القصة الحقيقية لأفضل البشر بعد الأنبياء

 

القصة الحقيقية لأفضل البشر بعد الأنبياء, أو

كيف يغيب الحق عند غياب التحقق

 

 

أرسل إلينا المفكر الإسلامي الكبير, سيادة الأستاذ رشيد أيلال, حفظه الله, رسالة يحدثنا فيها عن كيف تحول الصحابي الجليل أبو بكر الصديق على أيدي كتاب السير والتاريخ في التراث السني القديم من صحابي جليل إلى “كائن” يلزم على من آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله, أن يحبه ويشكره بأمر من رسول الله.   يقول سيادته:


“تفننت كتب الحديث, والسير, والتاريخ, في تحويل أبي بكر الصديق من بشر عادي إلى أسطورة دينية تتفوق في بعض الأحيان حتى على النبي وعلى سائر البشر في الماضي, والحاضر, والمستقبل، حتى رفعه بعضهم إلى مرتبة أفضل البشر على الإطلاق بعد الأنبياء، وكأنهم اتخذوا عند الله عهدًا بذلك.  من ذلك ما ورد في كتاب “لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية” لمحمد السفاريني الحنبلي حيث يقول : “وليس في الأمة, أي أمة الإسلام، وهم أمة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – فأل فيها للعهد الذهني، وتقدم أنها أفضل الأمم، فيكون الصديق أفضل البشر بعد سائر الأنبياء بالتحقيق الثابت المنصوص والتدقيق البات المخصوص في الفضل بجميع أنواع الفضائل وبذل المعروف من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم كأبي بكر.”   انتهى من نفس الكتاب ص311.


فبهذا يعتبر أبو بكر أفضل البشر على الإطلاق وبدون منازع بعد الأنبياء، ويجب على المسلمين أن يؤمنوا بهذا رغم أنوفهم، فقط لأن بعض الشيوخ أحب أبا بكر وغالى في هذا الحب هذا الغلو الغريب، وفقط كي لا ينازع أحد أبا بكر في أفضليته، فيدعي أو يفكر في الادعاء أن عليًا بن أبي طالب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسم أفضل من أبي بكر، وطبعًا يقابل هذا الغلو المقيت في أبي بكر والصحابة غلوًا لا يقل تطرفا ومقتا عند بعض إخواننا الشيعة الذين رفعوا عليًا إلى مقام ينافس الأنبياء أيضًا ويتفوق على باقي البشر. ونحن إذ نمقت ونرفض أي تقديس لأي بشر كائن من كان فلأننا نعتبر البشر رغم علو شأنهم, وعلو كعبهم, وسمو أخلاقهم، هم في النهاية بشر يتسرب إليهم الضعف الإنساني، والنقص البشري، فيخطئون كما يصيبون، وتلك طبيعتهم، فهم ليسوا ملائكة ابتداء.


ومن التقديس أيضًا لأبي بكر والذي حوله إلى شعيرة دينية يتعبد بها بشكل غريب هذا الحديث المنسوب لرسول الله ظلمًا وبهتانا:

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَالْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ اللَّبَّادُ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، ثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَشُكْرُهُ وَاجِبٌ عَلَى أُمَّتِي”.

كتاب فضائل الخلفاء الراشدين لأبي نعيم

 

وبالتالي يصبح حب أبي بكر من الواجبات على أمة محمد، ومن الدين الإسلامي، وليس حبه فقط، بل أيضا شكره.  وهنا نتساءل عن أي شيء فعله لنا أبو بكر ليستحق هذا التقديس، فللنظر فقط إلى كتب التاريخ والتي تواترت في نقل أخبار سفك الدماء – دماء الناس المخالفين لأبي بكر – من طرف أبي بكر وبأمره, وإشرافه, وسلطانه، والتي بلغت عشرات الألوف من الأرواح المزهقة تحت ذريعة الردة وحروبها، في فترة خلافته والتي دامت سنتين فقط.


