عين على الثورة : مرافق الرئيس القاضي ! اللقاء الثالث

عين على الثورة :

مرافق الرئيس القاضي !

اللقاء الثالث

 

 

مرحبا بكم ، نأتيكم في هذا اللقاء مع ميلاد العام الهجري 1438 ،فكل عام وانتم بخير ، ومرة ثالثة  التقيكم في ذات المكان الخفي الذي يجمع العالمين ، التقيكم مع مرافق الرئيس القاضي عبدالرحمن الارياني المناضل الحاج يحيى الكوكباني  ، في اللقاء السابق كانت الاحداث متسارعة للوصول الى نقطة تفجير الثورة ، تعرضنا لمحاولة الاغتيال للامام في الحديدة ، كما لاحظنا ان الامام احمد نقل إدارة الحكم الى تعز من يوم توليه الحكم بعد ثورة الدستور 48 ، ثم في الأعوام الأخيرة نقلها الى الحديدة بعد محاولة انقلاب الجيش بقيادة الثلايا  في 1955 تعزر وتبعها محاولة تمرد العام 1959 ،  ربما لم يكن يتوقع ان يأتيه الثوار الى حيث يتحرك وهذا ما حدث في فبرير 1961 ، ومازلنا ننظر بعين الثورة للأحداث التي سبقت ثورتي سبتمبر واكتوبر وما بعدها  ،  دعونا نكمل اللقاء ونتمعن في الاحداث  :

  • مرحبا بك أيها المناضل ، نستمر معك في اللقاء الممتع حول الثورة و مابعدها ، وانقل لكم تشجيع الكثير من مراسلي على استمرار لقاءتنا التي تكشف وجها آخر للثورة ، فأهلا بكم وبكل متابعينا .

الكوكباني :

  • شكرا ، انما اردت ان انقل للأجيال أهمية ثورتنا وتضحيات الإباء والاجداد لها .

انا :

  • نعم بالتأكيد ! . تعرفنا ان الامام احمد تدهورت صحته بشكل متسارع وتقرر من الثورا الصمت لانتظار ما تجلبه الأيام ، خاصة وان هناك فريق منهم مازال يفضل ان يرى ما سيقدمه البدر .

الكوكباني :

  • ليس كليا ، وانما القرار هو انهاء الدولة الملكية بشكل كامل ، الا انهم لا يريدون في الوقوع في أخطاء تؤدي الى انهيار الثورة كما سبق….. التجربة تعلم !.

انا :

  • التجربة تعلم…. هل هناك من يفهم ؟ ارجو ذلك ، اذن أصبحت الصورة واضحة ان الثورة تنتظر ساعة الصفر .

الكوكباني :

  • نعم ، في الفترة أيضا كان اكبر أبناء الارياني مصابا بحمى شديدة تقرر نقله الى العلاج ، وكان الارياني ينتظر اذن السفر من الامام او البدر ، وفي ذات الوقت هناك معلومات تصل عن حجم الخلافات بين الاخوة في تسليم الامامة للبدر او لاحد اخوة الامام  ، جاءنا الخبر بوفاة الامام احمد في يوم 19 سبتمبر 1962 ، وقد أوصى بدفنه في العاصمة صنعاء ، وتم له ذلك ، جاء بيان البدر مناقضا لكل ما كان يعد به قيادات ومثقفي اليمن في لقاءته بهم ، كان كل البيان تحريضا وتهديدا و وعيدا ، هذه كانت الرسالة التي ينتظرها الثوار عندها حددت ساعة الصفر .

انا :

  • توفي الامام احمد بن يحيى حميد الدين المتوكل آخر أئمة اليمن في 19 سبتمبر 1962 م ، بغض النظر عن أخطاء الامام السياسية الا اننا لابد ان نذكر انه جزء من تاريخ اليمن ، كان رجلا مثقفا شاعرا ، فقيها ، لذا يجب ان نتذكر ان لكل شخص إيجابيات وسلبيات الا ان إيجابياته تخصه ، وسلبياته السياسية دمرت ابناء اليمن  . رغم انه بدء في اعمال واسهامات تنموية الا انها لم تبرز بسبب تركيزه على القضاء على كل الخصوم بدلا من البناء معا ، فالوطن للجميع والجميع وطن ، هذه رسالة لم يفهمها الامام ولا نجله البدر .

الكوكباني :

  • ربما ، الا انني لا احمل تلك المشاعر تجاه الائمة ، ربما تتحدث بلسان اليوم ، لا بلسان الامس .

