حديث في الكفر والنفاق: هل الإيمان هو أن تؤمن وإلا قتلناك؟

حديث في الكفر والنفاق: هل الإيمان هو أن تؤمن وإلا قتلناك؟

 

KILLER

يدور في مركزنا في الوقت الحالي حوار هاديء عما إذا كان من الممكن التمييز بين المؤمن والمنافق.  يرى البعض منا أن من الممكن التمييز بين المؤمن والمنافق.  حقيقة الأمر, يرى ذلك البعض منا ليس فقط أن التمييز بين المؤمن والمنافق هو أمر ممكن بل يرون أنه أمر لازم.  تذهب المجموعة الثانية إلى أن التمييز بين المؤمن والمنافق ليس أمرًا صعبًا وحسب بل هو أساسًا أمر مستحيل.  يلزم التنويه, بداية, إلى أن المنافق الذي نتحدث عنه هنا هو ذلك الشخص الذي يخبرنا بأنه يحب ما نحب, أو يكره ما نكره, أو يؤمن بما نؤمن على الرغم من أنه “حقيقة” لا يحب ما نحب, ولا يكره ما نكره, ولا يؤمن بما نؤمن.  أي أن المسألة, من أولها إلى أخرها, هو أنه “يسايرنا” فيما نحن فيه ابتغاء تحقيق مصلحة, أو الابتعاد عن مشكلة.   وعلى الرغم من أنه واضح تمامًا استحالة التعرف على ما إذا كان محدثنا يخبرنا حقيقة بما يؤمن به أم أن المسألة هي “قضاء مصالح”, إلا أن الفريق الأول يرى أن من الممكن – بشكل أو بآخر, بطريقة أو بأخرى, من هنا أو من هناك – التعرف على الغيب. أي التعرف على ما في داخل نفوس الناس وبالتالي التعرف على ما إذا كانوا صادقين أم كاذبين, مؤمنين أم منافقين.

 

يستند الفريق الأول في موقفهم هذا إلى فكرتين اثنتين أساسيتين. 

  1. تذهب الفكرة الأولى إلى استحالة أن ينظم المسلم حياته إلا إذا كان على بيّنه مما إذا كان من حوله مؤمنين أم منافقين.

  2. تذهب الفكرة الثانية إلى أن الله قد طلب من المسلمين قتل المنافقين.  

 

يذهب الفريق الثاني إلى التالي:

  1. استحالة أن يتعرف بشر على ما في داخل نفس بشر, و

  2. خطأ القول بأن الله قد طلب من المسلمين قتل المنافقين.

 

يحتاج الأمر إلى بعض التوضيح, وعليه:

أولاً, فكرة أن من الضروري التعرف على ما إذا كان محدثنا مؤمنا أم غير مؤمن

يرى الفريق الأول أن من الضروري أن نتعرف على ما إذا كان من يحدثنا مؤمنا أم غير مؤمن حتى نحدد علاقتنا بهم, فلا نصادقهم, أو نخالطهم, أو نتزوج منهم.  يرى الفريق الثاني أننا يجب ألا ننسى هنا أننا نتحدث عن قوم مسلمين يشهدون بأن لا إله إلا الله, وأن محمدًا رسول الله, وأن الحكم بنفاقهم إنما هو حكم بكفرهم وهذا أمر لا يعلمه إلا الله. 

 

يمكننا أن نحكم بكفر المسيحيين, واليهود, والصابئة, والبهائيين, والجانيس, والهندوس, والملاحدة, والزنادقة, وغيرهم كثير, فكفرهم واضح لا يحتاج إلى تحقيق, وهم يعلنون أنهم لا يؤمنون لا بالله, ولا بنبوة رسول الله, ولا بأن القرآن كلام الله, أما أن نحكم بكفر من أعلن عن إيمانه بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله, فهذا عمل لا يقوم به إلا الله ومن رفع نفسه إلى مستوى الله.  كيف لمسلم أن يحكم بتكفير مسلم؟  كيف لمسلم أن يقوم بما لا يقوم به إلا الله؟   والقول بنفاق مسلم فيه رفع لمستوى القائل إلى مستوى الله.  هذا حكم لا يحكم به سوى الله.  

 

ثانيًا, فكرة أن الله قد طلب من المسلمين قتل المنافقين

يذهب الفريق الأول, كما رأينا إلى أن الله قد طلب ممن آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله أن يقتل من لا يؤمن بالله, ولا بأن محمدًا رسول الله, ولا بأن القرآن كلام الله. وفي ما يقوله فريقنا هذا أمر غريب عجيب.  كيف لمن آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله, أن يخبرنا أن الله قد طلب منا أن نؤمن به وإلا قُتِلنا؟  تخيل فكرة أن الله أرسل إلينا رسولا علينا أن نؤمِن به وإلا قتلنا, وأنزل عليه كتابًا علينا أن نؤمن به وإلا قتلنا.  وكأن المسألة, بهذا الشكل, ليس فيها أي اختيار وإنما غصب, وإلزام, وإرغام.  

 

يحتاج هذا الكلام إلى توضيح, وهذا ما سأفعله إذا أعطانا الله عمرًا وصحة.  إلا أني أسأل من أخبرنا بأن علينا أن نقبل الإسلام دينا وإلا قتلنا عما إذا كان لا يشعر بأن هذا أمر غير ممكن؟  هل هذا إيمان؟  هل هذا هو الإيمان؟  هل الإيمان هو أن تؤمن وإلا قتلناك؟  

 

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.