الحكم الاخلاقي لدى الطفل -10

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

PUNISH3.jpg

 

الحكم الأخلاقي لدى الطفل   – 31

والآن ننتقل إلى الأطفال الذين يعتبرون العقوبة التبادلية أكثر عدلاً.

جيو Geo (7) القصة 1 – أي العقوبات الثلاث أعدل؟ – ألا أساعده.  – لماذا ؟  – لأنه  لم يساعد من في البيت فليعامل بالمثل.   – وإذا كان أبوه لم يفكر في هذه العقوبة فأي العقوبات تكون أعدل؟  – ألا يسمح له بالتجوال … أوه لا.  أن يحرم من العشاء لأنه لم يساعد أمه ولذلك ينبغي ألا يتناول أي عشاء.   – أي العقوبات الثلاث أقل عدلاً؟  – تلك الخاصة بمنعه عن التجوال.  – لماذا؟  – لأنه كان يتطلع إليه.   (القصة 3)  – أيها أعدل؟  – أن يدفع قيمة زجاج النافذة.  – لماذا كانت أعدل؟  – لأن معناها أن يدفع قيمته مرة واحدة (أي يعيد الأشياء إلى وضعها الصحيح).   – ولو صرفنا النظر عن هذه العقوبة فأيها يكون أعدل؟  – أن نتركه في الحجرة المكسورة الزجاج فذلك يعلمه ألا يكسر النوافذ.  – وأي العقوبات أقلها عدلاً؟  – أن نأخذ منه لعبه بضعة أيام.   – وأيها أشد قسوة؟  – أن نمنعه من اللعب.

 

ديزار Desar (7.5) القصة 1  – أي هذه العقوبات أعدل؟  – ألا يعطى أي خبز.   – لماذا كانت هذه الأعدل؟  – لأنه لم يذهب لإحضاره.   – وأي هذه العقوبات الثلاث أقسى؟  أي التي درجة رغبته فيها أكثر؟  – أن يحرم من التجوال.  – إذن أيها أعدل؟  – ألا يعطى أي طعام.  – ولماذا تظن أن هذه أعدلها.    – لأنه لم يذهب لإحضار الخبز.  فديزار Desar منتبه إلى علاقة السبب بالمسبب التي تدخل في هذه العقوبات, ولكنه لم ينجح في أن يجعل هذه العلاقة واضحة.    القصة 2   – الأعدل ألا نصدقه بعد ذلك.   – لماذا ؟  – لأن عدم تصديقه بعد ذلك صحيح تمامًا منذ كذب على معلمه.   القصة 3   – أيها تظن أعدل؟    – أن يدفع ثمن زجاج النافذة.  – لماذا؟  – لأن ليس من العدل أن يدفع الأب.   – ما هي أشد العقوبات كرها عند الولد الصغير؟   هل هي أن يدفع ثمن الزجاج أو أن يقيم في حجرة باردة؟  – أن يكون زجاج نافذته مكسورا.   (أي يبرد)  القصة 5  – أيها أعدل؟   – أن تكسر إحدى لعبه؟  – لماذا كانت هذه هي الأعدل؟  – كسر إحدى لعبه لأنه كسر الإناء.   – وأي هذه الثلاث يكرهها أكثر؟ – أن يذهب ويحضر نباتًا من الغابة.  – وأيها أعدل؟  – أن تكسر إحدى لعبه.   وسنرى أن ديزار Desar يميل نحو فكرة التبادلية خلال استجوابه حتى في الحالة المتناقضة في القصة 5.

 

برج Berg (8) القصة 1   – ينبغي ألا يسمح له بالتجوال.  – وهل يكون ذلك أعدل العقوبات؟  – لا ليس هذا عدلاً.  كان ينبغي أن تكون اللعبة التي لم يستطع الوصول إليها (فلا يعان على الوصول إلى اللعبة فوق الدولاب) فمن لم يعاوِن ينبغي ألا يعاوَن.   – وهل هذه أحسن العقوبات؟  – نعم, فإنه لم يعاوِن فينبغي ألا يعاوَن.

