تصحيح اخطاءنا التراثية – 7 – آية التبيلغ !

تصحيح أخطائنا التراثية

quaran2

سادسا: مقطع التبليغ من آية الأمر بتبليغ القرآن:

قال تعالى في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67). ولعلها تكون معروفة بآية التبليغ كما فهمته من تسمية بعض الإخوة الكرام. هذه الآية تشير إلى أمر لا يمكن أن يتجاهله الكتاب المبين وهو كتاب أنزله الله تعالى ليهدي ويبين ما هو غير واضح لنا. فلنقرأها معا كما وردت في سورة المائدة ضمن مجموعتها.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (62) لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ (66) يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68).

لعلكم تلاحظون بأن مسألة ما أنزل إلى الرسول العزيز من ربه الحكيم وإلى الموجودين آنذاك  مكررة ست مرات في هذه المجموعة التي تحتضن آية التبليغ حسب تعبيرهم. وكلها تشير إلى القرآن الكريم وليس إلى أي أمر آخر. ولقد وضح الله تعالى المستهدفين بالتبليغ بأنهم اليهود والنصارى الذين احتفظوا بأديانهم ولم يسلموا، وليس المقصود صحابته أو الذين آمنوا من أهل الكتاب. والله تعالى يوضح القوم الذين وعد بأن يعصم رسوله منهم وهم الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب بقوله الكريم في نهاية المجموعة: وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا. ولقد سمى سبحانه الذين عصم رسوله منهم بـ “الناس” في نفس الآية المعروفة، لأن اليهود والنصارى يستعينون بغيرهم لتنفيذ مؤامراتهم ضد رسول الله. ويمكن ملاحظة المؤامرة المحتملة ضد رسول الله باعتبار أن القرآن سوف يزيدن (بنون التأكيد الثقيلة) كثيرا منهم طغيانا وكفرا. فالطغيان كما أحتمل إشارة إلى احتمال قيامهم بأعمال خطيرة ومؤامرات ضد الرسول الأمين عليه السلام.

لكنه سبحانه رفع عنا العتمة في الأمر بأن بين بكل تفصيل كيفية تبليغ القرآن العظيم حين قال عز من قائل في الآية الأخيرة: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ... فعلى الرسول أن يقول لهم بأن كل أعمالهم باطلة مرفوضة حتى يقيموا التوراة والإنجيل والقرآن معا. فبذلك يُلزم المسيحيين ألا يكتفوا بالعهدين القديمين بل يضيفوا إليهما العهد المحدث. كما يلزم اليهود بأن يتركوا العناد مع المسيح رسول الله فيلتزمون بالعهد الثاني كما يلتزمون بالعهد المحدث الجديد أيضا.

وحتى يعرف المتتبع الجدير خطورة الدعوة التي تحتاج إلى عصمة إلهية فعلا، عليه بأن يتصور بأن شخصا ليس من دينه يأتيه ويقول له بأنه يؤمن بكتابه السماوي ويعتقد بأنه منزل من الله تعالى ولكنه غير مقبول لدى السماء إلا إذا التزم بكتاب آخر. دعنا نتصور شخصا يأتي ويقول لنا نحن المسلمين بأن اتباع قرآنكم غير مجد يوم القيامة أمام ربكم حتى تعملوا بالكتاب الأخضر معه. سوف يفور الدم في شرايينا ولعلنا نثور ضده بكل ما أوتينا من قوة. هذا ما أمر الله تعالى نبيه أن يخاطب أصحاب الديانتين القديمتين به. ناهيك عن أن اليهود والنصارى كانوا يتصورون بأن هذا النبي من الأميين وبأن غالبية الأميين مشركون بعيدون عن فهم تعاليم السماء. كان قومي اليهود والنصارى مهيمنين على كل تعاليم وعلوم ما وراء الطبيعة ويرون بأنهم هم أهل العلم والباقون همج رعاع. كانوا يحملون نفس المشاعر الموجودة اليوم لدى متعصبي المسلمين في السعودية وإيران وأفغانستان وباكستان وغيرها من المجتمعات المعروفة بالتمسك بالسلف.

