بقلم العزيز #علي_سلام : اهلا يا صاحبي 

اهلا يا صاحبي, اعرف انهم كانوا يكذبون ومتأكد من ذلك رغم اني البارحة شاهدتهم ينقلوك إلى ثلاجة الموتى في مستشفى الجمهورية, وقبلها بنصف ساعة شاهدتك امام قسم الطوارئ على متن سيارة الأمن, كنت نائما ولم استطع الاقتراب منك خشية الا تفيق ويفيق بدلا عنك هذا الكابوس العين ليتحول إلى حقيقة مرعبة.

تركتك تنام بسلام وبقيت انتظر على بعد امتار منك عساك تفيق وآخذك إلى البيت, انتظرت بقدمين راجفتين, وقلب كنت اسمعه يتكسر, وجسد تحول إلى قشه تتهددها أي نسمة هوى.

انتظرك هناك يا رفيق الا انهم اخذوك بعد ان دونوا اسمك. سمعتهم يكذبون وينطقون اسمك لذلك الموظف: امجد محمد عبدالرحمن. اردت ان اخبرهم انك صاحبي القريب من القلب وان لا يزعجوك وان يتركوك تنام حتى تستيقظ من تلقاء نفسك. فأنا وانت موعدنا عصر اليوم واريدك ان تنام جيدا لتكون اكثر حيويه ونشاط كي نلف المدينه ونتسكع ونتحدث عن الحب والفن والحرب, وعن حزبنا الاشتراكي ومدينة كريتر وتراثها الإنساني, سنتحدث بالتأكيد عن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي كنت تقاتل عنه بشراسه وتتنقل في صفحات الفيسبوك لترد عن كل من يسيء اليه.

اخر مره لقيتك فيها كانت قبل حوالي شهر, وانا الآن مشتاق إليك كثيرا واخبرتك بهذا امس. سنلتقي يا رفيق عند تمام الثالثة عصر اليوم في جولة الفل وسنقطع سوق “الطويل” حتى النهاية, وامام مقهاية “زكو” القديمة التي حولوها السفلة إلى محل ملابس, سنتوقف لادعك تعبر عن سخطك الشديد تجاه هذا الامر كما كنت تفعل في كل مره نمر من امامها, ولن ابدي اي انزعاج او تذمر. سأدعك تتحدث وتلعنهم بكل اريحية, وسنكمل بعدها طريقنا إلى المكتبه عند صديقنا ايمن النظاري لـ “نرد الشجن” انا وانت.

بعدها سنغادر صوب حوافي البهرة ومحلاتهم التجارية العتيقة, وستحدثني عنهم وعما تعرضون له من ملاحقة ومضايقات انتهت برحيلهم خارج البلاد, وعندما نصل شارع “الباز” ستحدتني عن معبد “البينيان” الجاثم بداية الشارع مهملا بعد ان حاولوا السطو عليه وتحويله إلى محلات تجارية.

ستحدثني عن مدرسة اليهود التي تم هدمها بعد الوحدة وبناء سوق تجاري على انقاضها من قبل احد المتنفذين الشماليين التابعين للمخلوع صالح.

ولن تنسى بالطبع ان تحدثني عن مسجد أبان ومسجد الحامد واشياء كثيرة اثرية تم هدمها في هذه المدينة الجميلة من قبل التجار والاوغاد. ستصب جام غضبك على رأس المال الحقير الذي لديه الاستعداد ان يهدم كل حجر في المدينة ليبني اسواقا ومحلات تجارية تدر اموالا وعبيد.

وفي مقهى “السكران” سنلتقط انفاسنا مع الشاي العيدروسي, ثم بعدها سنواصل الطريق والحديث, لن اتذمر كما كنت افعل من حديثك المتكرر عن المعالم الاثرية في عدن وتراثها الانساني. سأتقبل حديثك بشجن وتحمس مثل اول مرة طفت بي فيها المدينة. 

حدثني يا رفيقي عن كل شيء تريد قوله, فالوقت امامنا طويل وطريقنا اطول لن ينتهي; سننتقل صوب المعلا والتواهي وسنعود إلى عدن الوطنية, فحدثني عن الغزاة الحوثيين, عن المقاومة الجنوبية, عن ابطالها, عن الحراك الجنوبي, وعن المليونيات, عن ساحات اعتصامات ثورة التغيير وكل شيء سبق ان حدثتني عنه. حدثني عن الديالكتيك وعن كتبك التي تقرأها. قص عليّ ما سمعته وما تعرفه عن امجاد الرفاق في جمهورية اليمن الديمقراطية وكيف انجزوا مهمة الدولة في فترة وجيزة.

حدثني عن كيف اقتحم الرفاق السفارة العراقية, ولا تنسى ان تلحقها بتلك الضحكة المتحمسة. أنا كلي آذان صاغية لك يا رفيق.

آح يا امجد, كم انت صديقي المخلص وكم انا احبك. انت الرفيق الصادق, والشاب المثقف, ارضة الكتب. ظليت تجمع الكتب الفكرية وتلتهمها وتسخر مازحا من الروايات التي اقرأها.

لكن ما هذا الكلام المرعب الذي يقول عن اغتيالك من قبل اربعة ملثمين لاذوا بالفرار بعد فعلتهم الشنيعة!؟

هي ليست صحيحة بكل تأكيد يا رفيق. اعرف, ليست صحيحة وهم يكذبون; انت لا تموت, القتله وحدهم الميتون والملعونون إلى ابد الدهر.
صباح الخير يا رفيق; انه الصباح الذي يشبه روحك قد طلع الآن, وانا منذ البارحة مسمر في مكاني انتظرك لتكذب الخبر. افعلها يا امجد ولا تخذلني

#علي_سلام 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.