إن مرض التقليد القروني الذي ورثناه يشكل لدى أمتنا العبء الأوفى والأكبر، لذلك نتساءل بأي عقلية نقبل على هذا التاريخ المليء بالكذب, والتوزير، والتدليس, وصناعة الأبطال الورقيين بشكل لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق؟  أتساءل وأتعجب من كون الكثير منا ينبري لقتلنا وسفك دمنا, وقبل ذلك تكفيرنا، فقط لأننا ندعو إلى إعادة النظر في هذا النقل الغريب الذي جعل أمة أجمعها، تنكص عن الحق، لتعود إلى مجاهل التاريخ، مقدسة للبشر في تأليه عجيب وإن كان هذا التأليه لم يحمل في لغته المعبر بها كلمة تأليه، إلا أنه يحمل بين ثناياه وطياته الكثير من معاني التأليه.

 

خالص الشكر والتقدير لمفكرنا الإسلامي الكبير, سيادة الأستاذ رشيد أيلال, على كريم رسالته.  ولي تعليق.  واضح تمامًا أن سيادته قد وضع إصبعه على موضع الألم, فكما بيّن سيادته فإن المشكلة هي في “مرض التقليد القروني الذي ورثناه”.  أي في قبول ما وصلنا من التراث السني القديم بدون فحص له أو تحقق من صحته.  واضح تمامًا كذلك أن سيادته لم يضع إصبعه على موضع الألم وحسب وإنما بدأ العلاج كذلك.  والعلاج هنا هو تناول هذا التراث القديم, وتسليط الضوء عليه, والكشف عن تهافته, وافترائه على رسول الله بنسبة أحاديث إليه يستحيل أن يكون قد قالها.  وكما قال مفكرنا الإسلامي الكبير, فما هو بالضبط ما فعله الصحابي الجليل حتى تحول من صديق لرسول الله إلى “كائن” يلزم على من آمن بالله أن يشكره؟

                                                                         

هناك مثل في اللغة الإنجليزية يقول إن”العفاريت لا تعيش إلا في الغرف المظلمة”.  والمقصد هنا هو أن الأفكار الفاسدة لا تعيش إلا في غياب الفحص والتحقق.  أي أنها تختفي بمجرد إلقاء الضوء عليها والتحقق من صحتها.  يعني ذلك أنه في حالتنا نحن, أي في حالة كل من يؤمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله, فإن كل المطلوب منا هو إلقاء الضوء ساطعًا على تلك الأفكار, وبيان فسادها, وتعارضها مع كتاب الله.   كيف, بحق الله, يمكن لمن يؤمن بالله, أن ينسب حديثًا لرسول الله, يأمرنا فيه رسول الله بشكر أبي بكر الصديق؟  ما هو “بالضبط” الذي فعله صديق رسول الله حتى يأمر رسول الله عباد الله أن يشكرون من الآن إلى يوم القيامة؟

 

مرة أخرى, خالص الشكر, والتقدير, والإعزاز لمفكرنا الإسلامي الكبير, سيادة الأستاذ رشيد أيلال.  أدعو الله أن يفيض عليه بالصحة والعافية, وأن يطيل في عمره, وأن ينفعنا وينفع الناس بعلمه.  وحان وقت التحقق مما إذا كان الصحابي الجليل أبو بكر الصديق بشرًا مثلنا يصيب ويخطيء أم بشرًا لا مثيل له كان

“أفضل البشر بعد سائر الأنبياء بالتحقيق الثابت المنصوص, والتدقيق البات المخصوص, في الفضل بجميع أنواع الفضائل, وبذل المعروف من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم.”

كما يخبرنا الإمام الأعظم محمّد السفاريني الحنبلي رضي الله جل جلاله عنه وأرضاه.

 

وإن الحمد لله, والشكر لله, على ما آتانا وما لم يؤتِنا, وما أعطانا وما لم يعطِنا.  ولقد أعطانا, فأرضانا, وأفاض العطاء.   والعفاريت لا تعيش إلا في الظلام وبمجرد تسليط الضوء عليها تختفي.  وفي غياب التحقق يغيب الحق.