والحق أن ما أنزل إلى الرسول من ربه هو القرآن الكريم وليس شيئا غيره. ولو نستقرأ الإنزال في القرآن الكريم على البشر فسوف نرى بأن الكلمة لو لم تكن مقيدة بأمر آخر كالماء من السماء، فإنها تعني الكتاب السماوي الذي ينزله الله تعالى على عبيده. وفي سورة المائدة بالذات لا ترى الإنزال مطلقا لغير الكتب السماوية فيما عدا دعاء المسيح لإنزال المائدة وهو مقيد بالمائدة. وهو ليس إنزالا من عند الله تعالى بل طلبُ إنزال من السماء بأمر الله تعالى. لكن الكتب السماوية منزلة من الله تعالى نفسه ولذلك يطلق الله تعالى القول عليها بالإنزال من عنده فقط، ويندر أن يوضح المنزل بأنه كتاب أو حكم أو تشريع سماوي. وقد ذكر سبحانه إنزال القرآن على النبي إحدى عشر مرة في سورة المائدة. فكيف يمكن أن نفسر إحداها بشيء آخر غير القرآن دون أن يكون لنا بيان قرآني به؟ اللهم إلا تعسفا وحملا جبريا لعقائدنا على كتاب الله تعالى فالويل لنا لو فعلنا ذلك عن علم ودراية.

ودعنا نحلل المقطع القرآني لنرى احتمال أي أمر آخر غير القرآن. فالجملة تقول: بلغ ما أنزل إليك من ربك ولا تقول بلغ ما أمرك ربك لنبحث عن أمر آخر غير ما اعتدنا عليه من رسالات السماء. ولو كان الله تعالى يقصد إثبات الولاية لعلي بن أبي طالب كما يدعيه بنو جلدتنا فلماذا يقوله على استحياء؟ هل يخاف الله تعالى أحدا أم يستحيي من الحق؟

وهل هناك في القرآن ولاية لغير الله تعالى؟ هل للرسول ولاية على البشر؟ أم الله تعالى نفسه هو ولي الذين آمنوا بمن فيهم الرسول نفسه؟ إنه سبحانه وحده مولى الذين آمنوا وليس النبي مولى أحد بمعنى الرئاسة والولاية. إن على إخواننا أن يثبتوا قبل كل شيء ولاية الرسول نفسه من القرآن حتى نبحث في المرحلة التالية عن حق الرسول في تعيين خليفة لنفسه بعد موته. كل القرآن يتحدث عن أن الرسول بشر مثلهم يبشرهم وينذرهم وليس شيئا آخر. قال تعالى في سورة فاطر: إِنْ أَنتَ إلاّ نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إلاّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24). ويقول سبحانه في سورة الغاشية: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلاّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26). فهو عليه السلام يذكرهم بالقرآن وليس مسيطرا عليهم سيطرة إلهية.

وقال سبحانه في سورة يونس: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ(108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109). إنه هو يتبع القرآن الذي صانه الله تعالى حتى اليوم وهو بين أيدينا ويشرفنا أن نستضيء بنوره ولا نحتاج إلى أحد غير كتاب الله تعالى.

ولقد أرسل الله تعالى لكل أمة نذيرا، والأمة في القرآن تعني الجزء من القرن الذي ينطوي على رسول. والقرن يعني المجموعة البشرية المتكاملة التي تضم الملوك والصناعيين والتجار وأصحاب الحرف وتنطوي على حضارة ولهم ملائكتهم وشياطينهم ولديهم كل مقومات الحياة الطيبة. هناك يختار الله تعالى إن شاء من بينهم مجموعة قد تكون في نهاية التكوين القرني لينتخب من بينهم رسولا فيسمي سبحانه تلك المجموعة من القرن أمة. هذا ما نفهمه من القرآن ولم يقل الله تعالى أبدا بأن في الأمة مجموعة نذر يتوالون بل قال سبحانه بأن الرسل يتوالون بين الأمم. ولو أرسل الله تعالى أكثر من رسول في أمة واحدة فهو يرسلهم معا كما فعل في بني إسرائيل حين ظهور موسى ثم فعله في أمة أخرى غير معلومة لنا حيث أرسل فيهم ثلاثة رسل في حين واحد وهم يتعاونون معا.

