القصة الحقيقية للفتوحات الإسلامية

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

Conquests.jpg

القصة الحقيقية للفتوحات الإسلامية

بدأت حكاية الفتوحات الإسلامية منذ خمسة أيام فقط عندما أرسل إلينا سيادة المستشار أحمد ماهر رسالة بعنوان “دين همجستان” يدين فيها بشكل واضح لا مواراة فيه على الإطلاق مسلسل الحروب التي قام بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي مكنتهم من الاستيلاء على أراضٍ تمتد من المحيط الأطلنطي غربًا إلى بحر قزوين شرقًا.  حقيقة الأمر, لم يتردد سيادته في إطلاق اسم الفتوحات الشيطانية على هذه الحروب. 

 

تعتمد إدانة سيادة المستشار لهذه الحروب على فكرة “واحدة” أساسية هي أن هذه الحروب هي عصيان لأمر الله وخروج على دين الله.  نحن قوم لم يكلف الله أحدًا منا – باستثناء رسوله الكريم – بدعوة أحد إلى دين الله.   حقيقة الأمر, يخبرنا الله في كتابه الكريم بأنه لا يرغب في أن يؤمن به كل خلقه – *لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعًا* – كما يخبرنا بأن *من شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء أن يكفر فليكفر* بل إنه أخبر رسوله, صلى الله عليه وسلم, بأن ليس له أن يهدي من أحب حيث إن الهداية من الله *إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء*.    لا يمنع الأمر, على أية حال, من أن نقوم بدعوة الناس إلى دخول دين الله تأسيًا برسول الله.  أي لا يمنع الأمر من أن ندعو إلى دين الله *بالحكمة والموعظة الحسنة*.  إلا أن الدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة شيء وإرسال جيوش هولاكو شيء آخر.   وهذا, بالضبط, ما فعله الصحابة الأجلاء, رضي الله جل ثناؤه عنهم جميعًا وأرضاهم.  أرسل الصحابة الكرام, رضي الله جل جلاله عنهم جميعًا وأرضاهم, جيوشًا قامت بإشعال النار في بلاد الكفار.  حرقت ودمرت, ومنجقت وعرقبتاستولت على الأراضي والأموال, وقتلت أعدادًا لا تحصى من الرجال, وسبت أعدادًا لا حصر لها من النساء, واستعبدت أعدادًا لا نهاية لها من الأطفال.

 

لم ينتبه الفقه السني القديم يومًا إلى أن ما فعله الصحابة الأجلاء, رضي الله تبارك وتعالى عنهم جميعًا وأرضاهم, يتناقض مع ما أمرنا الله به.  حقيقة الأمر, نظر قدماء الفقهاء إلى ما قام به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه عين ما أمر به الله, وعليه ذهبوا إلى أنه يتوجب على حاكم الدولة الإسلامية أن يقوم, مرة في العام على الأقل, بدعوة شعب من تلك الشعوب التي لا تؤمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, إلى الدخول في الإسلام, والإيمان بالله, وبأن محمدًا رسول الله, فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم, أما إذا لم يفعلوا فدماؤهم حلال وأموالهم بلال.  يسمح الفقه السني القديم لأصحاب الديانات السماوية من اليهود والنصارى والصابئة بالبقاء على كفرهم مقابل مبلغ بسيط من المال, أما في حالة أصحاب الديانات غير السماوية فليس أمامهم سوى الإيمان بالله, وبأن محمدًا رسول الله, أو الموت.   باختصار, يذهب الفقه السني القديم إلى أن الله قد أباح دماء وأموال من لا يؤمن بالله وبأن محمدًا رسول الله.    لم يحدث يومًا, حسب علمي, أن رفع فقيه سني صوته منبها إلى خطأ ما قام به الصحابة الأجلاء, رضي الله  

  

كان أحمد ماهر, بهذا الشكل, هو أول من “نبه” إلى أن ما قام به الصحابة الكرام هو عمل لا يرضي الله.  إذا كانت المسألة “مسألة دعوة” فليس لنا أن ندعو إلى ربنا إلا *بالحكمة والموعظة الحسنة*, أما تجييش الجيوش والهجوم على خلق الله من غير المسلمين وقتلهم, واستعمال نسائهم جنسيًا, واستعباد أطفالهم, والاستيلاء على ممتلكاتهم فهذا قطعًا مما لا يسمح به الله.   

 

المشكلة فيما يعرضه علينا سيادة المستشار, على أية حال, هي أننا إذا وافقناه على ما يذهب إليه من أن هذه الفتوحات تمثل خروجًا على أوامر الله فسوف نجد أنفسنا في مصيبة أما إذا خالفناه وذهبنا إلى أنها تمثل طاعة لأوامر الله فسوف نجد أنفسنا في مصيبة أكبر.  يعود السبب في ذلك إلى أن القول بأن الصحابة الاجلاء قاموا بفتوحاتهم هذه خروجًا على أوامر الله إنما يعني أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقوموا بفتوحاتهم هذه طاعة لله وإنما طاعة للشيطان على حين أن القول بأنهم قاموا بها طاعة لله إنما يعني أن الله قد أمرنا بقتل من لا يؤمن به, وهو قول لم يقله الله.   القول بأن صحابة رسول الله قد عصوا الله قول صعب لأنه يحول الصحابة إلى جماعة من العصاة, والقول بأنهم أطاعوا أمر الله قول أصعب لأنه افتراء على الله.  لم يأمر الله بقتل من لا يؤمن به. 

