الحكم الاخلاقي لدى الطفل 19

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

 

Power and Child5.jpg

 

الحكم الأخلاقي لدى الطفل   – 40

 

 

المساواة والسلطة

أول نقطة يجب أن تنتهي من بحث من هذا النوع هو الشكل الذي قد يأخذه الصراع بين الإحساس بالعدل وبين سلطة الراشد والعلاقة التي تقوم بينهما في سني حياة الشخص المختلفة.  وإذا رجعنا إلى ما نذكره عن طفولتنا فكثيرًا ما نجد أمثلة للظلم (بصرف النظر, طبعًا, عن حالات العقوبات التي لا دافع لها) من مثل عدم المساواة في المعاملة من جانب الآباء.  ذلك أن الإنسان حين يقسم العمل بين قليل من الأطفال, أو يشرح لهم عواطفه, أو ميله نحو كل منهم, فإنه يصعب عليه جدًا أن يكون مما بدأ تمامًا, أو أن يتجنب جرح شعور ذوي الإحساس المرهف, وكثيرًا ما يحدث أن الأطفال – سواء بصفة مستمرة أو في دورات – تمر بهم خبرة “الإحساس بالنقص”, تلك التي عنى بها ادار كل العناية, والتي تجعل خير من فيهم يحقد على إخوته وأخواته رغم أنفه.   حقيقة الأمر, أقل خطأ في معاملة مثل هؤلاء الأطفال المرهفين يولد عندهم إحساسًا غامضًا بالظلم يقوم على أساس أو لا أساس له إطلاقا.  فماذا يحدث, إذن, حين تقال قصص للأطفال بشكل فج كالشكل الذى لا يمكن أن يستغنى عنه في حوار يقال للجميع؟  وهذه القصص تثير الرغبة في المساواة ضد حقيقة السلطة.  فهل الأشخاص الذين نختبرهم يضعون الحق في جانب الراشد بعيدًا عن احترام السلطة (والعدل في هذه الحالة يختلط بالقانون حتى إذا كان الأخير ظالما) أم هم يدافعون عن المساواة بعيدًا عن احترام المثل الداخلية حتى إذا كانت الأخيرة تعارض الطاعة؟  وقد وجدنا – كما توقعنا من النتائج السابقة – سيادة الحل الأول عند الصغار وكلما زاد سن الأطفال فإنا نلاحظ تقدمًا واضحًا في الاتجاه الثاني.  هذا وقد استخدمنا القصص الأربع التالية :

 

القصة 1

كان هناك معسكر للكشافة (أو المرشدات في حالة البنات) وكان على كل فرد أن يقوم بجزء من العمل وأن يترك الأشياء منظمة.   فكان على أحدهم أن يشترى الحاجيات من الحوانيت, وعلى الآخر أن يقوم بغسلها, وعلى الثالث أن يحضر الأخشاب أو أن ينظف الأرض.   وذات يوم لم يكن هناك خبز وكان قد خرج الشخص الذي عليه أن يشترى الحاجيات.   لذلك طلب رئيس الفرقة من أحد الكشافة أن يقوم بإحضار الخبز, وكان هذا الأخير قد أتم عمله اليومي.   فماذا يفعل؟

 

القصة2

في مساء أحد الأيام, طلبت أم من ابنتها الصغيرة وابنها أن يساعداها في أعمال المنزل لأنها كانت متعبة, فكلفت البنت بتجفيف الأطباق, وكلفت الولد بإحضار بعض الأخشاب, ولكن الولد الصغير (أو البنت) ذهب يلعب في الشارع.   لذلك طلبت الأم من الولد الثاني أن يقوم بالعمل كله فماذا يفعل؟

 

القصة 3

كانت هناك عائلة بها ثلاثة إخوة أحدهم أكبرهم سنًا, أما الآخران فتوأمان (1) وقد اعتادوا أن ينظفوا أحذيتهم كل صباح. وذات يوم مرض الأخ الأكبر.   لذلك طلبت الأم من أحد الأخوين الآخرين أن ينظف حذاء أخيه المريض إضافة إلى حذائه.   فما رأيك فى هذا؟

