الحكم الاخلاقي لدى الطفل 9

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

الحكم الأخلاقي لدى الطفل  -30

punish2.jpg

والآن يبدو لنا أن العقوبات التي وضعناها في هذا الفصل كعقوبات عامة يمكن أن نقسمها على أساس قاعدتين واضحتين: فكل عمل تعتبره الجماعة جريمة يتضمن مخالفة لقواعد الجماعة وبالتالي تهورًا ويتضمن نوعًا من عدم الوفاء للرابطة الاجتماعية نفسها.   فالعقوبة, إذن, كما بيّن دوركايم تقوم على إعادة الشئ لأصله وعلى “وضع الشئ في موضعه الصحيح” وعلى بناء الرباط الاجتماعي وسلطة القواعد ولكن مادمنا قد عرفنا قيام نوعين من القواعد يرتبطان بنوعين أساسيين من العلاقات الاجتماعية فإنه يجب أن نتوقع أن نصادف في دائرة العدل الجزائي نوعين من ردود الأفعال ونوعين من العقوبات.

 

هناك أولاً ما نطلق عليه اسم “العقوبات التكفيرية” والتي يبدو لنا أنها تسير جنبًا إلى جنب مع القسر وقواعد السلطة.   خذ مثلاً أي قاعدة مفروضة على عقل الفرد من الخارج, وافرض أن الفرد خالف هذه القاعدة, فإننا لو تركنا جانبًا السخط الذي يحدث في الجماعة وبين من بيدهم السلطة والذي لا مناص من أن ينصب على رأس المخالف فسنجد أن الطريقة الوحيدة لوضع الأشياء في موضعها الصحيح هي أن نجعل الفرد يعود فيقوم بواجبه وذلك بواسطة طريقة فيها قدر كاف من القسر وأن نذكره بجريمته عن طريق عقوبة مؤلمة وهكذا نجد للعقوبة التكفيرية صفة إجبارية بالمعنى اللغوي الذي يقول إن اختيار دلالة إجباري بالنسبة للشئ المدلول عليه، ونقصد بذلك أن ليس هناك علاقة بين محتويات الجريمة وطبيعة العقوبة فحين يقال الكذب نجد أن المسألة واحدة سواء أوقعت عقوبة جثمانية على مرتكبها أو أخذت لعبة, أو حكمت عليه بأن يقوم بعمل مدرسي.   كل الذي يهم أن يوجد تناسب بين الجزاء الذى يقع وبين أهمية الذنب.

 

ثم هناك أيضاً ما نسميه بـ”العقوبات التبادلية” وهي تسير يدًا بيد مع التعاون وقواعد المساواة.  خذ أي يقبلها الطفل من الداخل.  أي يعرف أنها تربطه بمن يساويه برابطة الند (مثلاً لا تكذب يقضي على تبادل التصديق, إلى آخره) فإن هذه القاعدة إذا انتهكت حرمتها فإذا أردنا ان نضع الأشياء في موضعها فلن نشعر بالراحة إلى قسر مؤلم يفرض احترام القانون من الخارج بل يكفي أن نجعل المذنب يشعر بآثار ما ارتكب من نقض الروابط الاجتماعية.   بمعنى آخر, فإنه يكفي استدعاء قاعدة تبادل المعاملة بدورها، فما دام أن القاعدة لم تعد كما كانت من قبل شيئًا مفروضًا من الخارج، شيئًا يستطيع الفرد أن يستغني عنه بل على العكس من ذلك فإنها تتضمن علاقة ضرورية بين الفرد وبين من يحيطون به، فإنه يكفي في مثل هذه الحالة أن توضح النتائج المترتبة على خرق هذا القانون حتى تجعل الفرد يشعر بالعزلة وأن تجعله يحاول العودة إلى علاقاته الطبيعية, فاللوم لم يعد في حاجة إلى أن نؤكده عن طريق العقوبة المؤلمة بل إنه يعمل بكل قوته ما دامت المقاييس المأخوذة  بطريقة التبادل تجعل المذنب يدرك معنى الذنب الذي ارتكبه (1).  على العكس من العقوبة التكفيرية, إذن, نجد أن العقوبة التبادلية لو استخدمنا الاصطلاحات اللغوية مرة ثانية فإنا نستطيع أن نقول إنها “من الضروري” أن ندفع.  أما الذنب والعقوبة فإنهما مرتبطان من حيث محتوياتها وطبيعتها فلا داعي للحديث عن النسبة المحفوظة بين أهمية أحدهما وعنف الآخر.  يتبع ذلك أنه في حالة ارتكاب أنواع من الذنوب فإنا نستطيع في حالة العقوبة التبادلية أن نميز أنواعًا مختلفة منها تكون أكثر أو أقل مناسبة وعدلاً تبعًا لطبيعة العمل الذي يستوجب التعنيف والزجر.

