النسخة الاصلية للقرآن

    النسخة الأصلية

أرسل إلينا فضيلة الشيخ عبد المنعم النهدي رسالة يحدثنا فيها عن “الدليل” على أن النسخة الموجودة في أيدينا هي نفس النسخة التي كانت موجودة أيام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.  يقول فضيلته:  “طرح هذا السؤال وكان الجواب أن المسألة متعلقة بالإيمان.  وهذا جواب العاجز وهو ليس بجواب ويمكن نقضه بسهولة من المخالف.  لأن المسألة لم تكن يومًا متعلقة بالإيمان بقدر ماهي متعلقة بالإرغام والحجة الدامغة.  متعلقة بجاء الحق وزهق الباطل.   يرى شيخنا الفاضل أن النسخة الموجودة في أيدينا الآن من القرآن الكريم هي نفس النسخة التي كانت موجودة أيام الرسول الكريم وذلك للأسباب التالية: 1-   حينما نزل القرآن لم يستطع أحد نقضه أو إبطاله ولو تسنى لهم ذلك لفعلوه.  وحينما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت أغلب جزيرة العرب، ولو كان لديهم شيء لنقضه أو إبطاله لفعلوا ولظهرت مقولات تشكك في القرآن أو أصليته منذ ذلك الوقت لأنه يستحيل إخفاء الحقائق التاريخية لو كان ثمة تشكيك أو نقض للقرآن في ذلك الوقت. 2-    أن القرآن حينما نزل كان المخالفون وأهل الكتاب متوافرون وموجودون في كل مكان ولو كان لديهم شيء ضده وضد أصليته لأظهروه منذ ذلك الوقت. 3-   لأنه حينما نزل وكتب وتم توزيعه على الأمصار لم يحصل خلاف عليه، ونجاح العملية بحد ذاتها دليل دامغ على أصليته، لأنه لو لم يكن أصليا لوجدنا فيه اختلافا كثيرا.  وهذا مذكور في القرآن نفسه حيث ذكر أنه تكفل سبحانه بحفظه وأنه لو كان من عند غير الله لوجدنا فيه اختلافا كثيرا.   4-   أن القرآن حينما نزل كانت هناك ترتيبات وإجراءات رسمية(Procedures) تم اعتمادها من رب العالمين وتم تنفيذها والإشراف عليها من قبل جبريل عليه السلام ، مع النبي صلى الله عليه وسلم   وكان أول إجراء هو تحفيظ النبي صلى الله عليه وسلم   وكان النبي ربما استعجل فردد الآيات وجبريل يقرأها حتى ترسخ، فجاءت الأوامر بالتصحيح وأن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يتبع التعليمات بدقة ولا يقلق *لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه*  واستمرت الإجراءات طوال فترة النزول، وكان من الاجراءات تعليم النبي صلى الله وسلم طريقة الأداء والترتيل.  *وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا * وكان من الاجراءات منع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم، حتى لا يختلط القرآن بغيره, وغيرها عشرات الإجراءات الاحترازية والتنفيذية التي تضمن الأداء التام للقرآن كما نزل.  هذه الإجراءات هي إجراءات بشرية لكنها بإشراف رباني وتنفيذ بشري.   وكانت النتيجة أنه لا يوجد اليوم في أي مكان في المعمورة أي نسخة من القرآن مختلفة عن الأخرى وأن أي محاولات للتحريف على مدار التاريخ قوبلت بالفشل الذريع والانكشاف. 5.  أن القرآن حينما نزل عصف بالبشرية عصفا لم يهدأ حتى الآن, ولن يهدأ حتى يوم القيامة.  *وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا*.    وكانت النتيجة أن التاريخ تغير ومساره كذلك. هذه النقاط الخمس هي مجرد البداية للجواب على السؤال السابق”.   انتهى كلام فضيلته

كتبت رسالة أشير فيها إلى أن القول بأن النسخة  الموجودة في أيدينا لا تختلف في حرف عن النسخة التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو قول يقوم على الإيمان في غيبة أي دليل “علمي” على صحته.    بينت أني لن أتناول سوى “حجة” واحدة من الحجج الخمس التي ساقها لبيان أن “المسألة” ليست “علمية” وإنما “إيمانية”.  وعليه,

يخبرنا فضيلة الشيخ النهدي في الحجة الرابعة من حججه الدامغة بالتالي:

1.    أن القرآن حينما نزل كانت هناك ترتيبات وإجراءات رسمية تم اعتمادها من رب العالمين وتم تنفيذها والإشراف عليها من قبل جبريل عليه السلام.

2.    كان أول إجراء هو تحفيظ النبي.

3.    كان النبي ربما استعجل فردد الآيات وجبريل يقرأها حتى ترسخ، فجاءت الأوامر بالتصحيح وأن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يتبع التعليمات بدقة ولا يقلق

4.    أن هذه الإجراءات استمرت طوال فترة النزول.

5.    أن من هذه الاجراءات تعليم النبي صلى الله وسلم طريقة الأداء والترتيل.

6.    ومنع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم، حتى لا يختلط القرآن بغيره.

7.    وغيرها من عشرات الإجراءات الاحترازية والتنفيذية التي تضمن الأداء التام للقرآن كما نزل. 