 

ودون أن تعطى للأرقام أهمية كبرى, من المفيد أن نسجل هنا تلك الأرقام التي حصلت عليها الآنسة رانبير بعد دراسة 150 طفلاً من أطفال جينيف ومقاطعة “فان” تتراوح أعمارهم ما بين السادسة إلى الثانية عشر وذلك بواسطة القصتين 1-2.   يدل انتظام النتائج على أننا أمام شكل من أشكال التطور يزيد كلما زاد العمر الزمني حيث يخضع الأولاد الصغار للسلطة, أو على الأقل, يعتبرون الأمر الصادر للطفل عدلاً (لا مجرد أن الإنسان يجب أن يخضع بل أن العمل المتضمن في الأمر عادل في حد ذاته ما دام ينطبق على الأمر الصادر) أما الكبار من الأطفال فيميلون إلى المساواة, ويرون أن الأمر الذي جاءت به القصة غير عادل.

 

 

 

 

القصة ( 1 )

القصة ( 2 )

العمر

الطاعة

المساواة

الطاعة

المساواة

 

%

%

%

%

6

7

8

9

10

11

12

95

55

33.3

16.6

10

5

صفر

5

45

66.6

83.4

90

95

100

89

41.2

22.2

صفر

5.9

صفر

صفر

11

58.8

77.8

100

94.1

100

100

 

 

أما نحن فقد وجدنا في نوشاتل عن طريق استخدام القصتين 3 ، 4 أن حوالي 75% من الأطفال بين الخامسة والسابعة من العمر يدافعون عن الطاعة وأن حوالى 80% من الأشخاص بين الثامنة إلى الثانية عشرة يدافعون عن المساواة.   لنترك هذه الأرقام الآن ونعود إلى التحليل الكيفي الذي هو وحده يستطيع أن يدلنا على ما يحاول الطفل أن يقوله, وما إذا كان يعرف الموضوع الذي يفكر فيه.

 

 

يمكن القول إن بإمكاننا, بشكل عام, أن نلاحظ أربعة أنواع من الإجابات : أولها أن هناك أطفالاً يعتبرون أمر الراشد “عدلاً” ولذلك لا يميزون بين ما هو مطابق للأمر الصادر أو لقاعدة الطاعة.   ثم إن هناك أطفالاً يرون أن الأمر غير عادل ولكنهم يرون أن قاعدة الطاعة تأتي قبل العدل, ولذلك يجب علينا أن نطيع الأمر دون تعقيب.  يستطيع أطفال هذا النوع, إذن, أن يميزوا بين العدل والطاعة ولكنهم يجعلون الطاعة فوق العدل.   قمنا في إحصائياتنا بوضع هذين النوعين في مجموعة واحدة على اعتبار أنهما مرتبطان معًا عن طريق جميع الحالات المتوسطة.   وثالث هذه الأنواع نجده في الأطفال الذين يرون الامر غير عادل ويضعون العدل فوق الطاعة.  وأخيرًا هناك أطفال يرون أيضًا أن الأمر غير عادل, فهم لا يعتبرون الطاعة العمياء بالضرورة مفروضة على الطفل في القصة ولكنهم يفضلون له الطاعة والخضوع عن الجدل والعصيان.   في إحصائياتنا اعتبرنا هذين النوعين وحدة للنظر الذاتية التي توجد في الإحساس بالعدل في الحالتين.   وها هي أمثلة للنوع الأول لا يجد من يمثله سوى الصغار جدًا من الأطفال :

بار Bar(6.5) ( بنت ) القصة 1 – “كان ينبغي أن تذهب لإحضار الخبز.  – لماذا؟  – لأنه طلب منها ذلك.  – وهل هذا الطلب عدل أم لا؟   -نعم, إنه عدل لأنه طلب منها ذلك.

 

زور Zur (6.5) القصة 1 – كان ينبغي أن يذهب.  – لماذا؟  – لكي يكون مطيعا.  – وهل ما طلب منه القيام به عدل؟  – نعم إنه رئيسه.  القصة 2- كان ينبغي أن يذهب.   – لماذا؟ – لأن أخته كانت غير مطيعة ويجب أن يكون عطوفًا.