 

بوم Boum القصة 1  – الأخيرة هي الأحسن, فما دام الولد لم يعاون فإن أمه ينبغي أن تعامله بالمثل.   – أي العقوبتين الأخيرتين أعدل؟  – ألا يعطى أي طعام فلا يكون لديه ما يتعشى به لأنه لم يساعد أمه.  – والأولى؟   – إنها أقلها من جهة استحقاقه لها, ولم يهمه, فمازال قادرًا على أن يلعب بلعبه (قد يستمر معاونته عن طريق البحث عن لعبه وإعطائها له) وسوف يجد خبزًا في المساء.   القصة 6  – لن أتسبب في جعل كتاب صوره قذرًا هو أعدل العقوبات. وإنما أعمل له مثل ما عمل هو.   – وأي العقوبتين الأخيرتين أعدل؟  – ألا أعيره الكتاب مرة أخرى لأنه قد يعمل بعض بقع حبر مرة أخرى.  – وما رأيك في العقوبة الأولى منعه من الذهاب للسينما؟  – هذه أقل العقوبات عدلاً فلن تفعل لكتاب صوره شيئًا فلن ينال كتابه أي تغيير وليس له أي صلة بالكتاب.

 

ديك Dec (9.5) القصة 1  – الأعدل هي العقوبة المتصلة باللعبة.  – ولماذا؟  – نظرًا لأنه لم يساعد أمه ولذا لم تعاونه أمه.

 

ريد Rid (10) القصة 1  – الأحسن هي تلك الخاصة باللعبة لأنها تريه إلى أي حد يحب أن يعاونه الناس.  – وأيها أعدل؟  – تلك الخاصة باللعبة لأن أمه قد فعلت معه نفس الشئ الذي فعله هو من قبل.  القصة 2  – أيها أعدل؟  – تلك الخاصة بمرضه ذلك أنه ما دام قد قال ذلك (إنه مريض) فلابد أن نصدقه. وأي الاثنتين الأخريين أعدل؟  – تلك الخاصة بالمنحة المالية.  فنظرًا لأنه يحب هذه الجائزة وقد كذب ولذلك ينبغي ألا تصدقه مرة أخرى.   – وما رأيك في الأولى؟  (نسخ 50 مرة)   – هذه عقوبة ثقيلة نوعًا.  –  وأي الثلاث أعدل؟  – اثنتان منهما عادلتان قليلاً أو كثيرًا.  إحداهما تلك الخاصة بادعائه المرض وتلك الخاصة بعدم تصديقه. ” القصة 6 ”  – أيها أعدل؟ – ليست تلك الخاصة بالسينما لأنها أميل إلى القسوة بالنسبة لعمل بقع حبر.  – وما رأيك في الأخريين؟ – تلك الخاصة بعمل بقع في كراسة صوره  ….. فمن الصحيح أن تعمل له مثل ما عمل.

 

نوس nus القصة 1   – كنت أصفعه.  – ولكن الأب فكر في ثلاث عقوبات (وأخبرته بها) فأيها أعدل؟   – ألا أعاونه.  – هل تظن أن هذا أعدل من صفعه؟  – أعدل.  – ولماذا؟ (سكت قليلا)  – لأن في هذا لاعمل نفس الشئ الذي فعله هو.  – وما أعدل العقوبتين الأخريين؟  – ألا أعطيه خبزا.  – لماذا؟  – لأنه لم يحضر شيئًا منه.

