خاف في شي

خاف في شي*

فتح الستار ،

في صالة مفتوحة ، يجلس شخصان ، سالم وعوض ، بدأ الحوار :

عوض : كيف يعني ؟  نسوا البلد !

سالم : يمكنك قول ذلك ، لا يهم احد ان يسمع شيئا ، لا يهم ان يعرف ، صرنا مجرد عداد ،

عوض : عداد مستمر للموت 8 من بني آدم يموتون يوميا ، وهذا عدد !

سالم : من يهتم ، فليمت 8 او 10 في الساعة وليس اليوم ، من يهتم ، يقتلنا الجوع ، والمرض ، والحرب ، ليس هذا مقياس ، لا يهم ان يتم خطف أطفال اليمن والتبجح انهم مجرد يمنيات ، صرنا مجرد شيء ، شيء ما …

عوض : والحكومة الجديدة ،

اقبلت فطوم تحمل فناجين الشاي ، وجلست تسكبه وهي تحرك ملعقة في قلب الفنجان ، ليصدر صوتا وهي تقول :   قربعة فنجان ، قربعة فنجان ….

عوض : ما فهمتك ،

فطوم : عكسوا الثوب ، من الوجه اللي اتسخ الى الوجه النظيف ،

عوض : مش للدرجة ذي ،

سالم : تغيير حكومة ، من الذي تغير في هذه الحكومة ،

عوض : مممممم ، ما عندي فكرة ،

سالم : ماذا يعني تغيير ؟

عوض : بدل ، وانتقل من حال لآخر ،

سالم : ممتاز ، وهذا مالم يحدث ، وان افترضنا انه تم ، فلن يتمكنوا من فعل أي شيء ، ان لم تعاد السلطة ويلغى بند الوصاية ، ويتوقف التحالف ، فلا يمكن لأي حكومة ان تغير شيئا ، سوى … .

فطوم : قربعة فنجان … آه و آه …  خلينا مع الألم ،وعاد هي الا بداية ، وشوف الجماعة من ترحيب بالنتن ياهو ..

سالم : هذا هو المطلوب ، عندما يتم انهاء الهوية ، وتحجيم المسألة ، في يوم ما كاد ان يحدث شيء ، هذا الشيء ، قاده هدف سام ، القومية والهوية المشتركة ، حركت جموع العرب نحو زعامات رغم استبداها الا انها كانت تحمل حلما للامة ، هذا الحلم اشبه بما صنعه كمال اتاتورك في تركيا ، لذا أصبحت الرؤية لعدد من الزعماء ان يكون اتاتورك العرب ، برز جمال عبدالناصر ، بورقيبة ، هواري بومدين ،  عبدالرحمن عارف ، و عبدالرحمن الارياني ، هؤلاء وغيرهم في فترة ما ، نظروا الى الجامع الأقوى الذي يمكنهم من صناعة امة قادرة على التغيير ،

عوض : اغلبهم مستبدون ،

سالم : لا اتحدث عن الاستبداد ، بل عن القوة التي صنعت التغيير ، هذه القوة كانت تبشر بتغيير جذري في القوة العربية ، ولأنها تمثل تهديدا للممالك ، تم نسفها ، بكل قوة ، كانت معركة الستينيات والسبعينيات هدفها الأوحد منع هذه المرحلة وتدميرها ، ونجحت المؤامرة الا انها كانت في مقابل ، مقابل التنازل عن السيادة للقوى الغربية وللابد ،

عوض : كلام….

سالم : نفس تلك المرحلة تعاد بصيغة أخرى اليوم في سبيل منع أي انفلات لهذه الإرادة الموحدة ، كل هذا لهدف وحيد ، هو استمرار الكراسي للأسر الحاكمة ، لا يعلمون ان منع التطور الطبيعي للشعوب للوصول الى حقهم في المشاركة في القرار ،مهما تم ضغطه سينفجر ، عاجلا او آجلا ، لن يتمكن احد من منع التغيير ،

فطوم : لا تقل لي انك مع فوضى 2011

سالم : جانب من 2011 كان حقيقيا ، الا ان الفكرة ليست في حدوثه الفكرة في قيادته ، في تلك اللحظة … للأسف .. تبين ان اكبر كبير فيهم لم يكن قادرا على قيادة عجلة التغيير، هناك فجوة كبيرة في المعرفة ، والفهم ، واستفاد الغرباء من تلك الظاهرة ، عندما كان المال مفتاحا للبيع والشراء للكرامة والحرية ،

عوض : طيب ايش اللي حاصل الان في هذا الصحفي ، خاشقجي !