 

وإذا أردنا أن نقسم هذه الأنواع يلزم أن نعود إلى قصصنا. فنجد أن من السهل أن نعتبر العقوبات الآتية تكفيرية : عدم السماح بالذهاب إلى السوق أو السنيما (1 و6), أو نسخ قصيدة خمسين مرة (2), أخذ لعبة منه (3 و4), أو صفعه (5), أو تغريمه (7) ولكن من الطبيعي أن نعتبر أي عقوبة حتى بعض العقوبات الأخرى التي اقترحناها في هذه الأمثلة التكفيرية تبعًا للروح التي تطبق بها, فكثيرًا ما يقول الطفل إنه قد اختار عقوبة من العقوبات المعروضة عليه لأنها أقساها ولو أنه في الواقع قد أقام اختياره على أسس مختلفة تمامًا، وفي هذه الحالات فإن العقوبة موضع البحث لا تزال من النوع التكفيري.  أما عن العقوبات التبادلية فإنه يمكننا أن نقسمها على النحو الآتي منتقلين من أقساها إلى أقلها قسوة : أولاً, هناك عقوبة الطرد – المؤقت أو الدائم – من المجموعة (القصة 7).   وهذه هي العقوبة التي يلجأ إليها الأطفال فيما بينهم كما في حالة رفضهم اللعب مع غشاش لا يندم مثلاً.  وهي العقوبة التي يستخدمها الإنسان في حياته العادية حين يرفض اللعب مع طفل أو استصحابه للنزهة إذا دلت التجربة على أنه لا يحسن السلوك في مثل هذه المناسبات.  فالرابطة الاجتماعية في مثل هذه الحالة تقطع بصفة مؤقتة.

 

