المؤمنة كاترين 3 – بطولة مجلس الوزراء الكويتي

كاترين المؤمنة 3

بطولة مجلس الوزراء الكويتي

        ارتبك مجلس الوزراء في الإجابة على طلبات [العم] بوناصر والعم (بوسحيم). هذان المواطنان العظيمان اللذان قدما خدمات جليلة لا تنسى في حقل المشاريع الكبرى، ولهما حق كبير على الكويت والكويتيين. كل شيء ممكن في وقته ولكنهما استعجلا أمرا قبل أن يئين أوانه. لا يمكن رفض طلبهما ولا  الموافقة عليها. هذا البرلمان لا زال مفتوحا ولا زال دوره ساريا.

ماذا يفعل مجلس الوزراء ببعض هذه العيون المفتحة والألسن الطلقة لبعض النواب. لقد نفد صبر الوزراء وخاصة الذين بقوا في قواعدهم السابقة من أيام  إقفال البرلمانات السابقة. لقد حاولت الحكومة أن تضع البرلمان تحت سيطرة [نواب الخدمات] وصرفت على تحقيق هذا الهدف جهدا كبيرا ومالا وطنيا  كثيرا، ولكن آراء الشعب قلبت برنامج الحكومة رأسا على عقب. لقد فرض  المجلس البرلماني الجديد بعض الوزراء على الحكومة ولا بد من التخلص منهم في الغربلة  القادمة بعد الإقفال الرابع المتوقع للبرلمان!

عاد [العم] بوناصر  إلى البلاد غاضبا على البنك والوزراء، وما أن وصل  إلى قصره الفخم في منطقة (العديلية) حتى رن جرس الهاتف وأبلغوا [العم] أن أحد الوزراء سيزوره فورا في مسألة هامة.

بوناصر:  

نعم يا حضرة الوزير الذي يعطل طلب بوناصر الذي خدم الوزراء في  الكويت أكثر مما خدم وطنه وأمته!

الوزير: 

لا يا بوناصر، الأمر فوق ما تتصورونه، كدنا نبلغ الأمير بتفاصيل طلبكم  وهذا أقصى ما يمكن أن نعمله من أجل [العم] بوناصر. ولكننا توقينا العواقب، فأنت غير معرض للاستجواب أمام المتظاهرين من النواب المعروفين بالوطنيين وبعض الإسلاميين. خليها مستورة وتقبل عذرنا ونحنا معاك في طلبات أكبر من هذا بكثير. حقك علينا إذا وفقنا الله للقضاء على مجلس الأمة كما قضينا عليها من قبل، وردينا لك طلبا مهما كبر وعظم.

بوناصر:

هذا الطلب الصغير لم يكن مني أنا وحدي. ألم تسمع أن البيت الأبيض الأمريكي قد استقبل بحرارة تصريحات وزير (أسرار) الكويت حول بادرة الانفراج على البضائع الإسرائيلية وكسر القفل الأول من أقفال المقاطعة. إنكم على علم بعدم حاجتي لما يدره علي هذا المليون دولارا من البضائع. إنني غني عن ذلك ولكنني وكيل للشركات الأمريكية الكبرى يا صاحب المعالي  ي  ي.

نشف ريق الوزير وتصلب لسانه من جفاف فمه. حاول أن يتكلم دون أن  تستجيب أعضاء النطق لإرادة معاليه، فأخرج القلم وبدأ يكتب ما سمعه لينقله إلى مجلس الوزراء، فهو غير قادر على  إبداء الرأي في المسائل الكبرى. إنه ليس أكثر من موظف كبير تتستر خلفه الحكومة أمام النواب والبرلمانيين. إنه اللسان الناطق لذوي الإرادة السامية وأصحاب القرارات الكبرى لا غير.

مسكين هذا الوزير الذي يُدار ولا يُدير ويقال إنه وزير وتنتصب أمامه  الطوابير وتُضرب له المزامير ويحترمه الكبير والصغير وهو لا يحرك المسامير ولا يفتح الصنابير ولكنه يتظاهر [بالبشوت] والتخوت والقوارير.

همهم الوزراء الذين أنصتوا إلى قراءة معالي الوزير لما كتبه من أقوال العم بوناصر. من الذي حرر الكويت؟ من الذي يدافع عن الكويت؟ لولا  أمريكا فمن لصدام وبقية الطامعين؟ لقد أخطأنا في التصعيد ضد المنظمة ولم  نتنبأ مآل المحادثات الثنائية بدقة. وزارة الخارجية كعادتها مقصرة في تفرساتها حول مستقبل العلاقات الفلسطينية الأمريكية.

