الحكم الاخلاقي لدى الطفل 34

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

 

G CHILD1.jpg

 

لحكم الأخلاقي لدى الطفل   – 59

 

 

وجهة نظر بولدوين

كان من الأفضل بالنسبة للتسلسل التاريخي أن نعالج نظرية بولدوين قبل مناقشة آراء بوفيه . ولكن ولو أن بولدوين يذهب مذهبًا قريبًا من مذهب بوفيه غير أنه أقل منه دقة في طريقته في وضع المسائل.  لذلك فإنه من المستحسن أن ندرس رأي بوفيه أولاً لكي يلقي ضوءًا على آراء سلفه.   من جهة أخرى, فإن بولدوين يحتل مكانًا وسطًا بين دوركايم وبوفيه.   لذلك سيسهل علينا أن نختصر الحديث عنه أكثر من أن نتبع تطور النظريات الخاصة بالأخلاق والطفل، فمن المعروف أن هناك موازاتة بين البحوث النفسية والأبحاث الاجتماعية عند بولدوين، لأن الشعور الفردي والشعور الجماعي يتوافق أحدهما على الآخر، إذ لا يوجد في الشعور الجماعي غير تعميمات لما يتضمنه الشعور الفردي، ولكن على العكس من ذلك (وفي هذا يقترب بولدوين من علماء الاجتماع) لا يوجد شيء من الشعور الفردي إلا وهو نتيجة لما يمده به الشعور الجماعى(1).

 

وخير مثال معروف لهذا التماسك بين الفردي والاجتماعي – وهو مثال هام من ناحية علم النفس الأخلاقي عند بولدوين – هو مثال الشعور بالذات، وأي شيء أكثر ذاتية وأشد فردية فى الظاهر من أن يدرك الإنسان أنه هو هو وأنه مخالف لغيره؟  غير أن بولدوين في تحليل مشهور له بيّن أن هذه العاطفة إنما تنتج في الحقيقة عن أفعال تقوم بين الأفراد والتقليد بصفة خاصة.  فالبداية عند الطفل ليست الشعور بالذات إذ هو يجهل نفسه كذات ويضع حالاته الذاتية في نفس المستوى الذي يضع فيه الصور الطبيعية، وتلك هي مرحلة الإسقاط، فكيف يستطيع الطفل الوصول إلى اكتشاف ذاته؟  أما فيما يختص بجسمه فمن السهل أن نقول إنه يصل إلى اكتشافه بفضل مقارنته التدريجية بأجسام غيره، تلك المقارنة المتماسكة مع تعلم التقليد ، فالطفل لأنه يري فم غيره ويقلد حركات هذا الفم, يستطيع في الشهر العاشر أو الثانى عشر أن يتعلم وضع الإحساسات الفمية المختلفة على غرار ما يراه، وهكذا. وهذا شأن الحالات النفسية أيضا.  فهو بتقليده لسلوك غيره يكتشف سلوكه الذاتي.  وعلى هذا النحو يحدث الانتقال إلى مرحلة الذاتية  التى يبدأ منها شعور الفرد بحيازته لذات مماثلة لذوات من حوله، ولكن بمجرد أن يتجه انتباهه إلى ذاته فإنه يصبح قادرًا على العملية المضادة، وهي أن ينسب إلى نفسه تدريجيًا السلوك الذي يراه عند الآخرين.  وهو يتعلم في الوقت ذاته أن يعير الآخرين العواطف والنيات التي يشعر هو بها.  ومن هنا تتكون عملية الإخراج؛ تلك العملية التي تأتي بالتناوب مع العملية السابقة, وهذا التناوب هو الذي يكيف الحياة الفردية كلها ذلك أن حركة التناوب بين الإخراج والتقليد هي التي تؤمن التوازن بين الشعور بالذات والشعور بالآخرين وذلك بعد أن يكون قد أمن نموها المتبادل.

