ما فائدة معرفة أم مريم لنا؟

 

هناك من سأل بعد نشر أخي العزيز الدكتور أحمد بشير المقالة التي كتبتها بعنوان “هل يعرف المسيحيون أم مريم؟”  :

هل يعرف المسيحيون أم مريم؟

ما فائدة معرفة أم مريم لنا؟

MARY.jpg

بالطبع أنني لم أكتب شيئا من عندي بل وضحت آيات قرآنية حول السيدة الفاضلة. ولذلك فإني لا أعتبر الأخ معترضا علي بل أظنه يسعى لمعرفة فائدة ذكر تلك الحكاية في القرآن الكريم. ومن حسن الحظ أنني قبل قليل استلمت رسالة من أحد أقاربي وهو يشير إلى رسالة غريبة كتبها أحد الإخوة في إيران قبل قرنين تقريبا إلى الله تعالى!! يقول قريبي ولا أدري مصدره كما أنني لم أطلع على الرسالة المحفوظة في متحف في بريطانيا كما يقول.

كاتب الرسالة اسمه: نظر علي طالقاني. كان نظر علي كما يقول الراوي، طالبا في مدرسة مروي الدينية في طهران، وكان فقيرا معدما. فكَّر نظر علي الطالب الفقير بأن يكتب رسالة إلى الله تعالى، فكتب الرسالة التالية:

جناب حضرة الله  

سلام عليكم

الداعي عبد لكم.

وبما أنكم تفضلتم في القرآن: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.

وأنا دابة ممن خلقتم على الأرض.

وتفضلتم في مكان آخر في القرآن:

إن الله لا يخلف الميعاد.

فأنت لن تخلف وعدك.

وعليه فإنني أحتاج إلى ما يلي:

1. زوجة جميلة ومؤمنة.

2. بيت واسع.

3. خادم واحد.

4. عربة وسائقها.

5. بستان.

6. بعض المال للتجارة.

7. أرجو إعلامي بعد ترتيب ذلك.

مدرسة مروي، الغرفة 16، نظر علي طالقاني.   انتهت الرسالة.

يفكر نظر علي بعد إتمام الكتابة في المكان الذي يودع فيه الكتاب. ثم يقول في نفسه بأن المسجد هو بيت الله فمن الأفضل أن أودع الكتاب في المسجد.

يتوجه نظر علي إلى سوق طهران ثم إلى مسجد شاه وهو أكبر مسجد في طهران آنذاك. ثم يخبئ الكتاب في مكان فوق سطح المسجد ويحدث نفسه: بالتأكيد أن الله سوف يعثر على هذا الكتاب. تمت العلمية يوم الخميس.

وفي صباح يوم الجمعة يقصد ناصر الدين شاه (الملك القاجاري الذي قتل في 1/5/1896)، يقصد الصيد برفقة أعضاء القصر ويمر الموكب بجوار مسجد شاه. وفجأة تتحرك ريح شديدة لتنقل الرسالة من مخبئها فوق سطح المسجد لتقع بين قدمي الشاه الفارسي. يقرأ الشاه الرسالة ويأمر الموكب بالعودة إلى القصر ثم يبعث رسولا إلى المدرسة لإحضار نظر علي طالقاني. يدعو الشاه وزراءه ثم يخاطب نظر علي قائلا: كتابكم إلى الله أوصله الله إلي فعلي تنفيذه. ثم يقوم بتنفيذ كل طلبات نظر علي طالقاني.   انتهى النقل.

بالنسبة لي فهي حكاية قد تكون صحيحة وقد تكون موضوعة. لكنني أنظر إلى طريقة الخطاب مع سيد الكائنات جل جلاله وكذلك تعامل المسؤولين مع ذلك الكتاب. احتملت الصحة لأن الله تعالى رؤوف بالعباد وكريم لا يعبأ بأخطاء عبيده بل يقضي حوائجهم لو كانت معقولة ومقبولة لديه سبحانه، لكن هذا الكتاب مستبعد ومستبعد أن يقضي الله تعالى حاجة السائل. وأما قلة الأدب الواضح في الكتاب:

1. ما معنى السلام على الله تعالى فهل هو سبحانه معرض للأخطار حتى نسلم عليه؟ بالطبع هذه مشكلة كبيرة لدى أهلنا بأنهم لا يعلمون بأن السلام للبشر من الله تعالى وليس العكس وهكذا السلام على الملائكة. فمثلا يقولون: جبريل عليه السلام. هل أنت قادر على إيذاء الروح القدس حتى تؤكد له بأنه في سلام منك أم لا تعرف معنى السلام؟ الملائكة يعيشون في الخوف بأمر الله تعالى. قال تعالى في سورة الرعد: وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13).

2. هل يجوز إرسال رسالة إلى الله تعالى الذي يعلم ما تكن صدورنا بالكامل. أليس من الأدب أن نطلب من ربنا بقلوبنا ولا نجهر بالصوت ولا نستعمل اللغة؟ إنه يسمع صوت القلب وهو كاف لندعوه سبحانه به.

3. هل الله تعالى تعهد بالعطاء للكسالى والذين لا يجتهدون في الكسب؟ قال تعالى في سورة النجم: وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاّ مَا سَعَى (39).

4. هل الملك الظالم ناصر الدين شاه وأي ملك مثله في الأرض أهل لأن يحول الله تعالى إليه رسالة عبيده؟

وأسئلة أخرى كثيرة. فحكاية السيدة أم مريم تعلمنا كيفية التوجه إلى الله تعالى وكيف نراعي الأدب أمام الساحة القدسية جل جلاله. وتعلمنا بأن الله تعالى يوفق القضايا فيجمع بين طلب من عبيده وبين إرادة خاصة منه لإظهار مسألة إعجازية. واسمحوا لي بأن أعطيكم مثالا آخر في نفس حكاية مريم وابنها عيسى عليهما السلام.

ما فائدة بيان حكاية دعاء زكريا وتقدير الله تعالى ولدا له وهو وزوجته شيخان تجاوزا سن الإنجاب؟

الجواب: تلك حجة على الذين اتهموا السيدة العذراء. لقد حملت السيدة أم يحيى وظهر حملها وهي عجوز عاقر فرأى بنو إسرائيل بأن الله تعالى يقوم أحيانا بإظهار آية من آياته لغرض عنده. مسألة حمل أم يحيى بيحيى أكثر تعقيدا من مسألة حمل مريم بعيسى عليهم جميعا السلام كما أنها غير قابلة لأن يتهموا السيدة الفاضلة بها. لقد وضحت لزملائي كيفية حصول الحمل بلا حاجة إلى رجل وكذلك كيفية تواجد جنين ذكر في رحم أنثى لا تحمل الكروموزوم الذكوري. لكنني حتى اليوم عاجز عن تفسير ظاهرة حمل أم يحيى. لقد رأى الناس تلك المعجزة في نفس البيت وبعد أيام ظهر المسيح فلم يكفوا عن اتهام أشرف امرأة بينهم على الإطلاق.

فهذه القصص التي ذكرها الله تعالى في القرآن كلها وبلا استثناء ضرورية لنا لنتعرف على ربنا ونتعلم الآداب التي يجب مراعاتها أمام القدوس عز اسمه.

أحمد المُهري

12/6/2018

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.