أما المجموعة الثانية فتتكون من تلك العقوبات التي تتصل بالنتائج المباشرة المادية للعمل نفسه من مثل عدم إعطاء أي خبز للغذاء لمن رفض أن يذهب ويحضر بعضًا منه في حالة عدم وجود قدر كاف في المنزل (القصة 1).  إلزام من ادعى المرض البقاء في السرير (القصة 2).  تخصيص حجرة باردة لمن كسر زجاج النافذة (3).   فهي عقوبات من النوع الذي يشبه ما كان يفكر فيه روسو, وسبنسر, وكثير غيرهما, حين قالوا إن الطفل يجب أن نعلمه عن طريق الخبرة الطبيعية وحدها.  حقيقة أن النتائج الطبيعية لسوء التصرف – كما قال دوركايم – هي نتائج اجتماعية بالضرورة, إذ أنها عبارة عن اللوم الذي تثيره, غير أن دوركيم هو الذي يرى أن اللوم لكي يكون فعالاً يجب أن يكون مصحوبًا بعقوبة تكفيرية؛ إذ أنه في هذه الحالة تكون النتائج المباشرة والمادية للعمل في الغالب كافية لتحقيق هذه الغاية.  وأهم ما في الموضوع أن المذنب يجب أن يتحقق لديه أن هذه النتائج ولو أنها طبيعية فإن المجموعة تؤديها, وهذا هو السبب في أننا وضعنا هذا النوع من العقوبة ضمن العقوبات التبادلية. فحين لم يجد الطفل في القصة (1) خبزًا للغذاء، وحين ترك الطفل في القصة (3) في حجرة بلا زجاج للنوافذ بسبب إهمال الأول إحضار الخبز وكسر الثاني الشباك فالذي يحدث هو أن الآباء أنفسهم سوف يرفضون تصحيح الخطأ لإهمال أطفالهم بأن يرفضوا معاونتهم، فالعقوبة إذن لا زالت تبادلية, وبالمثل حين يدعي الأب في القصة (2) أنه يصدق ابنه حين يكذب ويطلب منه الاستقرار في السرير ما دام قد ادعى المرض، أو حين يرفض الأب أن يصدقه حتى حين يقول الصدق (العقوبة 3) فهو  في الحقيقة يعاقب على النحو التبادلي.  حقيقة أن العقوبة هي “نتيجة طبيعية” للعمل ما دامت نتيجة الكذب,أما أخذ الكاذب بقوله أو عدم تصديقه بالمرة بعد ذلك ولكن يضاف إلى ذلك أن يتصنع الوالد أنه عمد إلى سرعة التصديق أو الريبة حتى يرى الطفل أن رابطة التصديق المتبادلة قد تكسرت.  وإذن فإن قاعدة التبادل هنا تقوم بعملها, ولهذا فنحن نعتقد أن كل الحالات التي يطلق عليها العقوبات الطبيعية تتضمن المبادلة ما دامت المجموعة أو المربي في كل الحالات يرغبون في أن يجعلوا المذنب يحس أن رابطة التضامن قد تكسرت.

 

ثالثاً – هناك نوع من العقوبة يقوم على تجريد المذنب من الشئ الذي أساء استخدامه.  مثال ذلك ألا تعير كتابًا لطفل سبق أن عمل فيه بقعًا (القصة 6), فعندنا هناك مزيج من عناصر مشابهة لتلك التي تميز النوعين الأخيرين؛ فهناك نوع من إنهاء التعاقد نظرًا لأن شروط التعاقد لم تكن مرعية.

 

رابعًا – يمكن أن نضع تحت اسم العقوبة المتبادلة البسيطة أو الخالصة هذه العقوبات التي تتضمن أن نعمل للطفل نفس ما فعله هو نفسه.  مثال ذلك ألا تساعده (القصة 1), أو أن تكسر لعبته (القصة 5), أو ألا تعنى بكتاب صوره (القصة 6), أو أن تفتن عليه إن كان قد فتن عليك (القصة 7).   ومن الصعب أن نشير هنا أن هذا النوع من العقوبة ولو أنه مشروع إن أردنا أن نجعل الطفل يفهم نتائج أعماله إلا أنه يصبح مثيرًا وباطلاً إن كان الغرض منه مقابلة السوء بالسوء وتتويج عمل لا يعوض بآخر (القصة 1 ، 6).

 

خامسًا – هناك عقوبة “إصلاحية” وذلك بأن تدفع قيمة ما كسره أو سرق أو تأتي ببديل عنه, إلى آخره.   ولقد صدق دوركايم حين ميز بين العقوبة الاصلاحية والجزائية, ولكننا لوقسمنا النوع الأخير إلى نوعين تبعًا لأنه قد يكون تكفيريًا أو تبادليًا فإن العقوبة “الإصلاحية” يمكن أن تعتبر حالة قائمة على حدود العقوبة التبادلية؛ إذ أنه هنا نجد أن اللوم لم يعد يلعب أي دور وأن العدل يكتفي بمجرد إصلاح الشئ الذي ناله التلف.  ويجب أن نلاحظ أن العقوبة الإصلاحية غالبًا غير خالصة وقد تحتفظ بعنصر من الجزاء، وهذا هو السبب الذي جعلنا نضعها ضمن القسم الذي نتحدث عنه.وأخيرًا, يمكننا أن نميز نوعًا سادسًا يشمل اللوم وحده دون عقاب, وهذا اللوم لا تفرضه السلطة ولكنه معني فقط بأن يجعل المذنب يرى كيف أنه كسر رابطة الاتحاد.   وعلى أية حال, فإنه ينبغي ألا نعقد الموضوعات تعقيدًا لا داعي له.    فلنترك الموضوع الآن لنناقشه فيما بعد.

