المؤمنة كاترين 14- بعد العشاء 2

المؤمنة كاترين

المقطع الرابع عشر

بعد العشاء (2)

تبادل الحاضرون جميعا بعض المجاملات اللفظية للتفكه والاستعداد للتفكير الجاد، فقال محمود:

ينقصنا برلمان نشرع فيه وحكومة تنفذ ما قمنا بتشريعه وقضاء يفصل بين الناس بموجب القوانين التي نصدرها. لكن عددنا لا يكفي لإقامة السلطات الثلاث!

ماري:

نحن نتحدث للأجيال القادمة ومن يعرف فلعل إنتاجنا البشري بعد قرن يكفي لإقامة كل ما قاله العم محمود.

علوي:

أرجو ألا يخرج الجمع من موضوع الربا فلا تدخلوا في إنتاج البشر. دعنا نساعد الحاضرين ونقدم لهم نصائحنا والناس سيكفونكم مؤونة الإنتاج البشري.

ماري:

نشرع ونبدأ بالتطبيق في بيتنا المستقبلي بعد قرن من اليوم وفي أسرتنا التي ستكبر خلال مائة عام. ثم نعلن للناس وللحكومات وللبرلمانات.

كاترين:

لا بيت المستقبل ولا الأسرة المتضخمة ولا أي حديث خارج المعاملات البنكية؛ فأنا وعلوي بنكيان نريد أن نتعرف على التسهيلات الدينية في المعاملات البنكية.

ماري:

أريد أن أساعدكما على تنفيذ قراراتنا التي نتخذها حتى لا تكون مجرد مقترحات أو توصيات.

محمود:

ومن يدري؛ فلعل الدردشة التي بيننا تتحول إلى حديث الناس في الغد القريب فنكون قد ساعدنا أمتنا على الخروج من الأزمات المالية بمساعدة التشريعات السماوية.

علوي:

إذا لنبدأ يا عم.

محمود:

البيع عبارة عن تعاون رأس المال مع العمل والهدف منه إيجاد ربح بالدرجة الأولى. هذا التعاون المشترك يتحقق أحيانا من جهة واحدة أو فرد واحد وفي أحيان أخرى فإنه يتم عن طريق وحدتين أو نفرين. شركات المضاربة هي المشاركة بين من يدفع رأس المال ومن يقوم بالعمل التجاري و/أو الصناعي فبالنظر إلى رأي الإسلام في حالة الخسارة نقوى على التميز بين حقوق صاحب رأس المال وحقوق العامل أو الذي يقوم بأداء المهمة التجارية أو الصناعية البحتة. بالطبع أن المشاركة -عادة- تتم بالموافقة على توزيع الربح بينهما بنسبة متفق عليها، وعادة ما يكون دخل الشريك العامل متوقفا على الربح ولا يتقاضى مرتبا.

فإذا تعرض المال للتلف -بدون تفريط من الشريك العامل- فإن صاحب رأس المال هو الذي يتحمل التلف وللشريك العامل المطالبة بأجرة المثل لقاء عمله لدى صاحب رأس المال. وهكذا الخسارة فإن الذي يتحملها هو مالك رأس المال نفسه لا الشريك العامل. أضف إلى ذلك أن الشريك العامل يعتبر مالكا للربح بمجرد ظهوره وقبل الإنضاض (قبل أن تتحول إلى نقد).

ماري: 

ما هو الإنضاض يا عم محمود؟

محمود:

النض أو الناض هو الدرهم والدينار وهو كناية عن النقد والمقصود من الإنضاض هو تبديل الربح بالنقد، فإن الربح أحيانا يكون بالأجل أو بعين أخرى غير النقدية.

وهكذا فإن صاحب رأس المال هو الذي يتحمل الجانب الأكبر من الخسائر المادية. والعقل يحكم أيضا بهذا، لأن الذي لا يملك المال يشارك بعمله وهو بحاجة إلى أن يعيش وإلى أن يواجه مسئولياته تجاه أفراد أسرته الذين يعيلهم وينفق عليهم. أما صاحب رأس المال فهو إنسان غني -عادة- وهو الذي يطلب الرزق بقوة المال وحده. يكفيه أنه لا يتعب بدنه ولا يضيع وقته على الكسب.

