الكيمياء, والفيزياء, والأحياء, والقرآن الكريم

الكيمياء, والفيزياء, والأحياء, والقرآن الكريم

 

 

لا يمكن لنا أن نتحقق من العلم الذي يأتينا من الله تعالى إلا قليلا.  فلا يمكن التحقق من كل ما لا نراه لأننا لا نراه بل لا نلمسه, ولكنه علم بنص القرآن الكريم.  لننظر إلى ما يعتبره الله تعالى علمًا وإلى جنسيات ذلك العلم.

  1. قال تعالى في سورة القصص: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاّ الصَّابِرُونَ (80). فهناك علماء أوتوا العلم من أصحاب موسى وهم جميعًا مصريون.  فبنو إسرائيل ولدوا هم, وآباؤهم, وأجدادهم, وأجداد أجدادهم في مصر, وهكذا أمهاتهم. لعلكم تعلمون بأن بني إسرائيل كانوا مصرين على أن يتزواجوا في ما بينهم جهد الإمكان. لم يكن اليونانيون قد أتوا إلى مصر وكانت مصرا مكانا للعلم بنص القرآن الكريم.

  2. قال تعالى في سورة سبأ: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6). الخطاب لرسول الله عليه السلام والذين أوتوا العلم كانوا حاضرين أمامه في الحجاز قبل خمسة عشر قرنا.

  3. قال تعالى في سورة محمّد: وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17). هناك أناس محيطون برسول الله عليه السلام وهم قد أوتوا العلم. وهم غير الذين زادهم الله هدى وآتاهم تقواهم. بمعنى أن هناك من أوتي الهدي وهو قد لا يكون عالما.

  4. قال تعالى في سورة فاطر: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28).  فالعلماء في القرآن الكريم ليسوا الذين عرفوا أنفسهم برجال الدين والذين ينقلون لنا مفتريات المحدثين ويسمونها علما.  بل هم العلماء الذين يهتمون بألوان الجبال ويفكرون في ألوان الناس والدواب والأنعام.  هم إما علماء فيزياء أو علماء أبدان لا علاقة لهم بمسائل الحلال والحرام ولا مسائل الحيض والنفاس.

  5. قال تعالى في سورة النجم: إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنثَى (27) وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30). يعتبر الله تعالى الذين يقولون بأن الملائكة إناث بعيدين عن العلم الصحيح. فهم ليسوا ذوي علم كما يجب بل لهم مبلغ بسيط من العلم فقط. إذن ليس الحديث عن عامة الناس بل عن الذين أوتوا قليلا من العلم.  فكيف تكون تسمية الملائكة أنثى مسألة علمية؟

الأنثى والذكر دلائل على الضعف لا القوة فلا يمكن للملائكة أن يكونوا ضعفاء لأن مسؤولياتهم كبيرة وتحتاج إلى قوة هائلة. قال تعالى في سورة الزخرف:وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19). يظن الكثيرون بأننا نربي بناتنا في الحلية فقط بل نربي بنينا أيضا في الحلية. الحلية تعني الحلي المصنوعة من المصوغات مثل الذهب والفضة. وكان البشر من قديم الزمان يلبس الجنسين الحلية في الطفولة حيث يُنشأ الطفل.

 

فالمقصود ليس محددًا في الأنثى بل المقصود هو الجنسية عمومًا لكن آيات سورة النجم تتعدى ذلك لتقول بأن الملائكة ليست موجودات قابلة للجنسية. إنها موجودات طاقوية لا أبدان لها. إنها أرق بكثير من الكائنات الجنية. معرفة أن الكائن الطاقوي الرقيق لا يمكن أن تكون له جنسية تحتاج إلى علم غزير بالطاقة وأنواعها ولا علاقة لذلك العلم بالأحكام الفقهية. وقال تعالى في سورة الأنعام: وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100). فالبنين والبنات من علامات الجنسية والجنسية دليل الضعف ولا يمكن أن يتصف الله تعالى بها.

 

إذن العلم هنا ليس علم الدين كما يزعمون بل هو علم أنواع النور والطاقة لنميز عن طريقها بين الكائنات الطاقوية وغير الطاقوية ثم نميز بين الكائنات الطاقوية المنتجة للمثل كالجن والتي لا يمكن أن تنتج المثل كالملائكة. ولا يمكن معرفة النوع الثاني إلا بعد دراسة الطاقة بصورة تفصيلية تقريبا.  فكان هناك علماء يدرسون ما وراء المادة ولكن انقرضوا تقريبًا ولا ذكر لهم في محرك الجوجل ولا في الویکیپدیا.

  1. قال تعالى في سورة الشعراء: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ (197). والقرآن ينطوي على علم غير خفي أيضًا بل واضح لبعض العلماء من قديم الزمان. هذا العلم كان موجودا لدى بني إسرائيل أيام الرسالة المجيدة في الحجاز.