 

إذا كان قدماء الفقهاء “لم يدركوا” يومًا أن الله لا يسمح بقتل من لا يؤمن به, فإن كل من يعمل في حقل الفقه الجديد يعلم أن قتل من لا يؤمن بالله وبأن محمدًا رسول الله هو عمل لا يرضي الله.   إذا كان قدماء الفقهاء لم يروا أي مشكلة في قيام الصحابة الأجلاء بقتل خلق الله, وسبي نسائهم, واستعباد أطفالهم, والاستيلاء على ممتلكاتهم من أجل نشر دين الله فإن كل من يعمل في حقل الفقه السني الجديد يعلم أن هذه مشكلة كبرى: هذه أعمال لا يرضى عنها الله.  العجيب في الأمر أن غالب من علق على ما كتبه سيادة المستشار أحمد ماهر وجد صعوبة في إدانة ما قام به الصحابة الأجلاء إدانة صريحة لا مواراة فيها.  شغلت الغالبية نفسها بالبحث عن تبريرات لما قام به الصحابة الأجلاء.  وجد البعض صعوبة في إدانة أعمال وافق عليها, بل وشارك فيها, صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.  وجد البعض الآخر هذا الحديث عن هذه الأحداث تشويهًا للتاريخ.   كان فضيلة الشيخ أحمد المُهري هو الوحيد الذي لم يشغل نفسه بالبحث عن أي مبررات لما قام به الصحابة الأجلاء.  حقيقة الأمر, كان فضيلته هو الوحيد الذي لم يرَ أية مشكلة في الأمر على الإطلاق.  يعود ذلك إلى أن فضيلته, حفظه الله, كان الوحيد الذي رفض قبول هذه القصص من أصله.  هذه قصص قام “الرواة” باختلاقها ونسبتها زورًا وظلما إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

 

في محاولتنا لفهم الحوار الذي دار في مركزنا حول وضع الفتوحات العسكرية التي تمت في القرن الأول الهجري سوف ننظر إلى ما قدمه سيادة المستشار أحمد ماهر من أن هذه الأعمال العسكرية هي أعمال تمت طاعة للشيطان لا طاعة لله.  سوف نقوم بعد ذلك بالنظر في موضوع “المبررات”.  سوف ننظر بعد ذلك إلى الرؤية التي قدمها سيادة الأستاذ عزت هلال والتي ترى فيما قدمه سيادة المستشار تشويهًا للتاريخ الإسلامي.  وأخيرًا, سوف ننظر إلى رؤية فضيلة الشيخ أحمد المُهري والتي لا ترى في الروايات التي وصلتنا عن تلك الحروب سوى روايات لا تختلف كثيرًا عن “سيرة أبو زيد الهلالي سلامه”, أو “تغريبة بني هلال”.  أي روايات تختلط فيها الحقيقة بالخيال, يخطيء من ينظر إليها على أنها أعمال علمية لا مجال فيها للخيال, كما يخطيء من ينظر إليها على أنها أعمال أدبية لا صلة لها بالواقع. 

 

الإدانة

بدأت القصة برسالة قصيرة من سيادة المستشار أحمد ماهر يدين فيها بوضوح تام ما حدث من أعمال عسكرية في القرن الأول الهجري وينبه إلى خطأ النظر إلى الفتوحات التي تمت آنذاك على أنها فتوحات إسلامية وضرورة النظر إليها على أنها فتوحات شيطانية.   يقول سيادته:

“في بلاد الهمج يستبدلون دين الله بدين الطاغوت ثم يظنون بأنهم على شريعة الله.  والفتوحات المسماة بالإسلامية التي يفخر بها العرب خير شاهد على جهل العرب وجهالتهم وظلامية المعاهد الفقهية التي تقوم بتدريس تلك الحقبة الغبية من تاريخ الإسلام.   فالقتال بالإسلام شرعه الله للدفاع فقط وليس للهجوم على الشعوب, وقتل الرجال, ووطء النساء, وبيع الأطفال في أسواق النخاسة, وسرقة الدور والقصور, ثم جلبها للجزيرة العربية بكل فخر, وهم يقسمونها بينهم ويقولون عنها كنوز كسرى وقيصر. ذلك مال حرام, وهجوم حرام, وقتال حرام, وقتل حرام.  هذه أخلاق قطاع الطرق وليست أخلاق الإسلام.  ليس من أخلاق الإسلام  دخول البيوت وجلب الأواني الذهبية, وما خف حمله وغلا ثمنه, وسرقة الدراهم والتحف من القصور, واسترقاق الشعوب, ووطء النساء.  هذه فتوحات شيطانية من أولها لآخرها وليست فتوحات إسلامية. 

 

لم يأمرنا الله أن ننشر الإسلام بإرسال الجيوش وعبور البحار بالدروع ثم نقول وبمنتهى التنطع بأننا ننشر الإسلام أو بأننا نرفع الظلم عن الشعوب, فهذه ترهات وحجج الشياطين مهما قام بها صحابة أو تابعين.  إلا إن أضفنا إلى جهلنا جهلاً آخر ليصير جهلاً مركبًا فنتصور معصومية الصحابة أو التابعين عن أفعالهم في هذا الشأن.