إذن، البنوك الإسلامية التي تتعامل بالمرابحة لا تحمل من الإسلام إلا اسمه وليست مرجعا مقبولا للمعاملات المباحة.

ماري: 

يا عم، ما هي الطريقة الصحيحة والإسلامية لإيجاد بنوك غير ربوية ومشروعة دينيا بنظركم؟

محمود:

إن من الصعب أن يجمع الإنسان بين حبه الشديد للمال وحرصه على جمعه ودرء الخطر عنه وبين اكتساب رضا الله وغفرانه. لعل الصحيح أنه لا توجد طريقة صحيحة أصلا. المسلمون عامة يجهلون السياسة المالية للإسلام فيتشبثون بكل حيلة للوصول إلى مآربهم الاقتصادية التي تنحصر في التكديس والتكاثر والكنز والله قد منع كل ذلك صراحة وبأحكامه العملية.

 إن الله تعالى شرع القوانين لإيجاد التوازن بين الناس ورفع الظلم الذي يأتي به الإنسان على الإنسان. إنه يكسر الثروة المكدسة لما فيها من ضرر اجتماعي وإنساني. تقسيم الميراث، الزكاة، الضرائب، الإنفاق على الفقراء واعتباره إقراضا حسنا لله تعالى يستعيده الإنسان يوم القيامة، الصرف على الخدمات العامة، تحريم الاحتكار، الصرف على الجهاد والدفاع وغير ذلك من أوامر الدفع والبذل دليل واضح على عدم رغبة المشرع العظيم في تكاثر المال وكنزه. البنك اللا ربوي هو خدعة ذو مظهر إسلامي بغية الاحتفاظ بالثروة ومنع تحطمها بل ازديادها وتكثيرها ما أمكن، وهو يخالف سياسة الإسلام العليا في توزيع الثروة وتحطيم الكنز.

حينما يستبدل النتاج الزراعي والصناعي والتجاري بالنقد أو الذهب أو الفضة، يسهل عملية الكنز واستغلال قدرة المال، فيلزم تحطيمها لا تقويتها. الغلبة المالية خطيرة على الناس وعلى صاحب المال نفسه. إنها تحول الناس إلى فقراء يستحبون الفوضى ولا يتمتعون بالحياة السهلة واللينة فيندفعون نحو السرقة والسلب والنهب ثم القتل والاغتيال وإشعال الحروب. هكذا يغيب الأمان ليعطي مكانه للاضطراب والفتنة وهي ما لا يريدها الله سبحانه لعبيده.

علوي: 

البنوك يا عم ضرورية لتوجيه الأموال النقدية نحو الحركة الصناعية والثورة الزراعية ووجود البنوك واجب لحفظ الثروة النقدية وتنسيقها وفقا للأولويات العامة ولحاجة الأفراد ولإيجاد التوازن بين الدخل العام وبين الصرف المعقول والصحيح. بقاء هذه البنوك يتوقف على الفوائد الربوية فكيف يمكن القضاء عليها وإهمالها. لولا البنوك لبقيت الثروات النقدية بيد الناس العاديين الذين يجهلون الاحتفاظ بها كما أنهم يجهلون تشغيلها. ولعلكم تعلمون بأن بقاء المال بيد الأفراد أو إخراج النقدية من البنوك هو السبب الأساسي للركود الاقتصادي (recession).

ماري: 

هذا صحيح يا علوي، فالبنوك شر لا بد منه ولكن البنوك هي أيضا مصدر القلاقل والاضطرابات في العالم. ألا ترى الأسعار في ارتفاع مستمر وهي نابعة من إضافة مصروف خفي في كل عملية صناعية أو تجارية باسم الفوائد. فلكي يغطون الفوائد ويكافحون الابتزاز المالي، يضطر البائعون والصناعيون إلى ترفيع أسعارهم بنسبة تقارب نسبة الفائدة التي يدفعونها. نسبة الفوائد العامة تُجاري سعر التضخم في مختلف دول العالم. المستثمرون يسعون لرفع الفوائد والتجار يضطرون لرفع الأسعار، وفي هذا الوسط يحتار المستهلكون في تنظيم حياتهم المالية وتحقيق التوازن بين دخلهم المحدود وحوائجهم الضرورية الآخذة في التوسع.