 

هب Hep (7) بنت ) القصة 1  – هل من العدل أن يطلب منها هذا العمل؟  – نعم, من العدل لأن عليها أن تذهب.  – حتى لو لم يكن هذا عملها؟  – نعم فقد طلب منها الذهاب.   القصة 2  – نعم, كان عدلاً فقد طلبت منها أمها أن تذهب.

 

زيج Zig(8) القصة 2   – كان عليه أن يعمل الشيئين لأن أخاه لم يقم به.  – وهل هذا عدل؟  – نعم, إنه عدل تمامًا, فهو يقوم بعمل عظيم.   ويظهر أن زيج Zig لا يعرف معنى لفظ “عدل” ولكنه ضرب لنا مثلاً فى مكان آخر عن الظلم بالتقسيم غير المتساوي.  في هذه القصة, إذن, يتطابق العدل مع الطاعة. أي أن العدل هو الطاعة, والطاعة هي العدل. 

 

جون Gun (9) القصة 3  – هل هذا عدل؟  – نعم أظن ذلك.  – وماذا قال الولد الآخر؟  – يجب أن تعطىَ ثلاثة أحذية لواحد وثلاثة للآخر.  – هذا جميل إذن.  – ولكن يجب أن تفعل ما قالت به الأم.  – ولكن هل هذا عدل أم أن سبب ذلك هو أن الأم قالته؟  – إنه عدل.  

 

وصفة هذه الحالات واضحة, فمن المبالغة أن تقول إن طفل ست إلى سبع سنوات ليست لديه أي فكرة عن العدل, فكثير من الأطفال الذين سبق ذكرهم قد ترددوا قليلاً في القول بأن الأوامر الصادرة في القصة عادلة.   كل ما في الأمر هو أن ما هو عادل لم يتميز بعد في عقولهم عما هو مطابق للسلطة وأنه ليس هناك نزاع مع السلطة يدعو إلى تداخل المساواة.   وعلى ذلك, فإنه مما لا شك فيه أن الصغار يرون أن الأمر الصادر عادل حتى إذا تعارض مع المساواة ما دام قد صدر من الراشد.  فالعدل هو في اتباع القانون.   أما عند الأطفال الكبار الذين اقتبسنا بعض أقوالهم فإن هذا لم يعد غير قابل للمناقشة, ومع ذلك فقد قرروا أن هذا يجب أن يكون كذلك وهذه الحقائق تؤيد نظرية (1) بوفيه التي ترى أن الطفل يبدأ فيعزو الكمال الخلقي لآبائه ويبقي كذلك حتى سن خمس إلى سبع سنوات حيث يتيسر له اكتشاف أو مواجهة إمكان وجود نقص عندهم.  وسنعود إلى هذه النقطة مرة أخرى, أما الآن فإن السؤال الوحيد الذي نعنى به هو ما إذا كان مثل هذا الاحترام للراشد من جانب الطفل من طبيعته أن يساعد على نمو أو عرقلة تكوين العدل المتساوى.  وعلى أساس المجموعة الاخيرة من الإجابات التي درسناها نستطيع أن نؤيد النظرية القائلة بأن الاحترام من جانب واحد محايد بالنسبة للعدل الموزع.   هذا الاحترام يتركب – بطبيعة ميكانيكية – مما يعوق النمو الحر للإحساس بالمساواة.  هذا ويستطيع الآباء أن يستخدموا الاحترام المعطى لهم بشكل متساو لكي مثال العدل وليفرض قاعدة مضادة للعدل من مثل حق السلف.

