هذيف في الادارة 1 – المفاهيم Concepts

هذيف في الادارة 1

اجتمعنا في رفقة كديوانية في احدى المقاهي المفتوحة، لقاء تقرر ان يجمعنا لنتعلم ونتناقش، لأسكب محتوى كل لقاء في مقال مستقل وهذا اوله ….

المفاهيم Concepts

المفاهيم

حول هذه الطاولة اجتمع الشباب، اكواب الشاي الملبن اجتمعت معنا على الطاولة …ولصدفة ما غير مقررة كانت بداية لحديث هذه الجلسة في الاستفسار التالي: دائما ما تبدأ أي حلقة تدريس او تدريب جديدة تكرر العبارة (لكل معنى مفهوم ولكل مفهوم نتيجة، تغيرت المفاهيم تغيرت النتائج) … لماذا؟

  • كيف نفهم الأشياء والاحداث من حولنا؟
  • نفهمها بناء على تفسيرنا لتلك الاحداث …
  • ما يمكن ان نسمي هذا التفسير …؟
  • لم نفهم …؟
  • ماذا تقصد؟
  • ما البديل لتفسيرنا…
    يمكن ان نقول الادراك ….
  • نعم هو الادراك، والادراك هو تفسيرنا للأحداث والمواقف من حولنا بناء على المعطيات المكتسبة.
  • الادراك !!!
  • ماذا قدمت لكم الآن؟
  • مفهوم …
  • نعم قدمت لكم مفهوما لمعنى مجرد صار هذا المعنى يعطي نتيجة محددة ان قدم أي شخص آخر مفهوما مخالفا لذات المعنى ماذا سيحدث؟
  • ستتغير النتيجة،  
  • إن مشكلتنا الرئيسية في التعامل مع المفاهيم المختلفة، والتي تبدو في النظرة الأولى سهلة ويسيرة الا انها تغير كل السلوكيات التي ستنتج عبر التعامل مع تلك المفاهيم … دعوني اسأل مرة أخرى كم معنى يتوفر مبدئيا لدينا؟
  • كم معنى؟
  • أي كيف نفسر الحياة، اليس بوضع المعاني لها، والمعاني قد تكون …
  • عذرا للمقاطعة (تقصد ملموسة وغير ملموسة او مجردة)
  • نعم احسنت، المعاني قد تكون مختصرة بكلمة او بعبارة، قد تعبر عن شيء ملموس او غير ملموس (مجرد) فما هو ابسط طريقة لتعريف الملموس… مثلا كيف سنُعرف السيارة؟
  • اعتقد ان أريك السيارة واشير اليها وأقول لك هذه سيارة …
  • نعم هذا ابسط شيء.. فقط تذكرت مشهدا في مسرحية (سيف العرب) للفنان عبدالحسين عبدالرضا ، وهو يتحدث عن وجود شرطي واحد وجندي واحد في الكويت فلما سأله طارق العلي عن السبب أجاب عبدالحسين : (حتى نُعلم عيالنا في المدارس ونقول لهم هذا شرطي وهذا جندي) …
  • ههههه….
  • –         دعني اعد للمثال ان تشير الي بالسيارة … اذن انت أعطيت الملموس اسما مباشرا وحددته ، رغم ان السيارة اليوم ليست هي السيارة قبل عدة قرون … السيارة كانت القافلة … صحيح …
  • نعم و اعتقد هذا ما جعل معجزة كبرى قدمها آدم ان عرف الأسماء قال تعالى في سورة البقرة : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31))
  • احسنت، وهذا كان مستوى معين من الادراك يحتاجه البشر في مرحلة من مراحل تطورهم، انها المعجزة ان تضع أول شيء في أي معنى هو (اسمه)، اننا نسمي الأشياء، اذن نضع لها تعريفا اوليا عنها،
  • هل هناك مستويات للإدراك؟
  • –         نعم، لكن دعوا هذا في موضوع آخر، سنتحدث فيه عن الادراك وأفضل من قدم لها عربيا حسب اطلاعي الأستاذ الدكتور كمال شاهين، وهذا حديث يطول … دعونا نظل في مسارنا الآن.. المفاهيم …
  • هذا أفضل ان صار معنا موضوع لجلسة أخرى…