المستهلكون -وهم كل الناس بلا استثناء- يمثلون بالتأكيد، عامة الناس الذين لا يملكون دخلا كبيرا. في أيامنا هذا يدخل غالبية الناس -وهم غالبية المستهلكين أيضا- في سلك التوظيف العمالي العام والخاص. فهل نتوقع أن يشرع الله في دينه ما يساعد العامة أم يقوي القلة التي تقتني الثروة النقدية يا علوي؟

علوي: 

إن استدلالك هذا يا ماري لا يحل مشكلة البنوك. إنها ضرورية لأصحاب الثروات الكبيرة ولذوي الدخل المحدود معا. ولولا الفوائد سواء بشكل الربا الصريح أو الربا الخفي كما هو في البنوك الإسلامية، لما وجد بنك ولما أمكن تنسيق الاستثمار في يوم تعج فيه بقاع الأرض بالبشر الذين يتكاثرون تكاثرا هندسيا مطردا.

كاترين:

أعتقد أن الدين الإسلامي جاء ليغير الكثير من المفاهيم العامة وليوجه الناس نحو نوع آخر من الحياة المتعادلة والمتوازنة. لا يمكن للناس أن يجمعوا بين رضوان الله تعالى وبين طموحاتهم التوسعية في تكديس المال. ولذلك علينا بأن نغير طريقة تفكيرنا قبل أن نخوض في مسألة جزئية مثل الربا. إذا كنا نطمع في الآخرة فعلينا أن نهتم بخلق الله في هذه الأرض ونمتنع عن ظلمهم وسحقهم كما هو الحال بين الأقوياء والضعفاء. ولو كنا نفكر قليلا في مصيرنا الطبيعي داخل هذه الحياة الدنيا لأدركنا أن حرصنا وجشعنا لتكديس الثروة قد يتحول إلى نار تلتهمنا وتبلع حياتنا الناعمة الطرية التي نعيشها اليوم. ألم نر الثروات كيف تتداول بين الناس وتنتقل بين الأمم على الرغم من اهتمام الدول الكبرى بمحاربة الاحتكار وانتقال النقدية إلى جيوب أفراد معدودين؟

من كان يفكر أن دولة مهزومة في الحرب العالمية الثانية تسيطر خلال ثلاثة عقود على صناعة السيارات والإلكترونيات في العالم؟ هذا ما حصل لليابان ضد موجدي الصناعة المتطورة في أوربا وأمريكا. إن الكثير من النقدية العامة هي اليوم بحوزة الصينيين والكوريين والتايوانيين، ولكن أسلحة الدمار الشامل متكدسة في روسيا وفي أمريكا وفي فرنسا وإنجلترا وإسرائيل وقليلا في الصين. سوف يضطر العالم أن يدخل حربا كونية أخرى إذا ما بقيت الثروات النقدية تتكدس عن طريق الفوائد البنكية لدى بعض أبناء يأجوج ومأجوج في الشرق الأدنى. وإذا بقي أصحاب البلايين في الخليج وبروناي وغيرها يهتمون بتقوية بنيانهم النقدي ويصرفون وقتهم وجهدهم في الترف دون التفكير في الصناعة المتطورة وفي التسلح المنطقي والمعقول.

الربا هو مصدر الخطر ضد مستقبل البشرية ويجب مكافحته والقضاء عليه، لا تغيير شكله واسمه كما هو الحال لدى البنوك الإسلامية.

علوي: 

لا زلت بانتظار من يرد علي، فأنتما يا ماري ويا كاترين تتحدثان بانفعال وعطف تجاه الفقراء والمعدمين ولا تفكران في طريقة تضمن سلامة البنوك وتعيد الطمأنينة للعامة من البشر. لقد قالت ماري أن البنوك شر لا بد منه وهو صحيح ولكن البنوك بلا فوائد غير مضمونة البقاء بل غير قادرة على التواجد ومحكومة بالزوال والفناء.