انا :

  • نعم سيدي ، اتحدث بقراءة للتاريخ من زاوية الباحث الموضوعي قدر جهدي . عموما ، ماذا حدث لاحقا ؟

الكوكباني:

  • كانت تسير الأمور للسيطرة على المدن الرئيسية صنعاء و تعز والحديدة ، وانطلاق الثورة في صنعاء ، وكان في فجر الخميس 26 سبتمبر 1962 ان انطلقت شرارة الثورة بإشارة البدء بتفجير قصر الامام في صنعاء ، وتم اعلان الجمهورية العربية اليمنية في الساعة الخامسة مساء الخميس ذاته ، ولم يمض وقت حيث بدأ القبض على كل الطغاة في تعز والحديدة وارسالهم الى صنعاء . فورًا امرني القاضي الارياني بالسفر الى عدن مع الشيخ راجح أبو لحوم برسالة الى الشيخ سنان ابولحوم وهو يقيم في الشيخ عثمان وأخرى الى القاضي السياغي في لحج ، وكان معنا القاضي عبدالله الارياني ، وكذا ابن القاضي عبدالرحمن محمد للعلاج في عدن .

انا :

  • توجهت الى عدن .

الكوكباني :

  • نعم ، علمنا عند وصولنا الى عدن ان الشيخ سنان تحرك الى صنعاء عبر بيحان ، واما القاضي السياغي فاعتذر عن العودة لأنه قلق مما تصله من اخبار الاعدامات في صنعاء ، وبعد مصادرة أمواله وقتل أخيه ، ارتحنا في بيت الشيخ سنان بعض الوقت ، ثم عدت لتعز .

انا :

  • لم يعجب القاضي الارياني برأي السياغي بعدم العودة .

الكوكباني :

  • نعم لأنه ضغط بقوة لمنع الاعدامات العشوائية بدون محاكمات ، بل اعترض على أي مصادرة للأموال الخاصة ، والأموال الملكية تعود للدولة .

انا :

  • سنعود لهذه النقطة ، ما مصير البدر ، وماهي تشكيلة قيادة الدولة .

الكوكباني :

  • هرب البدر متوجها لحجة ، وفي الطريق تم قصفه من قبل الطيران الحرب المصري ، وانتشر خبر موته ، الا ان تأكد لاحقا انه قد نجا وخرج من بين الأنقاض ، ودعمته بعض قبائل حجة للوصول الى حدود المملكة وقد نوى السفر وعدم العودة ، الا ان المملكة دعمته وطلبت منه العودة واستعادة حكمه . وعن تشكيلة القيادة تشكل مجلس قيادة الثورة برئاسة الرئيس عبدالله السلال و أعضاء منهم القاضي عبدالسلام صبرة ، و علي عبد المغني والقاضي عبدالرحمن الارياني ، لاحقا تشكل المجلس الجمهوري او المؤتمر الجمهوري والحكومة ، وتشكيل الدستور .

انا :

  • استخدم الطيران الحربي في القتال !

الكوكباني :

  • نعم من الطرفين ، طبعا توافد الجيش العربي كما نسميه (المصري ) الى الحديدة وميناء المخا بكل التجهيزات القتالية ، دعما للثورة .

انا :

  • برزت المواجهة مباشرة ، ومنها ما حدث في مأرب حيث اعدت القبائل مدعوة من الخارج لتولية الامام الحسن بن يحيى حميد الدين ، والتي واجهها القائد علي عبد المغني واستشهد في معركة حريب ، وهو ابرز وأول شهيد من الضباط الاحرار .

الكوكباني :

  • نعم ابرزهم وهو اول شهداء الثورة رحمه الله تعالى ، في ذلك الوقت لم تحدد معالم المواجهة مع المملكة السعودية بعد ،

انا :

  • دعنا نعد ، تم تعيين القاضي الارياني مع عضويته في مجلس الثورة وزيرا للعدل و رئيسا للجنة الحصر لممتلكات الائمة .

الكوكباني :

  • نعم ، الا انه حدث ضغط لتغييره من لجنة الحصر ، قاد هذا الضغط عبدالله البيضاني الذي فرض على قيادة الثورة من السادات و القيادة المصرية ، فكان فجأة نائب لرئيس المجلس و رئيسا للوزراء .

انا :

  • دعنا ننظر للمتغيرات الأهم في المدن المحررة .

الكوكباني :

  • حركة التجارة تحركت بشكل ملفت ، دخلت البضائع القادمة من شرق اسيا ، وامتلأت الأسواق بأنواع من الأجهزة الكمالية والسيارات ، تحرك تأسيس الشركات في الحديدة تحديدا وتعز ، وكان قد بدأ في الخمسينيات انجذاب التجار الحضارم للحديدة ، والآن زاد الاقبال عليها ، استفاد من هذه الحركة ضباط مصريون لنقل البضائع من اليمن الى مصر .

انا :

  • الصورة الان إيجابية ومثمرة ، الا ان العالم ما زال يتحرك بغير الاتجاه الذي تتوقعونه

الكوكباني :

  • لم يكن كذلك ، فالعالم يتعامل مع المال والقوة ، والسعودية تتحكم بذلك في اطار مخالف لأنها ترى ان الجمهورية تعني مواجهتها بالتيار الاشتراكي القادم من مصر ، فهم القاضي الارياني الصورة ولذا قدم مقترحه بأنه على الفور نشكل وفدا الى المملكة للتوضيح والتهدئة واننا لا نمثل أي خطر عليها او سنتعامل ضدها ولن نغير أي اتفاقات سابقة معها وهذا ما ايده الزعيم القاضي الزبيري ، هاجم البيضاني القاضي الارياني والقاضي الزبيري في مقترحهم وانه فكر رجعي ، وان عليهم المواجهة ، وانه سيدخلون الى الرياض وينهون الرجعية الملكية ، لم يرد القاضي  الارياني على هجوم البيضاني ومن معه  ، الا انه قال لهم :

( حاربوا وسوف ترون نتائج الحرب والدمار على مصر واليمن )

انا :

  • لم يتراجع القاضي الارياني في عرض رؤيته مرات عدة .