  • نعم لكن من المهم جدا ان نعي انه كلما توسع ادراك الانسان احتاج الى وضع مفاهيم اعمق للمجردات، انه من السهل ان نضع مفاهيم للمحسوسات ، لكن تخيلوا ان شخصا تربى من صغره على ان (الكرسي ) الذي نجلس عليه اسمه ( منضدة او طاولة ) تخيلوا انه وصل لمجتمع متحضر ، وطلب منه الجلوس على الكرسي ، سيضحك ، بل سيسخر من المتحدث ، هل هناك من يجلس على الطاولة مرتاحا او انه يسخر مني … لا اظن احدا يختلف في التعامل مع الكرسي الملموس ، لكن لو افترضنا كلمة مثل (الحب ) وهو معنى مجرد ، كيف يمكننا ان نضع مفهوما للحب ، تصوروا معي القصة التالية ….  أبو عبدالله لما سألناه عن الحب قال : ” تسمع كلامي ، وتلبي طلبي فورا ” ولما سألنا ام عبدالله عن الحب قالت : ” يقدر وضعي ، يحن علي ”  ، تخيلوا لما وصل أبو عبدالله الى البيت بعد السلام قال لام عبدالله : ” اشتي كوب شاي” ، قالت : ” عطني 5 دقايق اخلص اللي بيدي واجهز لك الشاي ” ، أبو عبدالله : ” يمكن ما سمعتينا ، اشتي كوب شاي ” ، ام عبدالله : ” سمعتك بس عطني 5 دقايق ” … ارتفع صوت أبي عبدالله : ” تتصانجينا… أقول ابغي كوب شاي ” واندلعت المعركة وارتفع الصوت ، واجتمع الجيران ، وتساءلوا … قال أبو عبدالله : ” ما  تحبنا ” ، وقالت ام عبدالله : ” ما يحبني ” ………  المعنى واحد (الحب) الا ان كلاهما فهمه بشكل مختلف، فاختلفت النتائج بينهما،
  • فعلا هذا ما يحدث،
  • بعيدا عن ابي وام عبدالله… هذا سبب خلاف المذاهب في الأديان، لماذا انقسمت الكنيسة؟
  • سمعت عن هذا لان هناك اختلاف في تفسير الثالوث المقدس …
  • وهذا لدى المسلمين أيضا، إنه الاختلاف في 3 مفاهيم رئيسية (الله والانسان والكون)، جعلت كل تلك الشعب والمذاهب والتيارات. وحتى لا يتحول نقاشي الى الاتجاه الديني ان اول شيء لإعادة النظر في حياة المسلمين هي إعادة النظر في تفسير (الله والانسان والكون).
  • دعني اجعل السؤال في الاتجاه الإداري … لماذا تركز على هذه الجانب اذن؟
  • ان أخطر شيء في بيئة الاعمال وحتى في بناء وتأسيس المنظمات او الدول ان يختلف الموظفين او المواطنين في فهم القيم الرئيسية التي يقوم عليها كيانهم التنظيمي. وهذا ليس فقط في الكيانات التنظيمية بل حتى في تقديم أي موضوع او شرح أي قضية، إن لم تتضح المفاهيم الرئيسية التي بني عليها الموضوع يختل التوازن تماما ويبتعد الدارس او الباحث عن الهدف الرئيس من موضوعه او قضيته.
  • هلا سمحت لي بالسؤال في إطار القضايا السياسية …
  • افضل ان لا!!.. دع هذا في لقاءات أخرى تعتمد (الحشوش) …
  • سؤال آخر وكيف نؤسس للمفاهيم …. او كيف نضع تلك المفاهيم؟
  • يعتمد على النتائج التي تريد الوصول اليها من خلال وضعك للمفهوم. وفي الإطار الإداري او التنظيمي، دائما ما نسعى لوضع مستوى محدد من الاعمال التي تنتج عن المفهوم يمكن التعامل معها … لذا يمكن القول اننا نركز على المفاهيم الإجرائية … وليس مجرد مصطلحات عامة، لماذا إجرائية حتى نتمكن من قياسها والتعامل معها؟ مثلا لو قلنا ماذا يعني الصدق؟!
  • الصدق هو الصراحة والوضوح ….
  • الصدق هو ان أقول ما اعرفه …
  • الصدق هو عدم إخفاء المعلومات …
  • جميل لدي 3 تعاريف للصدق، انت عرفت الصدق بمعنى آخر يقابله، وانت عرفته بتصرف واضح ان تقول ما تعرفه، وانت قلت عدم إخفاء المعلومة، هل هذا اما تريده المنظمة من هذا المفهوم … هنا تأتي المشكلة، ان الموظفين سيكونون على اختلاف في التعامل مع قيمة تتبناها منظمتهم، وهنا يحتاج الى توحيد المفهوم كي تكون هناك نتائج قابلة للقياس، وهنا تكمن الصعوبة …
  • لماذا؟؟؟
  • ان الأصعب هو ان تضع قالبا محددا للمعاني المجردة، كلما كنت في مستوى اقل في الادراك كلما تعقدت الأمور، وبالتالي من يتمكن من وضع المفاهيم هو من يقود، ومن يتحكم ….
  • يبدو انه لابد ان نفهم أكثر عن الادراك حتى تترابط الفكرة …
  • اذن دعوا هذا لحديث آخر ….

#محبتي_الدائمة

#اصلح_الله_بالكم

أحمد مبارك بشير

18/8/2019

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.