الحديث مع الكلب الجائع ! #اعادة_نظر

الحديث مع كلب جائع
DOG
Dog vector silhouette
 لم يحدث يومًا من ساعة أن قرأت رسالة سيادة المستشار أحمد ماهر عن الآية 55 من سورة يس أن اقتربت من كتاب من كتب التفسير التي تركها لنا أهل العلم والنظر من أهل السنة والجماعة, رضي الله سبحانه وتعالى عنهم جميعًا وأرضاهم, إلا وتذكرت تفسيرهم للآية 55 من سورة يس.  والآية 55 من سورة يس هي آية تتألف من “سبع كلمات”, يخبرنا فيها العزيز الحكيم بأن أصحاب الجنة في شغل فاكهون.  وهي آية, والحق يقال, واضحة وضوح الكريستال ولا تحتاج إلى أن يشغل الأئمة العظام أنفسهم بتفسيرها وإلقاء الأضواء على المقصود بها.  إلا أن هذا هو ما فعله الأئمة العظام, وعليه أصبحنا نعرف الآن أن المقصود بهذه الآية الكريمة هو أن الحياة في جنة الله هي حفلة جنس من ساعة أن تطأ أقدام المؤمنين أرض الجنة إلى أبد الآبدين.  جنس حلال, بلال, زلال, لا شيء قبله, ولا شيء بعده, ولا شيء غيره.  جنس تأخذ الممارسة الواحدة منه ثمانين عامًا من أعوامنا وتقوم على تقديم خدماته مئات ومئات من البنات اللطيفة المخصصة لتقديم هذه الخدمات.  والقصة لطيفة وفي غاية الإثارة.  والسؤال هو كالتالي:  كيف استطاع الأئمة العظام أن يتوصلوا إلى ما توصلوا إليه على حين أن الله سبحانه وتعالى لم يخبرنا بأكثر من أن *إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون*؟   والإجابة هي أنهم رأوا في الآية الكريمة ما يدور في عقولهم.  وكأنهم قالوا لأنفسهم “نحن الآن في الجنة حيث يوجد كل ما تشتهي الأنفس والأعين.  والأنفس والأعين, طبعًا, لا تشتهي شيئًا غير الجنس.  وعليه تم إغراق الجنة بالجنس.  فيضان من الجنس.  جنس وراء جنس يليه جنس يليه جنس.  مضت عليّ فترة كذلك منذ نشرت “حكاية الشيخ حسن العكابري” وأنا لا أقترب من كتب التفسير إلا وتذكرت حكاية الكلب عتريس مع الكلب أبو سريع.  تقول الحكاية:”أطلع الكلب هول الغراب النوحي على آخر تطورات الأمور عنده وأوضح أن الكلب عتريس قام بالاتصال بكلاب الشوارع وإبلاغها بعملية الليلة الكبيرة.   ضحك الكلب هول من القصة التي أخبره بها عتريس عن الطريقة التي استخدمها للاتصال بكلاب الشوارع.  قال الكلب هول إن عتريس انطلق خارجا من كلية الشرطة لإخبار كلاب الشوارع بخبر الليلة الكبيرة إلا أنه فوجيء بأنه كلما اقترب من كلب منها سارع ذاك الكلب بالركض بعيدًا عن عتريس وكأنه رأى عفريتا.  تذكر عتريس عندئذ كيف أنه لم يصادق كلبا من كلاب الشوارع منذ أن دخل في خدمة الشرطة المصرية وكان سعيدًا كل السعادة بأن كلاب الشوارع تهابه وتبتعد عنه.   حاول عتريس أكثر من مرة أن يقترب من كلب من كلاب الشوارع إلا أنه فشل في كل مرة في الحديث مع كلب منهم.  بدأ الوقت يمر وبدأت أعصاب عتريس تتوتر.  أخيرًا, تذكر اسم صديق له من أيام أن كان هو نفسه كلبا من كلاب الشوارع في عزبة الصفيح.  وعليه, قرر التوجه إلى عزبة الصفيح على الفور رغم بعد المسافة.  في عزبة الصفيح بحث عتريس عن أبو سريع إلى أن وجده يقف فوق جبل من الزبالة  يبحث عن لقمة عيش يأكلها.  كان واضحًا تماما من منظر وجهه أن البحث عن لقمة عيش في كوم زبالة في عزبة الصفيح يعادل البحث عن العنقاء في جزيرة العرب.  لا أحد في عزبة الصفيح من ساعة أن ظهرت على ظهر البسيطة إلى يوم الله هذا يرمي خبزًا في الزبالة.   كان شعار عزبة الصفيح على الدوام هو “وجع البطن ولا رمي الطبيخ”.  