عندما يكتب المُهري يصعب تمامًا الرد عليه

 عندما يكتب المُهري

يصعب تمامًا الرد عليه

 islam2.jpg

 

استمرارًا للحوار الدائر حول حلية زواج المسلمين من أهل الكتاب, أرسل إلينا فضيلة الشيخ أحمد المُهري, حفظه الله, رسالة ما أن رأيتها حيث ضحكت إذ أن فضيلته قد قلب المسألة على رأسي – وحمدًا لله على وجود فضيلة الأستاذ الدكتور محمّد سلامه بجواري حتى لا أكون الوحيد الذي يختلف مع فضيلته – وما أن انتهيت من قرائتها حتى ضحكت.   من أين لي الرد على جبل الأدلة التي ألقاها فضيلته فوق رأسي.  الرد الآن صعب.  وعليه, فليس أمامي سوى أن أخرج منها بهدوء وأترك أمر الرد على فضيلته لأعضاء مركزنا الأعزاء.  إلا إذا رزقني الله برد يصل إلى مستوى ما جاء به فضيلته من أدلة.  ساعتها يمكنني أن أرد.   يقول فضيلته ردًا على رسالة “زواج الفاسقة”:

 

“بدأت مقالتي بالجملة التالية ولكن الدكتور كمال يظلمني ويكتب على كيفه.

“نحن في مركز تطوير الفقه الإسلامي مسلمون والمسلم يهتم بالإنسان بصورة عامة سواء كان منا أو لم يكن مثلنا في الدين. إن كل إنسان مؤهل لأن يصبح مسلما مؤمنا صالحا متفوقا على غيره حتى درجات الأنبياء. هذه إحدى معاني عدالة السماء. فالمجال مفتوح للجميع ليستبقوا الخيرات”.

 

ولأزيدكم فإن في أسرتي الكبيرة التي تضم أهل المرحومة والدتي أيضا زواج مسيحيات من مسلمين وبين أصدقائي القريبين زواج مسيحي من مسلمة.  ثم إن ابني علي متزوج من فتاة دبوية بمعنى أن أباها من دبي ولكن أمها يابانية لم تعلن إسلامها.  ولا أدري من الذي عقد عليها للمرحوم والد كنَّتي.  لكنني مسلم أطمع بأن يغفر لي ربي خطيئتي يوم الدين وأن يدخلني جنات النعيم. الجنة مملوكة لله تعالى لا للأستاذ كمال شاهين ولا للطبيب سلامه.  أنا أحبهما وأحب كل الإخوة والأخوات المنتسبات إلى مركزنا العلمي كما أحب كل أهلي وكل أصدقائي. الدكتور كمال يتكلم من واقع أحاسيسه وليس الله تعالى بانتظار أحاسيسنا؛ كما أن الطبيب سلامه يسعى لإثبات ما يحبه بالفلسفة, وليست الفلسفة من مصادر القرآن الكريم.  نحن نعرف القليل عن قوانين الطبيعة, والقرآن في واقعه يمثل رسالة الطبيعة بأمر الله تعالى وبعلمه وإذنه.  كما أننا نجهل تماما كيف يحاكم الله تعالى عبيده يوم الحساب ولذلك فإن العقل يحكم بأن نسعى ونحتاط لإرضاء ربنا.

 

لقد تحدثت بلسان القرآن وقدمت أسئلة لسيادة الدكتور كمال وأخرى لسيادة الدكتور أبي المكارم ولا زلت بانتظار ردهما لنناقش.  أما رفض الدكتور كمال لتفسيري فهو كلام بلا دليل.  عليه أن يأتي بالبديل.  اللهم إلا إذا ظن بأن القرآن منزل حسب خيالات الدكتور كمال الذي ظهر بعد خمسة عشر قرنا من نزول القرآن.

 

لقد نظرت إلى مسألة الزواج بكل دقة لأن أهلي مبتلون بها, وهناك أحد أعز أصدقائي ابتلي بها, وصديق عزيز آخر ابتلي بها لكنه تمكن من إقناع الشاب المسيحي أن يشهد الشهادتين على الأقل وهكذا شعر بنوع من الراحة.  نحن في الغرب مبتلون بهذه المسألة وقد رفضت مساعدة عدة إخوان طيبين في مسألة الزواج من غير المسلمين والمسلمات.