فطوم : خاف في شي ، والله اشعر ان الموضوع مدبر ، واللعبة كبيرة ، الله يرحمه،

سالم : يمكن يصعب ان اشرح الامر بسهولة ، دعوني اتخيل معكم القصة الافتراضية التالية :

( في مكان ما ، اجتمع بضع رجال ، يناقشون خطة ما ،

الأول : حصلنا على الضوء الأخضر بالمضي في الخطة ،

الثاني : هل تتوقع ان الاتراك بهذا الغباء ؟

الثالث : لا تقلقوا ، لقد اكد الأمير ان الخطة اعدت بإتقان ،

الأول : هناك عدة اهداف للخطة ،

الثاني : هذه ما نريد ان نعرفه بالتفصيل ،

الرابع : الهدف الأول ، هو منع هذا الشخص من المضي في انشاء منظمته الغبية وقناته التي ستأتي من هذه ما بعد قناة سلوى ،

الثالث : هذا الامر سيكون اسهل علينا بعيدا عن هذه الفكرة ، ليس بالأمر الصعب ،  سيارة ، او أي لص في الشارع ،

الأول : هنا يأتي الهدف الثاني ، يجب ان يختفي الرجل تماما في تركيا ، ويتم مباشرة تسليط الضوء على تركيا في اختفاء ابرز صحفي للمملكة ، وتوجيه الاتهام بتلاعب الاخوان وقطر في هذه القضية ،

الرابع : هذا ما نعنيه فعليا ، الضوء الأخضر من الغرب يبرز انها فرصتنا للتخلص من احد منافسينا في المنطقة ، وهي فرصة لهز تركيا ، بالتالي يمكننا التحرك في بقية الخطة وانهاء التحركات ضد بقية اعمالنا ،

الثاني : رغم انني لا زلت أؤكد ان الفكرة رغم دقة ما قدمتموه ليست بالسهلة على الاطلاق ، تركيا لديها استخبارات ليست بالهينة ، لا تستهينوا بالعدو ،

الأول : يبدو انك ركيك ، لا تعي ما تقول ، اخبرتك ان الضوء الأخضر مع الأمير والشيخ بالتحرك ،

الثالث : هل لي بكلمة ، ؟

الأول : تفضل ،

الثالث : ربما علينا ان نأخذ بعين الاعتبار ما قاله اخي هنا ، لا تنسوا ان الضوء الأخضر ليس من مؤسسات الغرب ، وان وقعنا فسيتناسون الامر ,,,

الأول : هناك مصالح كبرى ، لا يمكن ان يفرط بها الآخرون ، علينا ان نتأكد ان العملية ناجحة 100% ، وتسليط الضوء الأكبر على استهتار تركيا وعبثها وتلاعبها وتدخلها في عمل البعثات الدبلوماسية ، تأكدوا الخطة اعمق بكثير ، وستؤدي الى نجاحات مبهرة .

صمت الثاني ، الا انه في نفسه يقول ، اخشى ان الحفرة التي نحفرها نقع فيها ، )

عوض : آه ذا ، قل كلام ثاني ،

سالم : قلت لكم قصة افتراضية ، اللعبة كبيرة الا ان الطعم وقع في المصيدة ، ولن يخرج منها بسهولة ، ومازالت الهوية تذاب ،

فطوم : تتكلم وكأن ما في جريمة كبرى حدثت ،

سالم : جرائم وليست جريمة ، انت تتحدثين عن دولة من عدة دول مازالت من الدول ذات  (الطراز القديم – دينية الوجه والصورة  ) تبدو وكأنها دولة مؤسسات رغم ان القرار في النتيجة لشخص واحد او طرف واحد ، كل السلطات تجتمع في يده  ، يعتمد بقوة على القرار المؤيد زعما بحكم الله ، وبالتالي يمتلك العصمة والحصانة ، فهو اعلى من أي قانون او نظام ،

فطوم : والسلطة المطلقة مفسدة محققة….