 

آن الأوان لنعلم بأن نبينا لم يقاتل إلا دفاعًا.  وحتى دخوله مكة على رأس جيش كان لاسترداد الدور, والبيوت, والأموال, التي استلبها الكفار من المسلمين حين أخرجوهم بعد اضطهادهم بمكة, فكانت حربًا دفاعية.  ولا يوجد بعصر الرسالة أي عدوان إنما كان صدًا للعدوان, أو قهرًا لمن يعد لعدوان وشيك, وحال, وغير مظنون.  أما الفتوحات فهي دين الهمج الوافدين من همجستان”.   انتهى كلام سيادته

الإدانة واضحة وضوح الشمس في وسط النهار, وأسباب الإدانة لا تقل وضوحًا عن الإدانة ذاتها.  شرع الله القتال دفاعًا عن النفس فقط. 

التأييد

تعليقًا على رسالة سيادة المستشار هذه كتبت رسالة أبيِّن فيها أن سيادته بطرحه هذا قد وضعنا في مأزق, إذ أنا إذا وافقناه على ما يذهب إليه أدنا الصحابة الأجلاء فيما فعلوه, أما إذا خالفناه فيما ذهب إليه فقد ذهبنا إلى أن الله أباح لنا أن نقتل من لا يؤمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله.  وهذا كلام لم يقله الله.  بيَّنت, فيما يتعلق بي, أن هذه حروب لا يمكن ألا يدينها من آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله. كيف لمن آمن بالله ألا يدين حروبًا تعصى ما أمر به الله ؟  أين أمرنا الله أن نقتل من لم يؤمن بالله وبأن محمدًا رسول الله ؟  وأين *من شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء أن يكفر فليكفر* ؟  ثم أين *لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا* ؟  ثم أين *إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء* ؟

 

التبرير

تعليقًا على رسالة سيادة المستشار, أرسل إلينا المفكر الإسلامي الكبير, سيادة الدكتور محمد سلامه, رسالة موجزة يخبرنا فيها, باختصار, أن علينا أن ندرك أن فكرة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وسط الظروف التي كانت سائدة آنذاك إنما هي فكرة “وهمية” حيث إن “الواقع حينها لم يكن ليسمح لأحد بنشر دين مخالف في أناس تحت سلطة تدين بغير هذا الدين وعليه كان من الضروري من أجل نشر دين الله أن تتم إزاحة هذه السلطة أولاً.   حقًا, لم يكتفِ المسلمون بإزاحة السلطة الحاكمة ومن ثم العمل بحرية على الدعوة إلى دين الله وإنما قاموا بالتخليص على الرجال, وسبي النساء, واستعباد الأطفال, والاستيلاء على أموال الناس وممتلكاتهم إلا أن علينا أن ندرك أن ذلك كان هو قانون البشر في حينه وليس قانون الله.  حقيقة الأمر, كما يوضح مفكرنا الإسلامي الكبير, لم يرَ أهل البلاد المفتوحة أي غضاضة فيما فعله المسلمون من قتل, وسبي, واستعباد واعتبروا ذلك أمرًا عاديًا لا مشكلة فيه على الإطلاق.  ينبهنا سيادة الدكتور محمد سلامه إلى أن ما فعله المسلمون هو نفس ما فعله التتار, والصليبون, والمغول. 

 

لا يختلف ما فعله الصحابة الأجلاء, بهذا الشكل, عما فعله هولاكو إلا أن ليس من حقنا أن “نقيِّم” ما فعلوه حسب قيم عصرنا نحن وإنما علينا أن نقيمه حسب قيم عصرهم هم.  كما بين سيادته, كان القتل, والسبي, والاستعباد, والتحريق, والتغريق, والمجنقة, والعرقبة, أمرًا عاديًا للغاية في زمانهم لا يختلف عن شرب البيبسي في زماننا.    حقًا لم يكن للصحابة فقه يرقى إلى مستوى دين الله بحيث يمكنهم أن يفرضوا الفهم الصحيح للدين وليس العرف القائم بين الناس إلا أنه ليس من حقنا أن نلومهم فهم قد اجتهدوا بأدوات عصرهم لنشر دين الله ولم يكرهوا أحدًا على الإيمان أو الخضوع لدينهم.”

 

لتوضيح ما يقصده سيادته أرسل إلينا رسالة تم نشرها تحت عنوان “ترشح الدكتورمحمد سلامه لعضوية مجلس النواب المصري”.  تهدف هذه الرسالة, باختصار, إلى بيان ضرورة أخذ الأوضاع القائمة في المجتمع في الاعتبار عند الحديث عن أي أمر يخص المجتمع.   في حالة المجتمع المصري, على سبيل المثال, لا بد عند الحديث عن الانتخابات إلى أن النجاح في أي انتخاب يتطلب الكثير من الموائد لجذب الناس إلى حضور “المؤتمرات الانتخابية”, والكثير من الزيت والسكر لإطعام من لم يحضر, والكثير من “الهدايا المالية” لإقناع الناس بالذهاب إلى صناديق الانتخاب, والكثير من الوعود “الوهمية” بإعطاء وظائف حكومية للأبناء والبنات, وبناء مدارس, ومستشفيات, وحدائق, وبنايات, وشقق, وفرش عرائس, وكل الطيبات التي يحتاجها الناس الطيبون.  فكرة مناقشة “برنامج الحزب” فكرة وهمية في مجتمع يسود فيه الفقر والأمية, تمامًا مثل فكرة الدعوة إلى دين الله “بالحكمة والموعظة الحسنة”.  هذي وهمية وهذي وهمية.   