 

نأتي لما تفضلت به أختنا الأستاذة الشابة لميس فايد رعاها الله تعالى. تحدثت عن عدة مسائل أرقم تعليقاتي للمزيد من الفهم.

  1. الآية التالية من سورة النور: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3).  أنا شخصيا لا أظن بأن المقصود من المشرك هو أهل الكتاب كما يظن البعض ولم أفسر الآية الكريمة يوم التفسير على ذلك الأساس. وقلت أيضا بأن الزاني حسب رأيي المتواضع لا تعني التي زنت مرة أو مرات قليلة تحت ضغط الشهوات فهي لا تعتبر زانية, تماما مثل ما أننا لا نسمي الدكتور كمال شاهين بنّا لو رأيناه يضع طابوقاً على طابوق في بيته, ولا نسمي الطبيب سلامه حدادًا لو رأيناه صدفة وهو يحدّ سكاكين المطبخ عنده, أو حتى عندي أنا.  الحداد والبنا يعني الذي يمارس البناء والحدادة.  فالزاني في الواقع تشير إلى المعروف بالزنا والزانية تشير إلى الفاجرة وليس إلى مخطئ من الطرفين ولا سيما بعد أن يتوبا.

 

والآية تحرم زواج المؤمنين من الزانيات والمشركات كما تحرم زواج المؤمنات مع الزناة والمشركين فقط.  لكن المقطع الأول من الآية يعني هذا ما يستحقونه وليس هذا حكمهم بحسب ظني. يجب أن نعرف بأن المشرك لا ينتظر حكما من القرآن الكريم والمعروف بالزنا ذكرا أو أنثى ليس مهتما بحكم الله تعالى. فالله سبحانه يحكم لمن آمن به وأخلص لربه فقط في الآية الكريمة. لا تتحدث الآية الكريمة عن أهل الكتاب. والعلم عند المولى.

 

وحينما كنت مديرا لمركز تجاري تابع للثورة في إيران؛ أتاني أحد المساعدين ومعه رسالة موجهة إلى النائب العام الثوري طالبا مني التوقيع عليها.  قرأتها وإذا بها تقدم شابا وشابة من العاملين في إحدى المحلات التابعة لإدارتي وقد شوهدا متلبسين بجريمة الزنا في غرفة خلفية.  مزقت الورقة وقلت له اذهب وقل لهما بأن يتزوجا وأنا مستعد أن أساعدهما في نفقات الزواج.  كانت تلك القضية صدمة للثوار في دائرة عملي ولكنني كنت أعمل برأيي ولا أعمل برأي المستهترين بالبشر.

  1. الفسق غالبا ما يكون خافيا علينا إلا إذا أظهر شخص استهتارَه بدينه. ولكنني استعملت صفة الفسق لأنني أعتبر الذي يتجاهر بمخالفة القرآن فاسقا لو كنت أنا مصيبا في رأيي في فهم الآية.  الأخوين اللذين يناقشانني كما يبدو لغيرهما فهما في الواقع يسعيان لفرض رأيهما علينا وما رأيتهما يناقشان مع الأسف. وسأرد على أخي العزيز الطبيب سلامه هنا.

  2. الأطباء جميعا يوضحون لمن يتعامل معهم ما يوصفونه له بكل دقة. لكن الطبيب سلامه في طوره الفلسفي باعتباره فيلسوفا أيضا فإنه يكتفي بالإشارات. قرأت مقالته القصيرة ثلاث مرات لأرى فيها دليلا ضدي فلم أجد. أتمنى أن يقنعني أحد بأنني مخطئ فأقول للجميع تزوجوا من أهل الكتاب دون وجل؛ ولكني لن أخالف كتاب الله تعالى إلا خطأً.

أما مسألة الزواج بمن زنت فبدون أن أراجع أي فقيه سوف أعقد عليهما لو طلبا مني ذلك. هذا شأن وليس حكما شرعيا.  لقد طلب مني أحد الإخوة حينما كنت في إيران أيضا بأن فتاة مسلمة تعرضت لاعتداء أخيها عليها قبل أن تتزوج.  تألمت وهو نقل لي الحادث بألم ولكنني اقترحت عليه بأن يسعى لإقناع شاب مسلم ليتزوج من تلك الفتاة التي تعرضت للاغتصاب وسأبارك لهما ذلك.  لا أظن بأن الإسلام بصدد طرد الذين فسقوا ولكن التشريع القرآني ليس تابعا لأهوائنا.