لقد أقمنا علافات ودية مع الأفراد في السياسة الأمريكية، ظنا منا بأنهم باقون في قواعدهم مثلنا ومثل وزرائنا ووكلائنا. لما نفكر يوما في خلق  الروابط السياسية على أساس المبادئ التي تنبثق من المؤسسات السياسية ولم  يكن لنا أي دور في السياسة الدولية. لقد صرفنا الكثير على الأمريكيين، لكننا لم نصرف على المؤسسات السياسية في أمريكا ولم نعبأ بها، كأنهم شيوخ قبائل  مثلنا.

وهكذا تبودل اللوم بين أصحاب المعالي والسعادة كما يُتبادل اللوم بين أصحاب النار. كان مشهد مجلس الوزراء صورة رائعة لبعض مشاهد يوم  القيامة. يلعن بعضهم بعضا وينال بعضهم من بعض، ورئيس الوزراء يكرر ضرب  المطرقة على المنضدة لإسكات الوزراء واستعارة الآذان للاستماع  إليه.

وبعد الشد والإرخاء قرر مجلس الوزراء بكل شجاعة رفض طلب فتح  اعتماد مقدم من اثنين من رجالات الكويت وهما [العم] بوناصر والعم (بوسحيم)، وفُوِّض أحد الوزراء لإبلاغ البنك المدني قراره السري بصورة شفهية!

ارتاح البنك للقرار الشجاع الصادر من مجلس الوزراء وطلب من العم (بوسحيم) أن يتأسى بالعم بوناصر في سحب طلبه رضوخا للأوامر الشجاعة و(السرية) من مجلس الوزراء.

سكت العمان الكبيران أمام القرار التاريخي لمجلس الوزراء الكويتي واستسلما أمام جدية وصلابة المجلس التنفيذي الذي لا ينحرف عن القوانين  التشريعية قيد أنملة.

والواقع أن المجلس الوزاري يدين للمجلس النيابي الذي شرع وجوده مادام المجلس النيابي على قيد الحياة، فإذا قضى مجلس الأمة نحبه -والموت  حق- وأوكل الأمير مهمة التشريعات لمجلس الوزراء بصورة مؤقتة  لا تزيد عن خمس سنوات، إن لم يحدث احتلال آخر ليُزال على يد الحلفاء كالعادة، حينذاك يحق للمجلس الوزاري حقا كاملا غير منقوص أن يبدي قدرته الفائقة في التشريع والتنفيذ اقتداء بالأكاسرة والقياصرة و إحياء لذكراهم العطر في مشام خدام الكويت من منفذي وتجار المشاريع الكبرى، أصحاب المفاتيح وعمار الخزائن و[شوف] الكنز يا قارون!!

هذا هو الواقع الذي يجب ألا يغفل عنه الذين هم صالحون مخلصون للكويت ولأهل الكويت. فحينما تكون هناك مؤسسات تشريعية تراقب السلطة التنفيذية وهناك بجوار السلطتين سلطة قضائية مستقلة فإن القوانين والقرارات ومجلس الوزراء والمجلس البلدي وبقية دواوين السلطة التنفيذية تسير سيرا صحيحا باتجاه النظام الديمقراطي الصحيح ويشعر كل فرد في البلاد بأنه سهيم في بلده تشريعا وتنفيذا وحكما قضائيا. هناك يشعر كل الناس بالأمان والسلام ويتحملون كل الصعوبات لأنهم يشعرون بأن بلدهم ليست بيد مجموعة صغيرة مستبدة بل هو بأيديهم يتجاذبون مع السلطة عن طريق المجالس النيابية سواء في مجلس الأمة أو المجلس البلدي فتأخذ القرارات النهائية شكلا شعبيا يتحمل كل أبناء الديرة مسؤولية كل قرار من أية سلطة.

القرار السري الحاسم لمجلس الوزراء أعاد جريان الدم في شرايين موظفي (البنك المدني الكويتي) من جديد، وعادت كاترين وعلوي وسارا وساترين وتوم وفريجا وبقية موظفي وموظفات قسم الاعتمادات بالبنك إلى أعمالهم كالمعتاد. وتوقفت المناقشات السياسية والدينية كما لم تكن خلال عشرين عاما من العمل في البنك.

يتبع : شبح الخضر عليه السلام

أحمد المُهري

19/1/2019

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلاميhttps://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.