 

فإذا فهمنا هذا فمن السهل أن نفهم ماذا يكون الوجدان الأخلاقي عند بولدوين.  فالشعور الأخلاقي يظهر عندما تكون الذات في حالة عدم انسجام، أي عندما تكون هناك معارضة بين النزعات الباطنية المختلفة التي تتالف منها الذات (تلك النزاعات التي رأينا أنها ذات أصل خارجي) فمن أين جاءت إذن حالة عدم الانسجام هذه؟ لقد جاءت من أن الطفل مضطر – إن عاجلاً أو آجلاً – إلى الطاعة، وأنه بطاعته للراشدين يقوم بتجربة جديدة.  والطاعة في الواقع ليست مجرد تقليد ولا مجرد إخراج، إذ هي تخلق ذاتًا جديدة أو جزءًا من ذات يسود الأجزاء الأخرى.  فالطفل عندما يتعلم الطاعة فإنه يكون بتعلمه ذلك ما يسميه بولدوين الذات المثالية؛ أعني ذاتًا خاضعة لآراء الراشدين، وبمعنى آخر مأخوذة من ذاتهم العليا. فالطاعة تؤلف إذن نوعًا من التقليد.  تقليد من أعلى مصحوب بذاتية وإخراج، وهو فريد في نوعه وهما ليسا سوى الشعور الأخلاقي وتقويم الأفعال على ضوء ذلك الشعور.   إذن فنحن هنا قريبون من فكرة بوفيه التي تقول إن الأوامر التي نتلقاها عن الغير تخلق التزامًا باطنيا.  وبولدوين كبوفيه يرى أنه ليس هناك واجبات فطرية، فكل التزام ناتج عن ضغط الوسط الاجتماعي، ولكن بولدوين يرى أنه بمجرد تلقي الأوامر فإنها تتماسك تماسكا تامًا لدرجة أنها تخلق ذاتا جديدة, ويقول إن معنى هذه الذات إنما هو المطابقة مما سبق أن تعلمه وما يجب عمله، تلك هي كل مكونات الضمير (1) وهذه الذات المثالية إنما هي بكل بساطة ذات الأب أو أي شخص آخر يعتبر مثالاً يُقلد – فهي ليست أنا كما يقول الطفل ولكن أنا أستطيع أن اطابق بيني وبينها، فهي ذاتي المثالية ونموذجي النهائي وواجبي موضوعًا أمام ناظري (2).

 

وثم مرحلة ثالثة وأخيرة فيها تعطي فكرة الخير المثالي مضمونا للقانون ذاته ذلك أنه إلى هنا ليس القانون إلا مجرد نوع من التعميم أو بمعنى آخر إعلاء للأوامر التي تلقاها فهي إذا جردت من الأشخاص ترتفع إلى مرتبة الأشياء المطلقة، ومن هنا ينمو مضمون القانون الأخلاقي بطريق مستقل، فعندما يفكر الطفل في العلاقات الاجتماعية ويأخذ في التعود على الخضوع المعقول، وعندما يفرض بدوره على الآخرين أوامره نرى غاية من نوع جديد تظهر عنده.  وهذا ليس تصورًا جزئيًا ولا خطة فردية.  وعلى هذا النحو يمكن أن نفسر إمكان التقدم الأخلاقي والحرية معًا في داخل الضمير، فالفرد هو الآن قد قذف به في بحر من العواطف العقلية والمشروعات العقلية التي عن طريق تغييرها المستمر، وبقبولها ورفضها لمثل أكثر سموًا تجعل الحياة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي ممكنين.

