معلم الناس 2/2

معلم الناس … 2 /2

 teacher1

مرحبا احبتي واللقاء الثاني بكم حول التعلم

وسأكرر الحديث النبوي الذي استهللت به حديثي السابق

 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ” .

أيها الأحباب في المقال السابق سعيت لتوضيح نقطة ذات أهمية في اطار عمل التعلم ، وقلت لكم أن التعلم هي فطرة إنسانية طبيعية في تلقي المعرفة وتحويلها الى مدركات لتنتج سلوكا واتجاهات لدى أي انسان … وقد ربطكم بالقصة الفلسفية الشهيرة حي بن يقظان للفيلسوف ابن طفيل …

لكن الانسان ليصل لما وصل اليه عبر تناقل الخبرات والمعارف التي ادركها السابقون ، وبالتالي العلم تكامل لا كمال .. أي العمل يكتمل بعضه بعضا منذ الازل الى اليوم منذ ان علم ربنا تعالى آدم الأسماء كلها ، وبالتالي احتاج الانسان الى من يدله على المعرفة التي تجعله متحررا من قيد التجربة والخطأ وهنا نشأت العلوم وبرزت التجارب و جاءت الينا المنتجات ، وصرنا نكتب اليوم على الحاسوب ونرسل الرسائل بالبريد الالكتروني او الهواتف الذكية .

وذكرت لكم أن اطار التعليم يبرز في ثلاثة أجزاء :

–         اطار المعرفة .

–         اطار السلوك والاتجاهات .

–         اطار المهارات .

و وضحت لكم أن أدوات التعلم والتعليم هي ذات الأدوات تزيد وتبرز ، كلما اقتضت الحاجة وسنعود لهذه النقطة .

وسعيت لتوضيح الفرق بين التدريب والتدريس في المدارس أو الجامعات وباختصار :

–         اطار واهداف التدريب قصيرة المدى وتستهدف تطوير المهن والوظائف او خلقها وبالتالي يبرز دور التدريب مع الكبار ويكرز المدرب على المهارات والمعارف التي تخدم تلك المهنة او الوظيفة  ونجد ان التدريب اطاره غير نظامي فلا يستلزم تسلسل معين للوصول الى شهادة أو التخرج منها وتقييم التدريب يأتي ما بعد التدريب وليس اثناء التدريب .

–         اطار التعليم في مرحلة ما قبل الجامعة اطار واسع له اهداف استراتيجية بعيدة المدى ، والدروس فيه عامة وذات ابعاد شمولية وله تسلسل محدد للوصول الى مستويات اعلى في الهرم التعليمي . وهو مشابه لاطار الجامعة في هذه الناحية لكن المرحلة التعليمية الأولى يتم التركيز فيه على المعارف والسلوك بصورة واضحة والمعلم فيه قادر على متابعة الطالب والتعرف على قدراته وامكاناته وتوجيه في اطار تربوي خاص.

–         أما اطار الجامعة فالتركيز يبرز على تحديد المسار المهني وتطويع الاتجاهات السلوكية والفكرية ، فهو قالب لا يركز فقط على المعرفة العامة قدر التركيز على البنية الإنسانية القادمة للمجتمع …. وفيه يبرز البناء الأخير للنخبة المجتمعية . (كما يفترض ) ولهذا كان اول شيء يؤسس في بناء أي دولة هي الجامعة … والحديث ذو شجون.

ولو عدنا للمنظور السابق لوجدنا ان من بين اكبر مشاكل التدريب ، هو التقييم والتقويم الذي لا يمكن للمدرب ان يقوم به ، ولذا برز مجال قديم جديد بين التدريب والتعليم هو الارشاد ، والمرشد مدرب ومربي هو باختصار مفهوم المعلم الكبير ، الاب الذي يساعد المتدرب على البحث عن ذاته وقدراته ، ويضع خطته وينقل خبرته وهذا يتم بصورة طويلة المدى وهي اقرب لحالة المربي مع الطلاب في المراحل الأولى من حياتهم التعليمية ، ولكن مع الطلاب الكبار .

