#الاقتصاد_القراصنة

اضلاع القوة : حلقة 3

الاقتصاد .. القرصنة ..

 

karasina

مرحبا دائما

تقبل الله طاعاتكم

نتحدث في هذه السلسة من المقالات عن اضلاع القوة ،نسعى من خلالها سوية لاكتشاف الاحداث التي تدور حولنا من خلال فهمنا لهذه الاضلاع، والقوة هي القدرة والسلطة في اتخاذ القرار ،وكما ذكرت فبدايتنا مع الاقتصاد، ولماذا الاقتصاد ؟ لأنه التعبير الوضح عن الآلية التي يتبعها الانسان في توفير ما يمكنه للحصول على احتياجاته ورغباته.

وبالتالي الانسان يعبر عن الجماعة و بالتالي الدولة .

كما علمنا أن الاقتصاد اليوم يعتمد في قياس دورته على النقد وله ادواته، ومن أهم أدوات إدارة الاقتصاد اليوم هي مؤسسات النقد ومن أهمها البنوك.

كما وضحت أنه لا توجد دولة قوية إلا و تسعى لإدارة عجلة الاقتصاد بل والسيطرة عليها ، ولان البشرية كيان واحد فالروابط ومن الازل ستظل مشتركة ، لانهم بشر .

و بالتالي لا يضير من عرف أن يعمل ، لأن لكل نتيجة أسباب فتغير الأسباب تتغير النتائج ، فالذكي والقوي من يعرف ويعمل بما عرف ، والاحمق الذي ينظر ويصرخ وهو يعرف ولا يعمل ….خليك نايم …….

وهذه المعرفة وصلتنا من تراكم التجارب الإنسانية والتي تحولت الى علوم ومعارف وثقافة وهي احد اضلاع القوة والتي سيأتي الحديث عنها في هذه السلسة .

إذن للاقتصاد دورة مكتملة ، هي إنا تنكمش للداخل أو تتوسع بزيادة محاور عملها، لكنها دورة مكتملة تبدأ وتنتهي لتبدأ من جديد ..تخيلوا معي ان هناك من يتدخل في هذه الدائرة لإيقافها وأي دورة طبيعية ماذا سيحدث ؟

فساد ……..

وللفساد أنواع فساد واضح المعالم ، يمكن تجريمه ويستحق مرتكبه العقوبة ، ويتم ردعه ، وهناك فساد غير ظاهر لكنه يؤثر تلقائياً ..بالعجز واستمرار التدهور ونقص المعيشة وزيادة الفقر ، والمرض وووووو ….

 

قَال تعالى: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}الروم الاية 41

 

الفساد الأول له أوجه عدة في الاقتصاد منها السرقة والاختلاس ،وغسيل الأموال وووو …

الفساد الثاني في الاغلب غير واضح المعالم ويبدو انه جزء من منظومة الاقتصاد الطبيعية، لكنه ليس كذلك إنه آلية يستخدمها الأقوى ضد الأضعف ، بغرض الاستمرار في السيطرة على الاقتصاد الخاص به ، فيجعله دائم الحاجة الى الآخر الأقوى في ظنه ، لن يحل مشاكله الا هو ، أو لن تحل مشاكله الا برحيله ، الفكرتان اسوء من بعض ، فكرة الاتكال أو لن أرتاح الا بفنائك …الأولى تجعل الطرف الأول دائم الضعف ، هزيل ، ليس له أي قرار ليسير به حياته .وفي كل مرة يصبح مجرد تابع ،مجرد آلة تحركها أطراف أخرى .

والثاني يشعر أنه سينعم بالخيرات والرفاه متى تخلص من القوي ، ويظل يعيش مأساة المؤامرة ويحبك خيوط الانتقام ، ويترصد ينتظر الفرصة، وفي كل لحظة هو يزداد ضعفاً ، وانتكاساً وهرماً .

 

الفساد الثاني نسميه قرصنة الاقتصاد ، الطرف القوي يمتلك أحد أضلاع القوى السياسة أو المعرفة ، وبالتالي له يد طولى ، هو يعرف تماما دورة الاقتصاد ، هو يعرف الفجوة التي من خلال انتقال الطرف الأول منها سيتحول حاله ، وبالتالي هو يرى أن تحول الحال لديه وتحسن دورة الاقتصاد بالصورة الكاملة قد يمكنه من امتلاك قدرات أكبر ، وبالتالي لا يحصد الثاني أي فرصة في السيطرة على الاقتصاد الكلي للأول .