تطلع أبو سريع بدون أي اهتمام حقيقي إلى عتريس متسائلاً – بينه وبين نفسه – عن السبب في حضور “حضرة الضابط” إلى عزبة الصفيح.  لم يشاهد أبو سريع صديقه العزيز عتريس من يوم أن غادر عزبة الصفيح للعمل في الداخلية.   حيا عتريس أبو سريع وأخبره بأنه جاء ليخبره بأمر هام يخص كلاب مصر وأن المسألة تعتمد على أبو سريع شخصيا.  لم ينظر أبو سريع إلى عتريس واستمر في بحثه اليائس عن لقمة خبز يأكلها, أو أي شيء قابل للأكل.  أخبر عتريس صديقه القديم بموضوع نسف ميدان التحرير, والثورة المصرية, والليلة الكبيرة.  أبدا أبو سريع على الفور اهتمامه بما يحدثه عنه صديقه عتريس وسأل باهتمام شديد عما إذا كان عتريس وأصدقاؤه سيقدمون فتة ولحم في هذه الليلة الكبيرة كما هي العادة في الموالد أم أن الأمر لن يتعدى الكشري.  كاد عتريس أن يصاب باليأس من إيصال الفكرة إلى أبو سريع, فكلما حدثه عن شيء كان السؤال هو عما إذا كان هناك أكل.  كان واضحًا تماما لعتريس أنه إذا لم ينجح في كسب اهتمام هذا الكلب بما يحدثه عنه فإن موضوع حشد الكلاب البلدي وراء كلاب الشرطة مقضي عليه بالفشل.  هو لا يعرف أحدًا سوى هذا الكلب ولن يستمع كلب غيره إلى ما يحاول أن يخبر الكلاب به.  وفجأة خطرت بباله “فكرة جهنمية”.  أخبر عتريس أبو سريع أن كلاب الشرطة ستقيم الليلة “ليلة صغيرة” احتفالاً بـ”بيان النظام” وأن أبو سريع مدعو للأكل.  توقف أبو سريع تماما عن الحركة ونزل عن جبل الزبالة للمشاركة في هذا الاحتفال الجليل.أدرك عتريس أن الحديث مع كلب جائع عن تغيير نظام الحكم من أجل الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الحيوانية, لا يختلف كثيرًا أو قليلا عن التحشيش.  يستحيل الكلام عن هذه المواضيع مع كلب جائع.” والفكرة هنا, باختصار, هي أنه تماما مثلما يستحيل الكلام عن الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الحيوانية مع كلب جائع, فإن من المستحيل الحديث عن الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الإنسانية مع الأئمة العظام, شموس الإسلام, أحبار الأمة, وأسود السنة – رضي الله سبحانه وتعالى عنهم جميعًا وأرضاهم – وإذا كان الحديث مع كلب جائع عن الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الحيوانية لا يختلف كثيرًا أو قليلاً عن التحشيش, فإن الحديث مع الأئمة العظام – رضي الله جل ثناؤه عنهم جميعًا وأرضاهم – عن الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الإنسانية لا يختلف هو الآخر إن قليلًا أو كثيرًا عن التحشيش.  كيف, بالله, يمكنك الحديث عن الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الإنسانية في مجتمعات لا يعمل أهلها بزراعة, أو صناعة, أو تجارة وإنما يعملون بالسلب, والنهب, والسبي, والقتل, وقطع الطرق؟  أي حديث عن الحرية في مجتمعات تعارفت على الاستعباد والعبودية؟   بل كيف “تجرؤ” على إدانة الاستعباد في مجتمع تمتليء بيوته بالعبيد؟  ثم كيف “تجرؤ” على القول بخطأ القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعمل بزراعة, ولا صناعة, ولا تجارة وإنما كان يرتزق بقطع الطرق؟  ما العيب في قطع الطرق وقتل الآمنين, وسبي الإناث واستعباد الأطفال؟  ما المشكلة؟ وكأن المسألة, بهذا الشكل, هي أن “النظام الاجتماعي” هو الذي يحدد ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به.  لم يكن باستطاعة قدماء الفقهاء الحديث عن الحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الإنسانية لأن المجتمعات القديمة لم تكن تقوم لا على حرية, ولا على عدالة اجتماعية, وطبعًا ولا على كرامة إنسانية.   