ولو اعدنا النظر لوصولنا أن المعلم والمدرب والمرشد واستاذ الجامعة ما هم الا معلمين …ليس اكثر ولا اقل …

هناك من يتساءل عن انتشار موجة المدربين ، المدرب الدولي علان وفلتان وزعطان … الخ …

أي شخ يمكن أن يكون مدرب ، لكن ماهي مهنة ذلك المدرب ؟

التدريب أو التعليم ليس مهنة أيها السادة … انها وظيفة

بمعنى أوضح المدرب في المجال الإداري يفترض فيه ان يكون ممارسا للعمل الإداري

والمدرب للمجال المالي يفترض ان يكون ممارسا للمجال المالي

كما المعلم للجغرافيا هو أصلا جغرافي

ومعلم الكيمياء هو أصلا كيميائي

دعني اقرب الصورة

الدكتور فلان … مقدم برامج متميز …..هل هو اعلامي ام طبيب … وظيفته اعلامي ومهنته طبيب ..

المحامي  فلان كاتب روائي …. هل هو محام ام روائي …هوايته الكتابة ومهنته المحاماة ….

وبالتالي

فالوظيفة هي الأنشطة التي تمارس في اطار محدد وفق استراتيجية معينة لتحقيق اهداف مرجوة في زمن محدد ، يستلم الشخص عنها مقابل مادي .

أما المهنة فهي المجال الذي امتهنه الشخص وتخصص فيه وقد يكون تنقل في وظائفه فترة من الزمن واكتسب قدرات إضافية ومهارات بإزرة لأداء تلك المهنة .

قد تكون تخرجت محاسبا وعملت يوما مدخل بيانات ، ثم صرت مشرفا على الحسابات ، ثم مديرا لقسم محاسبي ، ثم مديرا لفرع ثم مدير لشركة أو صاحبها … تنقلت في وظائف بيعنها ومازلت انت المحاسب فلان .. وقد تكون مدربا للمحاسبة المالية او للمراجعة أو مدرساً جامعياً بعد ان اتممت دراسة الماجستير .. فمهنتك ساعدتك على التنقل في عدد من الوظائف المتنوعة المميزة ..

لكن من يقول ان مهنته مدرب .. كيف ذلك ؟

وعونا نؤكد على نقطة قوة التدريب في المدرب ، وقوة المدرب في قدرته على نقل خبرته وممارساته لحل مشكلات تواجه المتدربين في أعمالهم و وظائفهم …. فالسر في التدريب هو تقليص فترة الحصول على التجربة من خلال التعرف عليها من شخص مر بتجربة مشابهة وعالجها … ولا يعني هذا أن نقلل من قدرة بعض الناس في نقل المعرفة من اشخاص لأشخاص ، قد يكون صاحب التجربة عاجزاً عن نقلها بصورة واضحة وهنا يأتي إمكانات وقدرات وأدوات المدرب . ومن هذا جاءت دورات تنمية المدربين او ما يعرف بتدريب المدربين هي لا تنتج مدربا وانما هي دورات تستهدف تعريف وتعليم المدرب بأدوات ومهارات ان استخدمها اجاد التدريب بصورة أوضح ..وبالتالي لا يوجد شيء اسمه تدريب المدربين الدوليين . فالمدرب الدولي ليست شهادة تمنح وانما حال هذا المدرب انه انتقل من دولة لدولة يدرب فيها وبعدة لغات فصار مدرباً دولياً.

ويعتبر التدريب أداة مهمة في بناء منظومات الدولة النامية والتي تساعدها في نقل المعرفة والبناء بصورة افضل وبسرعة ، عبر نقل التجارب والخبرات التي تستلزمها بالضرورة وليس الهدف من التدريب للتدريب ، الشيء بالشيء لا يعني أي شيء ..إن لم يكن الكأس لهدف ما فهو زائد لا معنى له ..

ويأتي الارشاد مرافقا لعملية التدريب بل قلب عملية التدريب اليوم . .. مايعرف بالكوتشي..وهو بصورة ابرز نراه في مدربي الرياضة حيث يرافق المدرب فريقه لفترة زمنية طويلة ليقدم لهم خبراته المتراكمة في مجال هذه اللعبة عبر الأداء والمساعدة لا الشرح والتعريف

والوسيلة الثالثة في البناء والتطوير في الدول النامية هو الاعلام ولهذا حديث آخر …

على العموم دعوني انطلق من هذه النقطة واعود الى التعليم النظامي في المدراس وهو ما يهمني ، في اطار الرؤية التي وضعتها لتطوير منظومة التعلم ، ذكرت أننا بحاجة لإلغاء كلية التربية والتعليم لماذا ؟

ماذا يدرس في تلك الكلية (جغرافيا –كيمياء – لغة -فلسفة………….الخ ) ؟؟؟

وماذا يدرس في الآداب ……………………………….؟

لمن هذه الكلية ؟ ……………..للمعلمين ………….المعلمين الذين جاءوا من كلية الهندسة افضل من المعلمين من كلية التربية … والمعلمين من كلية الآداب افضل من المعلمين من كلية التربية ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!