الكوكباني :

  • نعم ، لأنه يرى ان المملكة لا تدعم البدر او الملكية وانما تهاجم التهديد المتمثل في القيادة العربية المصرية والتوجه الجمهوري ، حاول توضيح أيضا ان تمدد الجيش المصري في مناطق عدة سيزعج القبائل وسيشعرهم ان بلادهم محتلة ، وهذا سيهز الدور المصري الداعم للجمهورية . لم يتوقف البيضاني عن السخرية من الفكرة بل كان يصرخ مهددا المملكة عبر إذاعة صنعاء بأنه سيحرر الرياض .

انا :

  • اذن فعليا كان البيضاني موقد حرب اندلعت لسنوات .

الكوكباني :

  • خسر فيها الجميع .

انا :

  • لم يستمر مقام البيضاني طويلا .

الكوكباني :

  • اقل من عام ، هجومه وسخريته من الاخرين، وتلك الاعدامات والسجون التي فتحت ومصادرة الأموال بتهم الانتماء للملكية ، دفع الجميع الى المطالبة بأبعاده ، وكان ان طلب منه مغادرة اليمن العام 1963 . طرد الا انه بث الخلاف والفتنة في اليمن ، و ورط اليمن ومصر في حرب طويلة مع المملكة السعودية  وحلفاءها .

انا :

  • هاجمت البيضاني بشدة .

الكوكباني :

  • أولا برز فساده من يوم ابعد القاضي الارياني من لجنة الحصر ، وتهريب الكثير من محتويات القصور الملكية ، عدا تهريب البضائع من المخا والحديدة الى مصر بالتعاون مع السادات . عدا انه فتح الخلافات في كل البيوت اليمنية ضد ما ارتكبته الجمهورية .

انا :

  • الا تعتبر هذا اتهاما بدون دليل .

 

الكوكباني :

  • بلا دليل ، فور عودته لمصر أسس شركة عقارية لأعمال البنية التحتية ، دعمت بقوة من قبل السادات ، واستلمت اغلب مشاريع الاعمال التحتية ، وقضية العصفورة وهي حملة قادتها صحيفة الوفد ضد البيضاني الذي اعتبرته مورط مصر في حرب اليمن ، كان ذلك في الثمانينات من القرن الماضي ، ومحاولة البيضاني رشوة سعيد عبدالخالق محرر العصفورة وتم كشف امره ونشرت تفاصيل القضية في صحف عدة منها الشرق الأوسط .

انا :

  • توفي البيضاني العام 2012 ، انه ذكرى من تاريخ اليمن ومصر . يبدو ان الحديث معك ممتع لا يمل ، الا ان الوقت لا يخدمني .  تورطت اليمن ومصر في حرب طويلة ، انهكت الحرث والنسل . بحثا عن الأخطاء التي سلبت منا اكتمال رؤية أهداف الثورة ما زلنا نبحث ، عموما  اندلعت المواجهة في اكثر من منطقة من خولان وارحب ومأرب وميدي وحجة ونجران ،وفي الإعلام إذاعة صوت العرب وإذاعة صنعاء مع الجمهورية وإذاعة الملكية التي تبث من نجران مع اذاعات المملكة تدعم الملكية . رغم الصورة الإيجابية التي بدأت بها المناطق المحررة وانطلاق الاعمار والتجارة في الحديدة تحديدا وكذا صنعاء وتعز . الا ان المواجهة لم تتوقف في بقية المناطق التي تمثل كثر من 70 % من الدولة  في ذات الفترة بدأ  الاعداد لثوار الجنوب الذين  يتوافدون الى تعز وصنعاء ، الا ان للحديث بقية ….. سيدي اشكرك واثق ان الحديث سيكون اكثر اثارة في اللقاءات القادمة .

الكوكباني :

  • واشكرك انا كذلك لنقل الرؤية  لجيلك والاجيال التالية لربما يعاد النظر .

انا :

  • نعم لربما نعيد النظر ، هناك أشياء لابد من قولها ، هنا لا نكتب التاريخ بل نقرأ التاريخ من منظور المواطن وليس المسئول الذي سيحاول تجميل الأمور واخفاء المعلومات . لن نقرأ التاريخ من زاوية الراوي الذي يؤسسه على الخير والشر …. سنلتقي ان شاء الله قريبا .

محبتي الدائمة

#اصلحاللهبالنا

أحمد مبارك بشير

1 أكتوبر 2016

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.