 

روى Roy (11) القصة 1   – أي العقوبات أعدل في نظرك؟  – ألا أساعده فذلك عدل.  – ولماذا كانت هذه العقوبة؟  – لأنها عمل نفس الشئ.   “القصة 2”   – العدل هو ألا يصدق الإبن لأنه كذب, فقد كذب مرة ولذلك فسيكذب دائمًا.   “القصة ”  – ألا تعنى بكراسة صوره ما دام لم يأخذ حذره.  “القصة 7”   –  كنت أكتب خطابًا ما دام هو قد كتب خطابًا أيضًا.

 

بوه Buth (12.5) “القصة 1 ” – أي العقوبات أكثر عدلا؟  – تلك الخاصة بعدم إعطائه خبزًا للمساء.   – لماذا؟  – لأنه لم يذهب ويحضر شيئًا منه.  – أي العقوبات ترى أنه يكرهها أكثر؟ – حرمانه من التجوال.   – والأعدل؟  – ألا يعطى أي خبز.   – هل عقوبة الحرمان من التجوال عادلة كعدل العقوبة الأخرى أو أقل عدلاً, ولماذا؟   – لأنك لن تعاونه (فعقوبة منع التجوال أقل عدلا) لأنه لا صلة بين الخبز ومنع التجوال.  “القصة 2″  – أي عقوبة في نظرك أكثر عدلا؟  – أن ألزمه سريره. – لماذا؟  – لأنه حاول أن يقنعهم بأنه مريض.   – وأي الأخريين أكثر عدلا؟   – ألا يُصدق مرة أخرى – لأنه كذب.  – ما هي العقوبة التي لا صلة لها؟  – نسخ مسألة خمسين مرة.   – وأيها أكثر صلة؟  – إجباره على البقاء في السرير.  – وما رأيك في اقتراح رابع وهو ألا يعاقب بالمرة؟  – ينبغي أن يعاقب. ” القصة 4 ”  – أكثر العقوبات عدلاً هو أنه ينبغي أن يعطي إحدى لعبه للولد الصغير.  – هل اخترت هذه لمجرد أنها مرت بذهنك أو لأنها تبدو لديك أكثرها عدلا؟   – لقد أخذ لعبة من الولد الصغير فمن الحق إذن أن يعيد إليه لعبة أخرى.

 

من هذا يتبين إلى أي حد اختلفت إجابات هؤلاء الأطفال عن إجابات المجموعة السابقة، فقيمة العقوبة لم تعد تقاس بمقدار قسوتها, والنقطة المهمة أن تعمل للذنب شيئًا شبيها بما فعله هو نفسه حتى يدرك نتائج أعماله, أو تعاقبه بوساطة النتائج المادية المباشرة لسوء تصرفه كلما أمكن ذلك.  والعقوبة التبادلية الخالصة أصبح لها مركز سام في نظر الطفل حتى إنه ليطبقها حتى في الأحوال التي تبدو لها على حدود الانتقام السخيف كما في حالة كسر لعبه ( القصة 5 ).  وعلة ذلك, كما سنرى فيما بعد,أنه فيما بين السابعة والعاشرة نجد أن المساواة الخالصة بكل ما فيها من وحشية تتفوق على العدل.  

 

ومع ذلك فإن مشكلة التفسير ما زالت قائمة.   فهل الإجابات التي أتينا بها من قبل لها أي معنى أخلاقي أم أنها ترتبط فقط بذكاء الطفل؟  فقد يظن أن الطفل يعتبر الأسئلة التي أعطيت له هي مجرد اختبار ذكاء ولذلك فهو يبحث من بين العقوبات المقترحة عن تلك التي لها بعض العلاقة بالحادث نفسه.  وقد طلب إليه أن يختار، وبمعنى آخر فهو يفكر تقريبًا على النحو التالي : “إنهم يعرضون علينا ثلاث عقوبات ولذلك فهناك خدعة في ناحية ما من هذا ونحن نجد أن بعضها مرتبط بالحادث والبعض غير مرتبط به فليكن اختيارنا منصبًا على تلك الأكثر تشابهًا بالعمل السيء ولننظر بعد ذلك ما إذا كانت تلك هي الإجابة التي يطلبونها”.   وبذلك يكون الاختيار من إملاء الذكاء وحده ولا يرتبط بأى إحساس بالعدل.

