سيرة الاحلام 2- فتح الباري

سيرة الاحلام 2-فتح الباري

مسلسل الأحلام هذا كل حلقاته تدور حول أساطير تتجه  في اتجاه واحد لتعطي مصداقية أيضا للبخاري وللصحيح المنسوب إليه، وهذه المرة من شخص لم يشاهد البخاري ولم يعاصره بل هو تلميذ تلميذه “المروزي”، الذي تقول الرواية إنه رأى رسول الله في النوم يسأله منكرا عليه دراسة كتاب الشافعي ، ويطلب منه أن يعمد إلى دراسة كتاب الرسول الكريم، وفي الوقت الذي كان الكل ينتظر أن يتحدث الرسول في الحلم عن القرءان لأنه الكتاب الذي جاء به الرسول من لدن الله وحيا منزلا عليه من العلي القدير،  لكننا نجد الرسول – في الحلم طبعا – يخبرنا عن المفاجأة الكبرى وهي أن كتاب الرسول هو الجامع الصحيح لمحمد بن إسماعيل البخاري. خرافة أخرى من مسلسل الأحلام المؤسسة لأسطورة البخاري أو لسيرة البخاري، حيث إن وقاحة الراوي وصلت به أن ينسب عبر خرافة حلم لكتاب مجهول المؤلف أصلاً – كما سنقف على ذلك من خلال الفصلين القادمين – بأنه كتاب لرسول الله، وبالتالي يكتمل السياج الكهربائي حول البخاري والصحيح المنسوب اليه. فكل تكذيب لصحيح البخاري أو لبعض مروياته، سيعد تكذيبًا مباشرًا للرسول الكريم، أوليس الكتاب هو كتاب الرسول؟   وبنص الشهادة المأخوذة من رسول الله نفسه في حلم رآه شخص لم يولد إلا بعد وفاة الرسول بنحو ثلاثمائة سنة. لكنها الخرافة تفعل فعلها عندما تجد من يصدقها. وكتب التاريخ تعج بمثل هذه الخرافات المأخوذة عن أشخاص ادعوا حلمًا ومع ذلك يتبجح متبجح ليعتبر هذا علمًا ويحمل أسلحة التكفير ليوجهها لكل من أراد إعمال العقل واستعماله، ولمن أراد أن يمارس إنسانيته التي لا قيمة لها بدون استعمال العقل، النعمة الربانية التي حبانا الله بها والتي هي مناط التكليف في الإنسان والتي حث الله على استعمالها في محكم كتابه مرات ومرات وذم الذين لا يستعملون عقولهم وشبههم بالأنعام بل أضل.  « إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون« [سورة الأنفال،الآية 22]

حلقات مسلسل الأحلام المؤسسة لأسطورة البخاري نجدها بشكل كبير في كتاب مقدمة فتح الباري حيث يروي هذا الأثر في الفصل الأول من المقدمة:” قال الفربري أيضا: سمعت  محمد بن أبي حاتم البخاري الوراق يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم كأنه يمشي ومحمد بن إسماعيل يمشي خلفه فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع البخاري قدمه في ذلك الموضع” (هدي الساري – الفصل الأول الصفحة 15.  هذا حلم آخر يزيد “الفولتات”  الكهربائية في هذا السياج الذي يحيط بالبخاري وبالكتاب المنسوب إليه وكلها أحلام تبرز أن البخاري كان على خطى الرسول لتؤكد أن كل ما تم تدوينه في كتاب “الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه” – وهو الاسم الحقيقي لصحيح البخاري – صحيح ولا يتسرب إليه الشك.  بشهادة ماذا أو من؟ هل بشهادة الأحلام التي رآها هؤلاء الأشخاص، أو التي ادعى هؤلاء أنهم رأوها، أوتلك التي نسب لهؤلاء الأشخاص أنهم رأوها في نومهم؟ أم بشهادة رسول الله الذي رأى أنه لم يكمل الرسالة ولم يؤد الأمانة – حاشاه – فأرسل رسائله عبر الأحلام الى أمته ليؤكد على أن صحيح البخاري يذب عن رسول الله الكذب، وأن البخاري على خطاه يسير حذو القدم بالقدم، وأن صحيح البخاري هو الكتاب الوحيد للرسول صلى الله عليه وسلم؟  هذا الكلام على غرابته، وعلى حماقته، فإنه الكلام المستخلص من رواية هذه الخرافات في كتب الحديث عن البخاري مع كامل الأسف.

إن من يقف لأول مرة على ما أوردناه ونورده سيندهش من هول المفاجأة، فالعديد من الناس الذين يسمعون عن شخصية البخاري، يظنون أن الأدلة المقدمة على علمه وصلاحه ونبوغه هي أدلة علمية وحقائق مؤيدة بالشواهد التاريخية ولم يكن لهم علم بأنها مجرد أضغاث أحلام تم تضخيمها، أو تم اختلاقها.  فإذا كان المقرر لدى الفقهاء أن الرؤى لا يبنى عليها تشريع، فإن المحدثون بنوا عليها معتقدات، واعتبروها من حقائق التاريخ رغم أنفه، واعتبروها من العلم رغم أنفه أيضا.

يتبع … 

رشيد ايلال

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.