اعادة نشر 2011 : هل بدأت ايام الغضب بانتفاضة محرم

هل بدأت أيام الغضب .. بانتفاضة محرم ؟

كتبهاأحمد مبارك بشير ، في 29 يناير 2011 الساعة: 08:31 ص

دعني أخي الكريم أسير معك في ترنيم عبر رحلة صغيرة :

فرنسا :

في 1789م كانت انتفاضة الشارع الفرنسي تجتاح باريس بعد أن كانت في عموم المدن الفرنسية ، ثورة شعب ضاق ذريعة بالجوع و التنكيل ، و قد قيل حينها أن الملكة ماريا أنطوانيت لما وصلها خبر الانتفاضات قالت : ماذا يريد الناس ؟ قالوا لها : الخبز . قالت : لماذا لا يأكلون الكيك ؟ !!!!!!!!!!!! .ولتهدئة هذه الانتفاضة تشكلت الجمعية الوطنية وأعلنت الملكية الدستورية . ولكنها لم تلبي أحلام الشعب الثائر .

في 1792م كانت الثورة تتحول إلى قمت بطشها ن لتصبح ثورة دموية حمراء ، لم تهدأ إلا بإعدام كل من ينتسب للملكية ، و قامت الجمهورية الأولى ، ولم تدم حتى استمر طوفان الغضب حتى تشكلت الجمهورية الثانية لتهدأ ثورة الجياع 1799م .

عشر سنوات شهدتها فرنسا ، لتكون عبرة لغيرها من دول أوروبا التي أفاقت على تغيير جديد نحو حقوق الإنسان والحريات التي ستشكل أوروبا الحديثة . وكانت شعلة أشعلت ثورات الجياع . وانتهاء الإقطاعيات .

انتفاضة الأقصى :

بعد كر وفر اندلعت انتفاضة 1987م في فلسطين المحتلة لتدك هدوء الدولة اليهودية والتي ن أوصلتها لقناعة أن تبدأ مفاوضات ما يعرف بالسلام الذي بدأت في 1991 لتهدأ الانتفاضة المباركة ، والتي هدأت كلياً في 1993م بتوقيع اتفاقية أوسلو (غزة وأريحا) ، إن انتفاضة الشعب هي التي ساهمت في وصول وعودة القيادات الفلسطينية من الخارج إلى ارض فلسطين والتي أستمر غيابها عن الأرض سنين .

و ما هدأت وتريثت حتى بدأت انتفاضة رجب 1996م والتي ساهمت في بروز حركات لم يكن الناظر إلى الأحداث يتوقع أن تأتي غير فتح لتمثل الشارع الفلسطيني و لكن هذا ما حدث ن وليكن بداية لتغيير نهج الرئيس عرفات و الذي مال على مطالب الجماهير ولهذا تمت إزاحته .

انتفاضة اندونيسيا :

على الرغم ما لسوهارتو من تاريخ مجيد ، و رغم أنه فاز بالترشيح لولاية جديدة في 1998م وهو رئيس منذ العام 1968م ، ولم يمض على فوزه شهور حتى قامت ثورة الشباب لتجتاح العاصمة جاكرتا ، ولأن سوهارتو فهم الرسالة فقد استقال في أقل من يومين و سلم القيادة مؤقتاً لنائبه حبيبي والذي أعلن انتخابات جديدة و لم يفر سوهارتو ولكنه فهم رسالة شعبه ..

تلك يا سادتي ثورات غضب ، وهي ثورات جاءت تلقائية وبدون بيان من الجيش ولا اعتماد على قوة عسكرية ، هذه ثورة الغضب والتي لم يفهما ولم يستوعبها اليوم الكثير من الناس .

تعالوا نعد قليلاً إلى عهد الخلافة ( خلافة عثمان بن عفان ) رضي الله عنه وأرضاه : والعبرة هي العبرة :

تولى سيدنا عثمان الخلافة وعمره 68 عاماً و استشهد وهو في الـ 82 من عمره أي تولى الخلافة 14 عاماً ، و من غدر به رضي الله عنه ، هم أناس لا يعلمون فضل عثمان ولا من هو عثمان ، أنهم مجموعة من الجهلة المندسة التي استغلت انتفاضة الناس في عهده رضي الله عنه كما يحدث اليوم حيث يستغل الأوغاد ثورة الرجال ، ويندسون للتخريب ، ولكن عثمان لم يواجه تلك الانتفاضة بالقوة ولكنه ترك الناس يعبرون عما يريدون ، ولكن لم كان تلك الانتفاضة :

– تميز رضي الله عنه كالجود والكرم ودماثة الخلق والحياء الشديد .