 

ولكن ولو أن تداخل هذا العامل لا يمكن طبعًا التخلص منه في الحوار ولكنا نعتقد أن نغمة الإجابات ذات صفة أخلاقية أولاً وقبل كل شيئ, فحين قارن جيو GEO القصة (1) بين العقوبات التبادلية والعقوبات التكفيرية أكد بكل وضوح أن الأولى عادلة بينما الأخيرة قاسية, ثم نلاحظ أيضًا مناقشة ديك Dec القصيرة التي أقيمت على أساس قاعدة على درجة كافية من المعقولية.  أما عن الحالات الباقية فليس تتبعها وحده هو الذي سوف يقنعنا بتزايد أهمية فكرة التبادل والمساواة بين الأطفال فيما بين 7 و 12 ولكن الخبرة التربوية في هذه الفترة تدلنا على الطريقة التي يستجيب بها الطفل في حياته اليومية.   والآن بدون أن نميل إلى تفضيل نظام تربوي أخلاقي دون آخر فإنا هنا نتحدث كعلماء نفس لا كعلماء تربية, فإنه يسود لدينا فكرة أن المدربين الذين يرون أن مثلهم الأعلى هو إقامة تعاون فوق القسر ينجحون في تحقيق غرضهم دون استخدام العقوبات التكفيرية وبذلك يبرهنون على أن الأطفال يلمون تمامًا بمعنى العقوبة التبادلية حتى إذا كان التانيب وعمليات المنع (أخذ شيء من الطفل كان على وشك أن يكسره) غالبًا ما تفسر بالضرورة بأنها عقوبات تكفيرية, إلا أن الطفل كلما كبر كلما تحسنت قدرته على إدراك قيمة المقاييس التبادلية, ونحن نعتقد دون أن نميل لتأكيد هذه النقطة أن الإجابات التي حصلنا عليها أثناء حوارنا ترتبط بعواطف جربها الطفل فعلاً إما عن طريق أنه برهن لنفسه على سلامة بعض العقوبات التبادلية أو عن طريق شعوره بالشك في كثير من العقوبات التكفيرية وبذلك أصبح أكثر ميلاً للموافقة على العقوبات التبادلية التي عرضناها عليه في قصصنا.

 

وهذا يؤدي بنا إلى النقطة الثانية التي لمسناها في بداية هذا القسم ونقصد بها تأثير العقوبات التكفيرية. ومن الحقائق اللافتة للنظر أنه في الجزء الأول من الحوار كانت آراء الأطفال متفقة على الدفاع عن العقوبات القاسية مع اعتبارها قانونية ومفيدة من الناحية فقد كانوا مخلصين متحمسين في تعلقهم بالأخلاق السائدة ولكن لو قدرنا كيف يختار كثير منهم فيما بعد بوضوح العقوبة التبادلية فيفضلونها على العقوبة “التعسفية” فهل نسمح لأنفسنا بأن نخطو إلى الأمام ونسأل عما إذا كان الطفل حقيقة قد اقتنع بفائدة العقوبة؟  وهل يشعر غالبًا بأن الالتجاء المؤقت إلى الكرم قد يؤدي إلى نتائج أحسن؟

 

لنحاول الدخول في حكمه على هذه النقطة عن طريق التجربة الآتية, فنبدأ نقص عليه قصة بعض الحوادث السيئة المختارة من بين أخطاء الأطفال العادية ثم نصف له الحالتين : في إحداهما عقوبة تكفيرية قاسية وفي الأخرى شرح بسيط مع ميل نحو قاعدة التبادل بدون أن يكون مصحوبًا بأي عقوبة أيًا كان نوعها.  ثم نسأل الشخص في أي الحالتين يتوقع حدوث نكسة.  وها هي ذي القصص التي استخدمت لهذه الغاية :