 

لا بد من الاعتراف بأني استمتعت كثيرًا برسالة سيادته وأني اقتنعت – طوال قراءتي لمقال سيادته – بما يذهب إليه من ضرورة أخذ “الأوضاع الاجتماعية القائمة” في الاعتبار عند الحديث عن نشر الدعوة إلا أني “غيرت رأيي” بمجرد الانتهاء من قراءته.    محاولة جميلة, “طبعًا”, إلا أن هذا ليس هو ما يريده الله.  وإذا كان هناك من يرى أن هذا هو ما يريده الله فعليه أن “يشرح لنا” كيف يطلب الله من رسول الله أن يدعو إلى دين الله “بالحكمة والموعظة الحسنة”.  إذا كان نشر دين الله في الهند والصين يتطلب ضرب الهند والصين بالقنابل النووية لفتح الطريق “للدعاة” فكيف يطلب منا الله الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ؟  ثم ما هي الحروب التي تم شنها على جنوب شرق آسيا من أجل الدعوة إلى دين الله هناك ؟  ذهبت إلى جنوب شرق آسيا, وعشت في جنوب شرق آسيا, ولم تطأ جنوب شرق آسيا سنابك خيول الجيوش الإسلامية. أبدًا.

 

تعليقًا على رسالة سيادة الدكتور محمد سلامه هذه, أرسل إلينا المفكر الإسلامي الكبير, سيادة الأستاذ الدكتور غسان السامرائي, رسالة يطمئننا فيها إلى أن الفتوحات الإسلامية هي فتوحات مباركة فتح الله بها على أهل البلاد المفتوحة لتمكينهم من دخول الإسلام.  يستدل مفكرنا الإسلامي الكبير على صحة ما قام به المسلمون من موافقة عليّ عليه السلام على هذه الفتوحات المباركة.  يقول سيادته:

“نعم حصلت تجاوزات كبيرة في الفتح، ولكني – وكما ذكرت سابقًا فيما أحسب – معتقد (من خلال سائر الأدلة القرآنية, والحديثية, والتاريخية) أن أقوال الإمام علي (عليه السلام) وأفعاله صحيحة 100%.   وبالتالي فإن وقوفه إلى جنب الخليفة عمر في الفتح بنصائحه التي أخذ الأخير بها.”

 

المسألة, بهذا الشكل, مسألة “بعض التجاوزات”. المسألة لا تتعلق بعصيان أمر الله بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإنما تتعلق ببعض التجاوزات.   وكأن المسألة لا تتعلق بأننا قتلنا أناسًا بغير وجه حق.   وكأن قتل الناس هكذا بغير حق هو أمر أباحه الله.  وكأن الله لم يخبرنا بأن *من قتل نفسًا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعًا*.  أمرنا الله بألا نعتدي على غيرنا وألا نرفع السلاح إلا في وجه من يهاجمنا إلا أن عليًا بن أبي طالب عليه السلام قد وافق على قتل الناس بغير حق وبهذا فهو قتل يباركه الله.

 

يخبرنا مفكرنا الإسلامي الكبير أنه “لو كان الفتح في ذاته غير صحيح فإن من المستحيل أن يوافق عليه علي عليه السلام,  كما أن “من المؤسف أن المسلمين يصيبهم صغار فيهاجمون الفتوحات التي نشرت الدين على ما فيها من تجاوزات.”  كما يخبرنا بأن لنا “الحق في النقد وإدانة أي تصرفات غير شرعية ولا إنسانية، ولكن أولاً  بأدوات مناسبة للعصر, وثانيًا, دون ضرب مبدأ القضية, وهو نشر الدين.”

 

ويعود السؤال :  هل قام الصحابة الأجلاء, رضي الله جل جلاله عنهم جميعًا وأرضاهم, بهذه الفتوحات طاعة لله سبحانه وتعالى ؟   هل يبيح دين الله الهجوم على خلق الله من الكفار, الوثنيين, عبدة الأصنام, أو عبدة الصراصير وقتلهم إذا لم يعلنوا إيمانهم بالله, وبأن محمدًا رسول الله ؟   دعني أبسط القضية إلى أبسط حد. دعنا نتخيل.

 

لو حدث وقام مركز تطوير الفقه الاسلامي بتنظيم حملة للدعوة إلى دين الله تتجنب التجاوزات التي تمت في الفتوحات الإسلامية قام فيها بدعوة جمعية الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولية وكافة منظمات حقوق الإنسان عبر الكرة الأرضية لإثبات احترام “الحملة” لحقوق الإنسان, والمرأة, والطفل.  لو قامت هذه الحملة بجمع أطباء, ومدرسين, ومهندسين من كافة أنحاء العالم الإسلامي لبناء أفريقيا جديدة بتمويل من الخليج العربي, وتركيا, وماليزيا.  وعليه اتجهت الحملة إلى وسط أفريقيا ولم تفعل أكثر من أنها ذبحت كل كافر وثني لا يؤمن بالله وبأن محمدًا رسول الله هل يمكن لمفكرنا الإسلامي الكبير سيادة الأستاذ الدكتور غسان السامرائي أن يخبرنا أن هذا شيء يبيحه دين الله ؟   هل يبيح الله قتل الكفار, الوثنيين, عبدة الأصنام, والفئران, والأبقار ؟  

 

الرفض

تعليقًا على رسالة سيادة المستشار أحمد ماهر, أرسل إلينا سيادة الأستاذ عزت هلال رسالة يدين فيها ما قام به سيادة المستشار من إدانة الفتوحات الإسلامية.  يعتمد رفض سيادته لإدانة هذه الفتوحات على عدد من الأسباب.  من ذلك:

  • أن هذا كان هو سلوك العالم كله وعليه فلا بد من محاكمتهم حسب المعايير السائدة في عصرهم, و

  • أن ما فعله الصحابة الأجلاء أفضل مما تفعله أمريكا وإسرائيل حاليا, والفرس والرومان قديما, و

  • أن الهدف الأساسي لهذه الحملات كان تحرير البشر من عبادة غير الله فيكونوا أحرارًا يمكنهم أن يختاروا عبادة الله الواحد أو لا يختاروه, و

  • أن الإسلام أقام قيمًا حافظ عليها الناس إلى يومنا هذا في معاملة الأسرى وآداب القتال, و

  • في مصر لم يهاجم المسلمون الوثنيين وتركوهم لعبادتهم بل عقدوا معهم حوارات ونقاشات غاية في الإبداع, و

  • أخيرًا, يطلب منا مفكرنا الإسلامي الكبير أن نتعلم قبل أن نحكم ونعلم الناس أفكارًا خاطئة.

 

ويعود السؤال, مرة أخرى: هل يعني ما يقوله سيادته هذا – على افتراض صحته – أن الصحابة الأجلاء,  رضي الله جل جلاله عنهم جميعًا وأرضاهم, قاموا بهذه الفتوحات طاعة لله سبحانه وتعالى ؟   هل يبيح دين الله الهجوم على خلق الله من الكفار, الوثنيين, عبدة الأصنام, أو عبدة الصراصير وقتلهم إذا لم يعلنوا إيمانهم بالله, وبأن محمدًا رسول الله ؟  

 

 

التأييد مرة أخرى

قرأ فضيلة الشيخ أحمد المُهري رسالة سيادة المستشار أحمد ماهر التي يصف فيها الفتوحات الإسلامية بأنها فتوحات شيطانية, فكتب رسالة يؤيد فيها ما ذهب إليه سيادته بعبارات واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.  من ذلك:

  • لنعم ما قاله سيادة المستشار أحمد ماهر حول ما نال الغزاة الفاسدين من أموال وأعراض الذين غزوهم: فهو مال حرام, وهجوم حرام, وقتال حرام, وقتل حرام. لا أشك في صحة هذا الكلام كما لا أشك في أن الله تعالى غفور رحيم وأن محمدًا على خلق عظيم.  لم يأمرنا الله تعالى بأن ندعو إلى دين الله, ولم يسمح لنا بأن ندخل بيوت الناس وأوطانهم عنوة لنفتحها فتحا مبينا, و  

  • الفتوحات الإسلامية هي عين فتوحات المغول وغيرهم من مجرمي الأرض ولكنها باسم الإسلام. أضفوا عليها صبغة الإسلام ظلمًا وعدوانا. الذين قاموا بالفتوحات أناس مجرمون, هتكوا الحرمات, وأدخلوا الرعب في قلوب الآمنين, وسرقوا أموال الناس, ونساءهم, وأبناءهم, وقتلوا الآباء ظلمًا, وعدوانا, وغدرًا.   إنهم ليسوا مسلمين إلا بالإسم, ولا قيمة للإسلام الإسمي.   إنهم لصوص, وقتلة, وأعداء البشر الذين يحبهم الله فهم أعداء الله تعالى, و  

  • لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهدوا في سبيل الله تفلحوا. الجهاد مع العدو يجب حينما يهاجم العدو ولكن المسلمين من أيام الأمويين حتى يومنا هذا يخلقون أعداء لهم ليحاربوهم فيفوزوا بالشهادة أو النصر. هذه مهزلة وليس دينا ولا جهادًا في سبيل الله كما يزعمون.

 

لم يكتفِ شيخنا الفاضل ببيان أن هذه الحروب إنما هي حروب شنتها مجموعة من المجرمين تحت غطاء الإسلام زورًا وبهتانا, وإنما بيَّن كذلك أن الله “لم يطلب” منا أصلاً أن يدعو أحد منا إلى الله.  يقول فضيلته:

  • نحن كمسلمين نحب أن نرى الناس جميعا مسلمين ولكن هل من حقنا أن ندعوهم للإسلام وإن لم يستجيبوا لنا نعتبرهم فاسقين ؟ أرجو أن نقرأ كل آيات الدعوة في كتاب الله فهي كلها أوامر فردية للرسل وليس لنا, و  

  • أمر الله تعالى رسوله وليس غيره في سورة النحل:*ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ* 125

  • هناك آية واحدة في سورة فصلت قد تُفسر بأن الله تعالى يرضى أن ندعو إليه فلنقرأها معا: *وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ* 33  

هذه الآية الكريمة تتحدث عن رسول الله نفسه بأنه أحسن من غيره قولا لأنه يدعو إلى الله ويعمل صالحًا ولا يتكبر على المسلمين بل يعتبر نفسه واحدا منهم لكننا نريد أن نفترضها آية عامة تسمح لنا بأن ندعو غيرنا إلى الله تعالى, و  

يشير فضيلته إلى أن الدعوة إلى الله, كما تبين الآية الكريمة, لا تقتصر على “القول” وإنما تضم “العمل”. أي أن الداعية إلى الله إنما يدعو إلى الله بقوله وعمله, و 

  • ليس هناك منع من الدعوة إلى الله تعالى في القرآن ولكن ليس هناك أمر صريح لنا لندعو إلى الله تعالى. ولعل السبب هو أن الدعوة إلى الله تعالى أمر في غاية الخطورة.