 

وليس هناك إمكان قيام مساواة بين الراشدين والأطفال, بل وأكثر من ذلك لا يمكن أن تنظم علاقة التبادل بين الأطفال ولو أنها فرضت من الخارج فإنها تؤدي إلى مجرد جمع اهتمامات أو تبقي ثانوية بالنسبة لآراء السلطة والقواعد الخارجية التي هي نقيضها بالذات.   وعلى أساس الأشخاص الذين اقتبسنا إجاباتهم قبلاً, فإن الشيء الذي فرض هو الشئ العادل.  ولقد اتفق على أن هذا هو بالذات الشئ المضاد لفكرة أن الذاتية تطلب عن طريق نمو العدل فالعدل لا معنى له فيما عدا أنه شئ يعلو فوق السلطة.

 

والآن نعرض أمثلة للمجموعة الثانية من الإجابات ؛ فالولد دائمًا يعظم الطاعة التامة ولكن دون إذعان داخلي تام فالسلطة مازالت تسود على العدل ولكنهما لم يعودوا مختلطين.

    

شرى Shri (6) القصة 1  – هل هذا عدل؟  – لا, فالبنت عملت أكثر وستحقد.  – وهل ذهبت أم لا؟      – لقد ذهبت.  – وهل فكرت أن هذا عدل؟   – لا, وستقول لم أكن أنا الذي عليه أن يذهب ليحضر الخبز.  – ولماذا ذهبت؟  – لأن الرئيس طلب منها ذلك.

 

ديد Ded (7)  (بنت)  القصة 2   – عليها أن تذهب لأن أمها طلبت منها ذلك.  – وهل هذا عدل؟  – لا، لأن الأخرى هي التي كان ينبغي أن تذهب.

 

ترو Tru (7-8 )  القصة 2  – عليها أن تعمل عملاً واحدا.   – لماذا؟  – لأنه ليس من العدل ألا يذهب الولد لإحضار الخشب ولكنه لم يذهب ولذا يجب عليها أن تقوم بهذا العمل أيضا.  – لماذا؟  – لتكون مطيعة.

 

هرب Herb (9) (بنت) القصة 2   – كان عليها ان تذهب فورا.  – لماذا؟  – لأنه إذا طلب منك عمل شيء فيجب أن تلبي الطلب فورا.  – وهل هذا عدل؟  – لا, لأنه ليس دورها. – ولمذا تذهب لتعمل ما طلب منها؟

 

نس  Nuss(10) القصة 3  – عليه أن يعمل هذا وإن لم يكن ذلك من العدل في شيء.

 

فال Wal (10) القصة 3  – كان عليهم أن ينظفوا الأحذية الثلاثة.  – ولكن الأم قالت إنه على أحدهما أن يتولى تنظيف اثنين وعلى الآخر أن يتولي تنظيف أربعة.  فهل هذا عدل؟  – لا ليس عدلا.  – وقد ذهبت الأم, فماذا فعل الأولاد؟  هل فعلوا ما أمرتهم به أم قام كل بتنظيف ثلاثة؟  – قام كل بثلاثة.  – وهل هذا حق؟  كان من الأفضل أن يفعلوا ما أمرتهم به الأم.  – وهل ما أمرتهم به الأم عدل؟  – لا, لم يكن عدلاً.

 

رن Ren  (11)  القصة 2   – لقد فعل ذلك؟   – يجب أن يطيع.  – وهل هذا عدل؟  – لا، ليس تماما.

 

 

وهكذا نجد أن هؤلاء الأطفال ولو أنهم يعلون من قدر الطاعة ويعطونها السيادة غير أنهم يميزون بين ما هو عدل وبين ما تفرضه السلطة.   وها هى ذي أمثلة للمجموعة الثالثة.  أي المجموعة التي تضع العدل فوق الطاعة.

فال Wal (7.5) القصة 3  – ما كان ينبغي أن تذهب فقد أدت عملها.   – ولمذا يجب ألا تذهب؟  – لأن ذلك ليس عملها.  – وهل ما طلبت الأم منها عمله عدل؟  – لا, فما كان ينبغي أن تذهب.   عليها أن تعمل عملها وعلى الولد أن يقوم بعمله.   وإذا طلبت منها أمها أن تذهب عليها أن تذهب. – لماذا؟   – لأنه … عليها أن تفعل ذلك.  يعطي فال القسر المادى كل حقه ولكنه لا يعرف الالتزام الداخلي.

