو اعلان بتأييد الامام علي في واقعة خاصة؟ أم تأسيس لنظرية سياسية دينية ينبغي ان تستمر الى يوم القيامة، وحصر الحق في الحكم والخلافة في في علي وسلالته الى يوم القيامةظ وهو ما أدى الى تأسيس الفرقة الشيعية الامامية، أو ان هذه الفرقة التي ولدت في القرن الثاني الهجري قامت باستغلال حديث الغدير لكي تؤسس نظريتها الدينية، والتي انقرضت فعلا منذ اكثر من الف عام ولكنها لا تزال تفعل فعلها السلبي في تفريق الأمة الاسلامية، ومن هنا فان المهم جدا ليس التوقف عند  الجدل حول الدافع لحديث النبي عند غدير خم، وانما وضع الحديث في اطاره الظرفي والتمسك بنظرية الشورى (الديمقراطية) بدلا التشبث بنظرية سياسية دينية ميتة ومنقرضة.

احمد الكاتب

وصية الرسول لعلي؟ والغدير المزعوم

حينما كنت في باريس مع المرحوم الإمام الخميني قال لي أحد إخواننا الإيرانيين: يا سيد مهري لاحظت عدة مرات أنك جالس بجوار الإمام أو قريبا منه وبمجرد أن يدخل أصحاب الكاميرات فأنت تبتعد عنه في حين أن الجميع يسعون لينتشر صورهم في الجرائد مع الإمام. قلت له: أنا قدمت إلى هنا لأساعد الإمام الخميني في القضاء على الشاه وليس لأن أستفيد منه. ولو أنني أردت أن أقوم بالثورة فأنا قادر بحول الله تعالى أن أكون قائدا مثله، ولذلك تراني أبتعد عن الكاميرات.

فإذا كان هناك بين الأمة أفراد عاديون مثلي يرفضون أن يستفيدوا من سلطة غيرهم ويرفضون أن يوصى بهم فهل تظنون بأن عملاقا بقامة علي بن أبي طالب يرضى بذلك؟

لننظر إلى رأيه عليه السلام في نهج البلاغة والعهدة على الشريف الرضي الذي نقل الخبر. نقرأ في باب الخطب ما نصه بالكامل بحسب الكتاب:

67-  ومن كلام له (عليه السلام)، قالوا لما انتهت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال (عليه السلام) ما قالت الأنصار قالوا قالت منا أمير ومنكم أمير قال (عليه السلام):

فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ ويُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا ومَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ (عليه السلام) لَوكَانَ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ (عليه السلام) فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ (عليه السلام) احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وأَضَاعُوا الثَّمَرَةَ.      انتهى النقل.

لا ألوم أحدا لو لم ينتبه إلى ما قاله الإمام عليه السلام. والسبب أنني حينما كنت أعيش في إيران حضرت حفلة زواج لأحد المسؤولين حضره مجموعة من الوزراء إضافة إلى أعضاء مجلس حماية الدستور القانونيين والدينيين. صار الحديث عن وصية الرسول للإمام علي فنقلت لهم هذه الخطبة. بدأ الجميع يفكر ولا يعرف سر مقولة الإمام. تماما مثل صحابته الذين لم يعرفوا مغزى كلامه فقالوا له: وما في هذا من الحجة عليهم، كما لاحظتم. وبعد دقائق قام الشيخ لطف الله الصافي وقال عرفت النكتة. فعلا الموضوع دقيق وشرح لهم ما عرفه فكان مصيبا.

الوقت الذي صرفتموه الآن لقراءة الحكاية كاف لتدركوا مغزى كلام الإمام ويمكنكم الآن أن تختبروا ذكاءكم. وسأشرح الموقف باختصار فوقت الاختبار قد انتهى!

الإمام علي عليه السلام يعتبر نفسه قادرا على أن يصل إلى السلطة لو أراد بسعيه الشخصي، ولا يشعر بأية حاجة لوصية رسول الله عليه السلام بشأنه. ذلك لأنه يعتبر الأشخاص الذين يوصى بهم ضعفاء عاجزين عن حماية أنفسهم فضلا عن إدارة أمور البلاد والعباد. فقال لهم بأن الرسول أوصى في أهل المدينة وهذا يعني بأنه عليه السلام رأى في أهل المدينة ضعفا أمام المهاجرين فأوصى بهم حتى لا يتعرضوا للظلم. أليس توصيف الإمام بهذا الوصف العظيم خير لكم يا أيها المسلمون وخاصة الشيعة من الاحتفال بفرية عيد الغدير؟ وهل الإمام علي اهتم بمثل هذا الأمر وهل سمعتم عنه أنه يذكر الناس بالوصية؟ إنه يكره هذا الأمر ويعتبره إهانة لشخصيته الفذة وأنتم تبدون أشد الاهتمام بالتحدث عما لا يرضي إمامكم.