 

تلك هي المواقف الأساسية في علم النفس الأخلاقي عند بولدوين.  فهل هذا التفسير للعلاقات القائمة بين الشعور بالواجب وبين أخلاق الخير هل هي ترضينا رضاءً تاما؟  هذا ما يجب أن ندرسه الآن بأن نحاول الرجوع بالمناقشة بقدر الإمكان إلى ميدان محسوس من الملاحظات التي ضمناها هذا الكتاب.  فنلاحظ أولاً أنه بدون تدخل الاستدلال الذي يلح عليه بولدوين بشدة فإن العمليات الاجتماعية التي يلجأ إليها هذا المؤلف لا تستطيع منفردة أن تفسر نمو الضمير واستقلاله، فنحن نفهم جيدًا كيف أن الطفل ابتداءً من التقليد والإخراج يستطيع أن يتمثل في ذاته الأوامر الصادرة إليه من الوسط الاجتماعي وينتهى بأن يتصور أن القانون الأخلاقي شيء أعلى من الأفراد.  ولكن هذا القانون لا يكون بأي حال من الأحوال بدون تدخل العقل العلمي عند بولدوين شيئًا آخر غير تعميم للأوامر الجزئية، فكيف يستطيع بولدوين الخلاص من هذه النتيجة؟  إنه يتخلص منها بأن يدخل عاملاً مصطنعًا هو ذكاء الطفل المفروض فيه أنه يعالج مضمون الأوامر وتعميم مثل أعلى فردي.

 

إلا أن الأسباب التي لجأ إليها بولدوين على هذا النحو في تفسيره للنمو الأخلاقي قد تبدو غير متجانسة المصادر، فمن جهة إن لدينا العلاقات الاجتماعية وهي مصدر الامتثال والواجب، ومن جهة أخرى لدينا العقل الفردي وهو مصدر الاستقلال وأخلاق الخير.  وفي الواقع فكل يعلم كيف حاول بولدوين نفسه في منطقة التكويني أن يفسر تطور العقل عند الطفل بواسطة العوامل الاجتماعية التي تكلمنا عنها من الناحية الاخلاقية.  والمنطق, سواء بسواء، إنما يبدأ بأن يعكس ضغط البيئة، وهذه هي مرحلة الاتفاق الاجتماعي، وهي عبارة عن مجرد الطاعة في ميدان الأخلاق.   وبعد ذلك فإنه يفضل عمليات الإخراج والتعميم التي هي من ميزات المناقشات والتفكير, والمنطق الاستدلالي ينتهي الأمر بأن تصبح القواعد المنطقية كقواعد الأخلاق سواءً بسواء أسمى من الأفراد.  وهذه هي مرحلة الاتفاق الطبيعي التي تقابل العقل الأعلى لأخلاق الخير.  ومن ثم فإنه بالالتجاء إلى عقل الطفل كما يفعل بولدوين لكي يفسر تحرر الضمير من الأوامر الآتية من الخارج فلا يمكن التخلص من التناقض الآتى – هل المنطق العقلي مشتق من العمليات الاجتماعية؟  تلك العمليات التي من المفروض أن يتخلص المنطق منها لو كان الامر متعلقا بعلم النفس الأخلاقي.

(1)انظر بنوع خاص  J. M. Baldwin , Psychologie et Sociologie Paris (Giard et Briére)

(1)J.M. Baldiwn , Interprétation Sociale et Morale du dévéloppement mental , Trad . Y. L . Dupart P.51.

(2) الكتاب السابق ( ص36)

>>>>>>>>>>

الحكم الأخلاقي لدى الطفل   – 60

في الواقع أن المنطق والأخلاق بينهما موازاة تامة.  وإذا قبلنا مع بولدوين أن كلا منهما ينمو بفضل تعاون جماعي، فليس من حقنا أن نلجأ إلى أحدهما لكي نفسر تطورات الآخر.  فالمنطق والأخلاق يبدآن بالامتثال للجماعة لكي ينتهيا بالاستقلال.  وإذا أردنا أن نفسر هذا التطور يجب تفسيره على أساس التغيرات الباطنية في السلوك الجماعي نفسه.   والمسألة هي أن نعرف أيكفي علم النفس الاجتماعي عند بولدوين لكي نفهم كيف يتلاشي القسر ويحل محله التعاون؟  أم أن المسألة عند بولدوين وعند غيره هى أن القسر يميل إلى أن يخضع علاقات التعاون؟  ومن هذه الزاوية يبدو أن العقبتين الأساسيتين في مذهب بولدوين هما ما يأتى:

فيما يختص بالمراحل المبكرة يفسر بولدوين عقلية الطفل بالتقليد وبضغط الوسط الاجتماعي دون أن يعمل حسابًا لمركزية الذات الموجودة في الضمير الأولي, أما فيما يختص بالمراحل المتقدمة فإنه لا يصل بدرجة كافية إلى إدماج ما هو اجتماعي في الضمير نفسه وأن يري في القوانين التبادلية والقواعد العقلية التي تطغى على القواعد العادية الذاتية الضرورة لهذا الإدماج.

 

ونحن نوجز فيما يختص بالنقطة الأولى لأنها نقطة تمس علم نفس العقل أكثر من نظرية الوقائع الأخلاقية، ففي صفحات هامة برهن بولدوين على نحو يثير العجب  كيف أن الضمير البدائي لا ثنائية فيه, لأنه يضع في مستوى واحد الباطن والخارج, أو الذاتي والموضوعي، أو النفسي والطبيعي.  ولكنه لم يلاحظ فيما يبدو أنه مقابل هذه اللاثنائية بالضرورة حالة وهم مؤداها أن الفرد هو مركز كل شيء يفسر كل شيء على أساس مركزية ذاته.  وفى سيكولوجية العقل أن مركزية الذات هي التي تفسر منطق الطفل والعقلية عنده، وكلاهما يمتاز بقسر في تناول العلاقات وبتكوين سلاسل من العلية الموضوعية إلى آخره.

 

أما من جهة المجتمع والأخلاق فإن مركزية الذات هي التي تفسر كيف أنها رغم اندماجها في الآخرين حتى أنها تطابق الأمثلة والأوامر المتلقاة من الخارج فإن الطفل يمزج بكل سلوك جماعي عنصرًا من التفسير الفردي ومن تشويه لا نشعر به.  ومن ثم يجيء هذا الاتجاه عند الأطفال نحو قواعد اللعب كما لو كانت أوامرًا صادرة من الآباء، كما يجئ أيضًا احترامه لحرفية القانون وإلى التقليد في تطبيقه.  ومن ثم فإننا بانحيازنا إلى نظرية بولدوين بتكوين الشعور بالذات نشعر بحاجة إلى أن نضيف ملاحظة إلى ما سبق أن قيل بشأن التقليد.  وبكل تأكيد فإننا لا نستطيع أن نرفض بعد التحليلات التي قام بها المؤلف المذكور أن تقبل “الأنا” تعرف ذاتها بالإشارة إلى “الأنا” عند الآخرين.  ولكن التقليد لا يسمح لنا أن ندرك في انفسنا إلا ما هو مشترك بيننا وبين الآخرين.  ولكي يكتشف الإنسان نفسه كفرد منفرد فإنه يلزمه أن يقوم بمقارنات مستمرة هي وليدة الاختلاف مع الآخرين, والمناقشة معهم, والضبط المتبادل. وعلى هذا فإن  الشعور بالذات الفردية إنما هو شعور لا حق متأخر بالنسبة لما في حياتنا النفسية. ولهذا فإن الطفل يمكنه أن يبقي زمنا طويلاً مركزي الذات (بسبب غياب الشعور بالذات) رغم أنه يشارك الآخرين من كل ناحية في مشاعرهم.  ومعرفتنا بطبيعتنا الفردية مع ما فيها من تحديد تجعلنا قادرين على أن نخرج من دائرة مركزية الذات ونتعاون مع الآخرين، فالشعور بالذات الفردية هو نتيجة وشرط للتعاون فى وقت واحد.