                                                                                    

لقد كتبت مخاطبا سيادة الطبيب بأن آية المائدة ليست تشريعية لأنها تبيح للمسلمين طعام أهل الكتاب كما تبيح لهم طعام المسلمين أيضا.  وهذا غير صادق فلا يجوز لنا أكل لحم الخنزيز المحلل عند إخواننا المسيحيين لأن القرآن حرم لحم الخنزير بكل صراحة كما أن اليهود لا يأكلون من لحم الجمل الذي حرموه افتراء على الله تعالى. فالآية إذن تتحدث عن أهل الكتاب الذين أسلموا وصاروا إخوانا مع من كانوا مشركين من قبل.  لكن سيادته لا يهتم بالدليل حينما يدافع عن قناعاته الشخصية.

 

  1. وأما مسألة المشاعر التي تحدثت عنها الأخت الفاضلة فإني أشاطرها ذلك ولكنني أذكر لها بعض ما حصل مع الأنبياء.

ألف: آزر هو أبو إبراهيم ذلك الرسول العظيم وهو كافر وكان إبراهيم متألما من ذلك دون جدوى.

ب: أبو لهب عم الرسول وقد أنزل الله تعالى سورة في تحقيره وقد حكم الله تعالى عليه وعلى زوجته بجهنم.  لنفكر في مشاعر رسولنا ومدى تألمه من القضية ولكنها حقيقة لا يمكن أن يتجاهلها الله تعالى إكراما لأحد من عبيده حتى لو كانوا رسله.

ج. أجداد الرسول كما يقولون بأن أحدهم اسمه عبد مناف ومناف كما يقولون اسم صنم في الجاهلية وابنه هاشم جد النبي وابنه الآخر عبدشمس وهو اسم مجوسي. ويقولون بأن أحد أجداد الرسول كان يسمى مرة وهو كما يقولون من أسماء الشيطان. ولعلكم سمعتم بأن أبا مرة كنية إبليس لعنه الله تعالى. وهناك الكثير من هذه المشاكل بين الأقدمين فما المانع؟ تزوجت امرأة بريطانية فاضلة بأخ مصري لي بعد أن أسلمت. ورأيتها ذات يوم حزينة فسألتها قالت لي بأن أباها توفي فترحمت عليه. قالت لي يا مهري إن زوجي يمنعني من أن أستغفر لأبي لأنه قد مات مسيحيا.  فكلمت زوجها ونهرته على فعلته وقلت له ما أدراك بأنه لن يدخل الجنة.  قال تعالى في سورة الرعد:

*وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23)*.

 

والواقع أن كل آباء الصحابة من المشركين قد يدخلون الجنة لو كانوا الحين. ما ذنبهم بأنهم لم يروا الرسول ولم يسمعوا عن دين الله وكانوا مشركين تبعا لعوائلهم؟  لقد كتبت مقالة قديمة في هذا المجال باسم الشاهد والشهيد.

 

  1. مسألة الأولاد: الأولاد في الدين الإسلامي أحرار بأن يختاروا الدين الذي يريدونه حينما يكبرون فلا يوجد إكراه في الدين قرآنيا. لكن العادات والتقاليد قد تؤثر في بعض المفاهيم ولا يمكنني أن أعالجها ولا أظن بأن أحدا يمكنه معالجة تلك العادات. وأذكر بالمناسبة بأن القرآن الكريم يعتبر الطفل المولود من الزنا طفلا عاديا ولا يبيح أن يوصم بأية وصمة. لا ذنب للطفل ومن حقه العيش السليم والسمعة الطيبة. قال تعالى في سورة الأحزاب: *ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (5). فتوصيف أحد بابن الزنا عادة جاهلية ممقوتة ومحرمة. وقال تعالى في سورة الحجرات:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13).

 

أرجو ملاحظة هذه الآية الكريمة من سورة الأحزاب بعد الآية السابقة ذكرها: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6). ما معنى أن أزواج النبي أمهات المؤمنين. أليس معنى الآية بأن الأمهات طاهرات حينما ننسب الأمومة إليهم. الابن الذي ظلمته أمه فأولدته من الحرام فهو لو كان مؤمنا فإن زوجة الرسول أمه لأنهن أمهات المؤمنين. يعني ذلك بأن الأمومة أمر آخر لا دخل لها ببقية صفات الأم حتى لو كانت معروفة بالزنا والعياذ بالله. وبقدر فهمي للقرآن فإنني أرى بأن توصيف امرأة زنت أو رجل زنى بالزنا ليس مباحا بل هو عمل همجي يجب ألا نأتي به. كل العصاة يمكن أن يهتدوا فيجب علينا حمايتهم وهدايتهم ولا يجوز لنا أن نمس كرامتهم.