ولكن أن يرسل الله تعالى رسولا ثم يكمل الرسالة بأشخاص آخرين فهو غير معهود في منطق القرآن. إن كل رسول يكمل رسالته قبل موته والقرآن يلح على ذلك. ولم يكن هارون خليفة موسى بل كان نبيا مع موسى كما لم يكن داود خليفة موسى بل كان بنفسه نبيا مرسلا إلى أمة أخرى من بني إسرائيل من بعد موسى بحوالي ثلاثة قرون زمانية. لا يجوز أن يترك الرسول قومه قبل أن يكمل رسالته ولم يحصل ذلك من قبل ولم يكن علي مكملا لرسالة محمد ولم يقم علي بادعاء تكميل الرسالة أبدا. إنه كان يقول بأنه واحد من الناس وقد صلى خلف أبي بكر وعمر وعثمان. فلو كان مكملا للرسالة وكان الثلاثة غاصبين للخلافة كما ندعي نحن فكيف سمح لنفسه بأن يصلي خلفهم ويساعدهم ويتعاون معهم؟ هل كان علي لهذا الحد ساكتا عن الحق؟ ولماذا لم يتقبل علي الخلافة حينما عُرضت عليه بل فرضوها عليه ولم يتركوا له فرصة الثبات على الرفض كما يقوله التاريخ ويصرح به نهج البلاغة. فلو كان خليفة للرسول وكان مكملا للرسالة ولكنه منحيٌّ عنها فعليه أن يتقبلها بمجرد غياب المانع. لنفترض أن ظالما منع مسلما من الصلاة عدة أيام ثم قال له: لك أن تصلي الآن، فهل يجوز للمسلم أن يقول له أنا غاضب ولا أصلي، أم عليه أن يبادر فورا بإقامة الصلاة؟

وما هو دور علي في تكميل الرسالة؟ قولوا لي ما الذي أضافه علي إلى التشريع الإسلامي المعروف أيام الرسول بعد توليه الخلافة؟ ليس في التاريخ أية إضافة علوية للتشريع الإسلامي. إن الفقه الذي بيننا هو من صنع جعفر الصادق وأبي حنيفة وهما شخصان مؤمنان رحمهما الله تعالى وليس فقههما ملزما لنا أبدا. هناك ادعاء باطل وسخيف بأن عليا عليه السلام عين حد شارب الخمر أيام الخلفاء الراشدين وهو افتراء إذ ليس لعلي أي حق أن يفتي. ليس للرسول أن يفتي لأحد فكيف لمن نريد إثبات خلافته له أن يفتي. لا حد لشارب الخمر ولا هم يحزنون ولكنهم يفترون الكذب. الخمر حرام وشاربه آثم وسيدخل النار لو لم يغفر الله له.

وليس في القرآن آية واحدة تبيح الإفتاء للرسول نفسه. هناك آيتان في سورة النساء تتحدثان عن استفتاء المسلمين للرسول فيبادر الله تعالى بأن يأمر رسوله أن يقول لهم بل الله يفتيكم وهما هاتان: قال تعالى في النساء: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127). وقال أيضا: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176).

يحتار المسلم من أمر هؤلاء الذين يفرضون آراءهم على الناس بحجة الفتوى، ولا أدري من سمح لهم أن يفرضوا فتاواهم على الناس؟ ليس الفتوى إلا رأيا شخصيا لا يمكن أن يكون مجزيا للمرء أمام ربه. للبرلمان المنتخب أن يفتي نيابة عن الناس وعلى الناس أن يلتزموا بفتوى البرلمان باعتبار وجوب التزام المرء بما ألزم به نفسه وليس باعتبار إلهي. إنهم مخطئون وليس من حقهم الإفتاء الملزم إطلاقا. كل ما يحق لهم أن يبدوا رأيهم فمن اقتنع اتبعهم ومن لم يقتنع لم يتبعهم. والإمام علي بن أبي طالب أجل شأنا من أن يفرض فتواه على الناس. إنه كان يقول بأن من حقه كخليفة على الناس أن ينصحوه فكيف يفتي بين الناس ويبقى فتواه جاريا إلى اليوم؟ هذا ما يقوله الشريف الرضي في نهج البلاغة في الخطبة 34: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً وَ لَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ وَ تَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ وَ تَعْلِيمُكُمْ كَيْلَا تَجْهَلُوا وَ تَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا وَ أَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ وَ النَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَ الْمَغِيبِوَ الْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَ الطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ. إنه ألزم الناس بما ألزموا به أنفسهم بالبيعة ولم يلزمهم بأن الرسول أوصى بأن يكون ولي عهده أو بأنه يحمل ولاية إلهية كما ندعيه. ثم إنه ينتظر نصيحة الناس له لأنه لا يمكن أن يفهم كل المسائل وهو محتاج إلى من يمده بعلمه وخبرته فأين الولاية الإلهية، إلا أن نكذب نهج البلاغة ونكذب الشريف الرضي؟ ودعني أبادر من سيعترض علي بأنني لا أعتبر نهج البلاغة كتابا صحيحا بكامله ولكن بني جلدتي يؤمنون بذلك. إن في نهج البلاغة ما يخالف القرآن ويخالف خُلُق علي بن أبي طالب وفيه ما يناقض نفسه فلا يمكن أن يكون كله صحيحا. لكنه برأيي خير من كتب الحديث المليئة بالمفتريات.