 

وهكذا ننتقل إلى السؤال الثانى، أي إلى المراحل العليا وذاتية الضمير.  فهل القواعد المنطقية قواعد تقوم على الاتفاق الطبيعي والقواعد الأخلاقية المقابلة لها هي كما يعتقد بولدوين صالحة لتأمين حرية العقل؟  إن الأمر كذلك لو أنا تابعنا تعريفاته التي أعطاها “ففي المراحل المنطقية للثقافة الاجتماعية يصدر الفرد عاجلاً أو آجلاً إلى أن ينقد الصيغة الاجتماعية وأن يقبلها أو يرفضها في تطبيقاتها وذلك باستعمال حكمه الفردى.  وعلى هذا النحو يصبح الاتفاق الاجتماعي شخصيًا (1) وطبيعيًا ولكن إذا نظرنا إلى الطريقة التي يفسر بها بولدوين تكوين وظيفة هذه المرحلة الاجتماعية بالاتفاق الطبيعي فإننا نصبح أقل ثقة في أن العمليات التي نلجأ إليها تكفي حقيقة لتفسير التعارض القائم بين نتائج التعاون ونتائج القسر.  إذا أخذنا أمرًا من الأوامر وفرضناه على أفراد يفرضونه بدورهم على غيرهم بفضل عملية     “الإخراج” فإن ذلك الأمر رغم إشعاعه في كل الجماعة وارتفاعه إلى مرتبة قانون مطلق فوق الأفراد فإن مثل هذا الأمر لا يستطيع أن يتضمن أي قيمة جديدة لمجرد أنه عام, ذلك أنه يوجد في كل المجتمعات تقاليد مقبولة عند كل فرد رغم أنها غير معقولة بل وأيضًا غير أخلاقية.  فكيف يستطيع النقد الفردي الذي بواسطته يعرف بولدوين الاتفاق الطبيعي أن يحول حقيقة مضمون الاتفاق الاجتماعي للقواعد إلى مضمون معقول ومطابق للمثال الأخلاقي؟  إنما لا يكون هذا إلا بشرط أن تنبعث في داخل هذه الأوامر المتكونة في المجتمع مثل تشرع لها.

 

ولا يكفي لكي تكتسب مجموعة من القواعد قيمة جديدة في نظر الضمير المستقل أن تكون هذه القواعد قد ووفق عليها بعد مناقشة عند أغلبية الأفراد أو عندهم جميعا، إذ يجب بالإضافة إلى هذا أن تكون الموافقة ناتجة عن اتفاق حقيقي قائم على قوانين التبادل الداخلية في تكوين العقل.   وبالتأكيد فإن بولدوين حين يتكلم عن النقد الفردي, وعن التفكير والمناقشة, فإنه إنما يعني العقل في ذاته، ولكنا نكون واهمين إذا تصورنا أن التقليد والإخراج اللذين ينميان الذات ويؤمنان التوازن بين الفرد والمجتمع يكفيان في تفسير تلك المثل العقلية، فهذان الأمران إنما يفسران أن الفرد رغم مركزية ذاته إنما يسيطر  عليه منذ المراحل الأولى نظام من القواعد الخارجة عنه والتي هي عبارة عن أوامر.  لكي ننتقل من هذا إلى القانون العقلي الذي لا يوجد إلا في الضمائر لابد من توافر شيء أكثر من مجرد موافقة العقل الفردي إذ يجب أن يكون بين الأفراد المتساوين علاقات من نوع جديد تقوم على التبادل, وتطرد مركزية الذات, وتقترح على الضمير الفردي والأخلاقي مثلاً قادرة على تنقية مضمون القوانين القائمة نفسها.

 

(1)Baldwin, Theorie génétique de la réalité. Le Pan cabsme Trad .

Philippi, Alcan , 1918 , P 48

#كمال_شاهين

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.