 

الدعوة إلى الله, إذن, هي أمر اختص الله به رسله الكرام.  لم يطلب الله من أحد منا أن يدعو الناس إليه.  ليس هناك ما يمنع, على أية حال, أن يقوم واحد منا بالدعوة إلى الله إلا أن الدعوة إلى الله ليست أن “نقول الكلام” وإنما أن “نعمل العمل”.  على من يريد أن يدعو إلى الله أن يعلم أن المسألة ليست أن يكون رجلاً بليغًا, جزيلا, فصيحًا, واضح العبارة, جلي البيان, تتراص كلماته جوار بعضها البعض وكأنها حبات لؤلؤ يفصل بينها ألماس, وإنما المسألة مسألة عمل صالح.    وإذا كان شيخنا الفاضل مصيبًا فيما يذهب إليه من أن هذا هو قوام الدعوة إلى دين الله, وهو مصيب, فإن من قاموا على أمر الفتوحات الإسلامية كانوا أبعد ما يكون عن أمر الدعوة إلى الله وإنما كانوا – بتعبير فضيلته حرفيًا – غزاة, فاسدين, مجرمين, لصوصًا وقتلة هتكوا الحرمات, وأدخلوا الرعب في قلوب الآمنين.  سرقوا أموال الناس, ونساءهم, وأبناءهم, وقتلوا الآباء ظلمًا, وعدوانا, وغدرًا. لم يكونوا مسلمين إلا بالإسم, ولا قيمة للإسلام الإسمي. خلقوا أعداء لهم ليحاربوهم فيفوزوا بالشهادة أو النصر وما كان هذا دينًا ولا جهادًا في سبيل الله كما يزعمون وإنما كان مهزلة.   لا أعتقد أن تم وصف الفتوحات الإسلامية يومًا بمثل هذه الصفات.  إلا أن هذا هو ما حدث.

 

وأخيرًا, يحذرنا فضيلته من نسبة هذه الأعمال المشينة إلى المهاجرين والأنصار.  يقول فضيلته:

  • نحن لا نحتاج إلى أن نقول بأن عمرًا فتح إيران ولو لم نقل ذلك فلن يتأثر ديننا وعقيدتنا بالله على حين أننا إذا قلنا ذلك فقد نكون آثمين. كيف يُجيز المسلم أن يسرق كنوز كسرى ويفرض إتاوات على الشعب الفارسي ؟   بأي حق يفعل ذلك ؟   لذلك, فأنا دائما أوصي إخواني وأخواتي بأن يحذروا من أن ينسبوا شيئا من ذلك إلى المهاجرين الأولين رضي الله عنهم أجمعين. لذلك, وإكراما للمهاجرين الأولين الذين مدحهم الله تعالى دون استثناء فإنني أتورع عن أن أنسب إليهم ما هو غير صحيح برأيي.   

  • من الأفضل, إكرامًا لهم, ألا نقول بأن أبا بكر فعل ذلك, أو أن عليا فعل ذلك, أو ننسب الفتوحات إلى عمر. إن تاريخنا ليس صحيحًا والذين كتبوا التاريخ هم المجرمون السفاكون من بني العباس. من الأفضل أن نُكذب التاريخ – الذي هو كاذب بالفعل – ولا ننال من شرف أفضل صحابة رسول الله عليه السلام.  

  • لا أظن بأن نظرة المهاجرين الأولين الذين حكموا بعد رسول الله لعدة عقود كانت تختلف عن نظرتهم أيام رسول الله. التاريخ يكذب وليسوا هم الذين غزوا بلاد الناس. كان الملوك الأمويون والعباسيون راغبين في سرقة البلدان ولذلك نسبوا الكثير من المغازي إلى المهاجرين الأول.

 

خالص الشكر, والتقدير, والإعزاز لشيخنا الفاضل, فضيلة الشيخ أحمد المُهري, أطال الله عمره, ومتعه بالصحة والعافية, وأفادنا وأفاد البشرية بعلمه.  وإن هذا لهو الإسلام.  لم يتردد فضيلته في وصف الفتوحات الشيطانية بأوصافها الحقيقية, وبين لنا استحالة أن تكون هذه الشنائع هي سبيل الدعوة إلى الله, وأراحنا وأراح قلوبنا عندما نبهنا إلى أن القصة من أولها إلى آخرها قصة مختلقة.  يستحيل أن يقوم أبو بكر الصديق, صديق رسول الله الصدوق, على أمر كل هذا القتل, والنهب, والسلب, والاغتصاب, والاستعباد.  هذا أمر مستحيل. تمامًا مثلما يستحيل أن يقوم به عمر الفاروق أو علي عليه السلام, أو أي من صحابة رسول الله الكرام.  هذه شنائع يستحي منها المغول.  هذا تاريخ مكذوب, وهذه أقوال لا يقول بها إلا أعداء الإسلام ولا يصدقها إلا أعداء الإسلام.  كيف لمن آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, أن يصدق أن هذا هو ما فعله صحابة رسول الله. 

 

  • تاريخنا ليس صحيحًا والذين كتبوا التاريخ هم المجرمون السفاكون من بني العباس.

  • من الأفضل أن نُكذب التاريخ – الذي هو كاذب بالفعل – ولا ننال من شرف أفضل صحابة رسول الله.

  • التاريخ يكذب وليسوا هم الذين غزوا بلاد الناس.

  • كان الملوك الأمويون والعباسيون راغبين في سرقة البلدان ولذلك نسبوا الكثير من المغازي إلى المهاجرين الأول.