 

القصة 1 ( ا ) كان ولد يلعب في حجرته في الوقت الذي كان فيه أبوه يشتغل في المدينة, وبعد قليل أحب الولد أن يرسم ولكن لم يجد لديه ورقًا ثم تذكر أن هناك بعض الأوراق البيضاء في أحد أدراج مكتب والده فذهب في هدوء باحثًا عنها حتى وجدها, فلما عاد الأب إلى منزله وجد درجه غير منظم وأخيرًا اكتشف أن شخصًا ما قد سرق أوراقه فذهب توًا إلى حجرة ولده حيث وجد أرضها مغطاه بقطع من الورق عليها رسوم من طباشير ملون فاغتاظ الوالد للغاية وضرب ابنه بالكرباج.

 

(ب) والآن سأقص عليك قصة تقريبًا كالسابقة ولكنها ليست مثلها تمامًا (وهنا قص القصة باختصار عدا الجملة الأخيرة) غير أنها تنتهى بشكل مختلف فالوالد لم يعاقب ابنه بل اكتفي بأن أوضح له أنه لم يكن مصيبًا في عمله وقال “لو أني أخذت لعبك أثناء غيابك عن المنزل وذهابك إلى المدرسة فإنه لن يعجبك ذلك, وكذلك حين لا أكون هنا يجب ألا تأخذ أوراقي فليس ذلك مما أستريح له, وليس من حقك أن تفعل ذلك”.

 

وبعد بضعة أيام كان كل من الولدين يلعب في حديقته فالولد الذي عوقب كان في حديقته والثاني الذي لم يعاقب كان في حديقته أيضًا فوجد كل منهما قلم رصاص وكان هذا القلم هو قلم الوالد وقد تذكر كل منهما أن والده سبق أن قال إنه فقد قلمه في الشارع وقد تألم لأنه لم يستطع العثور عليه وكان كل منهما يعلم أنه لو سرق القلم فلن يعلم بذلك أحد ولن تناله أي عقوبة.  وقد احتفظ واحد منهما بالقلم لنفسه أما الآخر فقد أعاده لأبيه.   فأيهما تظن أنه قد أعاده : ذلك الذي سبق أن عوقب لأنه أخذ الورق أو ذلك الذي اكتفى معه بالمناقشة؟

 

القصة (2) (ا) ذات مرة كان هناك ولد صغير يلعب في المطبخ أثناء غياب والدته فكسر فنجانًا, فلما عادت أمه قال لها لست أنا إنها القطة فقد قفزت هناك وقد تبينت الأم أن هذا كذب فغضبت وعاقبت الولد أما كيف عاقبته؟ ( اترك للطفل أن يقرر العقوبة).

ب- نفس القصة أما هذه المرة فإن الأم لم تعاقبه بل اكتفت بأن شرحت له أنه ليس من المستحب أن تكذب.   لن تحب مني أن أكذب عليك.   فافرض أنك سألتني عن بعض الكعك الذي في “الدولاب”فأجبتك بأن ليس فيه شيؤ بينما الحقيقة أن هناك كعكًا فلا أظن أنه سيعجبك ذلك مني, وبالمثل فهذا ما يحدث عندما تقول لي كذبًا فإن ذلك يغضبني.

 

وبعد بضعة أيام كان كل من الولدين يلعب في مطبخه وكان كل منهما هذه المرة يلعب بالكبريت فلما عادت أمهما كذب عليها أحدهما وقال إنه لم يكن يلعب بالكبريت أما الآخر فصدقها الحديث.  فأيهما كذب : ذلك الذي عوقب حين كسر الفنجان أو ذلك الذي اكتفي معه بشرح الموقف؟

 

والقصتان طبعًا في منتهى البساطة ولكنهما يكفيان في نظرنا لإظهار الاتجاه العقلي للطفل إن كان يعتقد حقًا في العقوبات فإنه سيوضح رأيه وإن كان يريد أن يدخل السرور علينا أكثر من أن يبين آراءه فإنه يجيب بما يؤيد العقوبات (ما دام يرى في كل مناسبة أن من يسألون أولاد المدارس يعتقدون في العقوبة).  أما إن أجاب بما يؤيد الشرح البسيط فإنه يبدو لنا أن ذلك يرجع إلى أن هناك شيئ في نفسه يجعله يعتبر التسامح المتبادل أرقى من أي شكل من أشكال العقوبة.