 

هنا لا اتحدث عن القرصنة والتي تدل على التقطع للسفن التجارية في البحر ، وهي دلالة على قطاع الطرق والذي يقدون الناس ويجلسونه القرفصاء ، لهذا سموهم المقرفصين او القراصنة .

نعم الدلالة المطلوبة قراصنة الاقتصاد :

–          هم قطاع طرق يتدخلون في آلية المنظومة الاقتصادية في دولة ما ، أو مجموعة دول من أحل الاستفادة طويلة الأمد من هذه الدولة.

–         هم يسهمون في تقديم الاستشارات ورسم التصورات والأطروحات لدولة نامية معينة ، ويعتمدون على جهل المتعاملين معهم في منظومة الدولة من سياسيين تحديداً .

–         يقيمون علاقات طويلة الأمد مع شخصيات ذات قرار في تلك الدول.

–         لا يستهدفون أبداً أن تنهار الدولة انهيارا كاملا ولا أن تفشل فشلاً كاملاً  .

–         إنهم يدرسون وضع الدولة بصورة دقيقة اقتصادها وثقافتها لاكتشاف الفجوة بين الوضع الحالي والوضع المرغوب بما نسيمه التخطيط الاستراتيجي ..

–         ثم يرسمون الآليات والخطط التي ان تمت ستنتقل الدولة من وضعها الحالي الى الوضع المرغوب والأفضل .

–         لكنهم لا يقدمون كل هذه الصورة الى متخذ القرار في الدولة بل يقدمونه الى اطراف أخرى في دول أقوى فيضعون معهم لمسات تجعل الفجوة تتقلص ولكن في مدى طويل طويل طويل جداً …بحيث يتم الاستفادة قدرة الإمكان والسيطرة على اقتصاديات تلك الدول ,

–         يقدمون هذه الخدمة للجهة التي تمنحهم المال، وغالبا هي جهات داعمة .

–         يركزن جهدهم على استمرار السيطرة على مصادر الطاقة وتوليد الطاقة وطرق النقل وخاصة الموانئ الكبرى ، وفي سياسة من يخدمون الموانئ التي لا نديرها لا يديرها احد بكفاءة .

–         عندما يشعرون أن هناك في تلك الدولة من يحاول تجاوز تلك العقبات التي يضعونها يبلغون الجهات الداعمة لهم حتى يتم التدخل من الخلف عبر طرق ملتوية (الفساد الأول ) وهم لا يظهرون في الصورة مما يجهل متخذ القرار في تلك الدول يظل متمسكاً ومتعلقاً بهؤلاء ولايجد مفرا من التعامل معهم لأنه يعجز عن فهم ماذا يحدث .

 

لا اتحدث هنا لأحبطكم بل لأكرر قاعدة اتفقنا عليها ،هناك أسباب وهناك نتائج تغيرت الأسباب تغيرت النتائج ، النجاح او الفشل ليسا سمة أو صفة بل هو حال ناتج عن تصرف سابق ، من المعرفة تولد القوة ، والحق هو القوة .

 

هؤلاء القراصنة يظهرون في كل الدول وخاصة النامية ، يختفون خلف منظمات ومؤسسات دولية وهي واجهة لجهات مانحة تخدمها لان الفكرة (سيدي من يعطيني أجري )

خلف تلك المنظمات دول عظمى ..

وعلى رأس القائمة الولايات المتحدة ، وحتى نفهم ليست الولايات كدولة بل كمنظومة شركات فيها ، هي تشكل كياناً عملاقاً يعرف بالشركات صاحبة القرار أو الكربورقراطية .

الشركات العلاقة  أنها عصب الاقتصاد الأمريكي ، وهي تحكم أمريكا منذ قرنين من الزمن تقريباً ، واليوم تحكم العالم عبر النظام العالمي الجديد.

 

لأمريكا نظام اقتصادي مختلف عن الرأسمالية، يعرف بنموذج كينزي وضح مفاهيمه عالم الاقتصاد (جون كينز) ،وهو نموذج بديل عن الرأسمالية والاشتراكية بمفهومها عن الاقتصاد، يعتمد على:

–         الحرية للقطاع الخاص في العمل والتحرك.

–         على الدولة دعم القطاع الخاص بكل ما تملك حتى ينجح.