كاترين:

ماذا لو وافق المستثمرون أن يشاركوا الصناعيين والتجار في مخاطراتهم ويقدموا لهم الدعم المالي بالمشاركة الفعلية أو يقرضوهم بلا فوائد؟ إنهم لو فعلوا ذلك لتوقف الصعود غير الطبيعي للأسعار ولاحتفظوا بقيمة مدخراتهم على الأقل دون التعرض المستمر للتضخم ولانخفاض القيمة الشرائية للنقد. بذلك يتوقّون شر الحركات الثورية للفقراء والمقعدين ويسود الأمن والسلام في كل العالم. لكنهم جشعون لا ينظرون إلا إلى الثراء بأي ثمن ولو بثمن أرواحهم. ولعل الشيطان يزين لهم أعمالهم فيغفلون عن نتائج أعمالهم ولا يعتبرون من التاريخ ومما حصل لمن قبلهم ولغيرهم من رجال زمانهم.

علوي: 

هذا كلام معقول ولكنه غير عملي يا كاترين. ليس هناك مستثمر واحد يصغي إليك وينظر إلى عواقب الكنز بالصورة التي تتراءى لنا نحن في هذه الجلسة. فمادام الناس عامة لا ينظرون إلى الأمور نظرة واقعية تتصل بالعواقب البعيدة حسب تصورهم، فما هو دور بعض المؤمنين الذين يخشون ربهم في استثمار أموالهم النقدية؟ إنهم إن فعلوا كما تقترح كاترين لخسروا مرتبتهم المالية بين أهل الأرض وتلك خسارة لعامة المؤمنين بالله، حيث ينزل تباعا نسبة المدخرات النقدية لدى الشعوب المسلمة والمؤمنة بالله. ولو أودعوا أموالهم لدى البنوك بلا فوائد فإن غيرهم سيودعها بفوائد وبالتالي سوف لا تتوقف حركة التضخم ولكن هؤلاء هم الذين يخسرون فعلا حيث أنهم لا يعوضون بعض قيمتها الشرائية عن طريق الفوائد. فما الحل يا رفاق الصدق؟

محمود:

أتصور أن البنوك غير المقرونة بصفة الإسلام هي أقرب إلى الحل المؤقت للمشكلة التي صورها لنا علوي. حقا أن انفراد بعض الأفراد بترك الفوائد البنكية لا يستتبع إلا تقلص الثروة المالية العامة لدى مجموعة المؤمنين بالله، ذلك إذا أرادوا أن يتركوا الربا فعلا، أما التشبث بالطرق التي تتبناها البنوك الإسلامية فهي -كما قلنا- أشد وطأ من الربا.

 ألستم معي أن البنك هو الخزينة المخصصة لحفظ أموال الناس، فكيف يجيز البنك لنفسه أن يمارس التجارة؟ التجارة تستند على المخاطرة وركوب الأهوال طلبا للتكاثر والربح، فلا يجوز لمن ائتمنه الناس على أموالهم أن يخاطر بهذه الأموال. فالبنك الذي يدين الناس باسم التجارة هو بنك يقوم بالمعاملة المحرمة ويقدم أمانات الناس للمستدين، ثم يتاجر المستدين بهذه الأموال ويكسب ما لا لم يدخل في ملكه شرعا لأنه تعامل في مال كله محرم.

أما البنك العادي فيقدم مالا حلالا للمدين ويطالبه بالربا. فالتجارة مباحة لأنها تمت بالمال الحلال ولكن مطالبة البنك بالربا والتزام المدين بالفائدة المحرمة هما فعلان محرمان غير مؤثرين في المتاجرة الحاصلة.