 

أهمية الكلام عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق خليفة رسول الله

أرسل إلينا سيادة الأستاذ مختار بن خلدون رسالة يحدثنا فيها عن الصحابي الجليل خليفة رسول الله أبي بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه.  وهي رسالة قرأتها بالأمس فلم أفهم الهدف منها, وأعدت قرائتها اليوم فلم أفهم الهدف منها.  دعني أوضح ما أقول.  يهدف الحوار الدائر في مركز تطوير الفقه الإسلامي إلى معرفة ماذا يريد الله منا.  وهي معرفة لا تتأتى إلا بمعرفة ما جاء في كتاب الله وحده.  يعود ذلك إلى استحالة قبول كتب الأحاديث حيث إنها لا يمكن التحقق منها, كما يستحيل الإيمان بها حيث إنها ليست من عند الله.  ومن آمن بأي حديث على أنه قد صدر عن رسول الله فقد رفع مستوى هذا الحديث إلى مستوى كلام الله, ورفع مستوى قائله إلى مستوى الله, وبذا يكون قد أشرك بالله, والعياذ بالله.  وعليه, فما الهدف من الحديث عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق خليفة رسول الله؟  هذا حديث لا يفيدنا في معرفة ماذا يريد الله منا.

 

يقول سيادة الأستاذ مختار بن خلدون:

“خالص الشكر والمعذرة للأخ رشيد أيلال, أرى من الواجب توضيح بعض الأمور من وجهة نظري والتي قد لا تعجب الأخ رشيد.  أولاً أنا أتفق معك في أن كتاب السير بالغوا في مدح الرجل وفي مرات بصفة غبية.  والغلو في الأشخاص لم يحصل في حق أبي بكر فقط . الغلو صفة إنسانية ومنذ ولادة الكون, وفي جميع الشعوب, والملل, والطوائف, والإيديولوجيات.  وإذا أردت تذكيرك فستجد أن الغلو في أبي بكر لا يساوي شيئًا بالمقارنة مع التقدير والتأليه الذي تحظى به شخصيات حتى في هذا الزمان, ولا فائدة في الذكر فقد تستيقظ آلام ومشاعر تقض مضجع المتزلفين والمنافقين.  والغلو موجود حتى عند المؤمنين بالأديولوجيات المعاصرة, ولكن الموجة العاتية تضرب على ضفاف الإسلام. الإسلام, وفكره, ورجاله, ومعتنقيه, هم الأبشع وغيرهم ليس لديهم من البشاعة لا في رجالهم ولا في تاريخهم, ولا في فكرهم.   هم أنقى الناس وأوعى الناس.  رضينا بهذا ولكن نرى من واجبنا التخفيف من وطأة الهجوم.  نعم هناك غلو ونحن نعرف هذا ولعل تلك القصة التي نسجوها بغباء أو بدهاء لأننا لا نعلم على وجه التحديد واضعها أهو حاقد أم هو محب أحمق غبي.  والقصة معروفة وهو أن أبا بكر كان يتعهد امرأة عجوزا ويذهب لتفقدها يوميًا, ويطبخ لها الطعام, ويكنس لها البيت, ويقوم بهذا العمل يوميًا . هذه القصة يأخذها الكاره ويقول خليفة المسلمين يترك أمر الناس لخدمة امرأة.  هذا يمثل ما أردت من الصفات السيئة التي تخول للمتكلم والقادح المادة اللازمة لهجومه. والقصة تعجب الأغبياء حتى من الشيوخ والتي يجدون  فيها رقة في قلب الرجل غير موجودة في غيره لدرجة تقويلهم لعمر ابن الخطاب وهو يخاطب أبا بكر صعبت الأمر على من يأتي بعدك. هذا نموذج من لغة المغالين. هذه شخصية أبي بكر كما يريد البعض نحتها.  أما أن يتدرج بنا القول إلى أن أبا بكر مجرم وسفاك دماء فهذا كثير وكثير جدا.  وتنسب لأبي بكر هذه التهمة في كتب المستشرقين. وهنا لنا أن نلاحظ أن المغالين في أبي بكر ليسو أسوياء وربما هم معذورين نظرا لمستواهم العلمي وفي زمن غير زماننا.  أما الذي لا يقبل فهو غلو متعلمي هذا الزمان في المستشرقين الى حد التقديس وهم كذلك ليسو أسوياء. وقبل تفنيد التهمة التي توجه إلي ابي بكر وليس باب التقديس أو الغلو ولكن من باب لا يريد الناس الدخول منه وهو باب يتطلب قامة وهمة ونظافة ضمير . وهو باب النزاهة. وهنا أود أن أقول كلمة للأخ رشيد.   انت تنقد البخاري وتسفه أقواله ومروياته ولا تأخذ بها وتكذبها وانا معك الى حد ما في ذلك ولتصدق كلامي أنا من تلامذة عدنان ابراهيم وأنت دون شك تعرف موقفه من البخاري وللتوضيح فقط لغيرك العلامة عدنان ابراهيم ينقد البخاري وغير البخاري ولكن لا ينسف بالكامل كما فعلت انت وانا لا الومك . ولكني ألومك في شيء آخر.  النزاهة تقتضي أن من ينكر مرويات البخاري أن ينكر مرويات السيرة بالكامل ايضا ومن ضمنها مرويات التي تقول إن أبا بكر قتل وسفك . أخ رشيد لا يجب أن ننقاد بالهوى فما يعجبنا من أخبار تسيء إلى أبي بكر نأخذها ونتبناها ونقول كتبكم قالت. وعندما تتحدث نفس الكتب عن أخبار تحسن إلى أبي بكر ترميها وتنسبها الى الغلو. التناقض ممنوع والهوى ممنوع والعقل الراجح والمتزن هو الأصل. وفي مقال قادم سأوضح أن أبا بكر لم يسفك دماء ولم يقتل ناس كما قلت ونحن نعيش في زمان لا يمكن تمرير ما نريد . الرجل خاصة حروب ردة ومرتدين وحارب أناسا ادعوا النبوة وحارب أناسا أوقفوا سير دواليب الدولة وحارب دولتين عظيمتين كانتا تحتلان أراضي غيرهما وتقتلان وتستعبدان الناس وانا لست اسم لحظة واحدة انك تعرف هذا واكثر ولكنك كاره للرجل فماذا نفعل . أخ رشيد لو كنت ممن عاصروا أبا بكر وأنت بهذه العقلية لوجدناك في جيش مسيلمة أو في المرتدين الذين قالوا لأبي بكر كنا ندفع لمحمد.  وأنت لا نعترف بك أو أنك أحد قادة جيش الروم أو الفارسي المحتل الأراضي العربية.  في مقال قادم سيظهر لك بالدليل انك ظالم الرجل . والغلو في الرجال موجود في الإيديولوجيات المعاصرة وفي الملوك والرؤساء.”  انتهى

 

خالص الشكر والتقدير لسيادة الأستاذ مختار بن خلدون على كريم رسالته.  آمل أن يبيّن لنا سيادته في قادم رسائله أهمية الحديث عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق خليفة رسول الله في مسعانا لفهم كتاب الله.  أرى, فيما أرى, أن من يسعى لفهم كلام الله لا يحتاج إلى معرفة أي شيء عن خليفة رسول الله الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله جل جلاله عنه وأرضاه.  آمل, طبعًا, أن أكون مصيبًا فيما أذهب إليه, أما إذا بيّن لي سيادة الأستاذ مختار بن خلدون خطئي فيما أذهب إليه فلا مشكلة على الإطلاق إذ لن يحتاج الأمر إلى إلقاء هذه الأفكار الفاسدة في أقرب صفيحة زبالة.  كل ما يحتاجه الأمر هو أن يبيّن لي سيادة الأستاذ مختار أين أخطأت.

