من جديد الفطرة

تعليق على مستجدات البحث حول الفطرة
480179713.jpg
لا ريب أن سيادة الأخ الطبيب محمد سلامه يؤمن بقدرة الله تعالى على التصرف في النفس كما يؤمن بأن خلق النفس ليس مسألة حسية يمكن لنا كشفها وإثباتها فليس لنا أن نتحدث عنها وعما بها إلا عن طريق الوحي. لا مانع لدينا أن نؤمن بالمثل العلا في النفس كما يدعو إليها سيادته ولكن السؤال الذي وجهه إليه أخونا سيادة الدكتور كمال هو من أين لك أن تقول ذلك؟ هل لديك وحي يثبت لنا ما تدعيه أم مجرد ادعاء؟ هذا كل ما ننتظره من بشر يتحدث عن خلق الله تعالى لنفوسنا وما أودعه فيها.أما ما تفضل بقوله أن القرآن ليس مرجعية بذاته بل هو مرجع لمن يؤمن به فهو كلام صحيح لا غبار عليه. حديثي كان عنا لا عن كل البشر. نحن مسلمون ونكتفي بما يقوله القرآن فليأت بتصريح قرآني ونحن خاضعون للقرآن باعتباره كتاب الله تعالى عندنا دون ريب. وكذلك قول سيادته بأن الإيمان غير قابل الثبوت علميا بمعنى أننا نؤمن بما لا يمكن لنا إثباته فهو أيضا صحيح. لكننا نعتقد بأن الذي يمنحنا الإيمان هو الله تعالى نفسه ولم يقل القدوس العزيز بأنه أودع فينا إيجابيات معنوية يمكننا أن نعرض عليها ما نسمعه فنؤمن أو لا نؤمن بتوجيه من تلك القوة الباطنية. قال سبحانه تماما عكس ذلك.قال سبحانه في سورة الرعد: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27). فالهدى والضلال ليس من داخل النفس ولكن الله هو الذي يهدي ويضل وهو سبحانه محيط بالنفس. وقال سبحانه في سورة الشورى: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13). فهناك نظام إلهي يسمى نظام المشيئة وعلى أساسها يجتبي الله إلى الله كل من ينطبق عليه شروط نظام المشيئة ومع الاجتباء يُعرِّف الله تعالى عبده بنفسه في حدود الإنابة.وقال سبحانه في سورة الحجرات: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8). فالذي يزين الإيمان ويكره الكفر هو الله تعالى وليس ما في النفس من مثل علا.نحن لا نرفض الفطرة ولكننا لا نسمح لأنفسنا بأن نقول بأن ربنا خلق في نفوسنا المثل العلا إلا إذا سمعناه منه جل جلاله. الفطرة في حدود الالتزام بالدين معترف به في القرآن كما نقلته من سورة الروم ولكن ما يتفضل به الأخ الطبيب فأنا لم أعثر عليه في الكتاب المجيد. فالله تعالى خلق الإنسان ملتزما بالدين ومن الأفضل أن نقول خلق النفس الإنسانية ملتزمة بالدين. وأما البدن الإنساني فهو كبقية الأبدان لكن المشكلة في أبداننا أنها تتألف من خلايا مدركة. ولذلك ذكر الله تعالى لنا بأنه حينما فصل بعض خلايا آبائنا ليجعلها أحادية بمعنى أن بعضها تحمل الكروموزومX  فقط والبعض الآخر تحمل الكروموزم Y هناك تمت تخلية الخلية من أفكار وعقائد الآباء ومن الأفضل أن نقول بأن الخلية الأحادية خلت من كل ما أضافها إليها الأب وأودعها فيها من صور وغيرها فيما عدا مقتضيات سنة التطور التي يريد الله تعالى أن تبقى معنا. فالله تعالى يحشر الإنسان يوم القيامة وهو محتفظ بكودات الخلايا لتشهد علينا أرجلنا وأيدينا الجديدة بما كسبناه في الدنيا ولكن هذه الكودات المتغيرة لا تنتقل إلى أولادنا حين الارتباط بالبويضة. هاتان المسألتان فطريتان ومذكورتان في القرآن ولكننا لم نعثر على مسألة المثل العلا في كتابنا السماوي.