لذلك، يلزم إيجاد مخرج شرعي للبنوك الفعلية واضعين في بالنا وفي برنامجنا التحرك نحو تحرير الحركة المالية الدولية من قيود الربا والفوائد وتقبل الواقعيات التي يلمح إليها النظام الإسلامي بعد أن نقوم بحملة توعية دولية تشمل كل أرجاء المعمورة. ويمكن وضع خطة للبدء بتطبيق الإقراض غير الربوي ولكن على نحو يشمل دولة مسلمة بكاملها، حتى لا يخسر معتنقو الإسلام والمؤمنون حقا على حساب معتقداتهم فيتقوى أعداؤهم ويسهل القضاء عليهم. ويمكن اقتراح برنامج عمل بالشكل التالي:

1- تتقاضى البنوك في الدول والمجتمعات الإسلامية نسبة مما يسمى بالفوائد بقصد الاحتفاظ بالقيمة الحقيقية للقوة الشرائية للعملة. هذه النسبة يجب ألا تزيد بحال من الأحوال عن نسبة التضخم التي تعلنها البنوك المركزية أو أية جهة حكومية مسؤولة عن الثروة المالية في الدول التي تتم فيها المعاملة. وتعطي البنوك جزءا من هذه النسبة لأصحاب النقدية والمودعين.

2- يتم توقيع عقد الإقراض أو الاقتراض على أساس الذهب أو الفضة أو أية ذخيرة وطنية مشابهة إذا كانت لها قيمة مالية يمكن الاستناد إليها. ويتم التعامل بالنقدية كقيمة لتلك الذخيرة ويكون المدين مطلوبا بتلك الذخيرة لا بالعملة موضوع التعامل. ويتضمن العقد مصالحة بين المقرض والمقترض على أن يعفي الدائن طرفه المدين من كل ما يزيد على نسبة معينة من مبلغ القرض فيما إذا ازداد قيمة عين القرض على ذلك وقت السداد في مقابل أن يتحمل المقترض تعويض الدائن بنفس النسبة المعينة إذا فقد عين القرض قيمته عن تلك النسبة وقت السداد المتفق عليه، ويكون كل طرف وكيلا عن الطرف الآخر لتنفيذ التعهد وكالة عنه.

3- يتعهد كل من المدين والدائن أن يوصي لمن يخلفه بتنفيذ التعهد المذكور أعلاه فيما إذا حصلت له الوفاة ويعتبر هذا العقد بمثابة الوصية فيما إذا تخلف الطرف أن ينفذ تعهده بكتابة الوصية.

4- تنشئ مجموعة البنوك المحلية صندوقا لإقراض كل من يقوم بتأسيس منشأة تجارية أو صناعية في الدول الإسلامية أو بين المجتمعات الإسلامية إذا ما احتاج إلى مال لتصريف العاجل من مشاكله أو لتوسيع منشأته إذا قدم للصندوق دراسة اقتصادية مقبولة وضمانا متداولا حسب الأعراف التي تتبناها مجموعة البنوك أو وكيلها الطبيعي المتمثل في البنك المركزي أو ما يعادله. تتشارك البنوك كل بنسبة الإيداعات النقدية والرأسمالية الموجودة لديه في التمويل المستمر لقروض الصندوق كما يدفع المدينون نسبة ضئيلة من قروضهم كعمولة لتغطية مصاريف الصندوق ولتغطية ما يلحق بالبنوك من خسائر نتيجة للسحب والإيداع غير المنظم.

هذه الأموال لا تشمل بأي حال إلا نسبة معتدلة من الإيداعات بحيث لا تضر بتعهد البنك تجاه عملائه لدفع ما يسمى بالفوائد لهم بل يقلل من نسبة أرباح البنك.

5- ينشئ البنوك فيما بينهم وبنسبة معدل إيداعاتهم شركة تأمين لتغطية الخسائر المحتملة نتيجة لتباطؤ أو عجز المدينين عن سداد قروضهم. ويقدم المستدينون نسبة من اقتراضاتهم -كل بحسب- مركزه المالي ومشروعه ونسبة الأخطار المحتملة في أعماله لشركة التأمين هذه وذلك لتعويض البنوك عن القروض غير المسددة ولتحل شركة التأمين محلهم في حالة عدم السداد أو التفليسة الرسمية.

6- تسند الدولة شركة التأمين المذكورة وتعوض خسائرها الفادحة حتى تضمن عدم تأثير الخسائر على كيانها.