 

وقد كانت النتيجة أنه من بين الثلاثين طفلاً الذين استجوبناهم في هذه النقطة وحدها (دون ضم الأسئلة التكميلية التي وضعناها للمائة طفل الذين تحدثنا عنهم منذ قليل) وجدنا أن أولئك الذين هم في سن السابعة فما دون ذلك قد انحازوا بالإجماع إلى جانب العقوبة بينما تبين أن نصف الحالات بين الثامنة والثانية عشرة كانت إجابتهم بعكس هذا المعنى.   وهاك بعض أمثلة النوع الأول.

كين Cuin (6)  : أعاد القصة 1 صحيحاً أيهما أعاد القلم؟  ذلك الذى عوقب.  – ثم ماذا حدث؟  هل فعل ذلك مرة أخرى أم لا؟   – لا لم يفعل ذلك ثانية.   – وذلك الذى لم يعاقبه والده؟   – لقد سرق مرة أخرى.  – لو أنك كنت الأب فهل تعاقبهم حين يسرقون أو تشرح لهم؟  – أعاقبهم.  – أيهما أعدل؟  – أن أعاقب. – ومن هو أظرف؟  ذلك الذى يعاقب أم ذلك الذي يشرح؟  – ذلك الذي يشرح.  – ومن الأعدل؟  – ذلك الذى يعاقب.  – لو أنك كنت الولد فأي الحالتين كنت تظنها أعدل؟  أن تعاقب أو أن يشرح لك؟  – الشرح. – افرض أن الموضوع قد شرح لك فهل تفعل ذلك ثانية؟   – لا.  – ولو أنك عوقبت؟  – لا فإنى أيضًا لم أفعل.  – أى الولدين لن يكرر فعلته ثانية؟   – ذلك الذي عوقب.  – ما حسنات العقاب؟  – لأنك ولد سوء.

 

كال Kal  (6) القصة 2 : أيهما أكذب فى موضوع الكبريت؟  – ذلك الذي عاقبته أمه عقابًا مناسبا (وقد اختار كال الدولاب المظلم كعقوبة) هو الذي قال صدقا.  – وذلك الذي لم يعاقب؟  – لقد كذب مرة أخرى.  – لماذا؟  – لأنه لم يعاقب.  – ولماذا لم يكذب الآخر؟ لأنه عوقب عقابًا مناسبا.

 

شمين Schmei (7) القصة 1 :  – ماذا تظن أن يفعله الولد الذى عاقبه أبوه؟   – أن يعيده إذ أنه يخشي أن يعنفه والده مرة أخرى.  – والولد الآخر؟  – أن يحتفظ به فهو يعرف (يظن) أنه فقدها خارج المنزل. – أي الوالدين أعدل؟  – ذلك الذي عاقبه عقابًا مناسبا.  – أي الوالدين أكثر تشبعًا بالروح الرياضية؟    – الذى لم يعنف وإنما شرح الموضوع.  – أي الولدين يحب أباه أكثر؟  – ذلك الذي كان أبوه مشبعًا بالروح الرياضية .  – أي الولدين كان أظرف فى نظر والده؟  – ذلك الذي أعاد القلم إلى أبيه.  – هل هو الذي عوقب أم هو الذي لم يعاقب؟  – الذي عوقب.