فقولكم الكريم بأن الإنسان في المرحلة الثالثة حسب تقسيم سيادتكم فإنه يغربل موروثاته الفكرية والعقائدية في غربال بداخله فهو قول ينقصه الدليل. من الواضح بأنكم تعلمون بأن المتكلمين والمؤمنين بالله من الفلاسفة يعتقدون بأن الله تعالى خلق النفس عارية عن العلم. ثم يُدخل الله تعالى كما أظن العلم في النفس إما بالبداهة أو بالكسب. والبداهة تمثل ما يودعه الله تعالى في النفس شيئا فشيئا كما يقولون ودليلهم على ذلك هو أننا لم نر إنسانا ولد وهو يحمل العلوم البديهية فهناك علة مغايرة للنفس تقوم بتزويد النفس بالعلم وهو الله تعالى برأي المؤمنين به سبحانه. كلما تحتاج إليه النفس هو الاستعداد ونحن لا ننكر استعداد النفس لتقبل العلم كما لا ننكر درجات الاستعداد.لكن سيادة الدكتور أبي المكارم حفظه الله تعالى يدعي خلق الله تعالى لمثل علا داخل النفس حين خلق النفس دون أن يأتي بدليل من القرآن أو يأتي بدليل تجربي أجراه على أطفال صغار من قبل أن يبدؤوا التلقي من الطبيعة وهي البديهيات بأمر الله تعالى ومن المعلمين وهي العلوم المكتسبة. فدعنا نحلل قوله بتعيين تعريف لهذه المثل: نبدأ بالكلي لهذا التعريف فهل هذه المثل علم أم قوة نفسية؟ لو كانت قوة نفسية لما كان لعرض المسائل عليها فائدة. إن القوة في نفوسنا تحتاج إلى تنشيط واستعمال للاستفادة منها فهل العرض عليها يمثل التنشيط؟ كلا، بالتأكيد لأن سيادته يقول بأن تلك المثل العلا تساعد المرء على التمييز وإدراك الفروق بين ما يعرض عليها مما نشاهده أو ننويه لنميز بتلك القوة المفروضة ماهية المعروض وحكمها لنأتي بها أو نمتنع عنها تبعا لشهواتنا أو طيب نفوسنا.إذن نحن نستعمل تلك القوة للتمييز بين الأشياء مباشرة بدون أن ننشطها. هذا يعني بأن تلك القوة علم كلي يساعدنا على عرض الجزئيات عليها. هذا الكلام يتعارض مع ما قاله الفلاسفة والمتكلمون الذين يؤمنون بالله ويؤمنون بأنه تعالى  خلق النفس عارية عن أي علم. والآن دعنا نقول بأن الفلاسفة أخطأوا ولكن الطبيب سلامه هو الذي فهم الموضوع و أباح به وهذا ممكن طبعا وليس ممتنعا. فلنبدأ بمناقشة ما قاله سبحانه في القرآن من مسألتين فطريتين وهما:1. أنه تعالى فطر الناس على الالتزام بالدين.2. أنه تعالى قطع الأفكار الخاصة بالأب عن الخلايا الأحادية التي يمكن لأي منها أن يتعاون مع البويضة الأنثوية لخلق إنسان.الالتزام بالدين الطبيعي عبارة عن خلق النفس متمايلة إلى الالتزام بقانون فقط من دون أي دستور أو قوانين فرعية. هذا الالتزام يمكن معرفته بأننا نرى أنفسنا تحب أبداننا فعلا. فلماذا تحب أبداننا؟ لأنها تعرف بأن أبداننا هي الوسيلة المثلى لإظهار النفس وما تريده النفس. ولذلك تسعى النفس لحماية البدن جهد الإمكان وتسعى لشفاء البدن من الأمراض حماية للآلات التي تستعملها النفس للظهور والتجلي وتفعيل الإرادة. هذا الأمر يتكرر يوميا مرات كثيرة. أليس هذا دليلا بأن النفس ألزمت نفسها بحماية البدن؟ هذا هو الدين الذي فطر الله الناس عليها. هذه الصفة الغريزية تساعد النفس على التمييز بين الفجور ومعناه التحرك بدون نية وبدون هدى وبين التقوى ومعناه الخوف مما يظن بأنه قد يضر بدنه أو يؤلم نفسه. الأول تعني عدم الالتزام بالقانون والثاني تفرض الالتزام بالقانون وهو الدين. هذه الصفة الغريزية ليست علما ولا مثلا علا بل هي صفة ذاتية مميزة للنفس الإنساني عن النفس الحيواني. ولذلك قال سبحانه في سورة الروم:بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32).تستمتع النفس بكل ما يريح أعضاء البدن ويبهجها ويُظهرها للآخرين بقوة وجمال وهذا ما نسميه الهوى. فالهوى أمر طبيعي ومفيد وضروري لنا ولكننا نحتاج مع الهوى إلى علم واستعداد لألا نظلم الآخرين. هذا العلم إما بديهي وإما مكتسب. فالبديهي هو ما يعلمنا الله تعالى إياه عن طريق الطبيعة أو الملائكة أو أي طريق أخرى. والله تعالى يمكن ألا يهدينا ولا يعلمنا أحيانا فنضل ولا يمكن لنا أن نهتدي بدون الله تعالى لأن الحديث يدور مدار البديهيات التي هي كلها بيد الله تعالى. لولاه سبحانه لضللنا وما لنا من ناصرين. فليس لآبائنا ولا لأحبابنا أن يهدونا لأنها ليست علوما مكتسبة بل هي بديهيات بيد العزيز الحكيم وحده. وأظن بأن كل فلاسفة المسلمين متفقون على هذه الحقيقة كما يمكن لنا مناقشتها إن وافق الإخوة والأخوات عليها لأنها ستكون مناقشة مهنية محضة قد يملوا منها.وبعد أن عرفنا البديهيات العلمية وهي غير موجودة في النفس بل موحاة من الله تعالى شيئا فشيئا فإن هناك الخيار بأن نتبعها أو نتركها. لدينا قوة نفسية تمكننا من اتباع تلك البديهيات كلما تعلمناها كما يمكننا مخالفتها. تلك القوة النفسية هي قوة الدين أو الالتزام بالحقائق البديهية كالالتزام بالابتعاد عن النار حتى لا نحترق ولا نحرق الممتلكات. فقوله تعالى: فأقم وجهك للدين؛ يفيد بأننا قادرون على عدم الالتزام بها ولكننا مأمورون تشريعيا بالالتزام بها أولا. ثم  إننا نقوى على أن نلتزم بها أحيانا ونتركها أخرى فيقول سبحانه بأن علينا بأن نقيم وجهنا للدين. بمعنى أن من واجبنا أن نلتزم بالدين دائما وليس أحيانا. فعلى المرء أن يبتعد عن الزنا على كل حال سواء كان في حالة طغيان الشهوة أو في حالة عدم الطغيان  وسواء كان اختيارا أو اغتصابا وغيرها من الحالات.وحنيفا يعني مائلا. ومعناه بأن من واجبنا ألا نلتفت أبدا لمن يساعدنا على المنكر أو يمنعنا من المعروف سواء كان ظاهرا من بشر وشهوة وحاجة أو باطنا من الشياطين فعلينا أن نتركها ونلتفت إلى نداء الملائكة. المشكلة هنا أن المتعارف بين الناس هو الوجدان ولكن الله يتحدث عن نفسه الذي يمنعنا مباشرة أو عن طريق الملائكة. وهذا بحث لا نحتاج إليه فعلا.والدين هو فطرة الله تعالى التي فطر الناس دون الحيوانات عليها وهو غريزي لا تبديل له. والدين القيم هو أن نقيم وجهنا دائما إليه فإذا أقمنا وجهنا دائما إليه أصبح دينا قيما على بقية مظاهر إراداتنا وإلا فهو دين غير قيم بسبب تعاملنا غير الصحيح معه.