وأذكر لكم مسألة أخرى مهمة جدا في احترام كرامات الناس عند الله تعالى. قال سبحانه في سورة النور: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4). سمعتم بأن الآية الأولى من السورة تعلق حكم جلد الزاني والزانية بشهادة أربعة شهود بأنهم رأوا العملية رؤية عينية. هذا ما لا يمكن إثباته إطلاقا برأيي إلا في حالة واحدة بأن تتم العملية في الشارع العام فقط. حتى ما يحصل داخل أندية الموبقات فإن القاضي سوف يعتبر الشاهد فاسقا لأنه دخل مكانا محرما. لكن الذي يرمي امرأة بالزنا ولم تشترط الآية بأن تكون مؤمنة والمحصنة يعني غير المعروفة بالزنا فقط. الذي يرمي يُجلد قطعيا 80 جلدة ويُرفض كل شهاداته ويُعتبر فاسقا حتى يتوب ويغير سلوكه. قد يكون الذي يرمي المحصنة صادقا ولكن مجرد الرمي مرفوض عند الله تعالى ويعاقب لأنه رمى امرأة قد تكون شريفة.

  1. لتسمح لي الأخت لميس وبقية القراء الكريم لأتلو عليهم بعض آيات سورة المائدة ليعلموا بأن السورة سورة فاصلة بين المسلمين وغيرهم. بالطبع لا يمكنني أن أفسر فهي من السور التي تنطوي على كبريات المسائل الضرورية لترك الناس بلا أنبياء وكأنها تنبئ عن قرب وفاة الرسول عليه السلام. وسأكتفي بالإشارات. قال تعالى في سورة المائدة:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ ِلأِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4). وضح الله تعالى بأن الخنزير محرم وبأنه تعالى أكمل دينه ببيان الحلال والحرام من الأنعام وأحل للمضطر إن لم يكن متجانفا لإثم. ثم كرر بأن الجواب على سؤال من يسأل عما أحله الله فهو الطيبات إضافة إلى الصيد بالطريقة الموضحة في الآية.

ثم قال تعالى بعدها: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5). وهنا يبرز السؤال التالي: لقد أحل الله الطيبات في آية قبلها وليس في سورة أخرى، فما معنى أن يقول مرة أخرى: اليوم أحل لكم الطيبات؟ وهل الطيبات كانت محرمة فأحلها الله تعالى لهم ذلك اليوم أم كانت حلالا عليهم لكنه وضحها لمن يسأل عما أحله الله فقط؟ إذن لا معنى لقوله تعالى: اليوم أحل الطيبات؛ إلا إذا أخذنا الآية بمعنى آخر، كما فسرتها من قبل.

ثم يبرز سؤال آخر: وهو أن الله تعالى حرم لحم الخنزير في الآية السابقة فكيف يقول بأن طعام النصارى من أهل الكتاب حلال علينا وهم لا زالوا يحللون لحم الخنزير من أيام مرقس كما أظن وهو قبل ظهور الإسلام؟

ثم سؤال ثالث: هل اليهود أكلوا لحم الجمل بعد تلك الآية فما معنى الجملة الكريمة: وطعامكم حل لهم؟ وهل اليهود والنصارى بانتظار تحليل القرآن ليغيروا دينهم؟

ثم سؤال رابع: هل المحصنات من المؤمنات كن محرمات على الذين آمنوا قبل ذلك اليوم؟

أطلب من أخي الطبيب سلامه الذي يحلل ما حرمه الله تعالى بناء على ما يحبذه أن يرد على هذه الأسئلة قبل أن يكرر ادعاءه بأن الله تعالى أحل لنا طعام النصارى والزواج معهم.

ثم يقول سبحانه بعدها بعدة آيات: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10). من هم الذين كفروا وكذبوا بآيات الله تعالى؟ أليس هم الذين بقوا على شركهم من المشركين والذين بقوا على يهوديتهم ونصرانيتهم من أهل الكتاب؟ أليسوا جميعا مكذبين بآيات القرآن.