–         على الدولة الاشراف على القطاع الخاص حتى لا ينهار.

 بمعنى ان الفكرة في إدارة الاقتصاد على دعم ضلع السياسة بضلع الاقتصاد بضلع المعرفة والثقافة .

على ان لا يكون هناك تزاوج واضح بينها،بل كل يعمل في مضماره وكل يخدم الآخر .

 

هذا الفهم جعل أمريكا الدولة الأكثر استقرارا في كل دول العالم تقريبا، لديها المرونة في التعاطي مع كل الازمات التي تمر بها، إن حدث وانهار ضلع من الاضلاع او سيطر بقوة على البقية فأمريكا ستنهار كدولة.

 

جرنا الحديث عن القرصنة للحديث عن الولايات المتحدة الامريكية، دار الخلافة للعالم اليوم، أن اجزنا التعبير مع اختلاف المفهوم .

 

تلك المنظمات والتي منها منظمات أمريكية تعمل في العالم كله ، لخدمة مصلحة المانحين ، رضينا أو أبينا ، من لا يعجبه يشرب من البحر ، لن يعطوك الا ولهم في ذلك مصلحة ، كما لك مصلحة .

 

هناك حد فاصل يجب ان تفهمه في قرصنة الاقتصاد :

قل ماتريد وناقش بعدما تفعل ما نريد !

 

حتى في تعاملهم مع المؤسسات المحلية ، ينشئون مشروعا، يعتاد العاملون والمجتمع على نمط معين من العمل وحجم الانفاق ،ثم ينسحبون ، فتحدث فجوة ، ليسوا سببا فيها وانما المبدأ الأول

، أننا نبحث عن حلال المشاكل وننتظره ، ليس هناك منهجية الاستدامة، بحيث أن المشروع يستمر عبر المجتمع نفسه وليس معتمداً على طرف خارجي ..

الفجوة تنمو يأتي تدخل من جهة أخرى على نفس المشروع وبتكلفة تشغيلية أقل ، ينخفض حجم الأداء، ويبدأ العمل لكنه بوتيرة اضعف ، ثم الانسحاب .

وهكذا ، ان لم يقم المجتمع بحماية نفسه وخلق منهجية الاستدامة من الداخل فالنتيجة ان مؤسسات المجتمع المدني تتحول الى كابوس يستنزف المجتمع نفسه ويستنزف الدعم المقدم من أي جهة .

 

ويبدأ تفريخ المؤسسات وكأنه دكاكين ، وككل الاعمال التي تتحول الى نمط التفريخ الفردي ، دون رؤية واضحة سوى تقليد المقلد وتكرار المكرر.

 

لماذا ؟

العمل الفردي يكون في دائرة مغلفة لا يمكنه النمو الا بتحوله لبناء مؤسسي متكامل قادر على استيعاب كل المتغيرات ، دون النظر الى الأشخاص .

ودائما نجد أن الإنسان يجد سهولة في حل مشاكل الآخرين وصعوبة بالغة في حل مشاكله الشخصية. والسبب في ذلك أن الشخص عندما يفكر في مشاكله فإنه يفتقد الموضوعية.

 

فالعمل المؤسسي يبرز الاختلافات والرؤى والقناعات بتنوعها..

 دائما تذكروا

أن المعرفة المجردة لا تكفي منفردة حتى تتحول لقناعة والى فعل وممارسة.

ولأننا سوياً مازلنا في بداية الطريق ، ولأقدم مدخلا للمقال التالي نتذكر المقولة الشهيرة لأحد مؤسسي الولايات المتحدة وأحد كتاب وثيقة الاستقلال ومؤسس الحزب الجمهوري والرئيس الثالث للولايات المتحدة حسب ما نقله جون بركنز في كتابه الاغتيال الاقتصادي للأمم :

“انهيار نظام الرق سيؤدي الى فوضى اجتماعية واقتصادية “

هذه العبارة هي العقلية التي يفكر بها رجال الكربورقراطية

وللحديث بقية باقية انهي حديثي معكم بدعاء لي ولكم في هذا الشهر الفضيل :

اللهُم إن ذنوبي لم تكن استهانه بحقك

ولا جهلاً واستخفافاً بوعيدك

إنما من غلبة الهوى وضعف القوى

فأستغفرك ربي وأتوب إليك.

 #الاقتصاد

#مؤسسات_المجتمع_المدني

شكرا

احمد مبارك بشير

7/7/2014

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.