تمامًا مثلما يستحيل أن يذهب إلى لندن داعية إسلامي ليحدث أهل لندن عن وجوب قتل تارك الصلاة, يستحيل أن يذهب إلى الرقة داعية إسلامي ليحدث أهل الرقة عن أن لا إكراه في الدين.  لا يوجد لدي أدنى شك في أن هذه الكلمات ستكون آخر ما قال. أرسل إلينا سيادة المستشار أحمد ماهر رسالة لطيفة عن أحكام الجنس الجماعي في الإسلام.  جاءت هذه الأحكام في كتاب “الأم” للإمام الأعظم الشافعي, رضي الله جل جلاله عنه وأرضاه, بالجزء الخامس صفحة 179.  يخبرنا الإمام الأعظم أنه إذا كان للواحد منا عدد من الفتيات اللاتي اشتراهن من السوق, وأراد أن يمارس الحب معهن قبل أن يغتسل كان من الأفضل أن يغتسل بعد الانتهاء من واحدة والبدء بالثانية.  يبيّن الإمام الأعظم – رضي الله جل وعلا عنه وأرضاه- أن سبب التفضيل هذا يعود إلى ورود حديث بهذا المعنى وإن كان حديثًا ضعيفا إضافة إلى أنه أنظف وإن كان غير واجب.   يبيّن الإمام الأعظم – رضي الله عز وجل عنه وأرضاه – أن الأفضل هو أن يغسل الواحد منا فرجه قبل ممارسة الحب مع الجارية التي يريد أن يمارس الحب معها أو قبل ممارسة الحب مع الجواري اللائي يريد ممارسة الحب معهن واحدة بعد الأخرى تمامًا كمن يمارس الحب مع جارية واحدة مرة بعد مرة.   لا ينسى الإمام الأعظم, على أية حال, أن يبيّن أنه في حالة قيام الواحد منا بممارسة الجنس مع زوجاته فإن عليه أن يستأذن منهن في ممارسة الحب معهن جميعًا فإذا وافقن فلا مشكلة هناك, أما إذا لم يوافقن فمن الأفضل أن يمارس الحب مع كل واحدة منهن في الليلة المخصصة لممارسة الحب معها.  لا يوجد لديّ أدنى شك في أنه لو ذهب الإمام الأعظم الشافعي – رضي الله سبحانه وتعالى عنه وأرضاه – اليوم إلى عزبة الصفيح وحدث أهلها عن موضوع الجنس الجماعي هذا لأصابهم الخبل من روعة ما يحدثهم عنه ولخرجوا يتحدثون عن سماحة الإسلام.  ما كل هذه العظمة؟  وما كل هذه السماحة؟  ما أعظم أن يقوم الواحد منا بممارسة الحب مع كل هاته الفتيات بدون أي حاجة إلى “تعطيل العملية” والاغتسال بين فتاة وفتاة.   لا يوجد لدي أدنى شك كذلك في أن فضيلته لديه من الاتزان ما يكفي لمنعه من الكلام في مثل هذه المواضيع في حال ذهابه إلى الزمالك.  يعلم فضيلته – رضي الله جل وعلا عنه وأرضاه – أنه لو تحدث بهذا الشكل في الزمالك فسوف يخرج من الزمالك إلى التجمع الخامس حيث يوجد “منتجع الدكتور أحمد عكاشة للصحة النفسية”.  هناك كلام يقال في عزبة الصفيح وكلام يقال في الزمالك. وكأن الهدف من كل هذا الكلام هو بيان أن أحكام الفقه السني القديم هي أحكام لا تعكس فهمًا قويمًا لكتاب الله وإنما أحكام تعكس فهما قويًا للأعراف, والتقاليد, والعادات السائدة في المجتمع العربي القديم.  هذا هو السبب في تيار الدماء المتدفق في كتب الأئمة العظام – رضي الله جل ثناؤه عنهم جميعًا وأرضاهم.  تمامًا مثلما كان أبو سريع يسأل بعد كل عبارة ينطق بها عتريس عما إذا كان هناك أكل كان الأئمة العظام – رضي الله سبحانه وتعالى عنهم وأرضاهم جميعًا – يتساءلون بعد كل آية يقرأونها عما إذا كان هناك قتل.  حدث ذلك لأن الحياة الإنسانية في المجتمع العربي القديم لم تكن تساوي ثلاثة تعريفة.
وإن الحمد لله, والشكر لله, على ما آتانا وما لم يؤتِنا, وما أعطانا وما لم يعطِنا. 
22 مارس 2016
#تطوير_الفقه_الاسلامي
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.