 

نتيجة التحليل, إذن, هي أن هناك نوعين من العقاب – أو العدل الجزائي – عقوبة تكفيرية ملازمة لعلاقات القسر, وعقوبة تبادلية. والآن ننتقل إلى البحث التجريبي لنرى ما إذا كان الطفل يميل نحو إحداها أو نحو الأخرى تبعًا لمراحل نموه.  وقد قامت الآنسة بوخلر Baechler باستجواب 65 طفلاً بين السادسة والثانية عشرة في هذه النقط وقد قمت بنفسي باستجواب ثلاثين؛ فالإحصائيات التالية إذن تبحث في حالة حوالي مائة طفل, ولكن نظرًا لأن كل طفل قد يعطى إجابات تختلف تبعًا للقصة ولذلك قد يتذبذب بين العقوبة التكفيرية والعقوبة التبادلية ولذلك أقمنا حسابنا على أساس القصص لا على أساس الأطفال وجعلنا الوحدة هي كل إجابة مستقلة لكل طفل مستقل.  ولما كان من الصعب أن نستجوب الطفل عن أكثر من 4 قصص في وقت واحد فهذا أعطانا مجموعة من 400 وحدة.  ومن الواضح أنه في مثل هذا الميدان فإن التطور لا يتقدم بنفس خطوات السن فهناك عوامل كثيرة جدًا متداخلة.  ولكنا لو أخذنا الموضوع بصفة إجمالية فإنه يدهشنا الوضوح الذي تحدده عملية التطور.  فقد قسمنا الأطفال إلى ثلاث مجموعات أعمارها على التوالي 7 – 8 ، 8 – 10 ، 11 – 12 سنة (والمجموعة الأخيرة تشمل شخصين متأخرين في سن 13).   وقد وجدنا أن النسبة المئوية للعقوبات التبادلية بالنسبة لمجموعات الإجابات هي على النحو الآتى :

  6-7 سنة         8-10سنة          11-12 سنة
الأطفال الذين استجوبتهم الآنسة بوخلر 30 في المائة    44 في المائة     78 في المائة
المجموع 28 في المائة    49 في المائة     82 في المائة

 

ويجب أن نلاحظ أن هذه الأرقام لا يمكن اعتبارها ذات أهمية كبيرة فيجب أن نقول من بادئ الأمر إنها ترتبط فقط بأطفال ينتسبون لمجموعة أخلاقية معينة, ومستوى اجتماعي معين (الأجزاء الفقيرة من جينيف, وعدد قليل من الأطفال من مدرسة ابتدائية في نوشاتل).  ثم إنه لا يمكن أن ننكر أنه مهما كان الإنسان دقيقًا (انظر مقدمة R.M.) فإن الطريقة التي توجه بها الأسئلة تلعب دورًا هامًا.  حقيقة أن الإنسان ليزعجه أن يجد أن الأطفال الذين يستجوبهم هو نفسه في الغالب يجيبون إجابة أكثر تطابقًا مع نظريته من أولئك الذين يستجوبهم غيره؛ فالعامل الشخصي هنا لا يمكن إغفاله, وهو يؤدي إلى تعريض كل هذه الإحصائيات للشك, وكل الذى سوف نستنتجه من هذه الأرقام أننا نجد بصفة إجمالية أن أحكام العدل الجزائي يبدو أنها تواجه تطورًا معينًا كلما كبرت سن الطفل.   فالأطفال الصغار ينحازون إلى جانب العقوبة التكفيرية، أما الكبار منهم فيميلون نحو العقوبة التبادلية.  ويجب أن نعنى بملاحظتين هامتين: الأولى منهما أنه بجانب مشكلة المراحل هناك مشكلة الأنواع.  فهناك بعض العقليات التي تتمسك بفكرة التكفير تمسكًا لا سبيل إلى فصله (Joseph le maistle بعكس Guyou).   فهذه العقليات طبعًا هي نتيجة لتنشئة من نوع معين, يقوم على تربية اجتماعية دنيئة ذات طابع خاص, ولكن ظاهرتها العميقة تستمر مستقلة عن السن, ولهذا فلن يدهشنا أن نصادف في أوساط اجتماعية أخرى نتائج استجواب تختلف تمامًا عن النتائج التي وصلنا إليها في هذا البحث.

