مدرسة الحرية الاعبوس ١٩٥٨ #حامد_السقاف 

أهرامات الأعبوس 
    إلى الماجدات اللواتي انحنى الزمن ، راكعا لخلودهن .
           هذه الصورة التاريخية ، النادرة ، الأعجوبة ، ليست صورة عادية ، ولا يجب أن تمر كذكرى عابرة . 

إنها أكثر أهمية من لوحة الموناليزا ( الجيوكندا ) ! ما الذي حاول أن يثبته ليوناردو دافنتشي بالإبتسامة الغامضة لتلك الحسناء الفلورانسية ؟ 

صورة العبسيات الماجدات ، وفي ذلك الزمن الموغل بخرافات الإمامة ، ووحشة كائناته الكهفية ، وعساكره الظلامية ، ومجاميع العكفة الخارجة من نفايات التاريخ .. في تلك الحقبة المسكونة بالرعب ، تبرز هذه اللقطة مجموعة من الصبايا الجميلات ، وكأنهن هبطن من مجرات سماوية ، تناثرن من شجيرات تفاحة حواء الفردوسية .. أنيقات الملبس كأنهن عارضات أزياء لبيوت موضة محترمة ، موردات الخدود ، باسمات المحيا ، منطلقات الرؤيا نحو الأمل المشرق ، والحلم المتلأليء بالعلم والمعرفة ، والغد القادم محوطا بالفل والياسمين ، وبشائر الفرح والبهجة المرتسم مثل وجوههن الندية والزاهية . 

      هذا التحدي للزمن الإمامي المحنط ، ومحاولة خلق عالم أجمل ، من خلال أولئك المدرسات – القديسات ، اللاتي أنجبن أجيالا من الأبناء والطلاب الأماجد ، لهو جدير أن يوثق بحروف من نور وعسجد ، وتكون هذه اللوحة – الصورة ، رمزا للزمن النوراني ، ومجدا لعظمة النساء ، حين يتسامين كأرواح شفافة ، راهبات للعلم ، زاهيات كالفراشات ! 

       لن أجازف وأقول أن المصور أحمد عمر العبسي ، هو صاحب اللقطة ، ولكنني سأرفع قبعتي عالية ، لمن خلّد هذه الصورة ، واحتفظ بها . أخفض هامتي انحناءً لتلك الكوكبة الشامخة من النساء الجميلات ، المتعلمات ، المثقفات . وأشعر بالقليل من الغيرة – ولا أقول الحسد – من أولئك الطلاب الذين وافقهم الحظ ليكونوا ضمن من تلقوا العلم من عقول قديسات تلك المدرسة ، وأتمنى لو كنت تلميذا ، أحظى بفك الأحرف ، من واحدة من فقيهات تلك المدرسة ! 

هل يشبهن لول بت حيدر ، فقيهة قريتي ؟ 

      شكرًا لكل من ساهم في نشر هذه الصورة .. هكذا كنا ، وليس في ذلك ما يعيب . 

بالإمس توارد إلى سمعي ، بل ونشرت بعض مجموعات التواصل الإجتماعي ، خبر انتشار مجاميع ( مطاوعة ) يحملون العصي في الأسواق ، لحماية الأخلاق ، وعدم الإختلاط ، وستر الوجه ، وارتداء الأزياء المحتشمة . 

هل يمكن عمل المقارنة ، ودراسة الظاهرة ، والتفسير السيسولوجي، السيكولوجي ، البيولوجي ، الفانتزي .. ؟ 

أجمل الأيام التي مرت ..

أجمل المدرسات اللاتي ذهبن ..

هل أشكك في تساؤلات الشاعر العظيم ناظم حكمت : 

أجمل الأيام التي لم تأت بعد 

أجمل الجميلات اللائي لم يخلقن بعد ! 

       ستون عاما عمر تلك الصورة ، التي تستحق أن تطبع فوق علم الجمهورية ، أو فوق طابع بريد ، أو فوق عملة الوطن .. حتى صحبة ذلك الشاب الأنيق صاحب النظارة السوداء ! 

    لكم السلام والمجد يا أهل الصورة ، أحياءً وأمواتا . 
         حامد السقاف 

تعز – حزيران ٢٠١٧ م

#اعادة_نظر

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.