وأما هذه الإضافات التي نراها في الرسائل العملية للمعروفين برجال الدين من مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية فإن كلها أحكام شخصية لا قيمة لها في الدين وليس هناك أي التزام غير ما أكد عليه القرآن الكريم نفسه. وأما مسألة الصلاة فنحن نصلي كما صلى المسلمون والمسلمون صلوا كما صلى الذين من قبلهم منذ أيام إبراهيم. هناك تغييرات بسيطة أتى بها النبي ولم يأمر بكتابة تلك التغييرات بل أتى بها واتبعه المسلمون وبقي إلى اليوم وهن الشهادة بنبوته وبأنه عبد لله ورسول له إضافة إلى قراءة القرآن في الصلاة. ذلك لنشهد بقبول القرآن وبقبول الدين الذي أنزله الله تعالى علينا كبشر منذ ذلك الزمان، وكذلك قبول رسوله الذي بعثه من بين جدودنا قبل خمسة عشر قرنا. أما بقية الأحكام فكلها باطلة وليس من حق أحد غير الناس أنفسهم أن يعينوا حدود الزكاة وفق الحاجة في كل زمان وكذلك حدود قطع يد السارق وحدود ثبوت جريمة السرقة وما إلى ذلك من أحكام تركها القرآن للناس أنفسهم.

والأنكى من كل ما ذكرنا بأننا نعتقد بأن الرسول موجود بيننا وهو يرانا ويرى أعمالنا. فلو كان كذلك فهو ليس ميتا فما معنى ولاية العهد لعلي بن أبي طالب؟

وما الحاجة إلى النبي وعلي الميتين فعلا مع وجود الله تعالى الحي القيوم القادر بنفسه على القيام بكل ما يريد دون أن يستعين بأحد؟

هل الله يرزقنا أم محمد وعلي أم مشتركِين معا؟ فجواب الاستفسار الأول هو الإيجاب دون شك إذ أن الله تعالى يرزقنا فعلا، وأما الثاني فهو كفر بالله تعالى وجحود لحقيقته وإثبات لشخصين آخرين بدل الله العظيم جل جلاله. والثالث شرك بالله تعالى. فما حاجتنا لمحمد ولعلي اليوم؟ نحن نحبهما ولكن لنعلم أن حبهما لن يدخلنا الجنة ولا النار. بالطبع أن بغضهما يحقق لنا النار لأنهما معروفان معا بالإيمان والمؤمن أخ المؤمن وليس عدوا له. النبي أخ لصحابته وصاحب لهم جميعا والصحابة هم كل من دعاهم إلى الله تعالى سواء قبلوا دعوته كالطيبين المؤمنين أو الذين جحدوا دعوته فهم أيضا أصحابه وهو صاحب لهم بنص القرآن الكريم حيث يقول في سورة سبأ: وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45) قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إلاّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46). والمخاطبون كما رأيتم هم المشركون والنبي صاحب لهم. ويقول في سورة النجم: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2). ومثله في سورة التكوير.