 

من جهة أخرى, فإنه حين يفكر الأطفال أنفسهم في عقوبات فإنهم بدلاً من أن يختاروا من بين العقوبات العديدة المقترحة في الغالب يرجعون إلى العقوبة التكفيرية واختيارهم غالبًا في (1) منتهى القسوة ولكن هذا في الواقع لا يناقض نتائجنا.  من الطبيعي أن انتباه الطفل إن لم يوجه نحو الأنواع المختلفة للعقوبة دون تحديدها بل يكتفى بعرضها على النحو الذي ننقله الآن – فإنه في هذه الحالة لن يفعل شيئًا أكثر من أن يفكر في العقوبات التي تعود عليها, وهى التعسفية و”التكفيرية”.

 

والآن ننتقل إلى تحليل الحالات.   ولنبدأ بأمثلة لأطفال يرون أن العقوبات التعسفية هي أعدل العقوبات :

انج  Ang (6) أعاد القصة (1) صحيحة.  – كيف ينبغي أن يعاقب؟  – أسجنه في حجرة.  – وماذا يحدث له؟  – سيبكي.   – وهل هذا عدل؟  – نعم.   ثم ذكرت له العقوبات الثلاث المقترحة بعد ذلك.  – أيها أعدل؟  – ألا أعطيه لعبة.  – لماذا؟  – لأنه كان خبيثًا.  – وهل هذه أحسن العقوبات الثلاث؟ – نعم.         – لماذا؟  – لأنه مغرم جدًا بلعبه.  – وهل هذا عدل؟  – نعم.  لم تكن قاعدة التبادل, إذن, هي الأساس وإنما فكرة أشد العقوبات قسوة.

 

فيل Fil (6)  القصة (1)   – لقد كان أبي يسئ معاملتنا, فيضعنا في دولاب مظلم, ولقد فعل ذلك فعلاً.   فلو كان لي دولاب مظلم لوضعته فيه حتى المساء, وصفعته على أذنه, ولو كان عنده سوط ما فعلت شيئاً غير جلده به.  ولقد اختار العقوبة الثالثة لأنه كان يحب أن يذهب إلى السوق, ولذلك فمنعه يضايقه.

 

زيم Zim (6) القصة (1) : زيم لا يفكر كثيرًا في العقوبتين الأخيرتين.  أما الأخيرة فهي ليست صعبةعلى الولد الصغير.   – ولماذا هي غير صعبة عليه؟  – إنها ليست كثيرة.   – والثانية أيضًا.        – ليست كثيرة .   أعدل العقوبات, إذن, هي الأولى لأنها تمنعه من التجوال.

 

مورد Mord(7) القصة (6) : أعدل العقوبات هي حرمانه من الذهاب إلى السينما.   – لماذا؟ – هي تناسبه أكثر من الأخيريتين.  فهي أسوأ إذ أنه من الممتع أن تذهب إلى السينما ولكن من غير المستحب ألا تعيد إليه كتاب حفظ الصور (ألبوم).   – لماذا؟  – إن الذهاب إلى السينما ممتع ولكن لو أن الكتاب كان عنده واطلع عليه خمس مرات أو ستًا فإنه يقول : “لقد اطلعت على صور الكتاب بالقدر الكافي, ولهذا لا ينبغي إن لم يعرني إياه مرة أخرى”.