 

لان Lan ( 7.6) القصة 1  – ما كان ينبغي أن يفعل ذلك لأنه ليس من عمله.  – وهل من العدل أم من الظلم أن تطلب منه ذلك؟  – ليس عدلا.   القصة 2   – ما كان ينبغي أن يفعل ذلك لأن البنت ذهبت وليس هذا عدلا.

 

باى Pai  (8) القصة 1   – لا, لأن هذا ليس عمله.

 

دول Dol (8) القصة 3  – ليس عدلاً.  كان ينبغي إعطاءه حذاءًا واحدا.  – ولكن الأم قالت إنه يجب أن يعطي الآخر حذاء.  – هل يجب أن يفعلوا وفق ما طلب منهم أو أن يقسموا العمل بينهم بالتساوى؟                   – كان يجب أن يسألوا أمهم؟   القصة 4  – ليس عدلاً, إذ كان ينبغي أن يطلب الأب من الآخر أيضا.      – ولكن هذا ما قاله الأب.  – هذا ليس عدلاً.  – وماذا كان ينبغي أن يفعل الولد؟  أن يذهب بالرسالة أو أن لا يذهب؟  – كان يجب ألا يفعل شيئًا وألا يذهب.

 

كلا Cla (9.8) (بنت) القصة 2   – كان عليها أن تقوم بعملها الخاص لا عمل الأخرى.   – ولم لا؟       – لأنه ليس من العدل.   – القصة 1  – ما كان ينبغي أن تفعل ذلك فليس من عملها.  – وهل من العدل أن تقوم به؟  – لا ليس عدلا.

 

بير Ber (10)   – ما كان يجب أن يذهب وقد قال الولد الآخر كان عليه أن يذهب.

 

فري Fri (11) القصة 3  – ما كان ينبغي أن يقوم به.  – ولكن الأم قالت إنه يجب عليه.  – لقد أخطأت الأم فليس ذلك عدلا.

 

شن Schn  (12) ( بنت ) القصة 3   – ما كان ينبغي أن تفعل ذلك فليس من العدل أن تقوم بعمل مزدوج على حين أن الآخر لا يعمل شيئا.  – وماذا كان ينبغي أن تعمل؟  – كان يجب أن تقول لأمها ليس هذا من العدل فما كان يجب أن يتضاعف عملي.

 

هؤلاء الأطفال خلافًا للمجموعة الثانية تتفوق عندهم المساواة على أي شئ آخر لا على الطاعة وحدها بل وحتى على الصداقة.  أما إجابات المجموعة الرابعة, فعلى العكس من ذلك, تمثل ظاهرة خاصة, إذ على الرغم من أنهم يرون أن الأمر الصادر غير عادل إلا أنهم يرون أنه يجب لكي يكونوا مقبولين ونافعين.  فأطفال هذه المجموعة يجب ألا يختلطوا مع أطفال المجموعة الثانية, فأشخاص النوع الثاني يعتبرون الطاعة مفضلة على العدل, أما أولئك الذين سندرس إجاباتهم الآن فهم يفضلون المساعدة الاختيارية المتبادلة, وهي أرقى من العدل العادي أو الطاعة المفروضة.   الفرق, إذن, كبير، فمن جهة يخضع العدل للطاعة.  أي إلى قاعدة غيرية, ومن جهة أخرى نجد أن العدل نفسه يمتد فوق طريق ذاتي خالص من التطور حتى يصل إلى شكل راقٍ من أشكال التبادل.  ذلك الذي نطلق عليه “الإنصاف”.  وهى علاقة لا تقوم على المساواة فحسب, بل على الموقف الحقيقي الذي يجد كل فرد نفسه فيه.   وفي هذه الحالة الخاصة, إذا تعارض العدل مع الطاعة؛ فإن الإنصاف يتطلب أن يقام وزن لعلاقات العطف الخاصة القائمة بين الأب والأطفال, ولذلك يصبح العمل الشاق – ولو أنه ظالم على أساس المساواة – صحيحًا على أساس الصداقة الحرة.    وها هي بعض الأمثلة.