أين قال الله تعالى بأن النبي مولى الناس حتى يقول الرسول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه؟ اللهم إلا أن نعتقد بأنه قصد المعنى العام وهو المحبة بين المؤمنين. فمن كان يحب الرسول فهو يحب عليا ومن كان يحبه الرسول فعلي يحبه. هذا لا يعني الولاية كما ندعي نحن الشيعة مع الأسف. وهذه العملية لا تحتاج إلى أن يجمع الرسول الناس ليقول لهم بأن من يحب الرسول فليحب عليا كما ظن بعض السنة في حادثة الغدير المعروفة. ولكن الحقيقة أن حادثة الغدير كذبة مفتراة ولا صحة لها ولا يمكن أن يقوم الرسول بهذا العمل بدون أمر صريح من الله تعالى. كان الحبيب عليه السلام رسول الله ولم يكن صاحب أمر ولا صاحب دعوة شخصية أو قومية ولم يكن ملكا قيصريا.

ويقول البعض بأن الله تعالى عين اثني عشر نقيبا لبني إسرائيل وعلي على رأس نقباء نبينا. نعم قال سبحانه ذلك في سورة المائدة نفسها: وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لاّكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (12). هؤلاء النقباء كانوا أيام موسى وليسوا خلفاء بعده. ذلك لأن الله تعالى أخذ الميثاق منهم والميثاق مأخوذ حين نزول التوراة عليهم كما هو مشروح في القرآن الكريم. وكما قرأتم في الآية أعلاه فإنهم بموجب الميثاق يؤمنون بالرسل ويساعدونهم كبقية بني إسرائيل وليسوا ولاة عليهم. لا يوجد لموسى ولي عهد على أن موسى لم يأت بكتاب عظيم مثل القرآن الذي يحمل الاستدلال. إنه أتى بكتاب يحمل أوامر الله تعالى ويقلُّ فيه الاستدلال ولذلك اعتبر الله تعالى القرآن مهيمنا على التوراة وكلاهما كتابه سبحانه ولكن المرسل إليهم مختلفون في التطور الفكري. والسبب في إنهاء الرسالات البشرية هو أن الناس قد تطوروا فكريا ولا يحتاجون إلى الرسل، وسيكون إرسالهم عبثا ولذلك ختم سبحانه الرسالات بمحمد عليه وعلى من سبقه من الأنبياء الصلاة والسلام.

نحن اليوم نعرف القرآن بكل دقة وتفصيل ولا يمكن للرسول الحبيب أن يزيدنا علما. كان الصحابة قادرين على إدارة أنفسهم بعد رسول الله وقد قاموا بذلك فعلا دون علي بن أبي طالب وبكل جدارة. اتفق المسلمون على أبي بكر أكثر من اتفاقهم على علي بن أبي طالب وكان علي مع الذين بايعوا أبا بكر فما الحاجة لولي عهد للرسول؟ اللهم إلا أن نقول بأن عليا كذب على أبي بكر وعمر وعثمان وعلى المسلمين جميعا بأنه صلى خلفهم واتبعهم أئمة له. حاشاه من ذلك فهو شيخ من شيوخ الصادقين.

وهل الرسول ملك أم نبي مرسل لينذر الناس؟ ليس في القرآن الكريم أي أمر بأن يحكم الرسول ولكن المسلمون هم الذين عينوه على أنفسهم أميرا في المدينة وليس الله تعالى. كان أبو سفيان يحكم مكة وكان الرسول واحدا من مواطني مكة ولم يأمره ربه بمحاربة الحكومة ولا برفض أحكامها. والأمر بطاعة الرسول هو كالأمر بطاعة المسيح الذي لم يكن رئيسا على شعبه أصلا. ولقد بين القرآن بأن اتباع الرسول هو اتباع لله تعالى وطاعته طاعة لله تعالى. هذا يعني بأن اتباع الرسول هو اتباع للقرآن ويعني أيضا بأن طاعة الرسول هي طاعة للقرآن الذي هو كلام الله تعالى وكان الرسول بنفسه يتبعه. ليس الرسول بنفسه عِدلا للقرآن الكريم بل هو أول المسلمين الذين أذعنوا لكلام الله تعالى. والمسلمون مع بالغ الأسف جعلوا أهل بيت النبي أو عترته أو سنته عدولا للقرآن. هذا خطأ كبير وعدم فهم لقول ربنا وعدم دراية لشخصية الرسول ولمهمته. إن طاعة الرسول لا تعني اتباعه بالكامل بل تعني قبول تفسيره للقرآن والمأمورون بالطاعة هم صحابته ولسنا نحن البعيدون عنه زمانيا. اقرأوا القرآن بدقة واقرأوا كل الآيات ولا تقطعوها تقطيعا فتمسكم النار.