 

 

الرفض مرة آخرى

تعليقًا على رسالة سيادة المستشار أحمد ماهر والتي ذهب فيها إلى أن الفتوحات الإسلامية ما هي, في حقيقة الأمر, إلا فتوحات شيطانية, أرسل إلينا سيادة الأستاذ عزت هلال ثلاث رسائل يدين فيها ما قام به سيادة المستشار من إدانة الفتوحات الإسلامية.   

 

الرسالة الأولى

يشير مفكرنا الإسلامي الكبير في الرسالة الأولى إلى أن الحديث عن “الفتوحات الإسلامية” إنما هو حديث عن ماضٍ مات وإلى أنه بدلاً من توجيه السهام إلى ماضٍ مات علينا بالتنديد بأمريكا.   لا يحتاج المرء هنا إلى أكثر من أن يسأل عن داعش.  وماذا عن داعش ؟  هل تؤمن داعش بأن الله لم يطلب منا قتل من لا يؤمن بالله أم أنها تؤمن بأن من لا يؤمن بالله فلا حق له في الحياة ؟    فكرة قتل الكفار فكرة أساسية في الفقه السني القديم.  حقيقة الأمر, لا يستطيع الفقه السني القديم أن يبقى على قيد الحياة أكثر من دقائق بدون فكرة قتل الكفار.   لا يحتاج الأمر هنا إلى أكثر من الإشارة إلى أثر ذلك على أحكام القتل الخاصة بعدم الإيمان بأي دين من الأديان السماوية, وعدم دفع الجزية لمن آمن بدين من الأديان السماوية, وعدم قبول الإهانة عند دفع الجزية, والخروج من الإسلام, والخروج من المسيحية إلى اليهودية, و الخروج من اليهودية إلى المسيحية, و سب الرسول صلى الله عليه وسلم, وسب أي من الصحابة رضي الله عنهم, و زنا المحصن, وترك الصلاة, و ترك الوضوء, والإصرار على الجهر بالنية عند الصلاة, والامتناع عن دفع الزكاة, والامتناع عن دفع الدين مع القدرة, والامتناع عن إعطاء الماء للحيوانات المحترمة, وغيره كثير.   كيف يمكنك قتل تارك الصلاة إذا كان لا يمكنك قتل الكفار أصلاً.    يموت الحديث عن الفتوحات الإسلامية عندما يموت الحديث عن واجب المسلمين في قتل من لا يؤمن بالله.  يموت الحديث عن الفتوحات الإسلامية عندما يقبل المسلمون فكرة أن هذه الفتوحات لم تتم طاعة لأوامر الله وإنما عصيانًا لأوامر الله.  يموت الحديث عن الفتوحات الإسلامية عندما يفعل المسلمون ما فعله سيادة المستشار أحمد ماهر وفضيلة الشيخ أحمد المُهري عندما أدانا بدون تحفظ الأعمال الإجرامية التي ألصقت ظلمًا وزورًا بدين الله. 

 

الرسالة الثانية

يشير الأستاذ عزت هلال في الرسالة الثانية إلى ست نقاط ويثير ثمان أسئلة. 

  بداية, يشير مفكرنا الإسلامي الكبير إلى التالي:

  1. أن سيادة المستشار أحمد ماهر قد فتح النيران على تاريخه ليشوهه, و

  2. أن هناك أخطاء ولكن حالنا الآن أسوأ ما يكون, و

  3. أن الحروب التي تشنها أمريكا على البلاد الإسلامية هي الصورة الجديدة للحروب الصليبية بل هي حروب توراتية, و

  4. أن أمريكا لا تحارب باسم الدين, و

  5. أن عصور التخلف أصابت المسلمين لأسباب أخرى غير ما يتحدث عنه سيادة المستشار, و

  6. أن ما يقوله سياسة المستشار ما هو إلا تشويش لرجل لا يعلم وليس دراسة علمية يمكن نقدها.

 

يطالب مفكرنا الإسلامي الكبير سيادة المستشار بالتالي:

  1. أن يقرأ التوراة من أجل أن يعلم ما هي الحروب التوراتية, و

  2. أن يقارن العصر الروماني بالعصر الإسلامي.

 

يطرح مفكرنا الإسلامي الكبير على سيادة المستشار ثمان أسئلة يطالبه بالإجابة عليها.  هذه الأسئلة هي:

  1. هل يعلم سيادة المستشار بالحروب الصليبية التي شنتها أوروبا على المنطقة العربية ؟

  2. من هم المبشرون بالجنة ؟

  3. هل أجبر المسلمون أحدًا على دخول الإسلام ؟

  4. هل يعرف كيف انتشرت المسيحية في مصر ؟

  5. هل يعرف أن أصحاب الديانات الأخرى- حتى مسيحيي مصر – لم يسلموا من بطش الرومان؟

  6. هل سمع عن الفيلسوفة المصرية هيباتيا ؟

  7. لماذا انتشر الإسلام في مصر بعد أكثر من 250 سنة من دخول العرب لمصر ؟

  8. هل يعلم أن الجزية كانت تفرض على المقاتلين فقط في عصر الصحابة ؟

 

لا يحتاج الأمر إلى بيان أننا هنا نتحدث عما إذا كان “خالق الكون” قد طلب من المسلمين قتل من لا يؤمن بالله أم أن أئمتنا العظام قد أساؤوا الفهم عندما تخيلوا أن من لا يؤمن بالله فلا حق له في الحياة.  المسألة, بهذا الشكل, لا علاقة لها بأمريكا.  وعليه,