 

بول Bol (8) القصة 1 : أيهما أعاده : ذلك الذب عوقب أو ذلك الذب لم يعاقب؟  – ذلك الذي عوقب.    – وماذا كان يري؟  – لقد كان رأيه ألا يعاقب ثانية.  – وما رأي الولد الآخر؟  – لقد كان يري أنه لم يعاقب في المرة السابقة وبالمثل فلن يعاقب هذه المرة.  – وأي الوالدين أعدل؟  – ذلك الذي عاقب.      – لو أنك كنت الأب فهل تعاقبه؟  – كنت أعاقبه.  – وهل تضربه بالسوط؟   – كنت أضعه في الفراش.   – وأي الوالدين كان أكثر تشبعًا بالروح الرياضية؟  – ذلك الذي لم يعاقب.  – وأي الولدين أظرف؟        – ذلك الذي عوقب.  – أيهما أظرف؟  – ذلك الذي كان أبوه عادلاً أم ذلك الذي كان أبوه أكثر تشبثا بالروح الرياضية؟   – ذلك الذي كان أبوه عادلا.  – إفرض أنك سرقت شيئا, فهل ترى أنه  ينبغي أن تعاقب أو تفضل أن تشرح لك؟  – أن أعاقب.  – هل ينبغي أن يعاقب الإنسان؟  – نعم. – إذن كلما كثر عقاب المرء زاد حسنه؟   – إنه يجعلك أحسن.  وأخيرًا حالة متوسطة وهي مهمة لأنها تدل على ضعف في المعتقدات السابقة .

 

فار Far (8) القصة 1 : أيهما أعاده؟  – ذلك الذي عوقب.  – لماذا؟  – لأنه ضرب.  – والآخر؟  – إنه يحتفظ به لأنه لم يعاقب.  – وأي الوالدين أعدل؟  – ذلك الذي عاقب.  – وأيهما كان اكثر تشبعًا بالروح الرياضية؟   – ذلك الذى لم يضرب.  – ولماذا كان أكثر تشبعًا بالروح الرياضية؟  – لأنه شرح.  – أي الوالدين أظرف؟  – ذلك الذى عاقب.  – وأي الوالدين كان على صواب؟  – ذلك الذي لم يضرب.  – وأي الوالدين كنت أنت تعيد القلم إليه؟  – إلى الأب الذي لم يعاقب.  – لماذا؟  – لأنه كان أظرف.  – لو أنك كنت الوالد فماذا كنت تفعل؟   – لم أكن لأعاقبه بل أشرح له الموقف.  – لماذا؟  – حتى لا يسرق مرة أخرى.  – وأي الوالدين أعدل؟  – ذلك الذي عاقب.  – لقد سبق أن قصصت عليك قصة والآن أتل عليّ قصة أخرى من النوع الذي حدث فعلاً وعوقبت فيها.   – نعم, لقد جريت مرة فى الحقل.  – أين؟  – في حقلنا فى الحشائش وقد آذتني.  – ثم؟   – لم أفعل ذلك مرة أخرى.  – ولو أنها لم تؤذك؟  – كنت أكرر مرة أخرى.  هل ينبغي أن يعاقب الناس دائما؟   – دائمًا كلما كنت ولدًا شريرا.

 

من هنا يبدو إلى أي حد يتمسك هؤلاء الأطفال بنظرية العقاب التقليدية على اعتباره ضروريًا من الناحية الاخلاقية لأنه يكفر عن الذنب, وهو مفيد من الناحية التربوية لمنع العودة إلى فعل السوء.  حقيقة أن الحالات الأخيرة تعتبر أن الشرح بدون عقاب أظرف ولكن ليس هذا عدلاً وليس من الحكمة اتباعه.  وقد تردد فار وحده قليلاً حوالي منتصف الحوار ولكن تقاليد والده كانت أقوى ولذلك عاد إلى التمسك بالأخلاق السائدة .

 

#كمال_شاهين

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.