7- بما أن التشريع الإسلامي لا يمانع أن يدفع المقترض هدية لصاحب المال إذا ما حقق ربحا من ذلك دون إلزام فيتعهد المدينون تعهدا أخلاقيا غير ملزم لهم بأن يدفعوا جزءا معينا من أرباحهم هدية إلى الصندوق إذا ما حققوا ربحا في استخدامهم للقرض. ويؤثر عدم وفائهم بهذا التعهد في حرمانهم من التمتع بمزايا صندوق الإقراض غير الربوي. هذا الحرمان يشرع بموجب عقد تأسيس الصندوق ويؤثر في تعامل المستدين مع الصناديق المشابهة.

8- يتمتع بهذا القرض الأشخاص أو الشركات التي يتعهد أصحابها بتسديد القرض من أموالهم الشخصية.

هذا الصندوق يتوسع بموجب برنامج زمني مدروس حتى يقضي على القروض الربوية شيئا فشيئا وسوف لن يتم ذلك إلا إذا تعاطفت الدول والشعوب مع هذه الصناديق بالعمل مثلها. وذلك يستوجب تضامن الوعاظ والصحفيين والمعلمين والمؤلفين مع الفكرة وإيضاحها للشعوب وشرح مزاياها لهم حتى يطالب بها أصحاب النقدية في مختلف أرجاء المعمورة.

ماري: 

فكرة رائعة وجميلة وتحتاج إلى عرضها على الأكاديميات العلمية والدينية لدراستها وتقديم التوصيات بشأنها للحكومات والبرلمانات والمؤسسات المالية والمؤسسات الإسلامية وغير الإسلامية. إنها تنقل الوضع المالي المأساوي إلى وضع معتدل وتقضي على كابوس الربا بشكل مبرمج ومتقن.

علوي: 

رأي معقول ومتزن ولكنه بدائي وبحاجة إلى دراسة وافية من جميع الزوايا حتى يمكن عرضه على المؤسسات المالية. أعتقد بأن المتدينين والمهتمين باتباع أوامر الله تعالى هم خير من يسند هذا الرأي ولذلك من الأفضل إفشاؤه للناس العاديين عن طريق الكتب والمقالات حتى يدخل الديوانيات ويتداوله الشعوب والتجار ثم يتناوله الماليون وأصحاب الفكر ليشبعوه بحثا وتمحيصا.

كاترين:

أعتقد بأننا سوف نحل لغزا كبيرا إذا ما واصلنا هذه الجلسة بجلسات أخرى لنناقش المسائل التي تعرضنا لها بدقة أكثر، لعلنا نتمكن من تقديم خدمة لمن مثلنا من البشر رجاء المثوبة من الله تعالى. إن اقتراح العم محمود يضمن بقاء رؤوس الأموال عن طريق التأمين ويضمن عدم تحميل المدين ليس فقط الفوائد بل القرض نفسه إذا ما تعرض للخسارة فكأنه اشتغل بماله لا بمال الناس. الذي يتحمل خسارة هذا العميل بصورة عملية هم أصحاب الأرباح الذين يكثرون من الاقتراض ويدفعون النسب الضمانية لشركة التأمين. يعني أن السوق بمعنى أوسع يعدل مشاكل أفراده بأن يتحمل جزءا من خسائرهم وبأن يتحمل كل الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها نقدية الذين يستثمرون المال.

هكذا يضمن المستثمر المصرفي بقاء رأس ماله على أنه لا يحرم من سهم من الأرباح التي يتعهد بها الشخص الذي يشغل رأس المال لقاء كسب رضا الله أو خوفا من أن يحرم من التمتع بالمساندة المالية التي لا يستغني عنها أي تاجر مهما بلغت ثروته النقدية الخاصة.

محمود:

ولكن لا ننس بأننا نتعامل مع مختلف الطبقات والأذواق والالتزامات الدينية والأخلاقية، فنحتاج إلى أن نقترح برنامجا يوافق عليه كل الناس ولا ينحصر على المؤمنين.

يتبع: بعد العشاء (3)

أحمد المُهري

6/4/2019

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.