ثم ننتقل إلى الآيتين التاليتين من نفس سورة المائدة: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (14). الآية 13 هم اليهود والآية 14 تتحدث عن النصارى. لعن الله سبحانه الأولين وذكر الآخرين وهم النصارى بأنه أغرى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. فهل يقول لنا ربنا بأنه سمح لنا كمسلمين أن نأكل من لحومهم ونتزوج معهم ونزوجهم بناتنا وهو يلعن اليهود منهم ويلوم النصارى ويعذبهم وهو لعن أيضا؟

لنسير مع سورة المائدة الكريمة لنرى ربنا يدعوهم ليسلموا حتى يخرجهم من الظلمات إلى النور: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16). حسب قول سيادة الطبيب سلامه ورغبة سيادة الدكتور كمال بأن الله تعالى سمح للمسلمين والمسلمات أن يتزوجوا معهم وسمح لهم جميعا أن يأكلوا من طعام بعضهم البعض. فما معنى أن ينصح الله اليهود والنصارى بأن يتبعوا القرآن الكريم ويهتدوا به ليخرجهم الله من الظلمات إلى النور؟ وهل اكتفى الله تعالى بذلك أم ذكر المزيد عن أحوالهم غير المرضية عنده. وبالمناسبة فإنني أطلب من الجميع أن ينتبهوا للتهديد العام في الآية التي سأذكرها الآن لنعلم من هو الله تعالى:

لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17). هل يسمح الله لنا بأن نزوجهم بناتنا ثم يقول بأنهم كفروا بالتحقيق!! هل يريد الله تعالى من أن نزوج الكفار بنات المسلمين؟ ثم انظروا إلى التهديد العام لتعلموا بأن الله تعالى يهتم بأحكامه ولا يهتم بما تترشح عن أفكاركم. وهو حقا مالك كل شيء وموجد كل شيء فمن حقه أن يحكم بما يراه هو سبحانه لا بما ترونه أنتم وتحبذونه. فمن يملك لكم من الله شيئا إن أهلك المسيح بن مرم وأمه ومن في الأرض جميعا؟ قال سبحانه ذلك ورسوله محمد عليه السلام واحد ممن في الأرض؟ فأرجو من الجميع ألا يسعوا لفرض ما يحبونه على القرآن. هاتوا دليلكم من كتاب الله تعالى ثم اطلبوا الآذان الصاغية منا. ليس القرآن رشحات أفكار كمال شاهين ولا سلامه ولا المُهري ولا غيرهم من أهل الأرض. أتحدث بالقرآن فحاولوا الرد علي بالقرآن لتكونوا منصفين معي ومع أنفسكم.

وأطلب من الأخت الفاضلة لميس أن تقرأ آيات المائدة حتى نهاية السورة وتفكر فيها لترى الآية التالية كيف يعتبر اليهود فاسقين على لسان نبيهم موسى عليه السلام وأمام عيونهم: قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25). هل بعد هذا ننتظر من الله تعالى أن يهتم بالتجمعات البشرية وبالفقهاء وبالمركز الإسلامي الليبرالي في برلين وبمبالغات أخي العزيز الدكتور كمال وبفلسفة أخي العزيز الطبيب سلامه؟

وأخي كمال شاهين يتحدث بكل جرأة وشجاعة ضد القرآن وكأني أنا منزل القرآن. يقول سيادته: في حالتي أنا مثلاً فلا أقبل “نهائيًا” تفسير فضيلته للآيات القرآنية الخاصة بهذا الموضوع ولا أستطيع كذلك أن أقبل الفكرة التي يعرضها فضيلته عن لزوم “غياب الود” في علاقتنا مع إخواننا من غير المسلمين.  يستحيل أن يطلب الله ممن آمن بالله وبأن محمدًا رسول الله أن يراعي مصالح المسلمين فقط ومشاعرهم.  إنما يطلب الله منا أن نراعي مصالح ومشاعر كل خلق الله في كل عمل نقوم به.  ليس من صالح الأعمال أن يقتصر الود على المسلمين فقط.     انتهى النقل.

