ما هي علتنا وما هو مرضنا نحن العرب ونحن المسلمون؟

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

MUslim.jpg

 

ما هي علتنا وما هو مرضنا نحن العرب ونحن المسلمون؟
تعليقًا على رسالة “مدخل إلى علم النفس الإدراكي”, أرسل إلينا اليوم فضيلة الشيخ أحمد المُهري رسالة تلخص ما نتباحث فيه من سنين.  يتساءل فضيلته عما إذا كانت أمتنا تستعمل عقلها
“فلو كان العقل نتاجا بيولوجيًا فكل البشر يملكونه، ولو كان العقل نتاجًا تربويًا فكل البشر قادرون على أن يتربوا عليه، ولو كان العقل نتاجًا نفسيًا فكل البشر يحملون نفوسًا مدركةً, فما هي علتنا وما هو مرضنا نحن العرب ونحن المسلمون؟”
يقول شيخنا الفاضل:  
“أخي الكريم الأستاذ الدكتور كمال شاهين رعاه الله تعالى, 
قرأت ما قرأته سابقا وهو ممتع بالنسبة لي ومضنٍ في نفس الوقت. ممتع لما يحتويه من دقة فائقة في بيان كيفية تشغيل القوة المدركة ولعلها أشرف قوة منحنا إياها ربنا الكريم جل جلاله.  ومضنٍ لأنه يحدثنا عن حقيقة سلفنا بل قومنا اليوم.  الذين يتقبلون الشيء وضده أو نقيضه. الذين يقتلون أنفسهم لإثبات أن الأرض توقفت عن الحركة ثم دارت بالعكس لتعود الشمس في الظهور فيصلي يوشع أو علي بن أبي طالب صلاة الظهر في وقتها. الذين لا يميزون بين الحيوان والإنسان المتطور فيقولون بأن آدم الذي يمثل أول نقلة من الحيوانية إلى الإنسانية كان نبيا.  الذين يعطلون العمل يومًا كاملاً في كل الدول المسلمة تخليدا لذكرى أكذوبة المعراج الأسطورية الخرافية.  الذين يستغلون شهر البركات لتجويد القرآن, ويقيمون المسابقات الدولية للتغني بكتاب الله تعالى وهم في غمرة من معاني الكتاب العظيم.  الذين يتقاتلون ويقتلون بعضهم البعض لما يختلفون فيه من قضايا تاريخية لا علاقة لها إطلاقا بحياتنا اليومية  ولا بحياتنا الدينية مع ربنا بل لا علاقة لها برسولنا، فكلها قضايا حصلت بعد وفاة الرسول عليه السلام. 
نحن أمة ضعيفة ترى بأن الله تعالى يمن على المسيحيين والبوذيين بالاختراعات المتطورة ويتركنا نحن المسلمين نبحث في أحاديث البخاري السخيفة أو أحاديث الكافي الحمقاء ولا نبحث عن السبب لنصلح أنفسنا.   نرى بأن الله تعالى يسلط حفنة مجرمة من اليهود على شعب مسلم فلا تسْعَ لفهم الخطأ لديها فتتمكن من جلب رحمة الله تعالى بل تكتفي بتكرار الأخطاء.  كل من يموت منا نسميه شهيدًا في سبيل الله, وكل من يُسجن ويعذب منا نعتبره مجاهدًا في سبيل الله القوي القهار الذي يرانا على شر ما يكون فلا يساعدنا.  أليست هناك مشكلة في عقولنا التي لا تريد أن تشتغل وتفكر فترى الطريق الصحيحة أمامها؟ 
ألا تضنيك أخي كمال أحوال أمتنا التعيسة التي ترى نفسها خير الأمم وهي أقل إنتاجًا وأدنى حياةً من البوذيين في اليابان والصين؟  يقولون بأن الله تعالى ليس جسمًا ولا يمكن أن يحتل مكانا أو يسكن أرضًا – وهو صحيح طبعا – ثم يقولون بأن نبينا زاره في بيته في السماء السابعة ويصفون ذلك البيت وبأنه تعالى كان يصلي حينما وصل إليه الرسول الذي ركب براقا ليصل إليه وليس سفينة تتحرك بقوة الصواريخ.  ما هذا التناقض؟  وكيف يتقبله العقل البشري الناضج؟
