معركة الألفية الطويلة ضد الاستبداد والمصائد الخمس القاتلة

معركة الألفية الطويلة ضد الاستبداد                                                                     …………………….يمكن اختصار معركة الإنسان العربي في الألفية والنصف الماضية بعنوان واحد هو “المعركة ضد الاستبداد”.الاستبداد الديني، الاستبداد السياسي، القهر الاجتماعي ، النهب المالي.توحشت دولة الخلافة بوجهيها السني والشيعي في الاستبداد والطغيان الشامل.

📌

صادرت الحقوق السياسية للمسلم بعد تحويل الخلافة من اختيار شعبي إلى قدر إلهي عند السنة واصطفاء إلهي عند الشيعة  وتحويل الخليفة- الإمام إلى نائب الله على الأرض

📌

وصادرت الحقوق الشخصية والمدنية بعد إلغاء حرية العقيدة (حد الردة) ، وبعد تغول النص الديني وتحكمه في كل جوانب حياة المسلم من العبادة إلى الأكل والنوم واللبس والمشي. كل حركة وسكنة مرسومة مسبقا ولا حرية للمسلم إلا الطاعة.

📌

وصادرت الحقوق المالية للمسلم بعد تحويل الزكاة والعشور والجبايات إلى فرائض دينية لا يرفضها الا كافر. (ربما يكون الإسلام هو الدين الوحيد الذي اعتبر فقهاؤه ان دفع ضريبة مالية شرط للبقاء فيه).

📌

وصادرت حتى حقه في حماية حياته بعد تحويل الجهاد إلى فريضة دينية، وفتح باب التجنيد الإجباري على مصراعيه وقذف شباب واطفال المسلمين إلى جبهات الموت دفاعا عن مشاريع الخليفة.بعد إلغاء مؤسسة الخلافة لم يتغير الوضع كثيرا.

📌

استمرت الدولة العربية الحديثة في نفس السيناريو الاستبدادي السلطاني ومصادرة الحقوق السياسية والمدنية والشخصية والمالية، ومصادرة حتى حقه الأساسي والأولى في الحياة بترويج ايديولوجيات الموت والشهادة

المصائد الخمس القاتلة
…………………..
احتكار السلطة والثروة كانا محور الصراع في المجتمع العربي منذ تأسيس الخلافة الإسلامية وحتى اليوم.
كيف تستطيع احتكار السلطة والثروة وقمع كل أصوات الاعتراض؟ 
كانت المعادلة بسيطة..
ابحث عن مبررات دينية للسلطة أو الثروة تجعلها توجيها من الله وليس اختيارا بشريا.
سيتحول الخليفة إلى ظل الله على الأرض، والخروج على الخليفة خروجا على الدين وعصيانا لله. 
هنا تصبح السلطة قدرا إلهيا عند السنة “خليفة الله”، أو اختيارا إلهيا عند الشيعة الذين يرون أن الله اصطفى أسرة معينة حصر فيها الحكم إلى يوم الدين.
كان طبيعيا أن يقود الاستبداد السياسي-الديني إلى الاستبداد الاجتماعي. 
هكذا فقد المسلم حرياته الشخصية وصار مجبرا على ان يتصرف ويلبس ويأكل كما يحدد له الفقيه أو الحاكم. كل تصرفاته مرسومة مسبقا ولا مجال للحرية أو الاختلاف 
ما ان حسمت مسألة السلطة حتى بدأت مساعي احتكار الثروة!
كان التفاوت المهول في الثروات قد بدأ منذ تدفق أموال الفتوحات. وفاقمت سياسة عمر في توزيع الأموال (حسب الأسبقية في الإسلام) إلى حصر الثروات في يد قلة من النخبة القرشية.
(الأخبار عن ثروة الصحابي عبد الرحمن بن عوف تجعله يقارع مليارديرات اليوم!).
تسبب نهب ثروات الأمم المغلوبة في افقار تلك المجتمعات تحت شعار الفتوحات الإسلامية،لكن أموال الفتح والجزية والفيء لم تكن كافية لرفد خزائن الخلفاء وتغطية نفقات معيشتهم الراسخة، فكان لا بد أن يسقط المسلمون أيضا تحت سيف الضرائب الظالمة!
من اجل ذلك حولت الايديولوجيا الدينية دفع الأموال للدولة إلى فريضة دينية! واعتبرت الزكاة ركنا من أركان الإسلام(ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يصبح فيها دفع المال شرطا للبقاء في دين معين).
لكن الزكاة ليست ضريبة فقط، إنها عبادة، لا خيار للمسلم إلا دفعها مجبرا أو راضيا.
فقد المسلم حقه في اختيار السلطة بنظريات الخلافة والامامة الدينية، وفقد حقه في التحكم في مصدر رزقه بتحويل دفع الضرائب والاتاوات إلى فريضة دينية يُقتل من يرفضها.
وكان المسلم أيضا يدفع الجزية مثله مثل الذمي، ولكن تحت مسميات أخرى كالعشور والخمس وضريبة الجهاد وغيرها من الضرائب التي يفرضها الخليفة كلما فرغ بيت المال.
مع تغول الدولة الإسلامية صار المسلم والذمي يعيشان في نفس المرتبة المتدنية تحت سيف الحاكم. فالذمي يدفع الجزية والخراج ليأمن على نفسه وماله، والمسلم أيضا مجبر على دفع الزكاة والعشور والخمس ليأمن على رأسه وماله.
فقد المسلم حقه في اختيار الحاكم، وحقه في التحكم في ماله.. وفوق ذلك فقد المسلم حقه في الحفاظ على حياته.
فكما أن الزكاة تحولت إلى فرض ديني يدفعه مرغما أو يُسجن ويُقتل، فإن الجهاد (القتال في حروب الحاكم) تحول إلى فريضة دينية أيضا لا يستطيع المسلم رفضها. 
لهذا كان التجنيد الإجباري وقذف شباب المسلمين وأطفالهم إلى جبهات الموت سلوكا مارسته كل الدول الإسلامية رافعة سيف الطاعة أو الموت.
ضرائب الدولة الإسلامية كانت “ضرائب بلا تمثيل سياسي taxation without representation ، مثلها مثل ضرائب المبيعات وضرائب الدخل والجمارك وغيرها من الجبايات التي يدفعها مواطنو اليوم لحكوماتهم المستبدة.
الاستبداد السياسي والاستبداد الديني والقهر الاجتماعي ونظام الضرائب والزكوات الباهظة والتجنيد الإجباري كانت المصائد الخمس القاتلة التي دمرت انسانية الانسان العربي وزرعت الفتن والدماء والدمار في تاريخه… ولا تزال تفعل فعلها الدموي حتى اليوم. 


حسين الوادعي

 #تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.