أرجو من كل منصف أن يقرأ ما كتبته ثم يفكر في اتهام الدكتور كمال لأخيه المُهري:

” قال تعالى في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51). وقال تعالى في سورة الممتحنة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1). كل المسيحيين وكل اليهود كفروا بما جاءنا من الحق فلا يجوز اتخاذهم أولياء ولا توجد ولاية دنيوية أقرب إلى المسلم من شريك الحياة. نحن نصادقهم ونتعامل معهم ونحبهم ونساعدهم ولكن لا يجوز لنا أن نتزوج معهم. الزواج ميثاق عظيم لا يجوز للمسلم أن يوثق به غير المسلم.”   انتهى النقل.

طبعا فإن سيادته يبالغ ولكنني لم أكتب شيئا من تلقاء نفسي. لعل علاقاتي الشخصية مع اليهود والنصارى أكثر منه وأنا أستغفر للذين ماتوا من أصدقائي من اليهود والنصارى. لكنني أنا غير الله تعالى. ذكرت لهم ما قاله الله وفي آيات القرآن الكريم وعلينا بأن نخضع لكلام ربنا وإلا فنحن أيضا فاسقون. حرم الله علينا أن يصل ودنا حد التزاوج وليس ما وراء ذلك. قال تعالى في سورة الممتحنة: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9).

أنا أعيش في بريطانيا يا أستاذة لميس وأزور ألمانيا كثيرا لأن ابنتي خديجة تعمل أستاذة هندسة الفضاء في جامعة إسن في دوسبورغ. أنا أحب ألمانيا وأعرف الكثير من الألمان وأعتبر بعضهم إخوانا لي وهم مسيحيون ويهود ولكنني لن أخرج عن قوانين الرحمان لعلي أكسب رضاه ومغفرته. أحب المستشارة ميركل وأدعو لها بالهدى والمغفرة من ربنا وأعتبرها مسيحية طيبة.

لعل مشاعري مشابهة لمشاعركم جميعا ولكن قوانين الله تعالى ليست قوانين بشرية خيرُها ما جاءتنا عن طريق الديمقراطية. إن الله تعالى مستبد يملي ما يراه صالحا ولا دخل لبشر فيما يمليه ذو الجلال والإكرام. إنه متكبر ونعم به متكبرا. وختاما معذرة مما ترونه من بعض الشدة فيما كتبت فأنا بكل تواضع أقدم لكم فهمي فقط ولست مقررا ولا مقننا. أنا بشر وأحبكم جميعا وأتمنى لي ولكم مغفرة من الله تعالى ورضوانا.

 

 

أحمد المُهري

12/8/2018

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

 

تعليق واحد
  1. ambmacpc :

    عندما يكتب سلامه

    تعليقًا على رسالة “عندما يكتب المُهري”, أرسل إلينا فضيلة الأستاذ الدكتور محمّد سلامه الرسالة التالية. يقول فضيلته:

    “حين يقول الله تعالى *والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ* المائدة: 38 فليس المقصود من الآية أن من قبض عليه متلبسًا بالسرقة يقام عليه مثل هذا الحد بل فقط الذي امتهن السرقة وأصبح سارقا. وحين يقول *الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ* النـور: 2 فليس المقصود هو من أتى بجريمة الزنا, ولكن المقصود هو من امتهن الزنا وأصبحت مهنته.

    وحين يقول *اليوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ* المائدة: 5 فطالما أن أهل الكتاب يأكلون الخنزير فتصبح الآية غير ذات معنى لأنها بذلك تحل لنا أكل خنزير أهل الكتاب, وطالما أن أهل الكتاب يرفضون الإيمان بمحمد بن عبد الله كرسول ونبي من عند الله فالزواج من كتابية يعني الإقرار بما تؤمن به.

    هذه أمثلة لطريقة تفكير فضيلة الشيخ أحمد المهري. نحن يجب أن نعود لدراسة المنطق ثم ننشئ بعد ذلك مركز تطوير الفقه الإسلامي وليس قبل ذلك.” انتهى

    خالص الشكر لمفكرنا الإسلامي الكبير, فضيلة الأستاذ الدكتور محمّد سلامه على كريم رسالته. وعندي سؤال. فهمت من الرسالة أن مفكرنا الإسلامي الكبير يخبرنا بأن فضيلة الشيخ المُهري قد أخطأ في عرضه لأفكاره. المشكلة أني لم أفهم ما الخطأ. الرجاء من مفكرنا الإسلامي الكبير أن “يأخذ بأيدينا” ويُرينا أين الخطأ بالضبط. نحن لا نستطيع أن نتنبأ بما يقصده مفكرنا الإسلامي الكبير.

    #تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.