والذي يزعجني بأن الشيعة يشعرون بنوع من الفخار بأن بولص سلامه المسيحي كتب ملحمة عن الغدير وكُتبُ السنة تحدثت عنه والشيعة برمتهم تقريبا تحدثوا عنه. ولكن القرآن طبعا لم يتحدث عنه على أن الوحي كان موجودا حتى وفاة رسول الله عليه السلام.

ما قيمة ما كتبه الناس ليمدحوا به الإمام حينما لم يرض الإمام به؟ إنه على حق حينما اعتبر الوصية إهانة لشخصيته التي لا تنقصها شيء ليصل إلى ما يبتغيه لكنه لم يكن محبا للسلطة.

ألم تقرأوا عنه المقطع التالي من نهج البلاغة أيضا ومن الخطبة المعروفة بالشقشقية:

فَمَا رَاعَنِي إِلا والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ.   انتهى النقل.

دعنا نتصور بأن الرسول أوصى فعلا بأن يكون عليا خليفته لكن الأقوياء لم يسمحوا له بذلك إلى أن توفى الخليفة عثمان رضي الله عنه. هناك اجتمع الناس حوله ينثالون عليه من كل جانب ليتقبل السلطة.

واسمحوا لي أن أضرب لكم مثلا قبل التعليق على الحكاية. لو أن حاكما فاسقا سجن مؤمنا ومنعه من الصلاة مهددا إياه بالقتل لو صلى. بالطبع أن المؤمن سوف لا يصلي حماية لنفسه وهي واجبة. لنتصور أن الحاكم الفاسق بعد سنة جاء وقال للمؤمن أسمح لك من الآن أن تقوم بواجباتك الدينية كلها كما تشاء. هاهنا يجب على المؤمن أن يسرع لأداء الصلاة الواجبة بعد ارتفاع المانع. فلنطبق المثال البسيط الآن على حكاية الوصية المزعومة.

الإمام علي رجل مؤمن أوصى الرسول بأن يكون حاكما بعده. لكن الأقوياء منعوه واحتلوا الصدارة بدلا عنه. وبعد وفاة الخليفة الثالث ارتفع كل موانع السلطة من أمام وجهه وجاء الصحابة الذين صوتوا للخلفاء الثلاثة يطلبون منه أن ينهض بالأمر فما هو واجب الإمام حينئذ؟ يجب على الإمام أن ينفذ وصية الرسول فورا دون تأخير بعد ارتفاع الموانع. فلماذا أبى الإمام حتى أصروا عليه وازدحموا بحيث وطئ الحسان وشق عطفاه؟ أليس في ذلك دليلا بأن لا وصية ولا هم يحزنون؟

وحتى تعلموا بأنه عليه السلام كان مهتما ببيعة الصحابة، أنقل لكم الكتاب التالي الموجه إلى معاوية وهو في نهج البلاغة أيضا:

6-  ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية:

إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ ولَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ وإِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ والْأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ووَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى ولَعَمْرِي يَا مُعَاوِيَةُ لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ ولَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّى فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ والسَّلَامُ.      انتهى النقل.

الذين بايعوا أبا بكر رضي الله عنه هم صحابة رسول الله عليه السلام. ولكن الذين بايعوا عثمان فقد يكونوا الصحابة وغيرهم لأن الفاصلة الزمانية كبيرة وقد انضم أناس آخرون إلى صحابة الرسول. فمن الوضح الجلي بأن الإمام اهتم بصحابة الرسول عليه السلام من المهاجرين والأنصار الذين بايعوا أبا بكر وعمراً وعثمان. فأين الوصية وأين الغدير وأين هذا العيد المزعوم؟؟؟

أرجو من الجميع أن يقرؤوا نهج البلاغة بالكامل ليروا بأنفسهم هل أشار الإمام علي إلى الغدير أو خم أو أي تنويه على حكاية الغدير؟

هدانا الله تعالى جميعا إلى طريق الصواب.

أحمد المُهري

20/8/2019

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.