إنما أمر الله تعالى نخبة الصحابة المحيطين برسول الله أن لا يرفعوا أصواتهم فوق رسول الله. ورفع الصوت هو يعني إعطاء زخم مشابه للرسول في التصويت على أمور الأمة ولا يعني الصوت العادي كما تصوروا. لو كان المقصود هو الصوت العادي فكيف اعتبر الله تعالى الذين يرفعون أصواتهم بأن أعمالهم قد تحبط ولكنه في نفس سورة الحجرات اعتبر الذين ينادونه من وراء الحجرات معذورين وقال سبحانه بأنه غفور رحيم إشارة إلى أن عملهم ليس معصية كبيرة بل كان خيرا لهم أن ينتظروا رسول الله حتى يخرج إليهم؟ واللبيب يعرف بأن رفع الصوت العادي أقل أهمية من النداء وراء الحجرات. إنه سبحانه في سورة الحجرات وما بعدها حتى سورة التحريم ُيعلِّم الناس الشورى ليُعِدَّهم للحياة الخالية من الرسل. أرجو أن يقرأ الإخوة هذه السور ويعتبروها مرتبطة ببعضها البعض. والقرآن كله مرتبط بعضه ببعض بالترتيب الذي بين يدينا ولا يحتاج أحد إلى العودة إلى أكاذيب المحدثين حول أسباب النزول وترتيب النزول ومسخ مفاهيم القرآن بفرية النسخ. ليس في القرآن آية واحدة منسوخة ولو كان كذلك فلا يمكن العمل به ولا يمكن اعتباره كتاب هدى ولا كتابا مبينا. لا يمكن لكتاب يتغير خلال 23 سنة أن يكون مقتدى لأمم تأتي بعد نزوله بأكثر من ألف سنة. والواقع أن الله تعالى نسخ بعض آيات التوراة ولم ينسخ القرآن لكن الإخوة لا يقرءون القرآن بدقة وبحسن نية مع الأسف. لقد أضلنا الشيطان عن ذكر الله وأصبحنا من الضالين فعلينا أن نعود إلى الله تعالى ونستغفره ونطلب منه أن يهدينا ولا نسعى لفرض عقائد السلف التي أتتنا عن طريق بني العباس على ديننا الحنيف.

أما بعد كل هذا، فلو كان هناك أمر للرسول بتبليغ الناس بأن عليا ولي عهده فنحتاج إلى الإجابة على المسائل التالية:

  1. ما هو دور علي بن أبي طالب؟ هل هو نبي، فقد ختم الله تعالى النبوة بمحمد عليه الصلاة والسلام؟ أم هل هو رسول، فالرسول يبعثه الله تعالى ولا يعينه رسول من قبل. هذا قول المسيحيين بأن إسحاق عين يعقوب نبيا أو رسولا من بعده عن طريق الخطأ. حاشا النبي الكريم من ذلك طبعا. وليس فخرا ليعقوب أن يعينه أبوه بل الفخر أن يعينه الله تعالى. إن علي بن أبي طالب نفسه يكره أن يعينه أحد أو يوصي به أحد من البشر ويعتبر وصية الرسول لأهل المدينة دليلا على عدم أهليتهم للإمارة. قال الشريف الرضي في الخطبة 67 من نهج البلاغة: فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ ( عليه السلام ) لَوْ كَانَ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ. ولعل قائلا يقول بأن الوصية بهم غير الوصية لهم. فالنبي أوصى في الأنصار وأوصى لعلي. والواقع أن كل تعيين من الأعلى للأسفل هو وصية من الأعلى لصالح الأسفل والموجه إليهم الوصية هم المنفذون للوصية والموجه له هو الموصى به. فالرسول كما يقولون جمع الناس ليقول لهم ما قالوه على لسانه عليه السلام فالوصية للناس وعلي موصى به آنذاك وكما علمنا فإن عليا يكره ذلك. ولا غرو، فأنا أحمد المُهري الضعيف البسيط أكره أن يوصى بي، فكيف بعلي البطل المغوار أن يرضى بذلك؟
  2. ما هو وظائف علي بن أبي طالب؟ هل رأيتم حاكما يعين مسؤولا إداريا دون أن يعين وظائفه؟ لقد عين الله تعالى إبراهيم إماما للناس ثم بين وظائفه في نفس المكان. لنقرأ الآيات الكريمة من سورة البقرة: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127). هذا هو العهد، وجدير بالذكر أن يعرف القارئ الكريم بأن الذي أتم الكلمات هو الله تعالى نفسه بأن عين عبده إماما للناس، وليس إبراهيم كما تظنن المفسرون الكرام خطأ. ليس لأحد أن يتمم كلام الله تعالى فالكمال له وحده دون غيره. وليعلم من لا يعلم بأن سؤال إبراهيم في قوله: ومن ذريتي، هو يعني بأن الذين يعملون بإمامته من ذريته أم لا وليس الإمامة بنفسها. فالإمامة كانت لتطهير مكة وإعدادها للطائفين ولا يمكن أن تتعدى الإمام إبراهيم. وأما الآية الثانية فهي بيان لعمل إبراهيم في إمامته وهو تطهير مكة بمعنى تنظيفها للطائفين والعاكفين لأنها كانت عبارة عن صخور متراكمة ولذلك سماها سبحانه من قبل بكة وقد جعل الله تعالى فيها ابنه إسماعيل مساعدا له في عمله كما جعل هارون مساعدا لموسى. وفي الآية الثالثة بيان لشكر إبراهيم ودعائه لمن يزور مكة لأنه هو أبو مكة المطهرة. وأما الآية الرابعة فهي شهادة من الله تعالى بأن إبراهيم قام بوظيفته المناطة به وساعده إسماعيل فعلا وهو وسام شرف لهما عليهما السلام. كما أن الله تعالى عين محمدا رسولا له وأرسل معه القرآن ليكون برنامج عمل له وأمره بأن ينذر الناس بالقرآن. قال تعالى في سورة الأنعام:  قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51).
  3. إن كل من يأمر أحدا بمسؤولية فإنه علاوة على تعيين واجباته فإنه يعين عقابه إن لم يعمل بوظائفه. قال تعالى مخاطبا نبينا في سورة الأنعام: قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ (14) قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(15) مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19). وقال سبحانه في سورة الإسراء: وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87). أين بيان المسؤولية الملقاة على عاتق الإمام علي وأين بيان عقابه لو تخلف عن القيام بالمهمة؟
  4. الملوك يبعثون السفراء إلى الدول الأخرى ويجعلون للسفراء جواسيس ليبلغوهم أخبار السفير ليطمئنوا على أنه لم يخن مهمته. والمدراء يعينون الوظائف الكبرى ويجعلون لأنفسهم عيونا في إدارة كل مدير ليعلموا بأنه أطاع أوامر من فوقه. والله تعالى أيضا وضع الملائكة على رأس رسله لئلا يخطئ الرسول في رسالته فيصاب الناس بالضلال وهم يظنون بأن رسول الله يهديهم. قال تعالى في سورة الجن: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِ لاّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28). وأما ما يقوله بعض المفسرين بأن رسولنا الأمين أخطأ في تبليغ الرسالة وبأن الشيطان وضع على لسانه كلاما يدل على احترامه للغرانيق العلا فهو محض هراء أحمق. ليس لهم دليل علمي على كلامهم ولا قيمة لهذا الكلام في ميزان المعاني. فأين الجواسيس الذين عينهم الله تعالى على علي بن أبي طالب؟ أم أن عليا أكثر أمانة من الرسول نفسه ولا يحتاج إلى من يصحح عمله؟ ونعلم من آيات الجن بأن الرسول لا يعلم أكثر من الصحابة أنفسهم وأنه يحمل رسالة عليه إبلاغها للناس وبأنه لا يحمل رسالة خاصة بنفسه. فكما لا توجد في الآية أية إشارة إلى الحكم أو الولاية أو إلى علي أو إلى أي إنسان فلا توجد فيها ملائكة على رأس الإمام الإلهي على غرار الملائكة الذين عينهم الله تعالى لمراقبة الرسول نفسه. فأين المراقبون في الآية؟