منيبين إليه حتى يهدينا لأنه تعالى وعد أن يهدي من أناب إليه. والإنابة ليست أمرا غريبا لأننا أتينا بأمر الله تعالى وضمن نظام الطبيعة ولكننا بأهوائنا نخالف نظام الطبيعة وهو نظام الله تعالى فعلينا العودة إلى الله لنعمل بالنظام فنسير سيرا تطوريا إلى الأمام. هناك يساعدنا الله تعالى بالهدى لنسير سيرا صحيحا دون اعوجاج.واتقوه بمعنى أن الخوف ضروري ولكن يجب أن نصب الخوف جهد الإمكان في تقوى الله تعالى باعتبار عدالته وعدم تقبله سبحانه لأي نوع من الظلم.وأقيموا الصلاة بعد أن أقمنا وجوهنا للدين أمرنا بالابتعاد عن مشاعر الكبرياء فأمرنا بإقامة الصلاة. إن الصلاة عبادة جمعية يأتي بها كل من أسلم وجهه لله تعالى فنحب الناس ونحب كل من هو مثلنا ولا نتكبر عليهم ولا نخالف النظام ولا نتبع غير الله تعالى كما يفعله المسلمون والمؤمنون بالله ولو بالظاهر.ولا تكونوا من المشركين؛ ومن هم المشركون؟ الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا. من هم الذين فرقوا دينهم؟ قال تعالى في سورة النحل: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55) وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ (56). أرجو قراءة الآيات الكريمة بإمعان مع ملاحظة التالي:كل الكائنات خاضعة لله تعالى بصورة طبيعية بما فيها كياناتنا البدنية وكياناتنا النفسية. لكن نفوسنا من حيث القدرة الإرادية ولفترة قصيرة تستمتع بحرية الاختيار. كما أن كل شيء غيرنا يدين دائما (واصبا) بقوانين الله تعالى التي تُخضع كل شيء للقدوس العزيز عز اسمه.المشرك هو الذي يُشرك غير الله تعالى بالله فيخضع مختارا لغير الله سواء كان ذلك الشيء بشرا أو هوى نفس أو شيطانا مخادعا. هكذا يتفرق الناس ليصيروا شيعا وأحزابا إثر الخضوع لغير الله فهم اتخذوا إلهين اثنين. إله خضعت له كل الطبيعة وهو الله تعالى الخالق العزيز، وإله آخر خضعوا هم له باختيارهم فهم أساءوا الاختيار مع أنهم يشعرون بالحاجة الملحة إلى الله تعالى وحده. قال تعالى في سورة الأنعام: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121).نستنتج مما مضى بأن الله تعالى هو الذي يمدنا بالعلم ويساعدنا للإيمان ويفتح علينا آفاقا من الحقائق المقنعة ولا توجد في النفس ما يساعدنا على التمييز بين ما نسمعه لنفهم أنه حق أو باطل بل كلها وحي إما من الله تعالى وإما من الشياطين، لكن نفوسنا مستعدة لاستلام الوحي ومستعدة لإدراك الحقائق. نحتاج إلى الإنابة إلى الله تعالى ليزين لنا الإيمان ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان. هناك علامة سهلة للتفريق بين وحي الله تعالى وملائكته وبين وحي الشيطان. نعرف بأن الله تعالى إيجابي يكره السلب فيحب الحياة ويحب التكاثر ويحب العلم ويحب الإيمان. لكن الشيطان سلبي يحب إنكار الإيجابيات وتثبيت السلبيات. إنه يكره لنا الحياة والتكاثر ويتمنى لنا الجهل والكفر. فأنت عن طريق البديهيات الطبيعية تشعر بأن الحياة جميلة وبأن القتل قبيح. فمتى ما رأيت وحيا بقلبك يدعوك للقتل فهو الشيطان ومتى ما رأيت في قلبك وحيا يدعوك إلى المحبة والسلام والدعاء للناس ودعوتهم إلى فض النزاعات وترك الحروب فهو وحي الله تعالى.
أحمد المُهري
6/8/2016 
#تطوير_الفقه_الاسلامي
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.