يقولون بأن مع كل شخص منا ملائكة يراقبوننا ولكننا لا نراهم لأنهم لا يملكون أجسامًا فيزيائية مثلنا, ولا أبعادًا ثلاثية كما نراه في الأرض – وهو صحيح طبعا – ثم يقولون بأن هناك ملائكة نزلوا من السماء على خيول يحملون سيوفا ليحاربوا بها الغزاة في بدر الكبرى.  كل الغزاة أقل من ألف رجل ونزل خمسة آلاف ملاك لقتالهم والفضل الكبير لشهداء بدر. فإذا كان  الملائكة بشرًا يقاتلون مثلنا فلماذا لا نراهم؟ وما هو فضل شهداء بدر الذين حاربوا ألف رجل بمساعدة خمسة آلاف ملاك من الملائكة المسلحين الذين هم أقوى من البشر؟  ألسنا نحن خرافيون وخائبون؟
وما جعلني أخلط الضحك بالبكاء أنني كنت أنظر إلى شاشة تلفزيون عربية معروفة لتصف لنا حالة الملائكة المنزلين لمحاربة المشركين في بدر ومكان نزولهم و”أسمائهم” أيضا.  ألم يقرأ هذا الشيخ الخرف كتاب الله تعالى الذي يقول بأن الأسماء خاصية بشرية ولا ربط لها بغيره من الكائنات.  قال تعالى في سورة البقرة: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33).
إنهم يقرأون في كتاب الله تعالى بأن الشياطين لا تجيد اللغة الإنسانية لأنها لا تملك آذانا تسمع لتتعلم اللغة ولا يطبقونها على الملائكة التي هي أيضا ليست أجسامًا ولا تملك آذانا تسمع.  قال تعالى في سورة الشعراء: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212).  أضف إلى ذلك أن الشياطين هم أقوى أنواع الجن كما أحتمل ويحتملون وهم ليسوا أجسامًا فكيف يتزاوجون مع الجن وكيف يقولون بأن هناك أقوامًا بشرية من نسل الجن ويكره التزاوج معهم؟  هل أمتنا تستعمل عقلها؟  لو كان العقل نتاجا بيولوجيا فكل البشر يملكونه، ولو كان العقل نتاجًا تربويًا فكل البشر قادرون على أن يتربوا عليه، ولو كان العقل نتاجًا نفسيًا فكل البشر يحملون نفوسًا مدركةً, فما هي علتنا وما هو مرضنا نحن العرب ونحن المسلمون؟  إننا لا نستعمل قدراتنا الإدراكية ولا نتشجع لرفض كل التناقضات بل رفض كل ما يقوله المتناقضون من سلفنا؟
وختاما أنقل لكم نقاشا بسيطا حصل في جلساتنا التفسيرية قبل عدة سنوات.  قال بعض الإخوة والأخوات بأن علينا توسيع جلساتنا ليأتي من لا يأتي اليوم.  هناك قال أخونا الدكتور الصحاف كلامًا جميلاً.  قال: لو يقوم المُهري بتكرار مقتل الإمام الحسين عليه السلام لرأيتم الشوارع المحيطة بقاعتنا ممتلئة بالمستمعين.  فلو نفكر قليلا في تلك الواقعة التي تجمع كل الشيعة في العراق, وإيران, وباكستان حول متاجر الإخوة المعممين لتراهم يكررون شيئًا واحدًا طول العام ويريدون أن يدخلوا الجنة بتكرار تلك المصائب على ذرية رسول الله عليه وعليهم السلام.
ولذلك أقول للدكتور كمال: لو أردت أن يقصدك الملايين من المسلمين ليقرؤوا ما ينشره مركز تطوير الفقه الإسلامي فما عليك إلا أن تمدح البخاري, وبقية الصحاح, وتؤيد التناقضات, وتزينها, وتقول بأنها جميعًا صحيحة ولا إشكال في التناقض فهو ممكن طبعا.  هكذا تجد الجميع يمدحونك, ويتسابقون على المشاركة في المركز, وإلا فأمتنا ترفض الذين يحاربون المقولات المتناقضة.
أحمد المُهري
14/6/2017  

خالص الشكر, والتقدير, والإعزاز لفضيلة الشيخ أحمد المُهري على كريم رسالته.  أدعو الله أن يفيض عليه بالصحة والعافية, وأن يطيل في عمره, وأن ينفعنا وينفع العالمين بعلمه.  

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.