عندما يخبرنا مفكرنا الإسلامي الكبير سيادة الأستاذ عزت هلال بأن سيادة المستشار أحمد ماهر قد فتح النيران على تاريخه ليشوهه فماذا يقصد سيادته بالضبط ؟  كل ما قاله سيادة المستشار هو أن الفتوحات التي تمت في القرن الأول الهجري, والمعروفة باسم الفتوحات الإسلامية, ما هي, في حقيقة الأمر, إلا فتوحات شيطانية حيث قام القائمون على أمرها بأعمال إجرامية تتعارض تعارضًا تامًا مع ما جاء في كتاب الله.  كيف نفتري على الله أنه أمر بقتل كل من لا يؤمن بالله ؟   أين التشويه ؟ 

 

أيضًا, عندما يخبرنا مفكرنا الإسلامي الكبير بأن ما يقوله سيادة المستشار ما هو إلا تشويش لرجل لا يعلم وليس دراسة علمية يمكن نقدها, فماذا يقصد “بالضبط” ؟   أين الخطأ ؟  وأين التشويش ؟  ثم أين الخطأ ؟  هذا مقال لم يصدر مثله عبر أكثر من ألف عام.   مرة أخرى, إذا كان هناك من يعلم عن مقال وصف الفتوحات الإسلامية بأنها فتوحات شيطانية فسوف أكون شاكرًا غاية الشكر لو أرسل إلينا هذا المقال.  وإذا كان هناك من “يتخيل” أن الفتوحات الإسلامية لا تتعارض تعارضًا واضحًا, صريحًا, جليًا, ظاهرًا, مع كتاب الله فليكتب إلينا, حياه الله, مبينًا أين قال الله أن من لا يؤمن بالله فلا حق له في الحياة.  أين الخطأ ؟  ثم أين التشويش ؟ 

 

الرسالة الثالثة

يشير مفكرنا الإسلامي الكبير في الرسالة الثالثة إلى التالي:

  • أن ما فعله الصحابة الأجلاء أفضل مما تفعله أمريكا وإسرائيل حاليا, والفرس والرومان قديما, و

  • أن هذا كان هو سلوك العالم كله وعليه فلا بد من محاكمتهم حسب المعايير السائدة في عصرهم,و

  • أن الهدف الأساسي لهذه الحملات كان تحرير البشر من عبادة غير الله ليكونوا أحرارًا يمكنهم أن يختاروا عبادة الله الواحد أو لا يختاروه, و

  • أن الإسلام أقام قيمًا حافظ عليها الناس إلى يومنا هذا في معاملة الأسرى وآداب القتال, و

  • في مصر لم يهاجم المسلمون الوثنيين وتركوهم لعبادتهم بل عقدوا معهم حوارات ونقاشات غاية في الإبداع, و

  • أخيرًا, يطلب منا مفكرنا الإسلامي الكبير أن نتعلم قبل أن نحكم ونعلم الناس أفكارًا خاطئة.

 

وعليه, وباختصار,

  1. حمدًا لله أن ما فعله الصحابة الأجلاء أفضل مما تفعله إسرائيل, و

  2. حمدًا لله كذلك أن ما فعله الصحابة الأجلاء أفضل مما فعله هولاكو, و

  3. النقطة الثالثة “خطأ”. لم يكن الهدف الأساسي لهذه الحملات تحرير البشر من عبادة غير الله ليكونوا أحرارًا يمكنهم أن يختاروا عبادة الله الواحد أو لا يختاروه.   كان الهدف الأساسي هو الحصول على المال والنساء.  أما موضوع أن يختاروا عبادة الله الواحد أو لا يختاروه, فهو موضوع “لطيف”.  لم يكن “الخيار” يوما بين أن تؤمن بالله أو أن لا تؤمن بالله, وإنما كان دومًا بين أن تؤمن بالله أو أن تموت.  كان هذا هو “الاختيار” الوحيد.

  4. إذا كان مفكرنا الكبير يقصد بـ”الإسلام” ما جاء في كتاب الله, فهذا صحيح. أما إذا كان يقصد ما جاء في كتب الفقه السني القديم, فهذا غير صحيح.   يبيح الفقه السني القديم “للإمام” أن يطلق سراح الأسرى مقابل مبلغ من المال, أو بدون مقابل, أو استعبادهم, أو قتلهم.  أما بالنسبة لـ”آداب” القتال فيمكن للقاريء الرجوع إلى أي كتاب من كتب الفقه السني القديم وقراءة “باب الجهاد” ليرى ما هي “آداب القتال” في الفقه السني القديم.  أدعو الله أن يحمينا, وكل الناس, من مؤمنين, وكفار, وملحدين, من “آداب قتال” الفقه السني القديم.  اللهم ما لنا إلا سواك.  اللهم اغفر لنا ولكل الناس, وارحمنا وارحم كل الناس, ولا ترينا ولا تري أحدًا من الناس “آداب قتال” الفقه السني القديم.

  

خالص الشكر لمفكرنا الإسلامي الكبير, سيادة الأستاذ عزت هلال, على كريم رسالته.  الفكرة الأساسية التي نناقشها هي ما إذا كان الفقه السني القديم مصيبًا فيما ذهب إليه من أن من لا يؤمن بالله فلا حق له في الحياة ويتوجب على المسلمين قتله.

 

وإن الحمد لله, والشكر لله, على ما آتانا وما لم يؤتنا, وما أعطانا وما لم يعطِنا.

13 يناير 2015

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.