 

سيل Syl (7.50 سنة ) : القصة 2  – الأعدل؟  أن نجعلها تنسخ 50 سطرًا فهذه هي أسوأ العقوبات لأنها لن تسمح لها بالخروج”.

 

ماى May (7.5) القصة 1 .   – أعدل العقوبات هي ألا تعطيها خبزًا فهذه أشد عقوبة وسوف تجبرها على أن تذهب وتحضر الطعام في المرات التالية.  القصة 6  – ألا تأخذها إلى السينما.    – وما رأيك في العقوبة الثانية؟  – لن يعنيني كتاب صورها بجمع الطوابع.   – فهل هذه العقوبة صالحة؟  – إنها لا تكفي ولن تجعلها تتصرف تصرفًا حسنًا.   – أيها أسوأ العقوبات؟  – ألا آخذها إلى السينما.

 

ألي Ali (7.5) القصة 2  – اجعله يكتب 50 سطرًا في كراسة, فهذه عقوبة تجعله لا يعود إلى ما فعل مرة أخرى لأنه سيضطر إلى كتابتها مرة أخرى.  – وهل هذه هي أعدل العقوبات؟  – إنها تقوم الولد الصغير فلا يعود يكذب.  – وأيها أعدل؟  – كتابة خمسين سطرًا لأن هذا مرهق فلا يعود يمزح.

 

بلا Bla (7.5) القصة 1   – ألا يتركها تتجول.   – لماذا ؟    – لأنها تحب أن تتجول.

 

بيل Pel (7.5) ( بنت ) القصة 1 – أيها تظن أعدل؟  – أن امنعه من التجوال.  – لماذا؟  – لأنه لم يساعد أمه.    – أي العقوبات الثلاث أقسى؟  – أن يمنع من التجوال.  القصة 2   – أي العقوبات الثلاث أعدل؟    – نسخ قصيدة خمسين مرة.  – ولماذا كانت هذه أعدل؟  – لأنها أشدها صرامة.

 

جان Gan (8) القصة 1  – أي العقوبات الثلاث أعدل؟  – أن يحرم من التجوال.  – لماذا كان ذلك أعدل؟ – لأن الطفل يحب أن يتجول وقد منع من ذلك.  – وأى العقوبات الثلاث يكرهها أكثر؟ – ألا يتجول.

 

سوت Sut (8) أعطي نفس الإجابة عن القصة الأولى.  القصة 2  – أي هذه العقوبات الثلاث أعدل؟      – حين أجبر على نسخ القصيدة خمسين مرة.  – ولماذا كانت أعدل؟  – لأنه كان يجب أن يقوم بأعماله ولكنه لم يفعل.  – أي الثلاث أشد مضايقة؟  – نسخ القصيدة خمسين مرة.   القصة 4   – أي هذه العقوبات تراها أعدل؟  – الثالثة (أخذ لعبة منه).  – ولماذا كانت هذه أعدلها؟  – لأنه ما كان ينبغي أن يكسر لعب أخيه الصغير.  – وهل الأخريان عادلتان أيضًا؟  – نعم سيدي.  – دعنا نقارن  الثانية والثالثة.  أيهما أعدل : أن نجعله يدفع قيمة اللعبة التي كسرها أو أن نأخذ منه لعبة؟  – أن نأخذ منه لعبة.          – ولماذا كان ذلـك أعدل؟ … أيهما يكرهه أكثر؟  – أخذ لعبة منه.  القصة 5   – أيهما أعدل؟  – كسر اللعبة.  – ولماذا كانت هذه أعدل؟  أى العقوبات الثلاث يجعله أشد غضبًا؟  – أن تكسر إحدى لعبه.    المهم هنا, إذن, ليس معاملة الند للند (التبادلية) حتى في هذه الحالة الأخيرة وإنما المهم هو فكرة أن قسوة العقوبة تحدد عدالتها.

