آدم و حواء في القرآن !

آدم واحد في القرآن

2015_1415727065_332

في نهاية جلسة التفسير الماضية تحدث أخونا العزيز المهندس عادل الحسني عن أن آدم اسم جنس للبشر وليس اسم شخص معين. أظن بأنه كان ينقل لنا رأي أخينا الكبير سيادة الدكتور المهندس محمد شحرور حفظه الله تعالى. لقد سبق لعادل أن ذكر لنا رأي سيادته وقمت بالرد عليه لكن يبدو بأن أخي عادل لا زال مصرا على ذلك الرأي. بالطبع أنا أكره أن أرد على أخينا الشحرور إلا عند الضرورة القصوى حيث أنه من الذين نكن لهم كل الاحترام والحب. إنني عند الاضطرار        أرد على أصدق أصدقائي فهو واجب علي ولا مناص لي منه. وقد وعدته أن أكتب الموضوع ولكنني نسيت يومه كعادتي.

بالطبع لفظة آدم تصدق علينا جميعا ذكورا وإناثا فنحن جميعا من أديم الأرض وغالبية المعاني الأخرى للكلمة تشملنا جميعا لكنه تعالى وضع ذلك اسم علم لأبينا آدم كما يبدو. وبما أن زوج آدم هو آدم أيضا فإن الله تعالى لم يعطها اسم علم باعتبار أنه تعالى يعطي الاسم على مسمى كما أظن بل ذكرها كزوج لآدم. إن موضوع فردية آدم أبي البشر لا يحتاج إلى بحث مطول فالقرآن يذكره بالمفرد وليس بالجمع. ثم إنه تعالى يتحدث أحيانا عن مسائل تخصه ولا يمكن تعميمه وسأذكرها هنا لعل أخي عادل وبقية الإخوة والأخوات يزدادوا معرفة بالموضوع.

  1. قال تعالى في سورة المائدة حكاية ولدي آدم وهي قصة كاملة لا يمكن أن تشمل أكثر من شخص واحد معين ومعروف: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ َلأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ َلأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31). فهل لكل منا نحن ولدان قربا قربانا؟
  2. قال تعالى في سورة الأعراف حكاية آدم وزوجه حينما خالفا ربهما: فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23). أليس المخاطبان شخصان معلومان هما آدم ومن نسميها حواء؟
  3. ثم خاطبنا سبحانه بعدها وسمانا بني آدم ولم يسمينا نفس الاسم فقال في سورة الأعراف طبعا: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27). من هم هؤلاء الذين هم أولاد أبوين ويحذرهم الله تعالى أن لا يقتدوا بأبويهم. أليسوا هم نحن الناس ونحن أبناء ذين الأبوين.
  4. قال تعالى في سورة النساء: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1). ألا تعني الآية بأننا نحن الناس خُلقنا من نفس واحدة هي نفس آدم وقد خلق الله تعالى نفس زوجها التي نسميها حواء من نفس آدم وبث منهما رجالا كثيرا ونساء. فهل خطاب الله تعالى للناس يشمل الجميع الهندي والعربي والصيني والآري والأوروبي عامة والأفريقي وغيرها؟ أم أن بعضنا من الناس والبعض الآخر ليسوا من الناس؟

والخلاصة بأن آدما واحد ثابت في القرآن فمن ادعى بأن هناك أكثر من آدم واحد فعليه أن يأتي بالدليل الواضح من القرآن ولا يكفي الادعاءات والاستحسانات الحلوة.

أظن بأن سيادة الأخ الدكتور شحرور يجب أن يراجع نفسه مرة أخرى ويغير ما أعلنه. إن مشكلة الكثير من أحبابنا الطيبين المؤمنين أنهم يعرفون بعض القرآن ويظنون بأنهم صاروا من علماء القرآن. أنا شخصيا مع أنني أعرف الكثير من كتاب الله تعالى ولكني لا زلت أخشى أن أعطي رأيا تشريعيا في القرآن إذ قد يكون هناك من بين الآيات التي ما حققت فيها بعد ما يتعارض مع ما توصلت إليه. كل أملي أن لا يستعجل الإخوة الكرام الذين يحققون في القرآن أن يضعوا القواعد والقوانين القرآنية للغير أو يبينوا حكما تشريعيا من القرآن قبل أن يناقشوا ذلك الأمر نقاشا موسعا ليطلعوا على مختلف الآراء والتفاسير قبل بيان الحكم أو بيان الحقيقة القرآنية.

وأما الإشكالات التي تخطر ببال الإخوة والأخوات فهناك من يمكنه رفع تلك الإشكالات. لقد أعلنت مرارا بأنني على استعداد لرفع أي إشكال على كتاب الله تعالى أو للمساعدة على رفع ذلك الإشكال. وهناك غيري من يمكنه ذلك فليسعوا للاتصال بنا قبل أن يحلوا المشكلة بطريقة غير سليمة. الدكتور شحرور ليس متخصصا في القرآن مع الأسف وأنا أرى الكثير من آراءه المتطورة البديعة غريبة عن روح الكتاب السماوي العظيم. أتمنى له وللجميع التوفيق لخدمة كتاب الله تعالى ولمساعدة خلق الله.

مع الشكر وخالص التقدير

أحمد المُهري

17/11/2016

#تطويرالفقهالاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.