وان عدنا لتوضيحي السابق عن المهنة والوظيفة لوجدنا انه لو اعتبرنا المعلم مهنة اذن وتلقائيا التطور الطبيعي للمهنة مجموعة الوظائف التاي تقول يجب ان يكون الأساتذة في أي جامعة زفي أي قسم هم من خريجي كلية التربية وفقط … لان الأستاذ الجامعي معلم …

لماذا هذه الكلية ؟

لتخريج المعلمين بقدرات معينة … التخصص التعليمي والتربوي الذي يدرس لهم لا يزيد عن 20% من حجم المواد المقررة لهم … وبالتالي أي شخص من أي مجال اقدم له دورة في التعليم والتربية يمكنه ان يصبح معلما افضل من خريجي هذه الكلية …

وحتى لا يهاجمني أبناء كلية التربية لا اقصدهم هنا وانما الهدف سيتضح فاكملوا مهي تكرماً …

لو عدنا بالذاكرة ولو بحثنا عن افضل الكفاءات التربية في كل اقسام ودوائر ومدارس التربية والتعليم لوجدناهم في الاغلب بين خريجي معاهد دار المعلمين التي أغلقت بعد 1998 ، أو خريجي كليات ليس من بينها التربية والتعليم …

إننا بحاجة لإعادة تقييم منطقي وعملي لسنا بحاجة لكلية كاملة للتربية والتعليم ، فلتكن هناك كليات للغات ،كلية للعلوم الاجتماعية ، كلية للآداب، كلية للعلوم التطبيقية ، هذا أولاً

وليتم ثانياً انشاء مركز أو هيئة تأهيل المعلمين ، أو المعهد العالي للتربية والتعليم كالمعهد العالي للقضاء ،

و ثالثاً من أراد أن يتوجه للتعليم وفي أي مجال لا يقبل حتى يحصل على اعتماد من المعهد العالي للتربية والتعليم ، حيث يتم تدريب المتقدم على الأدوات والوسائل والمهارات التربوية والتعليمية . فليكن برنامج تعليم المعلمين كتدريب المدربين …

لماذا كل هذا ؟

عندما ترى التعليم وما آل إليه اليوم من سوء ، عندما تبحث عن أمان لطفلك في مدرسة ما … هنا لابد أن اقلق ويقلق كل أب مثلي ، من يعلم طفلي … ؟؟؟

وأخطر مرحلة في حياة أطفالنا هي من سن الثالثة الى سن الثامنة عشرة ، وهي السنين التي يقضيها أطفالنا في المدارس الأساسية فالثانوية .. إنها المرحلة التي نسميها مرحلة التربية .

إن من تربوا في الخمسينيات هم من يقودنا اليوم ، ومن سيتربون اليوم هم من سيقود المرحلة بعد 25 سنة ، إلم نعالج الخطأ الكبير في اليوم ماذا سيحدث للمستقبل .

(((عندما جلس الجد مع ولده شم رائحة سجائر، نظر لولده مستغرباً مستاء قائلاً : أتشرب السجائر أمام اطفالك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟))))

أن من ثاني أكبر الكوارث التي ارتكبت في العشر السنوات الماضية هي الغاء الخدمة الإلزامية ، واليوم ولولا بعض المنظمات العاملة في المجتمع المدني التي استقطبت بعض الشباب للعمل الطوعي لكنا في كارثة أكبر …

إن موضوع التربية وابعاده ومراحله سأجعل له مقال آخر استفيض فيه معكم لأننا اليوم نحتاج لمراجعة دقيقة وحساسة ومصارحة من كل النواحي

ودعوني قبل ان انهي مقالي اتحدث عن كارثة أخرى في المجتمع اليوم وهي المدراس الخاصة … في زمن الاحتلال البريطاني لعدن ، تأسست مجموعات مختلفة من المؤسسات الأهلية أو ما نسميها اليوم مؤسسات المجتمع المدني والتي أسست واقامت المدارس الاهلية في ذلك الزمان ، لم تؤسس بريطانيا مدارس لأجدادنا هم من أسسها ، لكن كل ما قدمته الحكومة في عدن أن منحت تلك المدارس بعد التصريح الأرض ، ومنحة مالية سنوية لدعم تأمين المعلمين واستمرارهم .لهذا كانت عدن منارة في وقتها ….