 

بير Per ( 11.9) القصة 1  – لقد ذهب ليحضر بعضا. – وهل هذا عدل؟  – لا ليس عدلاً ولكنه صاحب فضل.

 

بالت Balt  (11.9) القصة 2 – لقد قامت به. – وما رأيها؟  – إن أخاها ليس لطيفًا.  – وهل من العدل أن تقوم بما قامت به؟  – لا, ليس عدلاً ولكنها فعلت ما فعلت لتساعد أمها.

 

تشاب Chap (12.8) أجاب فيما يتعلق بالقصة 1 أنه يرى أن رئيسه متعب, أما فيما يتعلق بالقصة 2 فهو يقول إن الأمر يتوقف على ما إذا كان ولدًا طيبًا, فإن كان يحب أمه فعلاً فإنه سيقوم به وإلا سيعمل ما عملته أخته حتى لا يقوم بنصيب أكبر من نصيبها.

 

بيد Ped ( 12.5)  استطاع من تلقاء نفسه أن يقوم بعملية التمييز التي هي في نظرنا من الخصائص الواضحة للنوع الذي ندرسه.  قال فيما يتعلق بالقصة 1   – عليه أن يذهب ويحضر الخبز.  – وماذا يرى؟   –  إن رئيسي قد طلب مني ذلك وينبغي أن أعاونه.   – وهل هذا عدل؟  – نعم, إنه عدل لأن فيه طاعة.   قد لا يكون عدلاً تمامًا لو أنه أجبر على الذهاب, أما وقد قبل فهذا عدل.

 

ليست هناك صيغة لقاعدة الذاتية التي تميز الاتجاه الذي نتحدث عنه أفضل من هذه الصيغة.   إذا أنت اجبرت على عمل شئ لا يتفق مع المساواة فهذا ظلم, أما إذا قبلته فأنت تقوم بعمل أرقى من مجرد العدل وأنت تسلك نحو رئيسك سلوكًا فيه إنصاف.

 

جيل Gil (12) القصة 2  – لم يكن مسرورا.  – وهل قام به؟  – نعم.  – وهل هذا عدل؟  – لا.  – ولمَ قام به؟  – ليدخل السرور على أمه.

 

فري Fri (12) ( بنت ) القصة 2   – ربما رفضت, فهى ترى أن أخاها يجب أن يذهب ويقضي وقته وأن عليها ان تعمل.  – وهل من العدل أم من الظلم أن تقوم بالعمل؟  – لا, ليس عدلا.  – هل كنت تقومين بهذا العمل أم لا؟   – كنت أقوم به لأدخل السرور على أمي.

 

من هذه الإجابات ينبع قانون من قوانين التطور ويظهر بوضوح حقيقة أننا لا نستطيع أن نتحدث عن مراحل بالمعنى الصحيح.  إذ أنه يشك فيما إذا كان كل طفل يمر بالتتابع بهذه الاتجاهات الأربعة التي أتينا على وضعها, فالموضوع يرتبط أكثر بنوع التربية التى يتلقاها الطفل, ولهذا فقد تظهر إجابات النوع الرابع مبكرًا جدًا إذا رغب الإنسان في أن يحل التعاون محل الطاعة العمياء غير المعقولة.   (هذا رأيي وهو كما هو) وهناك ابنة لأحد معارفنا في الثالثة من عمرها وقد اعتادت أن تقبل كل ما توحي إليه به أمها قائلة “أحب أن اساعدك” على حين أن كبرياءها تعارض كل نوع من أنواع القسر.   يضاف إلى ذلـك أنه – لكي نتفادي الاعتراضات التي لا مفر منها – فإنا نكرر ما سبق أن قلناه من أن نتائج الحوار تأتى متخلفة فى الزمن عن الخبرة الحقيقية.


(1)   وضعت هذه التفاصيل لتجنب السؤال عن العمر الزمنى الذى أدخله عدد كبير من الأشخاص تلقائياً .

(1)   Le Sentiment religieux rt le Psy cholo gie de l’enfant Coll Actual, pédag . 1927

#كمال_شاهين

#تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.