 

كك Kec (8) القصة 1 – أيها أعدل؟  – ألا يسمح له بالتجوال.  – وهل هذه هي الأعدل؟  – نعم.          – لماذا؟  – لأنه يحب التجوال.  أما عن الاخريان فإن أعدلهما ألا نعطيه خبزًا.  إذا كان يحب الخبز فيجب ألا نعطيه شيئاُ منه.

 

باد Bad (9) القصة 1   – الأفضل تلك الخاصة بالسينما لأنها أعدل, ذلك أنها تمنعه من أن يفعل شيئًا يحبه.

 

باو Beu (10) القصة 1   – عقوبة منع التجوال هي الأحسن.  – لماذا ؟  – لأنه يحبها ويجب أن نمنعه من القيام بعمل ما يحبه.

 

ليس من الصعب أن نرى المعنى العام لهذه الإجابات.  فهؤلاء الأطفال يرون أن العقوبة تقوم على فرض جزاء مؤلم على المذنبين, وهذا الجزاء يجب أن يصل إلى درجة تكفي لأن تجعلهم يقدرون سوء أعمالهم.  ومن الطبيعي أن تكون أعدل العقوبات في نظرهم هي أشدها قسوة, وكل شخص ممن استجوبناهم أوضح بطريقته الخاصة هذه الصلة القائمة بين فكرة العدل الجزائي وبين قسوة العقوبة, ولكن أكثر العبارات المميزة كانت هي “أنه أسوأ”.

 

مورد Mord ( سيل Syl إلخ ) “في هذا عقاب له أشد”.

ماى May “عقوبة شديدة” (أليAli ).

 

ومن الواضح أن ليس هناك من بين هؤلاء الأطفال من قصد إلى القول بأن العقوبة تدل على قيام كسر في رابطة الاتحاد, وليس فيهم من دعا إلى ضرورة قيام علاقة الند بالند (التبادلية) بل إن هناك سيادة للعقوبة التكفيرية بحقيقة أن هناك نوعًا من الغموض في هذه النقطة، فكثير من علماء التربية يرون أن العقوبة حتى حين تتضمن إحداث ألم “تعسفي” ليست سوى مقياس وقائي تجنب تكرارخطأ وقليل منهم من يعتبر العقوبة التكفيرية تمامًا كأن يكون الغرض منها الألم الناشئ من الخطأ الذي ارتكب سواء عن طريق التعويض أو التأثير.  فما موقف الأطفال إزاء هذا الموضوع؟  إن الآراء التي أبداها الأطفال الذين استجوبناهم عن موضوع العقوبة بصفة عامة يبدو أنها تؤيد ما نعتقده من أن الموقفين يقومان جنبًا إلى جنب عند كل طفل, ولكن في حالة متداخلة وغير متميزة، فالطفل قد يؤيد الناحية الانتقامية للعقوبة من مثل العقوبة البدنية القاسية التى تنزلها سلطة عليا (انظر فيل Fil مثلاً) وفي مرة أخرى يأخذ بنظرية العقوبة الوقائية, وهكذا نجد أن ماى يرى أن العقوبة المقترحة ليست كافية لأنها “لن تكفي لجعلها بنتا حسنة” ولكن حتى في هذه الحالة فإنه فى عقل الطفل تقوم فكرة التعويض الضروري وهو يري أنه مما يناقض العدل ألا نعاقب المذنب إطلاقًا ولما كانت العقوبة موضع السؤال قد اختيرت على أساس العنصر المؤلم الذي تحتويه فإن هذا التعويض الضرورى بديل لفكرة.

(1)  من الواضح أن مقاييس التبادل تتضمن عنصرًا من الألم ولكن الألم هنا لا يتطلب لذاته ولا يوجه نحو بث عادة احترام القانون فى عقل الشخص.أما الألم الذي قد يحدث (مصحوبًا أحيانًا بأضرار مالية) فهو بكل بساطة نتيجة حتمية للخروج على روابط التضامن.

(1)انظر بهذه المناسبة الاستقصاء الذي قام به ناب Knapp فى Llntlmnédiare des Ebw apenrs

 

#كمال_شاهين

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.