أطفالنا ليسوا قطعة بسكوت أو علبة حلاوة ، عندما يخطي المصنع يعيدها أو يتوقف عن الإنتاج وينتهي الامر ، أنت تبي وتربي عقولا وقلوبا … فلو أخطأت سنعاني ويعاني الوطن كله ولا ينتهي الامر .. التربية والتعليم تشرف على تلك المدارس الخاص .. نعم تشرف وهل يعني اشرافها أن ينتهي المفهوم الربحي للمدرسة …ولا يعني ذلك أن المدارس الاهلية ليس فيها ربح بل فيها الربح فيها يعود للمدرسة ويفيد ويبني أما في الخاص ، فهو يصرف ويقلل التكلفة ليزيد الربحية وهذا على حساب أجيال متتالية

في سنة 1978م تأسست مؤسسة صنعاء الاهلية ، والتي ضمت العديد من الشخصيات التجارية والتربوية ومن خلالها أست مدارس صنعاء الاهلية ، صرح تعليمي اهلي في صنعاء بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى المعلم الكبير سعيد قائد ، وخرج من تلك المدرسة قيادات بارزة ورجال أعمال ، وافخر اني احد أبناءها و …… هذه المدرسة والمؤسسة انتهت بعد وفاته المعلم وعادت مبانيها للحكومة والتي وزعت التركة ووووو … ليس هذا موضوعي .!!!!

ما أقصده الآن آلاف المؤسسات المجتمع المدني ولا مؤسسة منها أنشأت للتربية والتعليم ،وان كانت نية القطاع الخاص بناء تلك المؤسسة لماذا لا يجتمعون في قالب مؤسسي يضم رجالات التربية الفضلاء …

أكبر مؤسسات تعليمة عالمية (أكسفورد ) (هارفرد ) (المدارس والجامعات الامريكية ) … هي مؤسسات أهلية عملاقة ، بعضها كالأمريكية أسسها مبشرين مسيحين ، أعجز المال المسلم ، العربي ، اليمني في بناء مؤسسة تعليمية …عجيب !!!!!!!!!!!!!

سيقولون وكيف لنا في الأرض ، على الدولة أن تقدم الأرض ..

لكن أين الدولة ومدارس الدولة …. ؟؟؟

سيقولون ان الانفاق قليل لأننا نتحدث عن قطاع خدمي غير انتاجي ، وكأن البشر الذين سيعملون في الدولة سيأتون من المريخ . اليس الجيل القادم من هذه المدارس هم الذي سيقدمون الإنتاج .. هم العمال والفلاحين هم الكتاب والفلاسفة هم الأطباء ,,هم المادة الخادمة النابضة بالحياة ..

وسآتي إلى أمر آخر ذكرته في رؤيتي أيضاً وهو الغاء وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والمهني ، إن ربط التعليم والتنمية والتربية بالسياسة كارثة … كلما جاء وزير أراد أن يطبل على الطلاب بمفهومه السياسي لإرضاء سيادة الرئيس ، وحزبه المبجل …

يمكن أن تكون هناك وزارة تعليم دورها اشرافي ورقابي لا اكثر ولا اقل …

فلابد من انشاء هيئة أو مؤسسة تربوية تعليمية ، يكون أفرادها منتخبين من النقابات التعليمية والتربوية ولها دورة اعقاد وانتخاب ولها ميزانية تقر من البرلمان ، وينتخب رئيسها بناء على موافقة البرلمان بترشيح من الهيئة أو من نقابات التعليم .

أما الجامعات فهي دولة في حد ذاتها لابد ان تستقل في ادارتها وماليتها وينتخب رئيسها ، ويكون وجود وكيان كأي مؤسسة بحثية عليمة ..

أيها السادة … قد نتفق او نختلف

لكني واياكم لعلى وفاق بأن البناء يحتاج لقرار والقرار يبدأ الان …

أيها الأحباب لي لقاء معكم قريب حول التربية فالحديث فيها ذو شجون

وقبلها او بعدها لي حديث طويل عن الاقتصاد والبطالة إن شاء الله

……وآه يا وطن

تحياتي

أحمد مبارك بشير

21/4/2014

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.