  5. قال تعالى في سورة النساء: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (64). فهل كان علي بن أبي طالب مطاعا لنعلم بأنه مرسل من قبل الله تعالى أو معين من قبل الله تعالى إماما للناس؟ لقد عاش علي أكثر من ربع قرن تحت قيادة غيره مطيعا لهم ثم عينه المسلمون خليفة عليهم وكان طول عمره يئن من عدم طاعة الناس له. قال عليه السلام في الخطبة 25: أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ وَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَ تَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ وَ بِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وَ طَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي الْبَاطِلِ وَ بِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَ خِيَانَتِكُمْ وَ بِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وَ فَسَادِكُمْ فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِي وَ سَئِمْتُهُمْ وَ سَئِمُونِي فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وَ أَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ. فكيف يمكن إثبات أن عليا كان مطاعا كما وضحت الآية بأن الرسول كان مطاعا بإذن الله تعالى؟ والواقع أن عليا كان مطيعا لغيره في القسم الأكبر من حياته بعد الرسول ومطاعا مدنيا في القسم الأصغر من حياته.
  6. كان المسلمون بانتظار النصر من الله تعالى ويسألون عنه لأن الرسل جميعا موعودون بالنصر. قال تعالى في سورة البقرة: أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (214). فهل كان علي ينتظر نصرا خاصا من الله تعالى على أعدائه من المارقين والناكثين والقاسطين؟ لقد قتلوا عليا في النهاية ولم يصله نصر الله تعالى فأين رسالته السماوية؟
  7. لقد جاء الأنبياء برسائل من ربهم وجاء موسى بكتاب عظيم هو التوراة وجاء محمد بكتاب أعظم هو القرآن. قال تعالى في نفس سورة البقرة: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (213). فأين كتاب علي بن أبي طالب من الله تعالى؟ يقولون بأنه مفسر للقرآن. قبلنا ذلك جدلا، فأين تفسير الإمام علي للقرآن كله؟ بل أين تفسير أي من الأئمة الاثني عشر لكل القرآن؟ يقولون بأن هناك تفسيراً للحسن العسكري. ذلك المشهور بالتفسير ليس إلا مجرد ادعاءات باطلة لا تقوم على دليل ويمثل تأويلا باطنيا لبعض آيات القرآن الكريم وهو أصغر بكثير من القرآن نفسه ولا يمكن اعتباره تفسيرا. ليأتونا بتفسير لفواتح السور مثلا أو حل لبعض إشكالات الملحدين على القرآن، منسوب إلى أي من الأئمة الاثني عشر. اللهم إلا أن نقول بأن عليا والأئمة أكثر علما من رسول الله بكتاب السماء وبتشريعات القرآن. ولو قالوا ذلك فسنقول لهم أين ذلك العلم ولا نقبل مجرد الادعاءات والمدائح والفضائل. نريد العلم ونريد المعلومات التي تفوق علم رسول الله وإلا فما الحاجة إليهم؟

والخلاصة أن ادعاء تفسير الآية بالشكل الذي نراه، هو ادعاء باطل لا أساس له ولا ينطبق ما قالوه على القرآن الكريم وليس في الآية ولا بعدها أي توابع تشير إلى أن المقصود غير تبليغ القرآن وليس في القرآن أي تعيين لأي شخص باسم التبليغ. ولا يمكن اعتبار “ما أنزل الله تعالى” غير الكتب السماوية. خاصة وأنه سبحانه أشار في نفس الآية إلى رسالة النبي ورسالته مقتصرة على القرآن. قال تعالى في سورة الأنعام: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (20) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (24) وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26) وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ (31) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (32) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35). وقال في سورة ق: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45). ولو كان للنبي كتاب غير القرآن لجاء ذكره في القرآن فليبحثوا في القرآن ليروا بأن رسولنا لا يحمل شيئا غير القرآن وبأنه احتاج إلى 23 سنة ليثبت ربُّه بالقرآن فؤادَه.

أحمد المُهري

#تطويرالفقهالاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.