العقيدة ثابتة والشريعة متغيرة

العقيدة ثابتة والشريعة متغيرة                                                                       …………………….. 

ما الثابت في الإسلام، وما المتغير؟كم من شاب سألني هذا السؤال محتارا.فقد تعودنا على القول إن الاسلام عقيدة وشريعة.واذا كانت العقيدة غير مختلف عليها لأنها تقوم على التسليم والإيمان، فالله واحد، والصلوات خمس، والصيام في رمضان ولا خلاف على ذلك، خاصة إذا ضمنا حريه التدين والاعتقاد، فالجدل كل الجدل دار ويدور حول الشريعة.فهذه الفتاة المسلمة الصادقة محتارة كيف كان للصحابة عبيد وسبايا. وتسمع أن القرآن اعتبر شهادتها نصف شهادة رجل فتتمزق بين العقل والدين.وهذا الشاب خالص القناعة بالإسلام لكنه لا يعرف كيف يمكن أن نقطع الأيدي والأرجل بينما كان السجن أولى وأجدى.وثالث لا يدري هل جاره المسيحي مواطن كامل المواطنة، أم ذمي لا يحق له تولي الوظائف العامة؟ وكيف يمكن للعالم كله ان يؤمن بالمساواة إلا نحن؟وهذه ترى نفسها مسلمة صادقة لكنها لا تريد تغطية شعرها أو إخفاء جمالها.أما هذه فتستطيع تحمل كل كوارث الدنيا ومصائبها إلا إن يكون لزوجها زوجة أخرى.فاذا قلنا إن الشريعه ثابته مثل العقيدة، فإن أمامنا من الشرائع المذكورة في النصوص الإسلاميه المقدسة ما يصعب تبريره في عصرنا بكل ما توصل إليه من تقدم أخلاقي وقانوني وسياسي. فهل تعدد الزوجات وأحكام الذمة والحجاب والجهاد وميراث المرأة وملك اليمين وقطع اليد والجلد شرائع خالدة، أم شرائع مؤقتة ارتبطت بالسياق الاجتماعي والاقتصادي الذي كان سائدا ذلك الحين وأنتهت بانتهائه؟الجدل حول الثابت والمتغير في الإسلام يدور بين تيارين كبيرين اليوم. التيار الأول يرى أن  كل ما ذكر في القران الكريم من عقائد او تشريعات ثابت و خالد خلود الزمان. والتيار الثاني يرى أن التشريعات متغيرة و أنها مرتبطه بزمانها ومكانها، ولا يرون بأسا في التوقف عن تطبيق مثل تلك التشريعات إذا تجاوزها التطور الاخلاقي و القانوني و الاجتماعي .وهو يستند أحيانا الى اجتهادات قديمه قدم الخلفاء الراشدين وخاصة اجتهادات عمر بن الخطاب الذي كان يتجاوز النص القرآني وألغى زواج المتعه وسهم المؤلفة قلوبهم ، وأوقف العمل بحد السرقة مع أنها كلها ثابته في النص القراني.لكن ما لا يعرفه الكثير من المسلمين اليوم أن العالم الاسلامي كان قد حسم معركه الثابت والمتغير ومعركه العقيدة والشريعة في منتصف القرن التاسع عشر.بدأ ذلك مع الاصلاحات التي قامت بها الدولة العثمانية في عصر التنظيمات عندما  اتخذت الخلافة الإسلامية دستورا مدنيا و قوانين مدنية جديدة والغت أحكام الذمة وساوت بين المواطنين دون النظر إلى الدين أو العرق أو الجنس. كما اوقفت العمل بالعقوبات و الحدود الجسديه مثل جلد الزاني و قطع يد السارق وشرعت عقوبات قانونية حديثة.وسار محمد عبده على نفس النهج نهاية القرن التاسع عشر فطالب بايقاف العمل بتشريع تعدد الزوجات، وإلغاء الطلاق الشفوي وجعل الطلاق حقا للزوجين أمام القاضي.ثم جاء رجل دين تونسي شاب اسمه الطاهر عاشور بداية القرن العشرين وقال إن كل شيء يتطور وكل ما جاء في الإسلام من تشريعات كالحجاب والميراث والجهاد والذمة مرتبطة ارتباطا كاملا بالظروف الاجتماعية التي ظهرت فيها.ثم جاء اتاتورك وبورقيبه ليقفزا بالإصلاح الديني الإسلامي قفزات ضخمة ويقرا المساواة الكاملة بين المواطنين، وبين الرجل والمرأة، ويراجعا كل الأحكام الوقتية التي انتهت مبرراتها وزمانها. وهكذا لم يحل القرن العشرين على العالم الاسلامي الا وقد قال الإصلاح الديني بوضوح أن الشريعة متغيرة.لكن حركة الإصلاح الديني تراجعت بسبب حدثين رئيسيين: صعود الأصوليات الدينية في ثلاثينات القرن العشرين كالوهابية في الحجاز، والإخوان في مصر، وجماعة المسلمين في باكستان، وتأسيس الدوله السعوديه شبه الثيوقراطية.شخصيا أميل إلى اعتبار التشريعات الإسلامية تشريعات وقتية ارتبطت بزمانها ومكانها.ولكم الحق في التفكير واختيار ما يرضاه عقلكم وضميركم.

حسين الوادعي 

تابع #تطويرالفقهالاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.