8.    هذه الإجراءات هي إجراءات بشرية لكنها تنفيذ بشري بإشراف رباني.   

والسؤال هنا هو كالتالي: ألم يلاحظ فضيلته أن كل هذه “الحجج الدامغة” أعلاه إنما هي ما يؤمن به المسلمون وأن غير المسلمين ينظرون إليها نفس نظرتنا إلى الكتب المقدسة لدى الهندوس, والمورمون, والبهائيين وباقي الديانات الأخرى؟   وعليه,

1.    ما هو “الدليل العلمي” على أن القرآن حينما نزل كانت هناك ترتيبات وإجراءات رسمية تم اعتمادها من رب العالمين وتم تنفيذها والإشراف عليها من قبل جبريل عليه السلام؟

2.    وما هو “الدليل العلمي” على أن أول إجراء كان تحفيظ النبي؟

3.    وما هو “الدليل” العلمي على أن النبي ربما استعجل فردد الآيات وجبريل يقرأها حتى ترسخ، فجاءت الأوامر بالتصحيح وأن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يتبع التعليمات بدقة ولا يقلق

4.    وما هو الدليل العلمي على أن هذه الإجراءات استمرت طوال فترة النزول؟

5.    وما هو “الدليل العلمي” على أن من هذه الاجراءات تعليم النبي صلى الله وسلم طريقة الأداء والترتيل؟

6.    وما هو “الدليل العلمي” على منع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم، حتى لا يختلط القرآن بغيره؟

7.    وما هو “الدليل العلمي” على وجود غيرها من عشرات الإجراءات الاحترازية والتنفيذية التي تضمن الأداء التام للقرآن كما نزل؟

8.    وما هو “الدليل العلمي” على أن هذه الإجراءات هي إجراءات بشرية لكنها تنفيذ بشري بإشراف رباني. 

وأخيرًا, من أين عرف فضيلة الشيخ النهدي أن الإجراءات التي تم اتخاذها لكتابة المصحف في عهد أبي بكر, وعمر, وعثمان, هي إجراءات بشرية تحت إشراف رباني؟  كيف تمت هذه العملية؟  هل كان هناك “تواصل” بين الخلفاء الراشدين وبين الله سبحانه وتعالى؟  يعلم كل من آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وأن القرآن كلام الله, أن الوحي قد انقطع بوفاة رسول الله.  فكيف تمت هذه العملية؟   ولا بد من السؤال: من أين لشيخنا الفاضل بهذا العلم كله؟  هذي أمور لا علم للبشر بها.  هذي أمور لا يعلمها إلا الله.  

 1.    القول بأنه كانت هناك ترتيبات وإجراءات رسمية تم اعتمادها من رب العالمين وتم تنفيذها والإشراف عليها من قبل جبريل عليه السلام, حديث عن الغيب, و

2.    القول بأن أول إجراء كان تحفيظ النبي, هو حديث عن الغيب, و

3.    القول بأن النبي ربما استعجل فردد الآيات وجبريل يقرأها حتى ترسخ، فجاءت الأوامر بالتصحيح وأن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يتبع التعليمات بدقة ولا يقلق, هو حديث عن الغيب.

4.    القول بأن هذه الإجراءات استمرت طوال فترة النزول, هو حديث عن الغيب, و

5.    القول  بأن من هذه الاجراءات تعليم النبي صلى الله وسلم طريقة الأداء والترتيل, هو حديث عن الغيب, و

6.    القول بأن هذه الإجراءات هي إجراءات بشرية لكنها تنفيذ بشري بإشراف رباني, هو حديث عن الغيب.  

وكأن ما يحدثنا عنه شيخنا الفاضل هو حديث عن الغيب باستثناء حديثه عن (1) منع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم حتى لا يختلط القرآن بغيره, وحديثه عن (ب) وجود غيرها من عشرات الإجراءات الاحترازية والتنفيذية التي تضمن الأداء التام للقرآن كما نزل.  والمشكلة, كما هو واضح, أن فضيلته لم يقدم لنا أي “دليل” على صحة هذا الكلام.  القول بمنع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم حتى لا يختلط القرآن بغيره ليس دليلاً على أن هذا هو ما حدث وإنما هو كلام يحتاج إلى دليل.  ما هو الدليل على أن هذا “الكلام” قد حدث بالفعل؟  كيف يمكننا “التحقق” من صحة ما يقوله شيخنا الفاضل؟

وكأن ما يحدثنا عنه شيخنا الفاضل هو حديث عن الغيب باستثناء حديثه عن (1) منع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم حتى لا يختلط القرآن بغيره, وحديثه عن (ب) وجود غيرها من عشرات الإجراءات الاحترازية والتنفيذية التي تضمن الأداء التام للقرآن كما نزل.  والمشكلة, كما هو واضح, أن فضيلته لم يقدم لنا أي “دليل” على صحة هذا الكلام.  القول بمنع كتابة أي نص ديني غير القرآن الكريم حتى لا يختلط القرآن بغيره ليس دليلاً على أن هذا هو ما حدث وإنما هو كلام يحتاج إلى دليل.  ما هو الدليل على أن هذا “الكلام” قد حدث بالفعل؟  كيف يمكننا “التحقق” من صحة ما يقوله شيخنا الفاضل؟

..يتبع

كمال شاهين

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.