 

وأنا لا ألوم أخي الكريم سيادة الأستاذ الدكتور كمال شاهين في قوله بأن العلم هو ما يمكن التحقق منه. وبالطبع لا يمكنه, ولا يمكنني, ولا يمكن أحدًا أن يتحقق في علوم سادت في الحجاز ثم بادت.  لكنها علوم بنص القرآن. كما أن التوراة والقرآن كتابان علميان أيضًا ولم نجد لعلميتهما شهادة من جوجل, ولا من الكتب الغربية, ولا من علماء الغرب, كما لا علم لنا بالمدة التي صرفوها لإظهار ذلك العلم, وكذلك الذين سعوا لها, ولا نعرف عن السبب في أن القرآن سمى بعض تلك المعارف علما. ولذلك أرجو من أخي الدكتور كمال شاهين أن يعطينا بيانا مميزًا لما يقصده من العلم حتى لا نظلم أنفسنا برفض كلامه أو برفض شهادة القرآن والعياذ بالله.

أحمد المُهري

29/6/2018 

 

خالص الشكر والتقدير لفضيلة الشيخ أحمد المُهري على كريم رسالته.  وعندي تعليق.

 قرأ فضيلة الشيخ المُهري ما قاله الله تعالى في سورة فاطر:

“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)*

ففهم أن لفظ “العلماء” في هذه الآيات لا يشير إلى أولئك الرجال الذين يعملون على تفسير القرآن الكريم, ودراسة الأحاديث والسيرة النبوية, والمعروفين باسم “رجال الدين” وإنما يشير إلى أولئك الرجال “الذين يهتمون بألوان الجبال ويفكرون في ألوان الناس, والدواب, والأنعام”.  يرى فضيلته أن هؤلاء الرجال كانوا “إما علماء فيزياء أو علماء أبدان لا علاقة لهم بمسائل الحلال والحرام ولا مسائل الحيض والنفاس”.   لم يكن هؤلاء العلماء الذين تشير إليهم الآية الكريمة, إذن, علماء فقه مشغولين بمسائل الحلال والحرام, والحيض والنفاس, وإنما كانوا علماء فيزياء, وفيزيولوجيا, وبيولوجيا, وغيرها من العلوم.

 

قرأت أنا ما كتبه فضيلة الشيخ أحمد المُهري ففهمت أن فضيلته قد أصاب فيما ذهب إليه من أن لفظ “العلماء” في هذا السياق لا يشير إلى أولئك الرجال الذين تخصصوا في دراسة التفسير, والحديث, والسيرة النبوية, وإنما إلى أولئك الرجال الذين تخصصوا في دراسة الفيزياء, والكيمياء.  أي تخصصوا في دراسة دنيا الله لا دين الله.

 

كذلك قرأ فضيلته ما قاله الله تعالى في سورة سبأ:

*وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)*

ففهم أن الخطاب لرسول الله عليه السلام وأن الذين أوتوا العلم كانوا حاضرين أمامه في الحجاز قبل خمسة عشر قرنا.  من الضروري الانتباه, على أية حال, إلى أن عبارة “الذين أوتوا العلم” هنا لا تشير إلى علماء فيزياء, أو فيزيولوجيا, أو بيولوجيا, أو غيرها من العلوم.   لم يكن الحجاز من خمسة عشر قرنا بلدًا يسكنه علماء فيزياء وكيمياء حتى يمكنهم أن يحضروا مجلس الرسول.  كان الحجاز من خمسة عشر قرنا مجتمعًا بدويًا رعويًا, وكغيره من المجتمعات الرعوية لم يكن به “علماء” فيزياء, ولا كيمياء, ولا يحزنون.

 

وكأن لفظ العلماء قد يعني “المتخصصين في الدراسات الدينية” مرة, كما قد يعني “المتخصصين في الدراسات الدنيوية” مرة أخرى.   يعتمد تحديد ما إذا كان المقصود من لفظ العلماء هو المتخصصين في الدراسات الدينية أم الدراسات الدنيوية على السياق.   يستحيل أن يكون الحاضرين أمام الرسول علماء في الكيمياء, أو الفيزياء, أو الأحياء, أو أي علم من العلوم الدنيوية.  كان الحجاز منذ خمسة عشر قرنا مجتمعًا بدويًا رعويا.  المجتمعات الرعوية لا تنتج علما ولا علاقة لها من أصله بالكيمياء, ولا الفيزياء, ولا حتى علوم الطاقة النووية والصواريخ عابرة القارات.  لم يحدث من ساعة أن خلق الله الأرض ومن عليها أن انشغل مجتمع من مجتمعات الصيد وجمع الثمار, أو مجتمع من مجتمعات الرعي بعلوم الدنيا.  لا يظهر العلم إلا مع ظهور المجتمعات الزراعية التجارية.  باختصار, لا يظهر العلم إلا مع ظهور الإمبراطوريات. 

 

 

نظرية ظهور العلم – عاصمة الامبراطورية

 

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.