– عين الكثير من أقاربه في الولايات و تناسى الكثير من أهل الصحابة القادرين على توليها .

ورغم هذا فلن أخوض كثيراً في هذه المسألة .. ولكني أحببت أن أقول أن الناس عندما تثور لا تفهم مقدار الرجال .. فالغضب أعمى .

ثورة تونس 2011م : (انتفاضة محرم 1432هـ)

بدأت بقصة عادية من فتى ضاق به الحال من ملاحقة رجال الشرطة والأمن البلدية ، شاب أنهى دراسة ولم يجد عملاً ولأنه فهم أن عليه أن يوفر لنفسه عمل ، عمل في مشروعه الصغير عربة لبائع متجول ، ولأنه لم يعلم لماذا يطارد ويرفض ؟ لماذا يقهر ، فوصل به الحال ، إلى إحراق نفسه ، فلم يعد في بلاده متسع لأمثاله ، وتفجرت الانتفاضة ، من مدن نائية إلى أن وصلت العاصمة في ظل صمت ، وذهول ، واستغراب العالم كله ، القريب والبعيد ، الصديق والعدو ، ولأن الصدمة لم يصحو منها الناس ، ولم يتعظ منها الكثير ، قالوا أنها حالة خاصة بتونس .. وقيل أن ما حدث هو فوضى خلاقة ن ولم يكن كذلك .

الفوضى الخلاقة مصطلح انتشر مع غزو العراق ، وهو مصطلح ماسوني ، يقصد بها تكوين حالة اجتماعية و اقتصادية مرغوبة ومريحة بعد أحداث فوضى مقصودة .

وكان هاجس الرئيس بوش هو أحداث هذه الفوضى في العراق لأحداث التغيير الديمقراطي دون أن تتدخل القوة العسكرية الأمريكية ، ولذا حاول عبر فرق الموت ، والملثمين الذين دخلوا العراق وكأنهم عراقيين وجماعات مسلحة ، ولكن فشلت فوضى بوش في أحداث الأثر المطلوب حتى تدخلت قوات الجيش الأمريكية لأحداث التغيير ، و لكن ذلك صار غزواً .

أما الطرف الخفي في تونس فهو شاب تونسي ، و الاتصالات الحديثة ، علينا أن نعي أن درس تونس يجب أن يدرس جيداً . والعبرة فيمن يفهمها أولاً . وليس عنصر خارجي أو مدسوس ومن قام بالتخريب كما رأينا هم عناصر فاسدة ، تحاول إثارة الشغب ، ورغم هذا لا يمكن أن ننكر أن في كل حركة إنسانية لا بد فيها من خلل و عيب ، وفيها بالفعل وطنيين يعشقون بلادهم وفيها من لا يعي إلا بجوع بطنه .

ما نريد أن نفهمه أن ثورة الجياع انتهت ولن تعود ، اليوم لن تكون ثورات جياع ، وإنما ثورات حقوق ومستحقات .

ما نريد أن نفهمه أن الشارع لا يخلو من وطنيين و عشاق لبلادهم يقدمون أرواحهم ثمناً للوطن والأمة .

أيام الغضب هل بدأت ؟ :

– الشعلة التي اشتعلت في مصر و تنامت يوم الجمعة 28/1/2011م ، تدل على أن أيام الغضب بدأت ، لتعيد لذاكرتي كتاب الدكتور سفر ( يوم الغضب بدأ بانتفاضة رجب ) وهو ينقل عبره أن فلسطين ستعود ولكن ليس بسلاح الجيش العربي أو المسلم ولكن بانتفاضة الشارع الشعبي العربي ، الذي سيحمل مكنسة ومغرفة ليقاتل بها عدوه ، ليس بيده لا مسدس ولا صاروخ ، وكنت حينها وأنا أقرأ أيعقل أن يخرج الناس ويواجهوا السلاح العسكري وصدورهم عارية ، لتنتقل الصورة لي بأن نعم يمكن !! والأيام تقترب والله يعلم ما سيأتي .

– أنا أحترم كل نظام يحمي بلاده و وطنه ، لكن نريد أن نستوعب الدرس كما استوعبت أوربا الدرس . ونحن لسنا أقل منهم .

شكرا و الله المستعان .

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.