بين النقد والنقض هناك فرق

بين النقد والنقض هناك فرق

critical.jpg

يتراءى للبعض أوقد يتم التزيين لهم بأن النقد ويستهدف الهدم، أو لعلهم لا يفرقون بين مهمة النقد في إرساء قواعد البناء، لذلك يزين الشيطان وأعوانه للناس ترك النقد والتفرغ للبناء…وهي فكرة تعجب البسطاء فينبهرون بها.

1. فهل يمكن إتمام بناء بجهد فردي؟.
2. وهل يمكن تشييد بناء جديد على صروح اعتادت عليها الغالبية
3. وهل يمكن لمن يريد تشييد بناءا جديدا أن يقوم بتشييده وحده بدون الالتحام مع المصلحين البنائين في خطة لتشييد البناء الجديد وسط غابة من الأبنية القديمة المتراصة.
4. وما هي فائدة بناء جديد بجوار مدينة لا يسكنها إلا غربان البشر…هل تتصور بأن الغربان ستأوي للبناء الجديد أم ستأوي لما الفته من عشش وحفر الموت.

وأمر آخر يهمني أن يفهمه أنصار نظرية البناء الجديد وهي أن الله سبحانه جعل كلمة الوحدانية بها هدم بأولها ثم بعدها يكون البناء فأنت تقول [لا إله إلا الله]…فتعبير [لا إله ] هو الهدم…وهو يكون أولا…ثم بعدها يكون البناء بعباره [إلا الله].

والله في القرءان جعل الكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله فقال تعالى:

{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256.

والناقد البصير يتلمس الناس حقيقة علمه…. ليس فقط لأنه يهدم صروح الطاغوت… لكن لأنه يمس جوانب الفطرة السوية في عقولهم ونفوسهم…فهدمه لصروح الفساد الفقهي القديم يكون خرابا على يناء الشياطين وأعوانهم .

كما أنه يخاطب بنقده وهو يهدم تلك الأبنية القديمة للغربان فيلتقي يخطابه مع إعادة يناء للفطرة السوية التي استودعها الله في كل إنسان…فتجد الناس وهي تصادق على خطال النقد لأنه يلتقي مع فطرنها السوية…..

وبهذا فإن الهدم يتزامن مع الإصلاح الداخلي لكيانات الفرد حتى يتم تغيير الهوية الشيطانية التي ترسخت في عقول الناس….تماما كنقد الفتوحات الإسلامية فهو يحمل إعادة بناء للإنسانية وإعادة تذكير بآيات السلام الذي جاء به القرءان ونسف أعمال من انقلبوا على اعقابهم بعد موت رسول الله …وهي الأعمال [الفتوحات] التي صارت هي الفضيلة في أذهان كل المسلمين…فابتعد الناس عن الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وصاروا يتشاتمون فيما بينهم ويقتلون المخالف في العقيدة…وكل ذلك بفضل ما ترسخ من فقه القتل على العقيدة…بل صار القتل لتارك الصلاة من الشرائع التي نادت بها أئمة الأمة وعلمائها..

ونحن ننقض النرجسية الإسلامية التي قام الفقهاء بترسيخها عبر 1430 سنة في أذهان الناس…فصار التضييق على المسيحي وهدم كنيسته بل وقتله هو من صميم التقرب إلى الله وإعلاء لكلمة الله في أذهان شياطين الدعوة وأئمة الأمة الذين لم يدركوا قول الله جل وعلا:

{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46.

لذلك فإن مقاومة الزخم العام يقتضي زمنا طويلا لإزالة رواسب فكرية صارت عقائد في أذهان الناس….فلا يكون القطع بترا ليد السارق إلا لمن تشربت أدمغتهم بخراب الفقه القديم…ولهذا حكم القاضي بالسجن على الشيخ محمد عبد الله نصر لأن الوعي العام تشرّب بأن القطع هو البتر…فهكذا تم سجن الشيخ المصلح بالوعي المترسخ والواجب هدمه…..

ولو انتظرنا لنبني المدينة الفاضلة فلن يساعدنا أحد من الجماهير لأننا لا نخاطب ضمائرهم ولتم سجن كل المصلحين لعدة أجيال وستكون جريمتهم هي مخالفة الموروث ومناهضة عزف الشياطين.

ولعل أعوان الشياطين ترتاح لدعوة البناء ونبذ الهدم التي يطلقها البعض…فيستظل أعوان الشياطين بتلك الدعوة حيث يلتقطوا الأنفاس من جراء قصفات النقد التي يوجهها المصلحون فتتهدم بها قلاعهم في أنفس الناس…

لذلك تراهم دوما يخلطون بين النقد والنقض فينخدع البسطاء من الدعاة وتعجبهم فكرة البناء لكنهم لا يدرون بأنهم خلطوا بين النقد والنقض حتى يتحولوا ليكونوا أبواقا للبناء حيث لن يسمعهم أحد من جماهير اعتادت على وعي تشريت به عقولهم وضمائرهم…وبهذا يبقى الزخم القديم إلى ما لا نهاية بعد تحييد المصلحين بفكرة البناء بدلا من الهدم….وكأن النقد صار هدما…وهو لا يكون كذلك إلا بعقول انزلجت في فخاخ الشياطين وأعوانهم.

,والنقد هو أرقى أنواع التوجهات الفكرية الإنسانية حيث يمس الناقد شغاف قلب الناس في صميم ضمائرهم وإلا فلن يكون ناقدا….ولقد أثبتنا وجودنا بين الناس فصاروا يكفرون بالطاغوت وإسلام القتل وفقه الكراهية بعد أن كان بطوولة وجهاد في سبيل الله….لذلك فإن دعوة البناء التي يتصايح بها البعض إنما هي نفير الشيطان بأفواه بعض ممن انخدعوا فخلطوا بين النقد والنقض فصار النقض هدما في عقولهم البسيطو.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي.

 

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.