عوض : طيب والان الترحيب بإسرائيل ،

سالم : في 1945 طلب روزفلت نصيحة الملك عبدالعزيز عن إنقاذ وتوطين بقايا يهود أوروبا ، فأجابه الملك بغضب:  (على اليهود أن يعودوا ليعيشوا في الأراضي التي طُردوا منها، أو توفير مساحة للعيش في دول المحور التي اضطهدتهم وليس في أراضٍ عربية) ، عندها كان الملك ضمن فريق (القومية والهوية العربية ) ، لم يكن ذلك الفكر تغير ، لم تكن ثروة المال صنعت شيئا ، ما زال في حينها يحلم ان يكون ملكا للعرب ، لم يكن حلمه وحده بل كان الملك فاروق يحلم بذلك أيضا ، لم تكن في حينها دولة اسمها إسرائيل ، اليوم الامر متغير تماما ، وعلى الجميع ان يعي انه ما كان ممكنا في زمن ما لا يصلح لزمن آخر ،

عوض : الا ان الأرض لا تضيع ،

سالم : نعم الأرض لا تضيع ، ولا ناسها ، انما هم بحاجة لقيادة ، و عودة لقوة الامة ، ولان هذا لم يعد ذو أهمية قدر الحفاظ على الملك ، فالقرار الثاني يعني انهم يقبلون التغيير ،

عوض : ولمّ يرفضونه ؟

فطوم : سلامو عليكو ، عليكو السلام ، غباء بعيد عنك !

سالم : المؤسسة الفردية عندما تبدأ في النمو ، يخاف المؤسس ان ينقل صلاحيته للآخرين ، وعندما تتحول الى شركة ، يخاف من حوكمتها لانه يظن انه يفقد صلاحياته ، هو لا يعلم حينها ان حوكمة الشركة ، سيجعلها اكثر ربحا وقوة ، هو لا يعلم انه لما يستمع لموظفيه فانه سيجد أفكارا  تنقله الى ابتكارات لا تخطر في البال … هذا ما يحدث للعقل الفقير ، الذي يفتقد النظرة الاستراتيجية في التغيير ، لو اعطي مثالا مصر اليوم تتقدم اقتصاديا بشكل غير مسبوق ، الا انها في المقابل تفتقد لروح المشاركة المجتمعية الخلاقة ، تفتقد الى الحرية السياسية البناءة ، ربما تمتلك إدارة الدولة في مصر رؤية اقتصادية جبارة الى ان هذا ضلع اعوج لن يكتمل منفردا الا انه ورغم ذلك يتميز ان هويته الكبرة باقية حيث والجيش مؤسسة تحمي ذلك وليست اسرة او فرد ، لذا فالتغيير سيحدث الا انه سيأخذ وقته ، هذا ليس متاحا في المملكة وان برز غير ذلك  ،

عوض : أقول لك ، ترحيب بإسرائيل في دول الخليج ،

سالم : لا يهم ، ولن يهم أحدا ، فرصة وجدتها إسرائيل متاحة ، فلما ترفضها ، فرصة لن تتكرر ابدا ، وهناك فرصة أخرى اليوم في المقابل لتأسيس دولة فلسطينية قوية  ، الا ان عقلية الفقير لا تراها .

عوض : اتعبتني ، يعني ابكي او اضحك ،

سالم : ابكي فقط على المواطن المطحون ، في كل مكان ، واضحك على غباء الحكام ،

فطوم : وبلادنا ،

سالم : باعها الانذال ،عندما فتحت أبواب صنعاء لتسقط ،  ولن يستقيم الحال الا بزوال السبب ، ورأس السبب الشرعية ، اما الانقلاب فحجة ميتة و اهل اليمن اقدر على ازالته .

فطوم : وتستمر القربعة .

اغلق الستار

#اصلح_الله_بالكم

محبتي الدائمة

احمد مبارك بشير

28/10/2018

 

  • خافي في شي = هناك امر ما (لهجة حضرمية)
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.