أهمية الكلام عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق خليفة رسول الله

أرسل إلينا سيادة الأستاذ مختار بن خلدون رسالة يحدثنا فيها عن الصحابي الجليل خليفة رسول الله أبي بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه.  وهي رسالة قرأتها بالأمس فلم أفهم الهدف منها, وأعدت قرائتها اليوم فلم أفهم الهدف منها.  دعني أوضح ما أقول.  يهدف الحوار الدائر في مركز تطوير الفقه الإسلامي إلى معرفة ماذا يريد الله منا.  وهي معرفة لا تتأتى إلا بمعرفة ما جاء في كتاب الله وحده.  يعود ذلك إلى استحالة قبول كتب الأحاديث حيث إنها لا يمكن التحقق منها, كما يستحيل الإيمان بها حيث إنها ليست من عند الله.  ومن آمن بأي حديث على أنه قد صدر عن رسول الله فقد رفع مستوى هذا الحديث إلى مستوى كلام الله, ورفع مستوى قائله إلى مستوى الله, وبذا يكون قد أشرك بالله, والعياذ بالله.  وعليه, فما الهدف من الحديث عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق خليفة رسول الله؟  هذا حديث لا يفيدنا في معرفة ماذا يريد الله منا.

 

يقول سيادة الأستاذ مختار بن خلدون:

“خالص الشكر والمعذرة للأخ رشيد أيلال, أرى من الواجب توضيح بعض الأمور من وجهة نظري والتي قد لا تعجب الأخ رشيد.  أولاً أنا أتفق معك في أن كتاب السير بالغوا في مدح الرجل وفي مرات بصفة غبية.  والغلو في الأشخاص لم يحصل في حق أبي بكر فقط . الغلو صفة إنسانية ومنذ ولادة الكون, وفي جميع الشعوب, والملل, والطوائف, والإيديولوجيات.  وإذا أردت تذكيرك فستجد أن الغلو في أبي بكر لا يساوي شيئًا بالمقارنة مع التقدير والتأليه الذي تحظى به شخصيات حتى في هذا الزمان, ولا فائدة في الذكر فقد تستيقظ آلام ومشاعر تقض مضجع المتزلفين والمنافقين.  والغلو موجود حتى عند المؤمنين بالأديولوجيات المعاصرة, ولكن الموجة العاتية تضرب على ضفاف الإسلام. الإسلام, وفكره, ورجاله, ومعتنقيه, هم الأبشع وغيرهم ليس لديهم من البشاعة لا في رجالهم ولا في تاريخهم, ولا في فكرهم.   هم أنقى الناس وأوعى الناس.  رضينا بهذا ولكن نرى من واجبنا التخفيف من وطأة الهجوم.  نعم هناك غلو ونحن نعرف هذا ولعل تلك القصة التي نسجوها بغباء أو بدهاء لأننا لا نعلم على وجه التحديد واضعها أهو حاقد أم هو محب أحمق غبي.  والقصة معروفة وهو أن أبا بكر كان يتعهد امرأة عجوزا ويذهب لتفقدها يوميًا, ويطبخ لها الطعام, ويكنس لها البيت, ويقوم بهذا العمل يوميًا . هذه القصة يأخذها الكاره ويقول خليفة المسلمين يترك أمر الناس لخدمة امرأة.  هذا يمثل ما أردت من الصفات السيئة التي تخول للمتكلم والقادح المادة اللازمة لهجومه. والقصة تعجب الأغبياء حتى من الشيوخ والتي يجدون  فيها رقة في قلب الرجل غير موجودة في غيره لدرجة تقويلهم لعمر ابن الخطاب وهو يخاطب أبا بكر صعبت الأمر على من يأتي بعدك. هذا نموذج من لغة المغالين. هذه شخصية أبي بكر كما يريد البعض نحتها.  أما أن يتدرج بنا القول إلى أن أبا بكر مجرم وسفاك دماء فهذا كثير وكثير جدا.  وتنسب لأبي بكر هذه التهمة في كتب المستشرقين. وهنا لنا أن نلاحظ أن المغالين في أبي بكر ليسو أسوياء وربما هم معذورين نظرا لمستواهم العلمي وفي زمن غير زماننا.  أما الذي لا يقبل فهو غلو متعلمي هذا الزمان في المستشرقين الى حد التقديس وهم كذلك ليسو أسوياء. وقبل تفنيد التهمة التي توجه إلي ابي بكر وليس باب التقديس أو الغلو ولكن من باب لا يريد الناس الدخول منه وهو باب يتطلب قامة وهمة ونظافة ضمير . وهو باب النزاهة. وهنا أود أن أقول كلمة للأخ رشيد.   انت تنقد البخاري وتسفه أقواله ومروياته ولا تأخذ بها وتكذبها وانا معك الى حد ما في ذلك ولتصدق كلامي أنا من تلامذة عدنان ابراهيم وأنت دون شك تعرف موقفه من البخاري وللتوضيح فقط لغيرك العلامة عدنان ابراهيم ينقد البخاري وغير البخاري ولكن لا ينسف بالكامل كما فعلت انت وانا لا الومك . ولكني ألومك في شيء آخر.  النزاهة تقتضي أن من ينكر مرويات البخاري أن ينكر مرويات السيرة بالكامل ايضا ومن ضمنها مرويات التي تقول إن أبا بكر قتل وسفك . أخ رشيد لا يجب أن ننقاد بالهوى فما يعجبنا من أخبار تسيء إلى أبي بكر نأخذها ونتبناها ونقول كتبكم قالت. وعندما تتحدث نفس الكتب عن أخبار تحسن إلى أبي بكر ترميها وتنسبها الى الغلو. التناقض ممنوع والهوى ممنوع والعقل الراجح والمتزن هو الأصل. وفي مقال قادم سأوضح أن أبا بكر لم يسفك دماء ولم يقتل ناس كما قلت ونحن نعيش في زمان لا يمكن تمرير ما نريد . الرجل خاصة حروب ردة ومرتدين وحارب أناسا ادعوا النبوة وحارب أناسا أوقفوا سير دواليب الدولة وحارب دولتين عظيمتين كانتا تحتلان أراضي غيرهما وتقتلان وتستعبدان الناس وانا لست اسم لحظة واحدة انك تعرف هذا واكثر ولكنك كاره للرجل فماذا نفعل . أخ رشيد لو كنت ممن عاصروا أبا بكر وأنت بهذه العقلية لوجدناك في جيش مسيلمة أو في المرتدين الذين قالوا لأبي بكر كنا ندفع لمحمد.  وأنت لا نعترف بك أو أنك أحد قادة جيش الروم أو الفارسي المحتل الأراضي العربية.  في مقال قادم سيظهر لك بالدليل انك ظالم الرجل . والغلو في الرجال موجود في الإيديولوجيات المعاصرة وفي الملوك والرؤساء.”  انتهى

 

خالص الشكر والتقدير لسيادة الأستاذ مختار بن خلدون على كريم رسالته.  آمل أن يبيّن لنا سيادته في قادم رسائله أهمية الحديث عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق خليفة رسول الله في مسعانا لفهم كتاب الله.  أرى, فيما أرى, أن من يسعى لفهم كلام الله لا يحتاج إلى معرفة أي شيء عن خليفة رسول الله الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله جل جلاله عنه وأرضاه.  آمل, طبعًا, أن أكون مصيبًا فيما أذهب إليه, أما إذا بيّن لي سيادة الأستاذ مختار بن خلدون خطئي فيما أذهب إليه فلا مشكلة على الإطلاق إذ لن يحتاج الأمر إلى إلقاء هذه الأفكار الفاسدة في أقرب صفيحة زبالة.  كل ما يحتاجه الأمر هو أن يبيّن لي سيادة الأستاذ مختار أين أخطأت.

 

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.